من اغرب الاخبار التي يمكن ان تسمع بها هذه الأيام تولي المملكة العربية السعودية لمنصب حقوقي مستقل ورفيع المستوى في المجتمع الدولي، واغرب الغريب ان تكون هي (السعودية) رئيسا للجنة الخبراء المستقلين في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، المنظمة الأممية ذات المصداقية العالية لدى جميع شعوب وامم العالم، كونها الممثل الوحيد لمجمل قضايا المجتمع الدولي... واعتقد ان بساطة والاستنكار والرفض الذي واجه هذا القرار من قبل منظمات وشخصيات حقوقية (عالمية)، جاءت بسبب السجل (السيء) والحافل بالإدانات للنظام السعودية في مجال حقوق الانسان والحريات العامة.
اما الغرابة فقد جاءت لان الأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان في الأمم المتحدة دأب على توجيه النقد لسجل حقوق الانسان في السعودية، لتكون المكافأة، لاحقا، ان تتولى السعودية رئاسة هذا المجلس!.
لكن هل يبدو هذا الكلام تحاملا على (النظام السعودي) مثلا؟
لنترك ما قلنا وننقل ما قاله الاخرين من منظمات ونشطاء عن سجل حقوق الانسان في السعودية، وهل هي جديرة فعلا لتمثيل أمم العالم بنزاهة لهذا المنصب الحقوقي؟
- قالت منظمة (يو ان ووتش)، غير حكومية، جنيف: إن "هذا القرار فضيحة لأن عدد الأشخاص الذين أعدموا بقطع الرأس في السعودية في 2015 أكثر من الذين أعدمهم تنظيم الدولة الإسلامية".
- إنصاف حيدر، زوجة المدون السعودي رائف بدوي المسجون والمعاقب بألف جلدة، لنشاطه على موقع الكتروني لحرية التعبير، قالت ان القرار "رسالة للملكة من أجل مواصلة جلد زوجها".
- قالت منظمة "مراسلون بلا حدود" الحقوقية العالمية "تعيين سخيف للغاية".
- تحتل السعودية المرتبة 164 من أصل 180" على جدول تصنيف حرية الصحافة لعام 2015.
- الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع (المرأة) من قيادة السيارة او حيازتها لأسباب دينية.
أي مثال يمكن ان يعطيه (النظام) في السعودية عن (حقوق الانسان) عالميا، وكيف يمكن له ان يمثل عالمية حقوق الانسان، وهو يخوض حربا في اليمن، راح ضحيتها أكثر من (3000) مدني، وأدت الى نقص حاد في الغذاء والدواء، ونزوح عشرات الالاف من مدنهم وقراهم تحت ضربات (التحالف) الذي شكلته المملكة بسبب خلافها السياسي مع جماعة (أنصار الله) و(حزب المؤتمر) التابع للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، كما انها رفضت وساطة الأمم المتحدة في (هدنة إنسانية) مؤقته... والتي ولدت خلافا حادا بين الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) والسعودية... لتنتهي بمنح السعودية رئاسة الخبراء المستقلين في (مجلس حقوق الانسان).
علق بعض النشطاء والحقوقيين ان هذا الاختيار قد يختفي خلفه (المال السياسي) او (المجاملات السياسية) التي تنشط في أروقة المنظمات الأممية وخلف الكواليس... لتجميل صورة ما وإعطاء انطباع مغاير للحقيقة.
اغلب الظن ان هذا الاختيار، مهما كان السبب الذي يختفي خلفه، يؤشر على ان (حقوق الانسان) على المستوى العالمي ليست على ما يرام، وهي تعيش في اسوء حالتها، ولو نظرت يمينا وشمالا من حولك، لوجدت افواجا من اللاجئين يطوفون العالم بحثا عن الأمان، والاف المعتقلين من النشطاء والمعارضين في سجون الشرق الأوسط، لا يعرف عنهم أحد أي خبر، إضافة الى التهجير والعنف الطائفي والعرقي وتقييد الحريات والحرب على حرية التعبير... كل هذا يجري وسط صمت دولي مطبق... بل تجري مكافأة تلك الدول بعد اذلال شعبها، على منحها المزيد من الأسلحة والحماية والمكانة الدولية.
اضف تعليق