q

عندما ضغطت الازمات على شعوب الشرق، لم يجد المواطنون في البلدان المضطربة حلا سوى الهروب نحو الغرب، وتحديدا الى دول الاتحاد الأوربي، التي بدت أكثر تخبطا من غيرها امام هذا السيل البشري، بعد ان عجزت حكوماتها من اتخاذ موقف موحد او مشترك لمعالجة مشاكل الهجرة "غير الشرعية"، عبر وسطاء من المهربين والمافيات، انتشروا في مناطق الصراع، مستغلين حالة الفوضى والإرهاب والفساد المالي والإداري، لفتح ثغرات بحرية، لنقل الالاف من الهاربين من ويلات القتل، بوسائل نقل بدائية، يمكن ان يموت فيها الهاربون بسهولة، اما غرقا او خنقا.

الإحصاءات التي نشرت عن تنامي حالات الهجرة الجماعية من بلدان عربية وإسلامية، مروعة، وما لاقاه هؤلاء البشر من مخاطر ومعاملة غير إنسانية، عبر رحلة طويلة، قد يستغرق بعضها أشهر، للوصول الى واجهته المنشودة بعد ان يقطع الالاف الكيلومترات، برا وبحرا... ولنذكر (للتوضيح) بعض الأرقام عن حجم الكارثة الإنسانية التي يستمر ايقاعها المميت من دون ان يلتفت لها المجتمع الدولي، او على الأقل، حكام العالم العربي والإسلامي، وهم في الأساس أصحاب المشكلة... وربما المتسبب الأول بها:

- أوقفت المجر في يوم واحد 2533 لاجئا عبروا الحدود من صربيا... وهي تفكر جديا باستدعاء الجيش لوقف الزحف البشري اليها.

- اكدت الأمم المتحدة إن أكثر من 2000 مهاجر ماتوا، خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي غرقا في البحر

- خلال العام الحالي، عبر نحو 250 ألف مهاجر، على متن قوارب، قاصدين أوروبا.

- نسبه قياسية جديدة، سجلت في تدفق المهاجرين اليومي الى اوربا، حيث بلغت 2100 شخص دخلوا الى المجر في يوم واحد، مع التوقع بارتفاع هذا العدد الى 3000 الاف شخص يوميا.

- ذكرت وكالة فرونتكس المسؤولة عن الحدود الخارجية لفضاء شنغن، ان عدد المهاجرين على حدود الاتحاد الاوروبي بلغ في الاجمال خلال الاشهر السبعة الاولى من هذه السنة، 340 الفا في مقابل 123,500 في الفترة نفسها في 2014.

- قررت ألمانيا وقف العمل بإعادة السوريين إلى الدول التي دخلوا منها أراضي الاتحاد الأوروبي، في خطوة تخفف الضغط على دول الحدود الخارجية للاتحاد الأوربي كصربيا والمجر.

هذه الأرقام هي في الحقيقية بسيطة مقارنة بحجم الكارثة التي يعاني منها المهاجرون في الطريق وحتى دخولهم الى اوربا، فالعداء والانتقام منهم، ومعاملتهم بطريقة غير إنسانية، ارتفعت الى مستويات قياسية، وقد ارتبطت فكرة المهاجرين بالإرهاب، الإسلاموفوبيا، العنصرية... إضافة الى الازمة الاقتصادية التي تعاني منها معظم بلدان الاتحاد الأوربي.

بالمقابل، لم نجد او نسمع أي تصريح او مبادرة او فعل... عربي، إسلامي، يمكن ان يخفف من معاناة العرب والمسلمين الهاربين من الاستبداد والحروب العبثية والإرهاب والموت المنتشر في اركان المنطقة، بل لم اسمع طوال حياتي ان دولة خليجية او عربية قبلت لجوء شخص عربي او مسلم وتعاملت معه بإنسانية، ولو حدث ذلك لما احتاج المهاجرون الى عناء الطريق الطويل للوصول الى اوربا، واقتنعوا بالنزوح الى أبناء جلدتهم او ديانتهم او قوميتهم.

عندما نحمل الاخرين أخطاء ارتكبها المستبدون في الشرق، والمتطرفون ممن يدعي تطبيق الخلافة والشريعة، والحكام الباحثين عن النفوذ والهيمنة عبر حروب فاقت تكلفتها عشرات المليارات، خلال أشهر قليلة... فان الخلل واضح التشخيص.

وعندما لا يستطيع الحكام العرب والمسلمين، المساعدة في احتواء ازمة اذلال مواطنيهم عبر الهروب من الموت للوقوع في خانة الموت او الاعتداء، فليكن لديهم الإحساس بالمسؤولية للمساعدة في احتواء الازمات التي سببت في ارتفاع موجة النزوح الجماعي بدلا من اذكاء نارها والوقوف للتفرج.

في سوريا هناك ازمة حقيقية، ومنها أيضا، أكثر اعداد المهاجرين نحو اوربا.

في ليبيا تضخم تجار التهريب ومافيات البحر، بعد ان قسمت الفوضى والتنظيمات الإرهابية والميليشيات البلد الافريقي المطل على اوربا.

في العراق واليمن وافريقيا وغيرها، مشاكل لا تنتهي، لم يسعى أحد لإطفائها او احتوائها، وما دام الحال على هذا المنول... ربما قد يأتي يوم لن يجد المستبدون في الشرق من بشرا ليحكموه!.

اضف تعليق