q

رغم وجود تصديق لمائة وسبعة وأربعين دولة على اتفاقية مناهضة التعذيب، الا ان الانتهاكات لازالت متواصلة، واخرها ما كشفت عنه أفلام وصور سربت من سجن رومية اللبناني وتعرض عدد من السجناء الى التعذيب على يد افراد من الجيش اللبناني.

ورغم التقدم المضطرد في جميع المجالات ونحن في القرن الواحد والعشرين، الا ان التعذيب لازال مستمرا وعلى نطاق واسع، بغض النظر عن مدى استقرار الدول السياسي او الأمني والتي يمارس فيها التعذيب.

عرّفت الولايات المتحدة الامريكية، وهي التي مارسته وتمارسه في حق الكثيرين خارج حدودها، بانه (جريمة ضد الإنسانية، عقوبة قاسية، إفناء شخصية، انتهاكات لا إنسانية تؤدي إلى إنكار الكرامة الكامنة للبشر).

تتزايد عمليات التعذيب بشكل كبير في العديد من دول العالم وحتى دول الخليج التي تعيش استقرارا سياسيا أكبر من غيرها من الدول، كما تكشف عن ذلك عديد التقارير المختصة، والتي شملت في لائحة اتهاماتها الامارات والسعودية، والتي لا تسلط وسائل الاعلام الضوء عليها لسطوة المال والاعلام المدفوع الثمن.

باقي الدول العربية فان وضعها يكون أسوأ حالا، او هو سيء جدا، حيث انتشار حالات التعذيب على نطاق واسع في ظل ظروف سيئة وصعبة يعيشها النزلاء بالسجون العربية.

من اجل تسليط الضوء على هذا الموضوع لابأس من استذكار كتاب «بوابة الجحيم» لمؤلفه الباحث المصري محمد عبد الوهاب، الذي يرصد في حوالي 600 صفحة، تاريخ ووسائل التعذيب في العالم.

عاش الباحث بالولايات المتحدة يدرس ويقرأ في هذا المجال سنوات طوالا، وروى في الكتاب لقاءاته مع جلادي عبد الناصر وضحاياهم كالسيدة زينب الغزالي. وقال إنه عندما سافر للعراق وقابل صدام حسين واتته الفكرة، خاصة حين تبول السائق الذي يقله للمنزل بمجرد سماعه باسم صدام، قائلا إن الطير في السماء لا يمر فوق هذا البيت.

وشاهد وقتها الدكتور عبد الوهاب أقراصا مدمجة عن التعذيب وما جرى بسجن (أبو غريب)، فقرر فضح كل هؤلاء، واقتنى آلات التعذيب من كل بلاد العالم، ليقيم منها متحفا في مصر يفضح بشواهده قسوة الانسان على أخيه الانسان.

يتناول الكتاب التعذيب عبر التاريخ حتى آخر المعذبين، وقال صاحبه إنه قابل آخر الجلادين أسابيع قليلة قبل الانتهاء من صياغة مؤلفه، وهو سامي شرف من السجن الحربي، مثلما ذكر أن أجمل لحظات التحدي أن يبتسم المرء حين ينتظر منه الجميع أن يبكي.

ورد في «بوابة الجحيم» أن: «عذاب كلمة بشعة تتكون من أربعة أحرف، وما أبشع من الكلمة إلا مذاقها، فمن تعرض للتعذيب سيعرف معنى الكلمة. لجأ الإنسان للتعذيب منذ قديم الأزل وتفنن في ابتداع أبشع وأقسى الطرق لجعل الضحية تتمنى الموت آلاف المرات على أن تبقى في ذلك العذاب، فبعض الدول قد تعذب شخصاً ما عقاباً على ارتكاب جريمة ما أو لإجباره على الاعتراف بارتكاب جرم حتى وإن لم يرتكبه، كما قد يكون التعذيب لمقاصد أخرى كتخويف الناس وإرهابهم، وأحيانا يكون التعذيب مجرد هواية ومتعة للبعض من مرضى النفوس والساديين».

ولاننسى الكتاب الاخر والاهم، وهو موسوعة العذاب للباحث العراقي عبود الشالجي والذي يعدّ اول جهد في هذا المجال في المكتبة العربية.

والذي وصف في كتابه ان العذاب شعبة من شعب الظلم، والظلم في اللغة: وضع الشيء في غير موضعه، وفي الاصطلاح: إيذاء الناس وانتقاص حقوقهم، وهو خلاف التقوى التي هي مخافة الله والعمل بطاعته.

وقد ابتلي الناس في مختلف أدوار التاريخ بأشخاص قساة ظالمين، ظلموا، وعذبوا، ونكلوا، واستأصلوا، وابادوا امما من الناس، فكانت عاقبة هؤلاء الظالمين البوار. والتاريخ مشحون بأخبار هؤلاء الذين بغوا وظلموا، فمنهم من عوجل، ومنهم من امهل، غير ان عاقبة ظلمه لحقت أولاده واحفاده واهل بيته، مصداقا لقول نبي الرحمة (صلى الله عليه واله وسلم): من خاف على عقبه وعقب عقبه فليتق الله.

اضف تعليق