إنسانيات - حقوق

نظرة في قانون انتخابات مجلس النواب العراقي

رقم (9) لسنة 2020

الأهم بالمعادلة الانتخابية هو أن تكون القوانين الناظمة لها غير متعارضة أو مخالفة للمفاهيم الدستورية الراسخة في بلد ما والتي ينبغي أن تستقر ويضطرد العمل بها لبناء ديمقراطية راسخة تؤدي إلى الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي كما في البلدان ذات الديمقراطيات الراسخة كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا...

لعلنا لا نأتي بجديد عندما نقول إن الدستور هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة ونظام الحكم وشكل الحكومة، وتلتزم السلطة التشريعية بعدم تشريع أي قانون يتعارض مع أحكامه لذا عليها (السلطة التشريعية) توخي الدقة للقواعد الدستورية وعليها ان تلتزم بالقانون الأعلى منها مرتبة وإلا عدت القوانين مخالفه لأحكامه.

ولعلنا أيضا لا نأتي بشيء جديد عندما نقول إن الانتخابات الحرة النزيهة الشفافة هي الآلية السليمة والركيزة الأساسية للحكم الديمقراطي الرشيد، ويختلف التعاطي معها من بلد لأخر حسب معطياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية..الخ، ولكن الأهم بالمعادلة الانتخابية هو أن تكون القوانين الناظمة لها غير متعارضة أو مخالفة للمفاهيم الدستورية الراسخة في بلد ما والتي ينبغي أن تستقر ويضطرد العمل بها لبناء ديمقراطية راسخة تؤدي إلى الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي كما في البلدان ذات الديمقراطيات الراسخة كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول.

ومن خلال قراءتنا لنص المادة (98) من دستور العراق النافذ لعام 2005 والتي تنص على "يحظر على القاضي وعضو الادعاء العام ما يأتي:

أولا: الجمع بين الوظيفة القضائية والوظيفتين التشريعية والتنفيذية أو أي عمل آخر.

ثانيا: الانتماء إلى أي حزب أو منظمة سياسية أو العمل في أي نشاط سياسي.

وهذا مؤشر إيجابي لمبدأ الفصل التام بين السلطات الثلاث –إلا انه من خلال قراءتنا لنصوص قانون الانتخابات الجديد رقم (9) لسنة 2020 نلاحظ إن المشرع فيه قد أغفل شيء هاما أو سكت عنه وهو الإشارة إلى حظر الترشيح للانتخابات البرلمانية على القضاة وأعضاء الادعاء العام وهذا ما كان يجب أن يشير إليه، وان سكوته هنا قد يعده البعض موافقة أو قبولاً ضمني على حقهم بالترشيح وهذا ما يعد مخالفة دستورية واضحة لنص المادة (98) من الدستور العراقي لعام 2005 سالفة الذكر.

وكان الأجدر بالمشرع إذا ما أراد شمول هذه الشريحة بترشيح نفسها أن يشير إلى مسألة عدم جواز ترشيحهم إلا بعد تقديم استقالاتهم والإشارة في قوانين الهيئات القضائية بعدما كانت خالية من هذه الإشارة، وهذا ما لمسناه عند كل من المشرع الفرنسي والمصري، فقد نصت المادة (132) من قانون الانتخابات الفرنسي رقم 1329 لسنة 1975 المعدل الموظفين الذين يشغلون وظائف معينة ولا يجوز لهم الترشيح وهذه الوظائف هي:...

1- قضاة محاكم الاستئناف.

2- أعضاء المحاكم الإدارية.

3- قضاة المحاكم... “.

كما حذا المشرع المصري حذو المشرع الفرنسي حيث نصت المادة (11) من قانون مجلس النواب المصري (46) لعام 2014 نصت على "...، ولا يجوز قبول أوراق ترشيحهم أو ترشح أعضاء الجهات أو الهيئات القضائية المستقلة... قبل تقديم استقالتهم من وظائفهم "، كذلك أوجبت القوانين المنظمة للهيئات القضائية والمتمثلة بـ(المحكمة الدستورية العليا – القضاء العادي –القضاء الإداري (مجلس الدولة) – هيئة قضايا الدولة – النيابة الإدارية) على موظفيها تقديم استقالاتهم كشرط للسماح لهم بالترشيح للمجالس النيابية.

فعلى سبيل المثال نص قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل وفي المادة (73) على انه (يحظر على المحاكم إبداء الآراء السياسية، ويحظر كذلك على القضاة الاشتغال بالعمل السياسي ولا يجوز لهم الترشيح لانتخابات مجلس الشعب أو الهيئات الإقليمية أو التنظيمات السياسية إلا بعد تقديم استقالاتهم).

ويلاحظ أيضا وجود تذبذب لدى المشرع العراقي بمسألة التحصيل الدراسي للمرشح ففي قانون الانتخابات لعام 2013 اشترط أن يكون حاصلا شهادة البكالوريوس أو ما يعادلها وفي تعديل القانون المذكور في سنة 2018 فقد تم تعديل المادة 2 البند رابعا من المادة (8) اشترط أن يكون حاصلا على شهادة البكالوريوس أو ما يعادلها للقوائم الانتخابية وتخصيص نسبة لا تزيد عن 20% من عدد المرشحين لشرائح المجتمع من حملة الشهادة الإعدادية أو ما يعادلها بعد ان نص قانون التعديل الأول من عدم السماح لحامل الشهادة الإعدادية من ترشيح نفسه للانتخابات النيابية.

وبعدها جاء قانون الانتخابات الجديد رقم 9 لسنة 2020 وفي المادة (8/رابعا) ليسمح لحامل الشهادة الإعدادية بترشيح نفسه للانتخابات البرلمانية بعدما كان قد حظره في القوانين السابقة أو أعطاه نسبة لا تزيد عن 20 % من عدد المرشحين لشرائح المجتمع، وكان من المأمول من المشرع العراقي ان يشدد على مسألة التحصيل الدراسي ويرفع سقفها إلى البكالوريوس والشهادات العليا ذلك تماشياً مع أهمية الاختصاص في العملية التشريعية لملامستها للحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع.

....................................
** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...
هـ/7712421188+964
http://ademrights.org
ademrights@gmail.com
https://twitter.com/ademrights

اضف تعليق