باتت عمليات خطف الرهائن تكتيك ارهابي بهدف التمويل والدعاية والابتزاز في حرب التنظيمات الإرهابية على العالم وأهمها تنظيم داعش الارهابي، الذي جعل من هذه العلميات استراتيجية جديدة مضافة الى المواجهات العسكرية، ليصبح الرهائن المختطَفون أدوات تحقق من خلالها التنظيمات الارهابية اهداف وأجندات معنية كالانتقام أو الاستغلال المادية من بعض الدول العدو لها كفرنسا وامريكا او ضد ما يسمى بالحرب على الارهاب.
فنتيجة للتطورات المتسارعة امنيا في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا خلال المدة الأخيرة، وسط خلافات كثيرة بين القوى السياسية الإقليمية والدولية، تشير هذه الامور الى أن تكون هناك صفقات سياسية بين الدول المتصارعة، اخذت تلقي بظلالها على التوازن الامني الهش في المنطقة، كما تبين ذلك من خلال الأحداث والتطورات الامنية والسياسية الاخيرة، والممتثلة بعلميات خطف الرهائن من لدن تنظيم داعش الارهابي.
إذ يرى الكثير من المحللين أن العلميات خطف الرهائن فتحت مساحة جديدة لتنظيم داعش كي يحاول اعادة بناء نفسه من جديد ويستخدمها وسيلة للدعاية واثبات الوجود، ويرى هؤلاء المحللون انه على الرغم من تحسين التعاون في مكافحة الإرهاب عن طريق التحالف الدولي، الا ان داعش لا يزال يمثل تهديدا مستمرا وخطيرا على العالم أجمع.
فيما يرى محللون آخرون ان علميات الخطف هي رسائل انتقامية توجه الى بعض الاطراف الدولية المختلفة في مواقفها السياسية ولتحسين صورتها المشوهة بإبراز قوتها العسكرية من خلال علميات خطف الرهائن.
مما دفع بعض دول القوى العالمية ولاسيما أمريكا وفرنسا انتهاج سياسية جديدة تتوافق مع التطورات الجديدة على الأصعدة كافة، وذلك باعتماد إستراتيجية جديدة لضمان تحقيق مصالحها الاقتصادية والإستراتيجية والسياسية في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا.
وعليه مهما تتعدد واختلفت الأجندة لتلك الدول، لا يبدو انها ستحصل على مرادها بسهلة، نظرا لفعالية ملف الرهائن وغيره من استراتيجيات الحربية التي يعتمدها تنظيم داعش، فربما يشهد العالم صراعات جديدة، قد تخلق ازمات لا تحمد عقباها.
رهائن أمريكا
في سياق متصل اكد الرئيس الاميركي باراك اوباما مقتل الاميركية كايلا جين مولر التي كانت محتجزة لدى تنظيم داعش في سوريا متعهدا بملاحقة المسؤولين عن قتلها، وكان التنظيم المتطرف خطف عاملة الاغاثة مولر في حلب في شمال سوريا في آب/اغسطس 2013. بحسب فرانس برس.
وقال البيت الابيض ان التنظيم المتطرف بعث "رسالة خاصة" خلال عطلة نهاية الاسبوع الى عائلة مولر تحتوي على تفاصيل اضافية قامت اجهزة الاستخبارات ب"التحقق منها" ما اتاح لها تاكيد مقتلها، وقال اوباما في بيان "بحزن شديد تلقينا خبر مقتل كايلا جين مولر". واضاف "ستعثر الولايات المتحدة على الارهابيين المسؤولين عن اسر وقتل كايلا وتقدمهم للعدالة مهما استغرق ذلك من وقت".
من جهة أخرى قال مسؤول دفاعي أمريكي إن جثمان لوك سومرز الأمريكي الذي احتجزته وحدة للقاعدة في اليمن وقتل أثناء محاولة قوات خاصة امريكية انقاذه وصل جوا الى الولايات المتحدة،
وقال مسؤولون أمريكيون إن سومرز (33 عاما) ورهينة آخر من جنوب افريقيا هو بيير كوركي (56 عاما) قتلهما خاطفوهما بالرصاص بعد قليل من بدء مداهمة في منطقة وادي عبدان القاحل في محافظة شبوة اليمنية.
رهائن فرنسا
من جهته قال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند إنه تم إطلاق سراح سيرج لازارفيتش اخر رهينة فرنسي في الخارج والذي احتجزه فرع القاعدة في شمال افريقيا في 2011، واحتجز تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي لازارفيتش (50 عاما) في الصحراء قبل حوالي ثلاثة أعوام بعد خطفه في شمال مالي، وقال اولوند للصحفيين في باريس "سيرج لازارفيتش آخر رهائننا أصبح حرا. ليس لفرنسا رهائن اخرون في أي مكان في العالم". بحسب رويترز.
وذكر مكتب أولوند في بيان ان لازارفيتش -الذي قالت السلطات إنه مهندس- "بصحة جيدة نسبيا رغم ظروف أسره الطويل، ووصل لازارفيتش الى نيامي عاصمة النيجر حيث التقى الرئيس ماماد ايسوفو، وظهر في لقطات تلفزيونية مبتسما وهو يقول للصحفيين انه فقد حوالي 20 كيلوجراما من وزنه لكنه بخير، واضاف قائلا "أود ان اشكر شعب النيجر الذي تعاون مع فرنسا من اجل اطلاق سراحي".
ولم يتضح ما إذا كانت قد دفعت فدية مقابل الإفراج عنه غير أن صحيفة مالية ومصدرين طلبا عدم الكشف عن هويتيهما قالا لرويترز إن السلطات المالية أطلقت سراح عددا من المقاتلين الإسلاميين المحتجزين لديها، وقال أحد المصدرين في شمال مالي "أطلق سراح خمسة سجناء مقابل الرجل الفرنسي"، وقال مكتب اولوند انه سيكون في استقبال لازارفيتش عند وصوله الى مطار فيلاكوبلاي قرب باريس.
ولم يكن لدى آلان مارسو العضو بالبرلمان الفرنسي والقاضي السابق في قضايا مكافحة الإرهاب أدنى شك في أن السلطات الفرنسية دفعت فدية ما. وقال "تمكنا من إخراج سجناء من السجون المالية او النيجيرية. عليك أن تختار... "إما أن تتبنى سياسة (الرئيس الأمريكي باراك) أوباما الرافضة للتفاوض وحينها ستشهد إعدام مواطنيك الرهائن أو تتفاوض من دون الاعتراف بذلك"، وقتل مواطن أمريكي وآخر من جنوب أفريقيا كانا محتجزين لدى القاعدة في اليمن يوم السبت الماضي أثناء عملية للقوات الخاصة الأمريكية حاولت فيها إنقاذهما.
وقال المصدران وصحيفة الاندبندنت التي تصدر في مالي إن من بين السجناء الذين اطلق سراحهم مواطنان ماليان هما المشتبه بهما الرئيسيان وراء عملية الخطف في 2011، وفر أحدهما من سجن في باماكو في يونيو حزيران لكنه القي القبض عليه مجددا في وقت لاحق، وقالت رئاسة الجمهورية في النيجر ان السلطات في كل من مالي والنيجر شاركتا في عملية إطلاق سراح الرهينة الفرنسي غير أن الحكومتين كلتيهما لم تعلقا على التبادل المذكور، وقال أولوند في سبتمبر أيلول إن باريس لم تدفع فدى أو تجري عملية تبادل للسجناء "لكن هذا لا يعني أن دولا أخرى لا تفعل. بعض البلدان قامت بهذا لتساعدنا. انا أعترف بهذا"، وظهر لازارفيتش في تسجيل مصور بثته القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي الشهر الماضي وهو يناشد الرئيس الفرنسي ان يفعل "كل شيء" لإطلاق سراحه.
الخطف الوهمي
الى ذلك حذرت الشرطة الفدرالية الاميركية (اف بي اي) وشرطة نيويورك من تفشي نوع جديد من الجرائم اطلق عليه اسم "الخطف الوهمي" وتم تسجيل مئات الحالات منها خلال العام الماضي خصوصا في اوساط الاشخاص المتحدرين من اصول اميركية لاتينية، وفي هذا النوع من عمليات الاحتيال، يتصل احدهم بضحيته مدعيا أنه خطف قريبا له ويطالبه بدفع فدية.
وأشارت السلطات في بيان الى انه "في حين لا يكون هناك أي صدقية لموضوع الخطف، عادة ما يستعين المتصلون بمتآمرين لإقناع ضحاياهم بصحة التهديد"، فعلى سبيل المثال، يمكن للمتصل ادعاء خطفه ابنة الضحية وتكون الى جانبه شابة تصرخ طالبة المساعدة خلال الاتصال، كذلك يمكن للمتصل ان يدعي ان أحد اقرباء الضحية اصيب بحادث اصطدام مع سيارة احد افراد عصابة وبالتالي لن تسمح هذه العصابة له بزيارة المستشفى قبل دفع قيمة الاضرار التي لحقت بالسيارة، وعادة ما يبقى المتصل على الخط الى حين تحويل الاموال المطلوبة. بحسب فرانس برس.
وحذرت الـ"اف بي اي" وشرطة نيويورك من أن غالبية الاساليب المستخدمة في عمليات الاحتيال هذه تلجأ الى تأجيج "مشاعر الخوف والهلع والخطر في مسعى لدفع الضحية الى الاستعجال في اتخاذ قرار ينطوي على خطورة كبيرة".
وقال متحدث باسم الـ"اف بي اي" لوكالة فرانس برس "انها مشكلة كبرى"، مضيفا "اننا نتحدث عن مئات والاف الاتصالات من هذا النوع في الاشهر الـ12 الى 18 الماضية"، ومعظم مرتكبي هذه العمليات هم من المجموعات المتحدرة من اصول اميركية لاتينية، وغالبا ما يتحدثون بلكنة اسبانية، بحسب "اف بي اي"، الا ان "المشكلة تؤثر على كل السكان في المدينة"، وتحصل هذه الاتصالات عادة من مناطق لها رموز هاتفية من خارج المدينة وأحيانا من بورتوريكو الخاضعة للسيادة الاميركية، وبحسب السلطات، عادة ما يطلب المتصلون تحويل الفدية الى طرف ثالث موجود في بورتوريكو عن طريق شركات تحويل اموال.
اضف تعليق