يبدو أن أزمة الكهرباء في إيران في طريقها إلى وضع العراق بموقف حرج، لا سيما مع قرار طهران الجديد بقطع إمدادات الغاز التي ترسلها إلى بغداد لمدة 15 يومًا، بحجّة إجراء عمليات صيانة، وبحسب البيان فإن انقطاع إمدادات الغاز الإيراني عن بغداد والمحافظات الوسطى والفرات الأوسط...
يبدو أن أزمة الكهرباء في إيران في طريقها إلى وضع العراق بموقف حرج، لا سيما مع قرار طهران الجديد بقطع إمدادات الغاز التي ترسلها إلى بغداد لمدة 15 يومًا، بحجّة إجراء عمليات صيانة، وبحسب بيان حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، اليوم الأحد 24 نوفمبر/تشرين الثاني (2024)، فإن انقطاع إمدادات الغاز الإيراني عن بغداد والمحافظات الوسطى والفرات الأوسط من شأنه أن يُفقد المنظومة العراقية نحو 5 آلاف و500 ميغاواط من الطاقة الكهربائية.
وخلال الأسابيع الـ3 الماضية، تفاقمت أزمة الكهرباء في إيران، الأمر الذي اضطر الحكومة إلى اتخاذ عدد من الإجراءات، من بينها عمليات الفصل المبرمجة للتيار الكهربائي، وذلك تحت شعار حماية البيئة، ووقف حرق المازوت في المحطات.
وانعكست الأزمة على قطاع الكهرباء العراقي، الذي بدأ في الوقت الحالي تنفيذ خطط إستراتيجية طارئة لرفع قدرة المنظومة الوطنية، وإعادة العمل في المشروعات المؤجلة والمتوقفة منذ سنوات، للحصول على طاقات توليدية كانت ضائعة وغير مستغلة، لزيادة معدلات الإنتاج لتحقيق الاستقرار، في حين لم يردّ المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، أحمد موسى، على طلب للتعليق، أرسلته منصة الطاقة.
انقطاع الغاز الإيراني عن العراق
في الوقت الذي شهد تصاعد أزمة الكهرباء في إيران، اتجهت طهران إلى قطع إمدادات الغاز الإيراني إلى العراق، تحت زعم إجراء عمليات صيانة قد تستمر لمدة 15 يومًا، بما يُفقد المنظومة العراقية 5500 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، حسب بيان للوزارة.
وتعتمد وزارة الكهرباء العراقية، في الوقت الحالي، جزئيًا، على إنتاجها من الغاز لتشغيل محطات توليد الكهرباء، بينما تعتمد في جزء آخر على إمدادات الوقود المنتجة في المصافي المحلية، وتسعى في الجزء الثالث على استيراد الغاز، لحين اكتمال المشروعات التي تستهدف تأهيل حقول الغاز الوطنية.
ولفتت الوزارة إلى إخطارها من الجانب الإيراني بأن إمدادات الغاز ستتوقف بالكامل لأغراض الصيانة لمدة 15 يومًا، إذ من المتفق أن تصل إمدادات اليوم الأحد إلى نحو 25 مليون متر مكعب يوميًا، بينما لم يصل سوى 7 ملايين متر مكعب حتى الآن.
وبناءً على هذا التراجع الشديد، أوضحت الوزارة أنها ستنسّق -بحسب التوجيهات الحكومية- مع وزارة النفط بشكل أعلى لتعويض ما خسرته المنظومة من غاز، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
تفاقم أزمة الكهرباء في إيران
شهدت أزمة الكهرباء في إيران تصاعدًا ملحوظًا على مدى الأيام الماضية، الأمر الذي أثار كثيرًا من التساؤلات، خاصة مع إعلان الحكومة أن عمليات قطع التيار الكهربائي تأتي في إطار الحفاظ على البيئة من حرق المازوت.
وفي هذا الإطار، كشف تقرير الأسباب الحقيقية لتصاعد الأزمة، التي جاء في مقدّمتها انخفاض احتياطي الديزل وزيت الوقود من محطات توليد الكهرباء يشكل ملحوظ، الأمر الذي أدى إلى اتخاذ الحكومة قرارًا بقطع الكهرباء.
في الوقت نفسه، كانت الحكومة الإيرانية تتجه إلى الحدّ من إنتاج الكهرباء من المحطات العاملة بالمازوت، ضمن خطط الرئيس مسعود بزشكيان لوقف استعمال الوقود الملوث في المحطات، وفق التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وكان مركز البحوث التابع للبرلمان الإيراني قد أعلن، في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، انخفاض احتياطيات محطات توليد الكهرباء من الديزل وزيت الوقود خلال الأشهر الـ6 الأولى من العام الفارسي 1403 (بدأ في 21 مارس/آذار)، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي.
وكشف مكتب دراسات الطاقة والصناعة والتعدين التابع للمركز أن مشروع قانون موازنة العام المقبل يُعَدّ في وقت تواجه فيه البلاد حالة من الاستياء بجميع شركات الكهرباء، بسبب نقص إمدادات الغاز الطبيعي والديزل.
وخلال العام 1401، الذي انتهى في 20 مارس/آذار 2023، بحسب التقرير، بلغ اختلال توازن الغاز الطبيعي عند ذروة الاستهلاك 315 مليون متر مكعب يوميًا، ورغم انخفاض الرقم إلى 280 مليون متر مكعب يوميًا بسبب ارتفاع الحرارة في 1402، ما يزال تحدّي اختلال توازن الغاز الطبيعي قائمًا.
كما أشار التقرير إلى ارتفاع استهلاك الوقود السائل بمحطات الطاقة الحرارية، الأمر الذي تسبَّب في تراجع احتياطيات الديزل وزيت الوقود في محطات توليد الكهرباء في إيران خلال الأشهر الـ6 الأولى من العام الجاري.
وذهب التقرير إلى أن أزمة الكهرباء في إيران ستتفاقم، مع زيادة اختلال توازن الغاز ونقص الوقود السائل البديل، الأمر الذي سيخلق تحديات أمام إمدادات الكهرباء في البلاد خلال فصل الشتاء المقبل، حسبما ذكرت وكالة شانا.
يشار إلى أن احتياطيات الوقود السائل في إيران كانت قد انخفضت بمقدار 2.6 مليار لتر (16.4 مليون برميل) في الأشهر الـ6 الأولى من العام المالي الجاري، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي المنتهي في مارس/آذار 2024.
أزمة مشروعات الكهرباء الإيرانية
يرى الخبير الإستراتيجي، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة الدكتور أومود شوكري، أن أزمة الكهرباء في إيران تكمن في وجود عقبات كبيرة، رغم التحسينات الأخيرة.
وضرب شوكري، في مقال نشرته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، مثالًا لهذه التحسينات بتحقيق نمو بنسبة 4.3% في توليد الكهرباء في عام 2023، وهو ما يتجاوز مستويات الإنتاج في العديد من الدول المتقدمة.
وقال، إنه في ظل غياب إجراءات فورية، يتوقع الخبراء نقصًا محتملًا بالكهرباء في إيران بمقدار 26 غيغاواط بحلول صيف العام المقبل 2025، بينما لتحقيق الاستقرار بقطاع الكهرباء في إيران، سيتعين على الحكومة إنفاق بين 900 مليون ومليار دولار على تحديث البنية التحتية للطاقة.
يوضح الخبير الإستراتيجي بقطاع الطاقة أنه منذ مارس/آذار 2023، بدأت شركة (تافانير) 61 مشروعًا لبناء شبكات النقل والتوزيع الفائق لمعالجة أزمة الكهرباء في إيران، ووقف الانقطاعات خلال أوقات الذروة، بينما يتطلب التغلب على التفاوت في التوليد والاستهلاك، بحلول عام 2025، أن تكون هذه التحسينات والإضافات ناجحة.
نقص الغاز في إيران
ربطت تقارير بين تفاقم أزمة الكهرباء في إيران ومعاناة البلاد من نقص الغاز بسبب زيادة الاستهلاك، خاصة مع إضافة 8 آلاف ميغاواط من محطات الكهرباء الحرارية الجديدة، وارتفاع استهلاك المنازل للغاز.
في الوقت نفسه، شهد إنتاج الغاز الإيراني تباطؤًا ملحوظًا خلال الـ3 سنوات الماضية، إذ تراجع إلى ثلث معدلاته التي كان عليها خلال العقد الماضي، وفق ما جاء في تقرير نشرته منصة "إيران إنترناشيونال".
وتسبَّب هذا التراجع في نقص مزمن بالكهرباء وانقطاعات متكررة، بالإضافة إلى خسائر كبيرة للقطاع الصناعي، لا سيما مع تراجع إنتاج حقل بارس الجنوبي، الذي يمثّل 75% من إنتاج الغاز الإيراني، بينما لا تستطيع طهران تركيب منصات إنتاج كبيرة بسبب العقوبات التي تمنع الشركات الغربية من التعامل معها، يشار إلى أن إيران تمتلك ثاني أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي عالميًا بعد روسيا، كما أنها ثالث أكبر منتجي الغاز في العالم، إذ لا تسبقها سوى أميركا وروسيا.
اضف تعليق