على مدى أسبوع كامل، تصاعدت المخاوف بشأن احتمالات توجيه إسرائيل ضربة عسكرية إلى منشآت النفط في إيران، التي دعّمتها تصريحات غير واضحة من الرئيس الأميركي جو بايدن، فسّرها الإعلام والمحللون بصورة غير دقيقة، وإن السؤال الذي يجب أن ينتبه إليه الجميع بالفعل هو إمكان توجيه ضربة إلى المنشآت النفطية الإيرانية من عدمه...
على مدى أسبوع كامل، تصاعدت المخاوف بشأن احتمالات توجيه إسرائيل ضربة عسكرية إلى منشآت النفط في إيران، التي دعّمتها تصريحات غير واضحة من الرئيس الأميركي جو بايدن، فسّرها الإعلام والمحللون بصورة غير دقيقة، وفي هذا الإطار، يقول مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن السؤال الذي يجب أن ينتبه إليه الجميع بالفعل هو إمكان توجيه ضربة إلى المنشآت النفطية الإيرانية من عدمه.
وأضاف: "تحتاج الإجابة عن هذا السؤال إلى تفاصيل كثيرة، إذ بالنظر إلى الخارج وإلى الخليج العربي من بدايته وحتى نهايته في العراق، والصعود شمالًا إلى حقول الغاز والنفط الإيرانية، نجد أنها تمتد على طول الخليج كله إلى الأعلى، فحقول النفط في الشمال، وحقول الغاز في الجنوب".
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة" الأسبوعي، الذي يقدّمه الدكتور أنس الحجي عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، التي جاءت هذا الأسبوع تحت عنوان "تداعيات ضرب إسرائيل المنشآت النفطية الإيرانية".
استهداف إسرائيل منشآت النفط في إيران
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي إن هناك المئات من حقول النفط والغاز، بالإضافة إلى الآلاف من منشآت النفط في إيران، ومن ثم لا يمكن لأحد -سواء إسرائيل أو حتى الولايات المتحدة- تدمير هذه المنشآت أو ضربها والتأثير في النفط الإيراني.
وأضاف: "يمكن استهداف منشأة أو 2 أو حتى 10، ولكن في النهاية لا يمكن لإسرائيل استهداف كل منشآت النفط في إيران بسبب عددها الكبير، كما أنها تمتد على مسافة كبيرة جدًا، يمكن أكثر من 1500 كيلومتر، وهي مساحة شاسعة جدًا".
ولكن، وفق الدكتور أنس الحجي، إيران تواجه مشكلة كبيرة، وهي أن كل هذه الحقول في الشمال، ولكي يجري التصدير فهي مربوطة بشبكة أنابيب، وهذه الشبكة تخرج عبر البحر إلى جزيرة اسمها جزيرة "خارج"، تقع على يمين ميناء البصرة تقريبًا، لذلك فهي قريبة جدًا من العراق.
وتابع: "يخرج من هذه الجزيرة تقريبًا ما بين 85% و90% من صادرات إيران من النفط الخام، لذلك رغم الاتساع الجغرافي الكبير الذي يجعل استهداف إسرائيل منشآت النفط في إيران غير ممكن، ففي النهاية كل النفط يجتمع في جزيرة، إذا جرى تدميرها فستنتهي صادرات إيران تقريبًا.
وعن منشآت النفط في إيران التي يمكن أن تستهدفها إسرائيل، قال الحجي إنه إذا كان الموضوع يتعلق بالإنتاج فقط فإن التأثير سيكون بسيطًا، وإذا كان الأمر يتعلق بالمصافي، فإن التأثير سيكون داخليًا، وسيتضرر منه العراق الذي يشتري المنتجات الإيرانية.
وأردف: "هناك أيضًا التهريب إلى إيران وأفغانستان وغيرهما، ومن ثم سترتفع أسعار هذه المنتجات المهربة إلى البلدين، ولكن أغلب الأثر سيكون داخل إيران، التي ستعاني شحًا في الإمدادات، وربما ستوقف الصادرات إلى الدول الأخرى".
صادرات النفط الإيراني
وأوضح الدكتور أنس الحجي أنه قد يكون هناك استهداف لبعض منشآت البتروكيماويات، والإشكالية هنا أن منشآت البتروكيماويات مكلفة جدًا، لذلك ستكون خسارة كبيرة للاقتصاد الإيراني في حال استهداف منشأة واحدة فقط.
لذلك، عند الحديث عن استهداف إسرائيل منشآت النفط في إيران، يجب أولًا معرفة ما المنشآت التي يمكن توجيه الضربات إليها، فإذا كان الهدف هو حرمان إيران من إيرادات النفط لمدة زمنية محددة، فالضربة ستكون لجزيرة خارج.
تدخل إسرائيل في الانتخابات الأميركية
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي، إنه في حال استهداف إسرائيل جزيرة خارج فسترتفع أسعار النفط بصورة كبيرة، ولا يمكن لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بأي صورة من الصور أن تسمح بذلك قبل الانتخابات.
ولفت الحجي إلى أن بعض المساحات على منصة "إكس" التي يشارك فيها إسرائيليون ويهود يرفضون حرب غزة والعدوان على لبنان، وتتناقش طوال الأسبوع الماضي حول احتمالات أن يوجه نتنياهو ضربة عسكرية لجزيرة خارج، بهدف رفع أسعار النفط والتأثير في الانتخابات الأميركية.
سياسات ترمب مقابل توجهات بايدن
وتساءل الدكتور أنس الحجي: "هذا يُعد تدخلًا في خصوصيات الولايات المتحدة، فكيف يغضبون من الصين وروسيا لتدخلهما ولا يغضبون من نتنياهو لتدخله في الانتخابات الأميركية".
وأوضح أن ارتفاع الأسعار الشديد للنفط الآن يأتي في مرحلة حساسة من جهة التضخم الشديد الذي يضرب الولايات المتحدة، وأي زيادة في هذا التضخم قد تحسم الانتخابات لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترمب.
وأضاف: "في حال استهداف إسرائيل جزيرة خارج، وهي أهم منشآت النفط في إيران، ستضر بأشياء كثيرة، إذ ستكون ضربة للصين، وستنزعج الصين من إسرائيل بصورة ربما تاريخية، كما ستنزعج دول أخرى بعضها أوروبية لهذا التدخل، الذي يعدّونه صارخًا في الاقتصاد العالمي".
إلا أن الحجي أكد أن احتمالية أن تضرب إسرائيل هذه الجزيرة ضعيفة جدًا، وبالتالي فهو لن يحدث، والشيء الأكبر من هذا أن هذه الجزيرة فيها موانٍ عديدة، ولا يمكن ضرب كل المواني، لأن استهدافها يحتاج إلى استعمال فضاء عدد من الدول العربية.
وتابع: "لا يمكن لهذه الدول العربية أن تسمح، لا دول الخليج ستسمح ولا العراق سيسمح، ومن ثم إذا قامت إسرائيل بأي هجوم فإنه سيكون صغيرًا ومؤقتًا ومحدودًا، تخترق فيه سماء بعض الدول بصورة مفاجئة دون تصريح، لمدة 10 أو 15 دقيقة، ثم توقف كل شيء، ثم الاعتذار عن ذلك".
اضف تعليق