نفذت الشرطة منذ 17 نيسان عمليات توقيف في 30 حرما جامعيا على الأقل. وانتشرت صور عناصر مكافحة الشغب في الجامعات، الذين تدخّلوا بناء على طلب إداراتها، في كل أنحاء العالم، ما ذكّر بأحداث مماثلة وقعت في الولايات المتحدة خلال حرب فيتنام، وذلك قبل ستة أشهر من الانتخابات...

تتوسّع التعبئة الطالبية داخل جامعات في عدد من الدول تضامنا مع قطاع غزة، غداة دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن الى أن يسود النظام في الجامعات الأميركية، فيما أخلت الشرطة الفرنسية مبنى معهد العلوم السياسية في باريس من المتظاهرين بلا حوادث.

وتشهد جامعات في فرنسا وكندا وسويسرا وأستراليا والمكسيك اعتصامات وتحركات تطالب بوقف الحرب التي اندلعت قبل سبعة أشهر بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة المحاصر.

وربما يشعر الفلسطينيون بالامتنان عندما يرون ساحات الحرم بالجامعات الأمريكية تشتعل غضبا بسبب الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، لكن البعض في القطاع المحاصر يتساءلون عن سبب غياب الاحتجاجات المماثلة في الدول العربية التي يعتبرونها حليفة لهم منذ القدم.

وهزت المظاهرات الجامعات الأمريكية على مدى الأيام الماضية وتخللتها مواجهات بين الطلبة المؤيدين للفلسطينيين والمؤيدين لإسرائيل، فضلا عن مواجهات مع الشرطة. وخرجت بعض الاحتجاجات في الدول العربية، لكنها لم تكن بنفس الحجم أو بنفس القدر من الصخب.

وتتفاوت على الأرجح أسباب الهدوء النسبي في الجامعات والشوارع العربية بين الخوف من إثارة غضب الحكومات الاستبدادية والخلافات السياسية مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وحليفتها إيران والشكوك في قدرة الاحتجاجات على التأثير في سياسات أي دولة.

وربما يواجه الطلبة في الجامعات الأمريكية العريقة خطر إلقاء الشرطة القبض عليهم أو فصلهم من الجامعات، ولكن عواقب أشد قسوة قد تطال المواطنين العرب إذا احتجوا دون تصريح من الدولة.

وتعتبر المؤرخة في جامعة هارفرد جولي روبن التي عملت على النشاط الطالبي، أنها تتضمن أوجه شبه مع تحركات احتجاجية سابقة في البلاد.

وفي رأيها أن “الانقسامات العميقة المشحونة بالمشاعر” بشأن غزة فضلا عن استعانة بعض الجامعات بالشرطة للتدخل في حرمها، تذكر ببعض جوانب التظاهرات الطالبية احتجاجا على حرب فيتنام في الستينات والسبعينات.

كذلك يدعو الطلاب اليوم إلى أن تقطع جامعاتهم كل الجسور مع شركات أو متبرعين على ارتباط بإسرائيل، ما يتماهى مع طلبات مماثلة بشأن نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.

وانتشرت في كل أنحاء العالم صور عناصر مكافحة الشغب في الجامعات الذين تدخّلوا بناء على طلب إداراتها، ما ذكّر بأحداث مماثلة وقعت في الولايات المتحدة خلال حرب فيتنام.

بايدن وسحق المعارضة

بدوره خرج الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس عن صمته بشأن التحرّكات التي تشهدها الجامعات الأميركية منذ أسبوعين على خلفية الحرب في قطاع غزة، مؤكدا أنّ “النظام يجب أن يسود”.

وقبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية في مواجهة منافسه الجمهوري دونالد ترامب، شدّد بايدن على وجوب إيجاد توازن بين الحق بالاحتجاج السلمي ومنع ارتكاب أعمال عنف في ظل التحركات الاحتجاجية المستمرة منذ أسابيع في الجامعات الأميركية، وهي بغالبيتها مؤيدة للفلسطينيين وداعية لوقف الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة.

وقال الرئيس الأميركي في خطاب من البيت الأبيض “نحن لسنا أمة استبدادية حيث نُسكت الناس أو نقوم بسحق المعارضة”، مضيفاً “لكننا لسنا دولة خارجة عن القانون… نحن مجتمع مدني، ويجب على النظام أن يسود”.

ويواجه الرئيس الديموقراطي انتقادات متزايدة على خلفية تعامله مع قضية الاحتجاجات الجامعية وصمته حيالها على رغم تصاعدها منذ أسابيع.

والخميس، اتهمه خصمه ترامب بالتقاعس في مواجهة الزخم المؤيد للفلسطينيين.

وقال الرئيس السابق لدى وصوله إلى محكمة في نيويورك حيث يحاكم جنائياً بتهمة تزوير سجلات تجارية للتستّر على أموال دفعها في 2016 لشراء صمت ممثلة إباحية، “إنّهم يساريون متطرّفون مجانين ويجب أن نوقفهم الآن لأنّ الأمر سيستمرّ ويزداد سوءاً”.

وتتصاعد موجة الاحتجاجات الطالبية منذ أسبوعين في كبرى الجامعات الأميركية من كاليفورنيا غرباً إلى الولايات الشمالية الشرقية، مروراً بالوسطى والجنوبية مثل تكساس وأريزونا، ضدّ الحرب في غزة وللمطالبة بقطع إدارات المؤسسات الأكاديمية صلاتها بجهات تموّل إسرائيل أو شركات مرتبطة بها.

وتدخّلت الشرطة مرّات عدّة في الأيام الأخيرة لتفريق المتظاهرين.

وقبل ساعات من خطاب بايدن، فكّكت الشرطة بالقوة مخيّماً نصبه طلاب في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، حيث نفّذت عمليات توقيف.

وأوقف عشرات المتظاهرين الواحد تلو الآخر، وجرى تقييد أيديهم قبل أن تقتادهم قوات الشرطة، حسبما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس. 

وقبل الفجر، تمركز مئات من عناصر الشرطة في الجامعة مجهزين بمعدات لمكافحة الشغب أمام طلاب يحملون مظلات أو يعتمرون خوذاً بيضاء وقد شكّلوا صفًا وشبكوا أذرع بعضهم البعض، واستمرت المواجهات بين الطرفين ساعات عدة. 

وفي الوقت نفسه، عملت الشرطة على تفكيك المنصات الخشبية والألواح الخشبية المحيطة بالمخيم وأزالت الخيام بينما هتف المتظاهرون “فلسطين حرّة”.

وليل الثلاثاء الأربعاء، وقعت صدامات في هذه الجامعة عندما هاجمت مجموعة كبيرة من الأشخاص، العديد منهم ملثمون، مخيماً مؤيدا للفلسطينيين وفق مصور من وكالة فرانس برس.

وحاول المهاجمون اختراق حاجز وضع حول المخيم، ثم اشتبك المتظاهرون والمحتجون المناهضون لهم بالعصي وتراشقوا بالمقذوفات.

وأعرب أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا غرايم بلير الخميس عن أسفه لوجود أزمة “غير ضرورية”. 

وقال لفرانس برس “أتيحت للجامعة والسلطات فرصة لتهدئة التصعيد. أرسلوا الشرطة في وقت متأخر جدًا ضد المتطرفين الليلة الماضية” مشيرا إلى محتجين هاجموا مخيم الطلاب المؤيدين للفلسطينيين. وأضاف “حالياً يهاجمون الطلاب المشاركين في تظاهرة سلمية”.

وكان الرئيس التنفيذي لجامعة كاليفورنيا جين د. بلوك حذّر قبل اندلاع أعمال العنف من وجود أشخاص غير منتسبين إلى الجامعة.

أضاف أن الأحداث “تسببت خصوصاً لدى طلابنا اليهود، بقلق وخوف عميقين”.

في جامعة تكساس في دالاس، أخلت الشرطة الأربعاء مخيماً احتجاجياً وأوقفت 17 شخصا على الأقل بتهمة “التعدي الإجرامي” وفق ما ذكرت الجامعة.

كذلك، أوقفت سلطات إنفاذ القانون الكثير من الأشخاص في جامعة فوردهام في نيويورك وأخلت مخيّما نصب صباحاً في الحرم الجامعي، بحسب مسؤولين.

من جهتها، أفادت شرطة نيويورك خلال مؤتمر صحافي الأربعاء أن نحو 300 شخص أوقفوا في جامعتين في المدينة.

وليل الثلاثاء الأربعاء، أخرجت القوات الأمنية التي تدخّلت بصورة مكثفة الطلاب الذين كانوا يحتلّون مبنى في جامعة كولومبيا العريقة في مانهاتن احتجاجا على الحرب في غزة.

ويدعو الطلاب في الجامعات الأميركية إلى قطع العلاقات مع الجهات المموّلة أو الشركات المرتبطة بإسرائيل، كما يدينون الدعم غير المشروط الذي تقدّمه الولايات المتحدة لإسرائيل.

وأعلنت جامعة براون في بروفيدنس بولاية رود آيلاند (شمال شرق) التوصل إلى اتفاق مع الطلاب، يقضي بتفكيك مخيمهم الاحتجاجي في مقابل تنظيم الجامعة عملية تصويت حول “سحب استثمارات براون من شركات تسهّل وتستفيد من الإبادة الجماعية في غزة”.

وفي السياق، ندّد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ بـ”الظهور المرعب لمعاداة السامية” في العالم، وخصوصاً في الولايات المتحدة، حيث باتت “الجامعات البارزة… ملوّثة بالكراهية”.

وتأهبت جامعات أخرى، تنظم يوم الأحد حفلات تخرج، لمواجهة مزيد من الاحتجاجات بعد إلقاء الشرطة القبض على عشرات يوم الأحد.

نقطة اشتعال سياسية

وبرزت الاحتجاجات داخل الجامعات كنقطة اشتعال سياسية جديدة هذا العام الذي يشهد إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وألقت الشرطة القبض على ما يزيد على 2000 محتج في عشرات الكليات بأنحاء الولايات المتحدة.

وقال ميتش لاندريو، الرئيس المشارك لحملة انتخاب الرئيس جو بايدن لفترة جديدة، يوم الأحد إن تصريحات السناتور بيرني ساندرز التي شبه فيها الاحتجاجات الجامعية بالمظاهرات التي حدثت خلال حرب فيتنام "مبالغ فيه".

وأضاف لشبكة (سي.إن.إن) "هذا وضع مختلف تماما... ومع ذلك، هذا لا يعني أن هذه (الاحتجاجات) ليست أمرا خطيرا للغاية".

وقالت الشرطة إن كُنسا يهودية في نيويورك تلقت أربعة تهديدات على الأقل بوجود قنابل مطلع هذا الأسبوع، لكن لم تثبت صحة أي منها.

وكتبت حاكمة نيويورك كاثي هوكول على منصة إكس في وقت متأخر من مساء السبت قائلة "لن نتسامح مع الأفراد الذين يزرعون الخوف ومعاداة السامية. يجب محاسبة المسؤولين عن أفعالهم الدنيئة".

وأظهرت لقطات تلفزيونية حية قوات شرطة مزودة بالمعدات وهي تتواجد في حرم جامعة كاليفورنيا بمحاذاة خيام لحشود من المتظاهرين. وشوهد بعض النشطاء وهم يرتدون خوذات ونظارات واقية وأقنعة تنفس تحسبا للمداهمة بعد يوم من إعلان الجامعة أن مخيم الاعتصام غير قانوني.

وتجمع مئات من النشطاء المؤيدين للفلسطينيين خارج المخيم ونددوا بتحركات الشرطة ورددوا هتافات “عار عليكم” وقام بعضهم بقرع الطبول ولوحوا بالأعلام الفلسطينية بينما كانت قوات الأمن تدخل إلى الحرم الجامعي. وارتدى العديد من المتظاهرين الكوفية الفلسطينية.

وحثت الشرطة قبل الدخول للحرم المتظاهرين عبر مكبر صوت على إخلاء منطقة الاحتجاج.

وألغت جامعة كاليفورنيا الفصول الدراسية لهذا اليوم بعد اشتباك عنيف نشب في وقت متأخر من ليل الاثنين وفي وقت مبكر من صباح يوم الأربعاء بين شاغلي المخيم ومجموعة من المتظاهرين المناوئين الملثمين الذين شنوا هجوما على مخيم الاحتجاج بالعصي والهراوات.

وظل شاغلو مخيم الاحتجاج، الذي أقيم الأسبوع الماضي، مسالمين إلى حد كبير قبل الاشتباك الذي ألقى مسؤولو الجامعة مسؤوليته على “محرضين” وتعهدوا بإجراء تحقيق.

جاء هذا بعد يوم من قيام الشرطة في مدينة نيويورك باعتقال نشطاء مؤيدين للفلسطينيين احتلوا بناية أكاديمية في جامعة كولومبيا وبإزالة مخيم اعتصام للمحتجين هناك.

وقال رئيس البلدية إريك آدامز إن الشرطة ألقت القبض على نحو 300 في كولومبيا وسيتي كوليدج في نيويورك. ووجهت إلى العديد من المعتقلين تهم التعدي على ممتلكات الغير وتعمد إلحاق الأذى.

ونظم طلاب تجمعات ومسيرات أو أقاموا خياما للاحتجاج والاعتصام في عشرات الكليات في أنحاء الولايات المتحدة في الأيام القليلة الماضية للتعبير عن معارضتهم للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ومطالبة جامعاتهم وكلياتهم بالنأي بنفسها عن شركات تدعم الحكومة الإسرائيلية. واستدعت العديد من الكليات والجامعات الشرطة لكبح الاحتجاجات.

ويرفض كثير من المحتجين، وبعضهم يهود، مزاعم معاداة السامية.

وقالت كارين جان بيير، المتحدثة باسم البيت الأبيض، للصحفيين “للأمريكيين الحق في الاحتجاج السلمي…. (لكن) الاستيلاء على مبنى بالقوة ليس أمرا سلميا”.

وقبل الاشتباكات في لوس انجليس، أكد مسؤولو الجامعة أن وجود مخيم في حرمها غير قانوني وينتهك سياسة الجامعة ويشارك فيه أفراد لا ينتمون إلى الحرم الجامعي.

وأظهرت مقاطع محتجين، كثير منهم ملثمون وبعضهم أكبر سنا من الطلاب فيما يبدو، وهم يلقون بأشياء ويحاولون تحطيم أو هدم الحواجز الخشبية والحديدية التي تحمي الاعتصام.

وردد البعض تعليقات مؤيدة لليهود بينما حاول المتظاهرون المؤيدون للفلسطينيين التصدي لهم.

وقالت المحتجة المؤيدة للفلسطينيين والباحثة بجامعة كاليفورنيا كايا شاه “جاءوا إلى هنا وهاجمونا بعنف.

وتابعت “لم أتصور أنهم سيفعلون ذلك، ويصعدون إلى هذا المستوى، أن يقابل احتجاجنا متظاهرون مناهضون يؤذوننا بعنف، ويسببون الألم لنا، بينما لم نفعل أي شيء لهم”.

وتبادل المتظاهرون من الجانبين رش رذاذ الفلفل قبل اندلاع اشتباكات. وقال متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين إن المتظاهرين المناهضين ألقوا عليهم الألعاب النارية وضربوهم بهراوات وعصي.

ووصف بنيامين كرستن، وهو طالب في جامعة كاليفورنيا وعضو في مجموعة الصوت اليهودي من أجل السلام، الليلة بأنها كانت “ليلة عنف مدمرة”.

وكتب في رسالة نصية يقول “كان من الممكن أن يظل الاعتصام جهدا سلميا لولا الوجود المستمر للمحتجين المعارضين والمحرضين… بينما يعقد الكونجرس مزيدا من جلسات الاستماع عن مدى شعور الطلاب اليهود بالأمان الكافي في الجامعات، كان طلاب يهود من بين الذين تعرضوا لهجمات من محتجين صهاينة”.

وقالت الشرطة إن جامعة كاليفورنيا استدعتها لاستعادة النظام والحفاظ على السلامة العامة “بسبب أعمال عنف متعددة” داخل المخيم. وأظهرت لقطات بُثت في وقت لاحق الشرطة وهي تقوم بتطهير ساحة مركزية بجانب المعسكر وتقيم حاجزا معدنيا أمامها.

وكانت الأوضاع أهدأ يوم الأربعاء. وتواجد مئات من أفراد الشرطة وسياراتها في الحرم الجامعي وانتشرت القوات حول الحرم. ولم يتضح عدد الاعتقالات أو عدد المصابين.

وروى الطالب دانيال هاريس (23 عاما) لوكالة فرانس برس “يجب على الجامعة أن تمنع المحتجين عن مهاجمة الأشخاص المسالمين” مضيفا أن المهاجمين “لا يبدو أنهم طلاب أو أشخاص لهم أي صلة بالجامعة”.

وبحسب تعداد لوكالة فرانس برس، نفذت الشرطة منذ 17 نيسان/أبريل عمليات توقيف في 30 حرما جامعيا على الأقل.

وانتشرت صور عناصر مكافحة الشغب في الجامعات، الذين تدخّلوا بناء على طلب إداراتها، في كل أنحاء العالم، ما ذكّر بأحداث مماثلة وقعت في الولايات المتحدة خلال حرب فيتنام، وذلك قبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر في بلد يشهد استقطابا سياسيا شديدا.

وكان التنفيذي لجامعة كاليفورنيا جين د. بلوك حذّر قبل الصدامات من أن متظاهرين بينهم “أفراد في الجامعة وآخرون غير منتسبين إلى حرمنا الجامعي” نصبوا خيما الأسبوع الماضي.

وأوضح في رسالة نشرت على موقع الجامعة الإلكتروني الثلاثاء أن “عددا من المتظاهرين (المؤيدين للفلسطينيين)، وكذلك من المحتجين (المؤيدين لإسرائيل) الذين أتوا إلى المكان، كانوا سلميين في نشاطهم”.

وأضاف “لكن تصرفات الآخرين كانت بصراحة صادمة ومعيبة. لقد شهدنا حالات عنف”.

وتابع “هذه الأحداث وضعت كثرا في حرمنا الجامعي، لا سيما طلابنا اليهود، في حالة من القلق والخوف”.

وأججت التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة الجدل المحتدم منذ تشرين الأول/أكتوبر بين حرية التعبير والاتهامات بمعاداة السامية.

ويعد هذا البلد أكبر مجموعة من اليهود في العالم بعد إسرائيل، وملايين الأميركيين العرب المسلمين.

احتجاجات تحولت الى عالمية

وفي فرنسا، أخرجت الشرطة المتظاهرين من مبنى معهد سيانس بو من دون حوادث.

وأوضحت شرطة باريس “أرسل قائد الشرطة قوات إنفاذ القانون لإخلاء سيانس بو… أُخرج 91 شخصا دون حوادث”.

وقال طالب يدعى هشام عرف عن نفسه بأنه ممثل لـ”لجنة فلسطين”، إن سلطات الجامعة أمهلت المجموعة 20 دقيقة للمغادرة قبل الإجلاء القسري إذ إن “الامتحانات ستجرى اعتبارا من الاثنين”.

وقال باستيان (22 عاما) لوكالة فرانس برس إنه أُخرج على أيدي شرطيين مع متظاهرين آخرين بشكل سلمي في مجموعات من 10 أشخاص، لكن لوكا، وهو متظاهر آخر قال “جُر البعض وأُمسك آخرون برؤوسهم أو أكتافهم”.

وبقي بعض الطلاب في نهاية الشارع المغلق بعد إخلاء المبنى وكانوا يهتفون “ما زلنا هنا، حتى لو كان سيانس بو لا يريدنا” و”يحيا نضال الشعب الفلسطيني”.

وخارج جامعة السوربون في وسط باريس، نظم أعضاء اتحاد الطلاب اليهود في فرنسا “طاولة حوار” الجمعة.

وقال رئيسه سامويل لوجوايو لإذاعة “جي”، “نريد أن نثبت أنه ليس صحيحا أنه لا يمكنك التحدث عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني (…) للقيام بذلك، علينا تحييد الأشخاص الذين يصفون الطلاب اليهود بأنهم متواطئون في الإبادة الجماعية”.

وخلال تجمع دعما للقضية الفلسطينية في البانثيون الجمعة في باريس شارك فيه شبان ونواب من اليسار الراديكالي، قال زعيم حزب “فرنسا الأبية” جان لوك ميلانشون “أنا أتحمل واجب الدفاع عن التزام الشباب النضالي ضد الإبادة الجماعية في غزة. أدعو كل من يستطيع الانضمام إليهم ودعمهم معنويا وماديا”.

كذلك، أخرجت الشرطة طلابا من معهد الدراسات السياسية في ليون، كما أبعدت عشرات الطلاب الذين كانوا يغلقون مدخل حرم جامعي في سانت إتيان، قرب ليون، لليوم الثاني على التوالي.

من جهتها، أكدت الحكومة الفرنسية الجمعة أن “الحزم كامل وسيبقى كاملا”، مع تدخل الشرطة لفضّ الاعتصام.

كذلك، احتلّ حوالى مئة طالب مؤيدين للفلسطينيين الخميس قاعة في ردهة مبنى تابع لجامعة لوزان، مطالبين بمقاطعة أكاديمية للمؤسسات الإسرائيلية ووقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، حسبما أفادت وكالة أنباء “كيستون-ايه تي اس”.

وقال المنظمون في بيان إنّ التحرّك “يتبع مثال التعبئة في الجامعات في كندا والولايات المتحدة وفرنسا”.

ويتكرر المشهد في دول أخرى منها المكسيك حيث نصب عشرات الطلاب والناشطين المؤيّدين للفلسطينيين في مكسيكو الخميس خياما أمام “جامعة المكسيك الوطنية المستقلّة”، كبرى جامعات البلاد احتجاجا على استمرار الحرب بين إسرائيل وحماس.

ووضع الطلاب فوق مخيّمهم الاحتجاجي أعلاماً فلسطينية وردّدوا شعارات بينها “عاشت فلسطين حرّة!”، و”من النهر إلى البحر، فلسطين ستنتصر!”.

ورفع المحتجّون مطالب عدّة بينها أن تقطع الحكومة المكسيكية العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل.

في أستراليا، تجمع مئات المتظاهرين منهم مؤيدون للفلسطينيين وآخرون مؤيدون لإسرائيل الجمعة في إحدى جامعات سيدني، وأطلق كل جانب شعارات. لكن الاحتجاج بقي سلميا رغم بعض الجدالات المتوترة.

ويخيم ناشطون مؤيدون للفلسطينيين منذ عشرة أيام قبالة جامعة سيدني.

والخميس، نظّم طلاب في جامعة النهرين في بغداد وقفة تضامنية مع قطاع غزة والاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في جامعات أميركية.

ورفع طلاب وأساتذة العلمين الفلسطيني والعراقي، ولافتات “فلسطين حرة”.

وقبل أيام، نظّم طلاب في جامعات لبنانية عدّة وقفات تضامنية مع الفلسطينيين. 

وتجمّع عشرات الطلاب داخل حرم الجامعة الأميركية العريقة في بيروت، هاتفين “انتفاضة، انتفاضة” ورافعين الأعلام الفلسطينية. ووضع عدد منهم كوفيات. وحمل بعضهم لافتة كتب عليها “إزالة الاحتلال تعني تأسيس دولة ديموقراطية واحدة من النهر إلى البحر”.

كما احتشد مئات المحتجين على الحرب الإسرائيلية في غزة أمام واحدة من أبرز الجامعات الأسترالية يوم الجمعة مطالبين إياها بسحب استثماراتها من الشركات التي تربطها علاقات بإسرائيل في احتجاجات مستوحاة من حراك طلابي يجتاح الجامعات الأمريكية.

واعتصم ناشطون مؤيدون للفلسطينيين الأسبوع الماضي خارج القاعة الرئيسية بجامعة سيدني، إحدى أكبر مؤسسات التعليم العالي في أستراليا.

وأعلن محتجون اعتصامات مماثلة في جامعات بملبورن وكانبيرا ومدن أسترالية أخرى.

وعلى عكس ما يحدث في الولايات المتحدة حيث تفض الشرطة اعتصامات مؤيدة للفلسطينيين بالقوة في عدد من الجامعات، اتسمت مواقع الاحتجاج في أستراليا بأجواء سلمية مع وجود الشرطة بأعداد ضئيلة.

واحتشد المتظاهرون يوم الجمعة لمطالبة جامعة سيدني بسحب استثماراتها من الشركات التي تربطها علاقات بإسرائيل، وهي المطالب نفسها التي يدعو إليها الطلاب في الولايات المتحدة وكندا وفرنسا.

وقال مات (39 عاما) وهو يقف وسط حشد من أكثر من 300 متظاهر ويحمل ابنه البالغ من العمر عامين على كتفيه إنه جاء ليظهر أن الغاضبين من أفعال إسرائيل في غزة ليسوا فقط من الطلاب.

وأضاف لرويترز رافضا ذكر اسمه الأخير "بمجرد أن تفهم ما يحدث، تقع على عاتقك مسؤولية محاولة المشاركة ورفع الوعي وإظهار التضامن".

وعلى بعد بضع مئات الأمتار من احتجاج جامعة سيدني، وفي وجود صفوف فاصلة من أفراد الأمن، تجمع المئات تحت العلمين الأسترالي والإسرائيلي واستمعوا إلى متحدثين يقولون إن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين جعلت الطلاب والموظفين اليهود يشعرون بعدم الأمان في الحرم الجامعي.

وقالت سارة وهي أكاديمية رفضت الكشف عن اسمها خوفا من التداعيات "لا يوجد مكان لأي شخص آخر، السير في الحرم الجامعي وهتاف ’الانتفاضة’ و’من النهر إلى البحر’ يترك أثرا، إنه أمر مخيف".

وذكر نائب مستشار جامعة سيدني مارك سكوت لوسائل إعلام محلية يوم الخميس أن الاعتصام المؤيد للفلسطينيين يمكن أن يبقى في الحرم الجامعي لعدم وقوع أعمال عنف به مثلما حدث في الولايات المتحدة.

وبينما وقفت عدة سيارات للشرطة عند مدخل الجامعة، لم يتواجد أي من رجال الشرطة في كلا الاحتجاجين.

أستراليا، وهي حليف مقرب لإسرائيل منذ فترة طويلة، باتت تنتقد على نحو متزايد سلوك حليفتها في غزة حيث قُتلت عاملة إغاثة أسترالية في هجوم إسرائيلي الشهر الماضي.

وقال متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين إن الحكومة لم تفعل ما يكفي للدفع من أجل السلام ورددوا هتافات ضد رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي وحكومته.

* المصدر: وكالات+رويترز+فرانس برس

اضف تعليق