منذ نحو عشرة أيام انطلقت الحركة الطالبية من جامعة كولومبيا المرموقة في نيويورك. واتّسع نطاقها إلى حرم جامعية عدة في الولايات المتحدة بعدما اعتقلت الشرطة الأميركية نحو مئة طالب بدأوا باحتلال مروج الجامعة غداة مداخلة لرئيستها في الكونغرس، دافعت فيها عن نفسها من اتهامات بمعاداة السامية....
تتصاعد موجة احتجاجات طلابية منذ أسبوعين في كبرى الجامعات الأميركية من كاليفورنيا غربا إلى الولايات الشمالية الشرقية، مرورا بالولايات الوسطى والجنوبية مثل تكساس وأريزونا، للاحتجاج على الحرب في غزة والمطالبة بقطع إداراتها روابطها بمانحين لإسرائيل أو شركات على ارتباط بها.
وأوقف خلال الاحتجاجات مئات الطلاب، فيما استُجوب آخرون وأساتذة وناشطون سجن بعضهم.
وانتشرت في أنحاء العالم صور لشرطة مكافحة الشغب أثناء تدخلها في حرم جامعات، بعدما استدعاها رؤساء هذه المؤسسات التعليمية، ما أعاد إلى الأذهان أحداثاً مماثلة في الولايات المتحدة خلال حرب فيتنام.
وقال مفوض حقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك يوم الثلاثاء إنه "منزعج" إزاء الإجراءات القاسية التي تتخذها قوات الأمن الأمريكية خلال محاولات تفريق احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في جامعات أمريكية.
وقال تورك في بيان أرسل إلى الصحفيين، وتحدث فيه عن اعتقال طلاب ومعاقبتهم "يزعجني أن بعض إجراءات إنفاذ القانون في عدد من الجامعات تبدو غير متناسبة".
وأضاف "يجب أن يكون واضحا أن الممارسات المشروعة لحرية التعبير لا يمكن الخلط بينها وبين التحريض على العنف والكراهية".
بدورها داهمت شرطة مدينة نيويورك جامعة كولومبيا في وقت متأخر من مساء يوم الثلاثاء حيث ألقت القبض على عشرات المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين الذين سيطر بعضهم على مقر أكاديمي وفككت مخيم احتجاج أقيم منذ نحو أسبوعين.
وبعد وقت قصير من تحرك الشرطة، أصدرت رئيسة الجامعة نعمت مينوش شفيق رسالة طلبت فيها من الشرطة البقاء في الحرم الجامعي حتى 17 مايو أيار على الأقل، أي بعد التخرج بيومين، وذلك “للحفاظ على النظام وضمان عدم إعادة نصب مخيمات” الاحتجاج.
وقال متحدث باسم الشرطة إن القوات أخلت الحرم الجامعي من المحتجين في غضون ثلاث ساعات وألقت القبض على “عشرات”.
وأظهرت لقطات تلفزيونية مباشرة أفراد شرطة يرتدون خوذات وهم يدخلون الحرم الجامعي في منطقة مانهاتن والذي شكل النقطة المحورية لاحتجاجات طلابية امتدت إلى عشرات الجامعات بأنحاء الولايات المتحدة في الأيام القليلة الماضية للتعبير عن معارضة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وصاح أفراد شرطة “سنزيل ذلك”.
وبعد ذلك بفترة وجيزة اتجه صف طويل منهم نحو مدخل مبنى هاميلتون هول الذي اقتحمه المتظاهرون وسيطروا عليه في الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء. ودخل أفراد الشرطة المبنى عبر نافذة في الطابق الثاني مستخدمين سيارة مجهزة بسلم.
وهتف طلاب يقفون خارج القاعة “عار..عار!” منددين بتحرك الشرطة.
وشوهد أفراد الشرطة وهم يقتادون عشرات المعتقلين إلى حافلة وأيديهم مكبلة خلف ظهورهم وأضواء سيارات الشرطة تضيء المشهد.
وهتف المتظاهرون خارج المبنى “فلسطين حرة..حرة..حرة”. وصاح آخرون “افرجوا عن الطلاب”.
وقالت سويدا بولات وهي واحدة من الطلاب الذين شاركوا في المفاوضات ممثلة لتحالف مجموعات من الطلبة نظم الاحتجاجات “ستكون (جامعة) كولومبيا فخورة بهؤلاء الطلاب في غضون خمس سنوات”.
وأضافت أن الطلاب لا يشكلون خطرا على أحد ودعت الشرطة إلى التراجع بينما صاح أفراد من الشرطة في وجهها هي وآخرين يأمرونهم بالتراجع أو مغادرة الحرم.
وأكدت وسائل الإعلام الأميركية في وقت لاحق أن الشرطة أخرجت جميع المتظاهرين من حرم الجامعة العريقة.
وكتبت رئيسة الجامعة مينوش شفيق في رسالة نُشرت ليل الثلاثاء تطلب فيها من شرطة نيويورك التدخل لفضّ اعتصام الطلاب وتفكيك خيامهم وإجلائهم من المبنى الذي احتلوه، أنّ “أحداث الليلة الماضية في الحرم الجامعي لم تترك لنا أيّ خيار”.
وتواجه الجامعة الخاصة الواقعة في منطقة مانهاتن على غرار العديد من الجامعات الأخرى تظاهرات يقتصر بعضها على عشرات الطلاب، تأييدا للفلسطينيين وضد الحرب في قطاع غزة.
وتحصن عشرات المحتجين ليل الإثنين الثلاثاء في مبنى “هاميلتون هول” الذي أطلقت عليه مجموعة “كولومبيا يونيفرسيتي أبارتهايد دايفست”، وهي مجموعة طلابية مناهضة للفصل العنصري، اسم “هند هول” باسم طفلة فلسطينية في السادسة من العمر قضت في الحرب في غزة.
ونددت المجموعة على إنستغرام بـ”اجتياح” للحرم الجامعي.
وكانت رئاسة جامعة كولومبيا باشرت الإثنين بـ”تعليق” إداري للطلاب الذين يرفضون إخلاء خيمهم.
من جهتها، أعلنت شرطة لوس أنجليس على منصة إكس أنه “بناء على طلب من جامعة كاليفورنيا، وبسبب أعمال العنف التي ارتكبت داخل الحرم الجامعي، تدخلت شرطة لوس أنجليس لتقديم الدعم لشرطة الجامعة واستعادة النظام”.
وأفادت شبكة “سي إن إن” أن الصدامات بدأت فجرا بين مجموعات مؤيدة للفلسطينيين ومحتجين مؤيدين لإسرائيل.
وأظهرت مشاهد تلفزيونية متظاهرين متعارضين يشتبكون بالعصي ويحطمون حواجز معدنية، فيما آخرون يتراشقون بالمفرقعات.
وكان مستشار جامعة كاليفورنيا جين د. بلوك حذّر قبل الصدامات من أن متظاهرين بينهم “أفراد في الجامعة وآخرون غير منتسبين إلى حرمنا الجامعي” أقاموا مخيّما الأسبوع الماضي.
وأوضح في رسالة نشرت على موقع الجامعة الإلكتروني الثلاثاء أن “عددا من المتظاهرين (المؤيدين للفلسطينيين)، وكذلك من المحتجين (المؤيدين لإسرائيل) الذين أتوا إلى المكان، كانوا سلميين في نشاطهم”.
وأضاف “لكن تصرفات الآخرين كانت بصراحة صادمة ومعيبة. لقد شهدنا حالات عنف”.
وتابع “هذه الأحداث وضعت كثرا في حرمنا الجامعي، لا سيما طلابنا اليهود، في حالة من القلق والخوف”.
في المقابل، أعلنت جامعة مرموقة أخرى هي جامعة براون في بروفيدنس بولاية رود آيلاند (شمال شرق) التوصل إلى اتفاق مع الطلاب، يقضي بتفكيك مخيمهم الاحتجاجي مقابل تنظيم الجامعة عملية تصويت حول “سحب استثمارات براون من شركات تسهّل وتستفيد من الإبادة الجماعية في غزة”.
ويمثّل هذا الاتفاق أول تنازل كبير من جانب إدارة جامعة أميركية مرموقة إزاء الحركة الطلابية الاحتجاجية.
وانتشرت صور عناصر مكافحة الشغب في الجامعات، الذين تدخّلوا بناء على طلب إداراتها، في كل أنحاء العالم، ما ذكّر بأحداث مماثلة وقعت في الولايات المتحدة خلال حرب فيتنام.
وأججت التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة الجدل المحتدم منذ تشرين الأول/أكتوبر بين حرية التعبير والاتهامات بمعاداة السامية.
ويعد هذا البلد أكبر مجموعة من اليهود في العالم بعد إسرائيل، وملايين الأميركيين العرب المسلمين.
وقبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر في بلد يشهد استقطابا سياسيا شديدا، أثارت الاحتجاجات الطلابية ردود فعل شديدة في الأوساط السياسية.
وصرح الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب المرشح للعودة إلى البيت الأبيض أن على الرئيس الديموقراطي جو بايدن “القيام بشيء ما” ضد “المشاغبن المأجورين”، وأضاف في مداخلة مساء الثلاثاء عبر شبكة فوكس نيوز “يجب وضع حد لمعاداة السامية التي تنتشر اليوم في بلادنا”.
وكتب رئيس الجمهوريين في مجلس النواب مايك جونسون الذي يطالب منذ فترة طويلة برحيل مينوش شفيق، على منصة إكس في المساء “فيما تعم الفوضى جامعة كولومبيا، الرئيس بايدن غائب لأنه يخشى معالجة المسألة”.
وانتقد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي الاعتصام في “هاميلتون هول” وقال قبل تدخل الشرطة إن “احتلال مبنى جامعي بالقوة هو مقاربة سيئة تماما” مضيفا “هذا ليس نموذجا لاحتجاج سلمي”.
ويطالب المتظاهرون بأن تقطع جامعاتهم روابطها بمانحين لإسرائيل أو شركات على ارتباط بها، وهو ما ترفضه جامعة كولومبيا.
الاستسلام للضغوط الخارجية
وقالت المجموعة الطلابية Columbia University Apartheid Divest في بيان إن طلابا من جامعة كولومبيا “سيطروا على هاميلتون هول بعيد منتصف الليل” وأطلقوا عليه اسم “مبنى هند” تكريما لفتاة في السادسة من العمر تدعى هند قتلت خلال حرب غزة.
وأضافت المجموعة ان “السيطرة على مبنى هي مجازفة صغيرة مقارنة بالمقاومة اليومية للفلسطينيبن في غزة”.
وقال بن تشانغ، نائب الرئيس المكلف التواصل في جامعة كولومبيا، للصحافيين “لقد بدأنا في وقف طلاب عن الدراسة في إطار خطوة جديدة لضمان سلامة الحرم الجامعي”.
وتعهد الطلاب حينذاك بالدفاع عن خيامهم المنصوبة في الحديقة الرئيسية للحرم الجامعي في نيويورك، على الرغم من تهديد الكلية بفصلهم. ودعوا فوراً إلى تظاهرة تلاها مؤتمر صحافي “لحماية المخيم”.
وقالت إحدى قيادات الحركة الطلابية سويدا بولات من على منصة “لن يتم طردنا إلا بالقوة”.
ومع انتهاء مهلة الإنذار سار عشرات الشباب مرتدين كمّامات تغطي وجوههم حول الحرم الجامعي وصفقوا بأيديهم وهتفوا “فلسطين حرة” حسبما أفادت مراسلة وكالة فرانس برس، مؤكدةً أن نحو خمسين شخصاً بقوا في المخيم.
وكانت جامعة كولومبيا أكدت الجمعة انها لن تطلب من شرطة نيويورك الحضور لاخلاء الخيم.
لكن الأستاذ في جامعة كولومبيا جوزيف هولي رأى أن بيان الجامعة يرقى إلى “الاستسلام للضغوط السياسية الخارجية”. وقال لفرانس برس إن إدارة المؤسسة تختار الانطلاق من “افتراض بأن مجرد وجود خطاب سياسي باسم فلسطين يشكل تهديداً لليهود مثلي”، وهو أمر “سخيف وخطير”.
منذ نحو عشرة أيام انطلقت الحركة الطالبية من جامعة كولومبيا المرموقة في نيويورك. واتّسع نطاقها إلى حرم جامعية عدة في الولايات المتحدة بعدما اعتقلت الشرطة الأميركية نحو مئة طالب بدأوا باحتلال مروج الجامعة غداة مداخلة لرئيستها في الكونغرس، دافعت فيها عن نفسها من اتهامات بمعاداة السامية.
ومنذ ذلك الحين، أوقف مئات الأشخاص من طلاب وأساتذة وناشطين لفترة وجيزة، واحتجز بعضهم ورُفعت شكاوى قضائية ضدهم في جامعات عدة في مختلف أنحاء البلاد.
أساليب تخويف مثيرة للاشمئزاز
وقالت رئيسة الجامعة نعمت مينوش شفيق إن المحادثات التي استمرت أياما بين الطلاب المنظمين للاحتجاج والقادة الأكاديميين لم تفلح في إقناع المتظاهرين بإزالة عشرات الخيام التي نصبوها للتعبير عن معارضتهم للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وتأتي الحملة بجامعة كولومبيا، وهي محور الاحتجاجات على حرب غزة التي تعصف بحُرم جامعية في أنحاء متفرقة من الولايات المتحدة خلال الأسابيع الأخيرة، في الوقت الذي ألقت فيه الشرطة القبض على عشرات الطلاب بجامعة تكساس في أوستن خلال مسيرة مؤيدة للفلسطينيين.
وبعثت جامعة كولومبيا برسالة للمحتجين صباح يوم الاثنين، حذرت فيها بفصل الطلاب الذين سيرفضون مغادرة الخيام والتوقيع على نموذج يقر بمشاركتهم في الاحتجاج، وقالت إنهم لن يكون بمقدورهم إكمال الفصل الدراسي في وضع جيد.
وقال المتحدث باسم الجامعة بن تشانج في إفادة مساء الاثنين "بدأنا في وقف الطلاب في إطار المرحلة الثانية من جهودنا هذه لضمان السلامة في حرم (جامعتنا)".
وقال تشانغ "لقد خلق المعسكر بيئة غير ترحيبية للعديد من طلابنا وأعضاء هيئة التدريس اليهود لدينا، كما خلق إلهاء صاخبا يتعارض مع التدريس والتعلم والتحضير للامتحانات النهائية".
وقالت رئيسة الجامعة في بيان إن جامعة كولومبيا لن تسحب استثماراتها في الأصول التي تدعم الجيش الإسرائيلي، وهو مطلب رئيسي للمحتجين، لكنها عرضت الاستثمار في الصحة والتعليم في غزة وتحسين الشفافية بخصوص الممتلكات الاستثمارية المباشرة التابعة للجامعة.
وقال تحالف (نزع الفصل العنصري بجامعة كولومبيا) في بيان مشترك تُلي في مؤتمر صحفي عقب انتهاء المهلة "أساليب التخويف المثيرة للاشمئزاز هذه لا تعني شيئا مقارنة بمقتل أكثر من 34 ألف فلسطيني. لن نتحرك حتى تلبي كولومبيا مطالبنا أو يحركونا بالقوة".
وسار مئات المتظاهرين مرتدين الكوفية الفلسطينية في حلقات حول المخيم وهم يرددون مطالبهم.
وانتقد عدد كبير من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس ومراقبين من خارج الجامعة نعمت بسبب استدعائها شرطة نيويورك قبل أسبوعين لإنهاء الاعتصام، وهو ما أدى إلى اعتقال أكثر من 100 شخص.
وتسببت الجهود المبذولة لفض الاعتصام، الذي أقامه الطلاب مجددا في غضون أيام من تحرك الشرطة في 18 أبريل نيسان، في تنظيم عشرات الاحتجاجات المماثلة في جامعات من كاليفورنيا إلى نيو انجلاند.
وأثارت المسيرات المؤيدة للفلسطينيين جدلا حادا في الحرم الجامعي بشأن المرحلة التي يجب فيها على مسؤولي الجامعات تحديد فاصل بين حرية التعبير وخطاب الكراهية.
وقال الطلاب المحتجون على الهجوم العسكري الإسرائيلي في غزة، ومن بينهم بعض نشطاء السلام اليهود، إنهم يتعرضون للانتقاد باعتبارهم معادين للسامية لمجرد انتقادهم الحكومة الإسرائيلية أو التعبير عن دعمهم للحقوق الفلسطينية.
وقال نيكولاس فينك، طالب التاريخ في جامعة كولومبيا والذي لم يشارك في الاحتجاجات "الحركة في حد ذاتها ليست معادية للسامية".
وكان فينك بين بضع عشرات من الطلاب اليهود الذين التقوا على انفراد مع رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون خلال زيارة للحرم الجامعي قام بها أعضاء جمهوريون في الكونجرس الأسبوع الماضي. وزعم جونسون وغيره من الجمهوريين في الكونجرس أن جامعة كولومبيا والجامعات الأخرى غضت الطرف عن العداء والمضايقات المعادية للسامية في الحرم الجامعي.
وانتقدت جماعات حقوقية عنف الشرطة في الحُرم الجامعية مثل جامعة إيموري في أتلانتا وجامعة تكساس في أوستن، حيث تحركت قوات الشرطة ضد المتظاهرين الأسبوع الماضي واحتجزت العشرات قبل إسقاط التهم الموجهة إليهم لعدم وجود أدلة.
وحاولت شرطة الحرم الجامعي، مدعومة بقوات ولاية تكساس، تفريق احتجاج طلابي كبير باستخدام رذاذ الفلفل والقنابل الكهربية، وألقت القبض على 43 شخصا على الأقل، وفقا لمحامي الدفاع جورج لوب، الذي قال إنه أكد العدد مع موظفي المحكمة وموظفي السجن.
وقالت جامعة فرجينيا للتكنولوجيا يوم الاثنين إن السلطات ألقت القبض على 91 متظاهرا من مخيم طلابي بتهمة التعدي على ممتلكات الغير.
فرض رقابة على خطاب سياسي
وانتشرت في أنحاء العالم صور لشرطة مكافحة الشغب أثناء تدخلها في حرم جامعات، بعدما استدعاها رؤساء هذه المؤسسات التعليمية، ما أعاد إلى الأذهان أحداثاً مماثلة في الولايات المتحدة خلال حرب فيتنام.
وشكلت الاحتجاجات ضد حرب غزة التي أسفرت عن سقوط عدد كبير من القتلى المدنيين الفلسطينيين، تحدياً لرؤساء الجامعات الأميركية الذين يحاولون الموازنة بين الحق في حرية التعبير وشكاوى من أن التظاهرات انحرفت نحو معاداة السامية والتهديد بالعنف.
وأدت التظاهرات إلى تصاعد حدة النقاش حول حرية التعبير، ومعاداة الصهيونية، وما هي معاداة السامية.
ويتّهم جزء من المجتمع الأميركي الجامعات الأميركيّة بعدم بذل جهود كافية لمكافحة معاداة السامية ما أدّى إلى استقالة رئيستَي جامعة هارفرد وجامعة بنسلفانيا هذا الشتاء.
ومن جهة، يتهم طلاب وأساتذة جامعاتهم بالسعي إلى فرض رقابة على خطاب سياسي، وتؤكد شخصيات عدة من جهة أخرى وبينها أعضاء في الكونغرس، أن الناشطين يؤججون معاداة السامية.
وأكدت جامعة كولومبيا أنّ العديد من الطلاب اليهود غادروا حرمها الجامعي.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أوقف أكثر من 350 شخصا في عدة جامعات في مختلف أنحاء البلاد وتم تفكيك خيم في جامعة في بوسطن.
في جامعة تكساس في أوستن، تم أيضًا تفكيك مخيم وتوقيف عدد من الأشخاص. واستخدمت الشرطة الاثنين رذاذ الفلفل ضد متظاهرين. وقال حاكم تكساس المحافظ غريغ أبوت على وسائل التواصل الاجتماعي “لن يُسمح بإقامة أي مخيمات”.
وقال المحامي بول كوينزي الذي يدافع عن أشخاص أوقفوا في أوستن لوكالة فرانس برس إنه يقدر أن “عدد الاعتقالات بلغ 80 حالة”، مشيرا الى أن عمليات التوقيف “ما زالت مستمرة”.
في جامعة فرجينيا كومنولث (VCU) في ريتشموند (شمال شرق) أيضا أخرجت الشرطة متظاهرين بحسب صور بثتها محطات تلفزة محلية. واتهم الطلاب الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع لإجبارهم على المغادرة.
وأعلنت الإدارة على شبكة اكس انها اعطت عدة مرات للمتظاهرين “وبينهم كثيرون ليسوا طلبة” الفرصة للمغادرة “والذين لم يفعلوا تم توقيفهم لانهم ارتكبوا مخالفة”.
جامعة السوربون دعما لغزة
وفي سياق متصل قال طلاب في جامعة السوربون بباريس إن الشرطة تدخلت لتفريق عشرات المتظاهرين الذين نصبوا خياما في باحة الجامعة يوم الاثنين احتجاجا على الحرب في غزة.
جاءت المظاهرة بعد ثلاثة أيام من الاحتجاجات في جامعة العلوم السياسية المرموقة في باريس، وفي أعقاب مسيرات في جامعات بأنحاء الولايات المتحدة احتجاجا على الصراع في غزة.
وقال طالب في جامعة السوربون يدعى لويس مازير "نصبنا الخيام... مثلما حدث في العديد من الجامعات الأمريكية... ونبذل ما في وسعنا كي نرفع مستوى الوعي بشأن ما يحدث في فلسطين والإبادة الجماعية المستمرة في غزة".
وأضاف "ثم جاءت الشرطة مسرعة وأسقطت الخيام وأمسكت بالطلاب من ياقاتهم وجرتهم على الأرض، هذا ليس مقبولا ... لقد صُدمنا تماما".
وقال زميله لو "ما نسعى له هو إحلال السلام وهم يردون بالقوة والعنف".
وعرض تلفزيون بي.إف.إم لقطات للشرطة وهي تسحب اثنين من الطلاب إلى الخارج.
وأكد مصدر في الشرطة أنهم تدخلوا لإخلاء باحة جامعة السوربون.
وقال المصدر "استغرقت عملية (الإخلاء) بضع دقائق فقط وجرت بسلام دون وقوع أي مشكلة"، وأحجم عن الرد على أسئلة حول الطريقة التي اتُبعت لإخراج الطلاب.
وأغلقت السوربون، وهي إحدى أقدم الجامعات في العالم، مبانيها طوال اليوم خلال الاحتجاجات السلمية. وهتف الطلاب "فلسطين حرة" في مسعى لحث الجامعة على إدانة إسرائيل.
ودعا العديد من السياسيين الفرنسيين، منهم ماتيلد بانو رئيسة الكتلة النيابية لحزب ‘فرنسا الأبية‘ (أقصى اليسار) في الجمعية الوطنية، أنصارهم للانضمام إلى احتجاجات السوربون على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي باحة الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت أيضاً، تجمّع عشرات الطلاب رافعين الأعلام الفلسطينية وأحرقوا علماً إسرائيلياً.
وقالت لارا قاسم (18 عاماً) لفرانس برس “نريد أن نوصل رسالة لأهلنا في غزة أننا معهم. بعد مئتي يوم من الحرب، لم ننسهم”.
وأضافت “نحن القوى الطلابية في لبنان والعالم كله، نتحرك.. للمطالبة بوقف الإبادة الجماعية بحق أهلنا في غزة”.
اضف تعليق