q

يظهر المشهد الحربي الراهن في سوريا حاجتها إلى حلفائها أكثر من اي وقت مضى ولاسيما إيران الحليف العسكري والمالي الإقليمي الأبرز لدمشق، وبات تصاعد التنسيق والتعاون المشترك بينهما ضروريا ومهما في مختلف المجالات ومنها الاقتصادية والعسكرية بسبب حساسية المرحلة التي تمر بها سوريا حالياً.

حيث شكلت التطورات الحربية في سوريا خلال الآونة الأخيرة، ضغوطات كبيرة على الرئيس السوري بشار الأسد، جعلته بحاجة إلى أصدقائه أكثر من أي وقت مضى، فقد بات أكثر من نصف الأراضي السورية خارجة عن سيطرته، لكن سرعان ما تدفق الآلاف من المقاتلين العراقيين والإيرانيين في الآونة الأخيرة على سوريا للدفاع عن دمشق وضواحيها بدرجة أولى، بعد إعلان الجماعات الإرهابية في سوريا المدعومة من بعض الدول الإقليمية أن العاصمة تشكل هدفهم المقبل، وفق ما أعلن مصدر أمني سوري، لذا تمثل هذه الفترة واحدة من أصعب الفترات بالنسبة للأسد منذ السنة الأولى أو الثانية للصراع في سوريا قبل خمس سنوات تقريبا.

ويرى بعض المحللين أن احتمال سقوط النظام السوري سيشكل عامل ضغط جديد على إيران من أجل تغير موازين القوى في الشرق الاوسط، وإجبار الجمهورية الإسلامية على الرضوخ لقرارات جديدة تدعوها إلى التخلي عن بعض حلفائها الأقوياء الذين يشكلون خطرا مباشرا على امن وسياسة إسرائيل، فيما يرى محللون آخرون ان إيران تخوض أكثر من معركة وباتجاهات مختلفة، فلا يبدو أن الانتكاسات فرضت تغييرا في الإستراتيجية من جانب الأسد أو أهم حلفائه إيران وروسيا.

في حين يرى اغلب المحللين بأن هناك دوافع عديدة لتمسك ايران بسوريا ابرزها حاجة ايران لحليف في الشرق الأوسط بعد تمدد الجماعات الارهابية وخاصة داعش، إذ تشكل سوريا خط الدفاع الأمامي لإيران بعد العراق في منطقة الشرق الاوسط.

وتعد سوريا حليفاً عسكرياً لها، لأنها تدرك بأن هنالك أجندة غربية تهدف الى ضرب مصالحها في المنطقة من خلال إقصاء حلفائها عن مركز القرار، وهذا ما أكده الرئيس الايراني حسن روحاني عندما قال ان ما يحصل في سوريا هو جزء من مخطط غربي لتغيير العالم العربي بشكل يتلاءم مع مصالح اسرائيل.

وعليه كما يبدو أن ايران لم ولن تغير موقفها تجاه سوريا، على الرغم من المحاولات والجهود الحثيثة لبعض الدول الإقليمية لتغير مسار العلاقات الإيرانية- السورية من خلال دعم الجماعات الإرهابية لتغيير موازين الصراع السوري.

آلاف المقاتلين العراقيين والإيرانيين في سوريا

في سياق متصل وصل نحو 7 آلاف مقاتل عراقي وإيراني إلى سوريا للدفاع عن العاصمة دمشق التي أعلن مقاتلون جهاديون أنها باتت هدفهم المقبل، بحسب مصدر أمني سوري، ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية تصريحا لقائد فیلق القدس اللواء سلیماني جاء فيه أن "العالم سيفاجئ بما نعد له نحن والقادة العسكريون السوريون حاليا". بحسب فرانس برس.

وقال المصدر "وصل نحو سبعة آلاف مقاتل إيراني وعراقي إلى سوريا وهدفهم الأول هو الدفاع عن العاصمة"، موضحا أن "العدد الأكبر منهم من العراقيين"، وأوضح المصدر الذي رفض الكشف عن هويته أن "الهدف هو الوصول إلى 10 آلاف مقاتل لمؤازرة الجيش السوري والمسلحين الموالين له في دمشق أولا، وفي مرحلة ثانية استعادة السيطرة على مدينة جسر الشغور التي تفتح الطريق إلى المدن الساحلية ومنطقة حماة في وسط البلاد"، وخسرت قوات النظام في 25 نيسان/أبريل سيطرتها على مدينة جسر الشغور الإستراتيجية في محافظة إدلب في شمال غرب البلاد، بعد اشتباكات عنيفة خاضتها ضد فصائل ما يعرف بجيش الفتح الذي يضم جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) وفصائل إسلامية.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" تصريحا لقائد فیلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سلیماني جاء فيه "سيفاجئ العالم بما نعد له نحن والقادة العسكريون السوريون حاليا".

وأوضح مصدر سياسي قريب من دمشق أن المسؤولين السوريين وبعد سلسلة الخسائر التي مني بها النظام في الأسابيع الأخيرة بمواجهة الجهاديين وفصائل المعارضة المسلحة، دعوا حلفاءهم إلى ترجمة دعمهم بأفعال ويأتي هذا النداء في وقت تكثف الفصائل المقاتلة شن هجمات ضد النظام على جبهات عدة.

وقال مسؤولون عسكريون سوريون إن عشرات الآلاف من مقاتلي المعارضة، بعد توافق السعودية وقطر وتركيا الجهات الإقليمية الثلاث المناوئة لنظام الرئيس بشار الأسد، يشنون اليوم سويا هجمات كثيفة ضد مواقع الجيش. وأعلن أمير جبهة النصرة أبو محمد الجولاني أن مهمة مقاتليه في سوريا هي "إسقاط النظام ورموزه وحلفائه".

وبحسب مصدر دبلوماسي في دمشق، انتقد الإيرانيون فشل الهجوم الأخير الذي شنته قوات النظام بهدف قطع خطوط إمداد فصائل المعارضة في مدينة حلب (شمال) في شهر شباط/فبراير. وأصر الإيرانيون الذين عارضوا العملية بسبب سوء الإعداد لها وفق المصدر، على أن يغير السوريون إستراتيجيتهم، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه من الأفضل السيطرة على مساحة أقل من الأراضي شرط السيطرة عليها جيدا.

الحسابات الخاطئة

من جهته اعلن الرئيس الايراني حسن روحاني ان "بعض دول" المنطقة التي تدعم المعارضة السورية "ترتكب اخطاء في حساباتها" مؤكدا في الوقت ذاته ان طهران "ستقف الى النهاية الى جانب الحكومة والشعب" في سوريا، بحسب وكالة الانباء الرسمية، واضاف روحاني خلال لقائه رئيس مجلس الشعب السوري محمد جهاد اللحام "من المؤسف ان بعض دول المنطقة ترتكب اخطاء في حساباتها وتتصور ان العناصر الارهابية اداة بأيديها على الدوام لتمرير اهدافها في حين ان الارهاب سينقلب عليها عاجلا ام اجلا".

ونقلت الوكالة عن روحاني قوله انه "اليوم، وبعد 4 سنوات من الصمود والمقاومة فان احلام ومخططات اعداء سوريا باءت بالفشل وتبددت بعدما كانوا يتصورون انهم قادرون على احتلال دمشق في غضون اشهر"، واكد ان ايران "ستقف الى النهاية الى جانب الحكومة والشعب" في سوريا حيث اوقع النزاع الذي بدا منتصف اذار/مارس 2011 حوالى 220 الف قتيل. بحسب فرانس برس.

وراى ان "الشعب السوري يعاني من حرب مفروضة من قبل بعض الدول والجماعات الارهابية، لكن هذا الشعب قادر على التصدي لجميع المؤامرات والمخططات عندما يريد ذلك"، وفي وقت لاحق، التقى اللحام رئيس مجلس الامن القومي الاعلى الاميرال علي شمخاني الذي قال ان سوريا "في الخط الامامي للدفاع عن الاراضي الاسلامية امام الكيان الصهيوني وموجة الارهاب التكفيرية"، بحسب المصدر، وتابع "لذلك، فإن اضعاف سوريا سيؤدي الى اثارة الكثير من الازمات والمشاكل في المنطقة" ووصف "الارهاب بانه سيف ذو حدين سيرتد على حامليه"، وتتزامن زيارة اللحام التي بدات مع اجتماع للائتلاف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية في باريس لمناقشة استراتيجية وقف تقدم الجهاديين في العراق وسوريا رغم الضربات الجوية.

ايران تعزز دعمها العسكري لسوريا

في وقت لاحق حذر الرئيس الايراني حسن روحاني من مخطط غربي لتغيير العالم العربي بشكل يتلاءم مع مصالح اسرائيل، واعتبر ان النزاع في سوريا جزء من هذه الخطة، وجاءت تصريحات روحاني الذي يعد معتدلا في الجمهورية الاسلامية، في اجتماع مع قادة في الحرس الثوري تركز على النزاع في سوريا الحليف الرئيسي لايران في المنطقة. بحسب فرانس برس.

وقال ان الثورات في سوريا وليبيا وتونس ومصر واليمن والبحرين، اضافة الى عدم الاستقرار الناجم عنها "سلسلة في مخطط واحد بهدف واحد" بحسب التلفزيون الحكومي، والهدف هو "تأمين مصلحة اسرائيل وتعزيز قوتها" مع اضعاف الجبهات المعادية للغرب ولاسرائيل حيث تدعم ايران وسوريا حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية.

على صعيد ذي صلة تقول مصادر مطلعة على التحركات العسكرية إنه مع اقتراب الحرب السورية من بداية عامها الرابع صعدت ايران دعمها على الارض للرئيس بشار الاسد وزودت سوريا بفرق خاصة لجمع المعلومات وتدريب القوات.

وبحسب فرانس برس فان ايران الشيعية وحتى الآن أنفقت مليارات الدولارات على دعم الاسد في الحرب التي تحولت إلى حرب طائفية بالوكالة مع دول عربية سنية. ورغم أنه ليس جديدا وجود عسكريين ايرانيين في سوريا فإن كثيرا من الخبراء يعتقدون أن ايران أرسلت في الشهور الأخيرة مزيدا من الخبراء لتمكين الأسد من التفوق على خصومه في الداخل والخارج.

اضف تعليق