q

 قدم مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجة في يوم السبت الموافق 14/2/2015 في ملتقى النبأ الاسبوعي ورقة تحت عنوان "الدعم العسكري الغربي لإقليم كردستان لمواجهة داعش، المظاهر والدلالات"، أدار الملتقى وقدم له الباحث في مركز الفرات الأستاذ باسم عبدعون الحسناوي الذي طرح ورقته البحثية متناولاً فيها أهم الوقائع التي برزت اثر ظهور ودخول داعش في العراق. وبعد ان رحب مدير المركز الدكتور خالد العردواي بالحاضرين ابتدأ الحسناوي في قراءة ورقته البحثية والتي استهلها في الحديث عن أحداث 9 حزيران 2014 التي تمثلت بسقوط مدينة الموصل وغيرها من المدن العراقية بيد تنظيم داعش الإرهابي ومن ثم زحفه باتجاه العاصمة بغداد والذي أكد ان بعد تلك الإحداث اتضح للجميع ثلاث صور لواقعها المريرة في تأريخ العراق المعاصر وهي:-

1- تحرك عسكري ذو طابع طائفي يسعى للتخلص من الحكومة المركزية برئاسة رئيس الوزراء السابق السيد المالكي استند في مسعاه هذا إلى التنظيمات التكفيرية المسلحة جنبا الى جنب مع بقايا تنظيمات الأجهزة الصدامية المنحلة.

2- مستهدف شيعي حلل واستقرأ تلك الإحداث ووضعها في خانة الانقلاب العسكري المدعوم عربياً ودولياً وغير المعلن على نظام حكم يستمد شرعيته من الدستور فهي ليست أكثر من انقلاب للسيطرة على مقاليد الحكم في بغداد.

3- مستفيد كردي من هذه الأحداث خصوصا بعد أن فقدت الحكومة المركزية سيطرتها على كركوك واستحواذ الأكراد عليها وعلى الأسلحة التي تركها الجيش العراقي في المناطق القريبة من الإقليم وفي كركوك وسيطرته على المناطق المتنازع عليها.

وتابع الحسناوي "بعد ما يزيد على اسبوع من تلك الأحداث المتسارعة تغيرت مجرياتها وبدأت تتضح صور أخرى تختلف عن الصورة الاولى واهمها هي:

1- تجلي واتضاح قيادة تنظيم داعش وأفول التنظيمات الأخرى التي قدمت نفسها في بادئ الأمر كحراك ثوري يسعى لإرجاع الحقوق من بغداد في المناطق التي خرجت عن سيطرة الحكومة المركزية وتعثر وصوله إلى بغداد.

2- المستهدف الشيعي أعاد تنظيم خطوطه الدفاعية بعد صدور فتوى الجهاد التي اجمع عليها فقهاء ومراجع الشيعة مدينة النجف الاشرف ومدينة قم المقدسة.

3- الأكراد او إقليم كردستان تحول من طرف مستفيد إلى طرف خاسر في الجولة الثانية بعد وصول تنظيم داعش إلى حدود اربيل وتهديده إلى أراضيه. وأضاف باسم، إن تلك الأحداث شكلت مدخلا وتبريرا لتدخلات إقليمية ودولية كثيرة في العراق تحت تبريرا محاربة تنظيم داعش، ما يهمنا هنا هو التدخل الدولي لحماية إقليم كردستان، والذي تميز بسرعة الدعم العسكري من قبل الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً والغرب عموماً وتشكيل التحالف الدولي ضد هذا التنظيم وإقامة جسر جوي لنقل الأسلحة والمعدات القتالية وغيرها لإقليم كردستان وفي المقابل لم تستلم القوات العراقية المركزية اي دعم عسكري من قوات التحالف الدولي إلا ماندر.

فضلا عن وجود ما يقرب من 1000 مستشار عسكري غربي في إقليم كردستان العراق، كما ان الولايات المتحدة الأميركية وحكومة الإقليم يسيران حاليا في وضع اللمسات الأخيرة لإقامة قاعدة عسكرية أمريكية في أربيل ودون موافقة الحكومة المركزية في بغداد.

بعد إكمال الأستاذ الحسناوي من قرأت ورقته البحثية طرح ثلاث تساؤلات للضيوف الحضور من باحثين وأكاديميين وناشطين من منظمات المجتمع المدني ليفتح الحديث والحوار حولها وهي:-

التساؤل الأول: هل إقليم كردستان كان ولازال بحاجة للدعم والمساندة العسكرية الدولية وهل فعلا أراضيه مهددة من قبل تنظيم داعش؟

الأستاذ علي الطالقاني مدير إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام تطرق في مداخلته الى الحكم الذاتي الذي يتمتع به اقليم كردستان منذ سنوات واستطاعوا من خلاله الحصول على دعم دولي إبان فترة حكم الرئيس المخلوع صدام حسين، وبالتالي فالدعم العسكري اذا كان المراد منه التصدي لداعش لا بأس به.

وأضاف الطالقاني مع حجم التحالف الدولي ضد داعش والقوات الأمنية العراقية المدعومة من قوات الحشد الشعبي لا أعتقد أن كردستان تحتاج إلى دعم عال المستوى بقدر أهمية التنسيق بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية.

من جانبه الباحث احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن حقوق الإنسان شبه الدولة العراقية بالدولة العثمانية (الرجل المريض) في الحرب العالمية الأولى وهي اليوم دولة منتهكة السيادة لايمكنها الدفاع عن حدودها وبالتالي كل جزء من العراق منتهك وخاصة كردستان فيها كل مقومات الدولة موجودة وبالتالي هم يبحثون عن مصادر قوة للدفاع عن دولتهم.

وأضاف ان الحكومة المركزية عاجزة عن تقديم شيء للأكراد وهم بحاجة للتسليح ولولا وقوف ألمانيا والطيران الأمريكي الغربي لكان داعش الآن في أربيل وعليه هم بحاجة إلى التسليح والدعم الخارجي، ولو كانت المناطق الغربية حذت حذو كردستان العراق في تأمين نفسها لاستطاعت أن تؤمن مطالب لديها مثل إقليم كردستان.

من جهته الأستاذ حمد جاسم محمد التدريسي في كلية القانون جامعة كربلاء أكد انه لم يكن مع تسليح الأكراد والأفضل أن يكون تسليحهم جزء من تسليح الدولة الاتحادية والجيش الاتحادي وأضاف إن إقليم كردستان العراق لم يكن مهددا امنيا وعسكريا بل ظهور داعش قد يكون فرصة لإقليم كردستان في اعلان استقلاله.

 الدكتور علاء الحسيني من جامعة كربلاء يرى من جهته يرى انه "إذا كان التسليح للدفاع عن النفس مشروع وحسب اعتقاده إن الأكراد فعلا مهددين ولكن استخدمت ورقة داعش للسيطرة على المناطق المتنازع عليها وإقناع المكون اليزيدي والمسيحي في البقاء تحت مظلة الأكراد ليكونوا في أكثر أمانا.

وأكد الدكتور خالد عليوي العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية: أن هناك توجه لتقسيم المنطقة والأكراد بارعين في استقراء الساحة الدولية وجميع الحكومات التي تشكلت بعد 2003 لم تنجح ان تعطي نموذج للتعايش السلمي بين الطوائف والمكونات بل بدأ العزف على الوتر الطائفي واضحا. ولان داعش فعلا فيها تهديد واضح للأكراد والذي كشف ضعفهم العسكري فهم بحاجة إلى الدعم العسكري والتسليح وهذا ناجم عن ضعف الدولة العراقية القادرة على حماية جميع المكونات العراقية وينطبق هذا الكلام على السنة الذين خرجوا عن الإطار وتحركوا للتفاوض مع الدول الغربية وهذا بسبب فشل إدارة عراقية كاملة منذ البداية.

ويعتقد عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات إن داعش مجرد خدعة أمريكية وأكثر التحليلات كانت تشير إلى ذلك والأكراد على علم بهذا المخطط، وكان يوحى للأكراد إنها عقوبة للمالكي لانصياع الحكومة العراقية لإيران وفي النتيجة اتضح إنها عقوبة للأكراد ولتركيا. وتابع الصالحي: وعندما هدد الأمن الكردي بدأ مجال التفاوض وقدمت المساعدات العسكرية لكردستان مقابل تعهدات وتنازلات من قبل الأكراد. والأكراد بحاجة للسلاح فعلا والحكومة العراقية الآن تجهز العشائر بالأسلحة فما المانع من تجهيز جهة رسمية؟ ولها ارض وكيان ولكن ليس من السلاح الثقيل بل سلاح دفاعي وليس هجومي.

وطرح الحسناوي التساؤل الثاني للنقاش:

هل استطاع الإقليم التحكم بمسرح الأحداث والخروج منها بأفضل النتائج واقل الخسائر قياسا بباقي القوى العراقية وكيف؟.

علي الطلقاني قال: لحد الآن نحن نعتمد على التقارير الصحفية الصادرة من جهات أجنبية ومراكز ومعاهد للدراسات والتي تعتمد بدورها على عملاء محليين لتوصيل المعلومات ومراصد خاصة، والى الآن لم تتوفر إحصائيات دقيقة لكن هذه القوات (البيشمركة) توسعت في نفوذها في مناطق شمال العراق بعد تحريرها من "داعش" والجدير بالذكر ان جزء من هذه القوات وصلت كوباني، ولديهم مقاتلين محترفين ومتمرسين ومدربين، ولديهم إمكانيات كبيرة للممارسة في القتال أيضا منذ خوضهم حروب عديدة ضد نظام صدام حسين السابق.

فيما كان للباحث احمد جويد رأي اخر وهو إن الواقع الحالي يبين إن الأكراد هم اكبر الرابحين في هذه المعركة واستثمروا هذه المعركة داخليا وخارجيا. داخليا بان سيطروا على المناطق المتنازع عليها سابقا وخارجيا حصلوا على تعاطف وتأييد دولي كبير هذا فضلا عن الفوائد الاقتصادية.

ويرى الأستاذ حمد جاسم إن الأكراد حصلوا على التأييد الدولي من الناحية السياسية فالزيارات والمفاوضات والمؤتمرات كلها في كردستان وكأننا نحن الإقليم وهم الدولة الأصلية.

من جانب آخر يرى الدكتور خالد العرداوي ان الشيعة هم اكبر الخاسرين في هذه الحرب فلم يكن للسنة اعتراف دولي والان أصبح المجتمع الدولي يطالب في الاعتراف بالسنة وعدم تهميشهم والأكراد تفاوضوا كأكراد وليس كعراقيين وبعد الانتهاء من داعش سيكون للسنة مكاسب ودور وتمثيل وستضطر الحكومة للاعتراف بهم. وكان المفروض ان يطرح الشيعي نفسه كصاحب هوية وصاحب مكون ويعمل من اجله.

وأضاف العرداوي إن الذي يجعل للدولة هيبة الآن ليس فقط كم لديها من الأسلحة بل مدى تطور القائد السياسي واستعداده للتضحية والمجازفة.

الأستاذ عدنان الصالحي تطرق إلى المكاسب التي حصل عليها الأكراد والذي أكد انها محلية مؤقتة وليس دائمية وهم يعلمون ان الحكومة العراقية ستعمل عليهم من الخارج وليس من الداخل وحصولهم على المناطق المتنازع عليها هي مجرد ورقه ضغط في المستقبل للتفاوض والحصول على ما يريدون.

ويختلف الأستاذ حيدر جابر عن المتحدثين ويرى إن حلم الدولة الكردية بدأ يضمحل بسبب تصرفات مسعود برزاني وحاشيته وهو لا يرى إن الأكراد قد استفادوا في هذه المرحلة لان ما يفعله العبادي الآن هو تقليم وجودهم بالخارج وهذا نابع عن تحركاته لبناء دولة وهذا دفع الأكراد للقيام بحركات استفزازية. وأوضح حيدر إن إيران تتعامل مع الأكراد كطرف محلي وتركيا في عداء دائم وأزلي معهم لاينتهي لذلك هم لن يستفيدوا شيئا في هذه المرحلة.

واخيراً انتقل الحسناوي إلى التساؤل الثالث الذي كان:

 هل الدعم العسكري للإقليم في مواجهة داعش يشكل نقطة البداية لتكوين قوة عسكرية كردية قادرة على حماية الإقليم في حال إعلانه الاستقلال عن العراق؟.

أجاب الباحث احمد جويد: إن إعلان الدولة الكردية متوقف على القرار الدولي، ولو كانت النية لدى الولايات المتحدة الأميركية ومعها دولة إسرائيل لأعلنت الدولة ومدت بكل أسباب الدولة وخصوصا في الوقت الحاضر في ضل اضعف وجود للدولة العراقية. ولكن النية غير متوفرة عن الطرف الدولي.

فيما يرى الدكتور قحطان حسين استاذ العلوم السياسية في جامعة بابل ان إعلان الدولة الكردية يشمل جانبين وهما المحلي والأمريكي وفي وقت آخر أميركا تفضل الفدرالية على دولة كردية مستقلة وفي انفصال كردستان ممكن تتوتر العلاقة بين إيران والعراق.

الأستاذ حمد جاسم اكد في مداخلته إن الأكراد هم دولة مقوماتها كاملة ولا ينقصها سوى الاعتراف الدولي والإقليمي والدولي هو تحصيل حاصل.

 الدكتور خالد العرداوي قال ان هناك رأي جماعي في ان العراق حاليا لن يقسم والدولة الكردية لن تعلن ولأسباب منها لان الأكراد لايستطيعون إعلان دولة في بيئة دولية مهددة امنيا ومن مصلحتهم أن يكون العراق ديمقراطي ولكنهم لم يكونوا فاعلين من اجل تحقيق ذلك غير إن سوريا وإيران وتركيا لن تسمح لهم بذلك ومتى ما حصل انقسام في العراق وأعلنت دولة شيعية ودولة سنية سيعلنون دولة وإذا تقسم العراق معناها إن التحالف الدولي فشل في تحقيق أهدافه الأمنية والسياسية.

وفي النهاية ختم الأستاذ باسم عبدعون الحلقة النقاشية بالشكر الجزيل للحضور وما أبدوه من مشاركة فاعله في اغناء موضوع الملتقى في الكثير من الأفكار والآراء والطروحات التي تخدم الواقع العراقي ومستقبله كما شكر مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية الحضور على تحملهم العناء من اجل الحضور في هذا الملتقى وعلى تجشمهم التفاعل والمشاركة مع ما طرح من أفكار واغنائهم للورقة البحثية التي قدمت في الكثير من الأفكار والآراء التي تصب في مصلحة البلاد والحكومة وكذلك الإقليم ومختلف الطوائف والمكونات في هذا البلد.

 

اضف تعليق