على الناطق الإعلامي اتباع احدى الخطوتين: الأولى إما ترك التصريح ورمي الكرة بملعب الرئيس وعليه ان يتحمل التبعات المعنوية نتيجة الاختلاف في التصريح لسبب او بدون سبب، اما الخطوة الثانية هي التنسيق الدقيق والاتفاق مع الجهات العليا لتوحيد التصريحات وعدم تضاربها للاحتفاظ بقدر من الموثوقية والعلاقة الطيبة مع الجمهور...

تغرمني السعادة وانا اتابع اخبار مجلس الخدمة الاتحادي، وهو المجلس الذي يعد أحد أهم الأجهزة المستقلة في العراق تم النص عليه في المادة (107) من الدستور العراقي لعام 2005م، ليتولى تنظيم شؤون الوظيفة العامة الاتحادية، اتابع الاخبار المتعلقة بتوزيع شريحة طلبة الدراسات العليا والاوائل على المؤسسات الحكومية، وفي نفس الوقت اجتاحني الحزن لما وقع فيه الناطق الإعلامي للمجلس من تخبط وإخفاق وعدم دقة في المعلومات خلال الشهور الماضية.

يتابع ملايين العراقيين بشغف ولحظة بلحظة اخبار وتصريحات التي يدلي بها المسؤولين بمجلس الخدمة، نتيجة تعلق الامر بمصير ومستقبل أبنائهم هذا بالنسبة للأهل، أضف الى ذلك الشريحة المشمولة بالتعيين، ولم يقصر في ارواء هذه الحاجة الناطق الإعلامي للمجلس سعد اللامي.

اللامي صرح في أكثر من مناسبة ان التعينات الحالية سيكون حصة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي منها مقتصرة على الشروط الموضوعة من قبل لجنة وزارية، لتقنين عملية القبول واقتصارها على ذوي الخبرة والكفاءة.

وبقيت المحاولات مستمرة لإلغاء بعض الشروط الاربعة التي يراها حملة الشهادات العليا مجحفة بحقهم لصعوبة توفرها في اغلبهم، وبالفعل ألغت شرط مزاولة التدريس لثلاث سنوات، وكذلك نشر البحوث في المجلات العلمية المصنفة ضمن المستوعبات العالمية، ومع ذلك لم يصرح المجلس بالآلية الحقيقية المعتمدة للتعيين.

قبل أيام أعلن المجلس المصادقة على توزيع أكثر من أربعة آلاف ونصف حامل شهادة عليا من خريجي الداخل على ملاك وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مخالفا بذلك جميع التصريحات التي ادلى بها رئيس المجلس وناطقه الإعلامي خلال الأشهر السابقة.

التباين بين التصريحات والنتائج العملية لعملية التوزيع جعلت المواطنين ينظرون الى الناطق الإعلامي بعين المحرف للحقيقية، او النظر اليه على انه شخص غير متأكد مما يقوله (شخص كاذب)، لا يثقون بما يٌدليه ولا يعتمدون على تصريحاته التي اختلفت تماما عن النتائج.

اول الأخطاء التي وقع فيها الناطق الإعلامي للمجلس هو تأكيده ولمرات عديدة على مسألة التوقيتات وانهاء الملف وفق المدد القانونية التي حددها النظام الداخلي للمجلس، ولم ينه الملف على الرغم من مرور أيام وقد تصل الى شهرين او أكثر على تجاوز المدة القانونية.

وليس هي المرة الأولى التي لم يلتزم بها المجلس في المواعيد حتى تزعزت الثقة في الكثير من المواقف وأصبحت ردود الأفعال غير متوقعة من قبل الجمهور المتابع او المهتم بالموضوع. 

اما الخطأ الجسيم الآخر الذي وقع فيه المجلس هو عدم التطابق بين التصريحات والعمل الفعلي للمجلس، فتارة يشمل فئة دون غيرها، وتارة يخرج فئة من التصنيف المصرح فيه، وبهذه الحالة جعل الفئات المشمولة بعملية التعيين تحبس أنفاسها مع كل وجبة توزيع يعلن المجلس عن اتمامها.

لا اعرف اين الحلقة المفقودة بهذه المعادلة، هل المجلس يمر بحالة غير مستقرة فيما يخص عملية التوزيع، ام هنالك ظروف اجبرته على العمل بهذا السياق؟

وإذا كانت السياقات المعمول بها خرجت عن إرادة المجلس، عليه ان يوضح هذا الامر ولا يبقى مستمر في حالة الغموض والتضليل، ليكي يخلص الناطق باسمه من كمية الانتقادات الموجهة اليه.

التوضيح يصب في مصلحة المؤسسة ويعود بالفائدة على مصداقيتها التي بدأت تتآكل يوما بعد يوم، فالمجلس يقوي موقفه ويستعيد مكانته إذا أوضح الضغوطات التي تمارس عليه اثناء تأدية مهامه، ولا يضع الناطق باسمه في دائرة الشكوك والظنون الشعبية.

وعلى الناطق الإعلامي ان يضع الحواجز التي تقييه شر التصريحات المتباينة من قبل رئيس المجلس، وهنا يتطلب اتباع احدى الخطوتين:

الأولى إما ترك التصريح ورمي الكرة بملعب الرئيس وعليه ان يتحمل التبعات المعنوية نتيجة الاختلاف في التصريح لسبب او بدون سبب.

اما الخطوة الثانية هي التنسيق الدقيق والاتفاق مع الجهات العليا لتوحيد التصريحات وعدم تضاربها للاحتفاظ بقدر من الموثوقية والعلاقة الطيبة مع الجمهور الذي ينظر الى المجلس على انه الضوء في نهاية النفق المظلم.

اضف تعليق