q
{ }
ناقشت مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام ضمن ملتقى النبأ الاسبوعي في مقرها بمدينة كربلاء (آليات تغطية وسائل الاعلام للاحتجاجات الشعبية في العراق)، لابد لوسائل الاعلام ان لا تكون طرف في القضية، وان تكون محايدة، البعض قد يعترض على تلك الفكرة تحت حجة ان القاعدة الجماهيرية تحتاج...

ناقشت مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام ضمن ملتقى النبأ الاسبوعي الذي تستضيفه المؤسسة في مقرها بمدينة كربلاء المقدسة، موضوعا تحت عنوان (آليات تغطية وسائل الاعلام للاحتجاجات الشعبية في العراق)، بحضور شخصيات أكاديمية وقانونية وإعلاميين وصحفيين.

افتتح الجلسة الاستاذ علي الطالقاني مدير مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، قائلا: "ساهم الاعلام مساهمة كبيرة في رصد حركة الاحتجاجات التي اكتسحت الشارع العراقي منذ اندلاعها، ناهيك عن اشكالية كيف تسبب قطع الانترنت بمشاكل كبيرة لوسائل الاعلام، وقد شهدت المؤسسات الاعلامية من داخلها بعض الخلافات ما بين مؤيد ورافض لها من جهة، وما بين العاملين أنفسهم ومدراء تلك المؤسسات".

وأضاف الطالقاني "بالتالي حصلت هناك فجوة في تناول الاخبار وفي التغطية الاعلامية، بل أن بعض موظفي وسائل الاعلام كانت لديهم اعتراضات مهمة حيال مدراء وسائل الاعلام، خاصة فيما يتعلق بموضوعة التعاطي مع التظاهرات، لاسيما وأن اغلب الصحفيين هم من طبقة الشعب، كيف لا وأن وسائل الاعلام هي مجيرة ومسيسة وتنتهج اسلوبا مختلفا حتى مع العاملين الذين يعملون داخل المؤسسة الاعلامية، مما انعكس بصورة مباشرة على التغطية الاعلامية، بل ان بعض الزملاء الاعلاميين في محافظة كربلاء المقدسة على سبيل الفرض، قد قدموا استقالاتهم اعتراضا على ادارة وسياسة بعض وسائل الاعلام، من ناحية عدم تعاطيها مع الاوضاع الانسانية ومع الانتهاكات في العراق بجدية".

ويستطرد الطالقاني قوله:" الامر الاخر هناك بون شاسع ما بين ادارة المؤسسات الاعلامية وما بين دور الاعلاميين الموجودين في العراق، فعلى سبيل المثال لدينا صفحات مختصرة جدا لمجموعات من الصحفيين على الواتساب في بعض المحافظات العراقية، فهؤلاء الصحفيين يبذلون جهود حثيثة ولا يمكن التغاضي عن دورهم المحوري والاساسي في هذه الجلسة، فصدى كلمات بعض المتداخلين وصل إلى مستوى اتهام الصحفيين بعدم الحيادية والمهنية وهذا امر لابد ان يعاد النظر فيه، وما ينشر في هذه الكروبات من اراء شخصية ومن اخبار صحفية هي نشاطات تطوعية، تعبر عن وجع الصحفي من جهة ومن جهة اخرى هو يتقصى الحقيقة، بالتالي تستطيع وسائل الاعلام المحلية وغير المحلية الاستفادة من تلك الكروبات خدمة للعمل الاعلامي الصادق والمهني، لذلك فان الجسد الصحفي في العراق قدم العديد من التضحيات الجسيمة، وهذا ما تناوله الكثير من المنظمات الصحفية العالمية، حيث تؤكد على ان الاعلام العراقي قدم عشرات الشهداء على مذبح الحرية، النقطة الاخرى نحن في مؤسسة النبأ قدمنا العديد من التقارير الخبرية والصحفية حول التظاهرات في مناطق متفرقة من العراق، رغم الامكانية البسيطة والمتواضعة التي تمتلكها الوكالة التابعة لمؤسسة النبأ للثقافة والاعلام".

يختم الطالقاني قوله "اما بالنسبة للحيادية وما يتمخض عنها فهي في المقام الاول تعطينا المعلومات الدقيقة لكتابة المقالات، ويستند اليها علماء الاجتماع والمؤرخين ومن يعمل في مجال التوثيق، حتى نستطيع خلق معلومات صحيحة وتبنى عليها سياسات صحيحة للحكومة وللبلد في المستقبل، فندما نكتب مقال أو نطرح سيناريوهات ننطلق من المعلومة الصحيحة.

وسائل الاعلام حارسة للحقيقة

وللولوج أكثر في تفاصيل قدم الدكتور مسلم عباس الباحث في مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام ليطرح ورقته الموسومة (آليات تغطية وسائل الإعلام للاحتجاجات الشعبية في العراق)، الذي قال بدوره:

"إن كثرة وسائل الاعلام لا يعني اننا لدينا تعددية في وسائل الاعلام، بل هي عبارة عن أذرع للأحزاب السياسية، بالتالي وسائل الاعلام العراقي هي لا تعرض الواقع كما هو، بقدر ما هي تحاول اخفاء الواقع، وذلك من خلال التركيز على بعض الجزئيات البسيطة جدا، وعرضها على انها الواقع الكامل، والحال ينطبق على وسائل الاعلام المؤيدة للحكومة والمؤيدة للتظاهرات، بل أن وسائل الاعلام المؤيدة للتظاهرات مارست عملية قمع فكري ضد المعارضين للتظاهرات".

ويوضح عباس بقوله: "لابد لوسائل الاعلام ان لا تكون طرف في القضية، وان تكون محايدة، البعض قد يعترض على تلك الفكرة تحت حجة ان القاعدة الجماهيرية تحتاج للزخم الاعلامي، وهذا خلاف المنطق الذي تقوم عليه وسائل الاعلام باعتبارها حارس للحقيقة، وهذه هي الاشكالية الحقيقية التي يتظاهر من اجلها الشعب وهي الفساد، والفساد دائما يأتي من جراء اخفاء الحقيقة تحت عناوين مزيفة، منها على سبيل المثال وليس الحصر حماية الامن القومي حماية الخصوصية الوطنية".

ويضيف عباس: "ايضا هذا الامر تم تشخيصه في تغطية التظاهرات فوسائل الاعلام لم تقوم بدورها المنشود الا باعتبارها طرف في التظاهرات، بالتالي أصبح لدينا طرفين بالنسبة لوسائل الاعلام طرف مؤيد وطرف اخر محايد، لذلك نجد التغطية الاعلامية هي عبارة عن صورتين مختلفتين، فالقناة (سين) مثلا التابعة للحكومة نجد كأنما هناك مؤامرة كونية على العراق، بينما عندما نتابع الطرف الثاني كأننا على ابواب الجنة، لذلك سجلنا بعض الملاحظات عن التغطية الاعلامية التي رافقت التظاهرات:

1- غياب الجهد الاستقصائي في تناول بعض ملفات الفساد

2- غياب الجهد الاستقصائي في التعامل مع ملفات خطيرة مثل اطلاق النار على المتظاهرين

3- بروز الاعلام بوصفه اداة من ادوات الصراع اكثر من كونا مراقبا وشاهدا على الاحداث

4- غياب معايير الصدق والدقة والموضوعية

5- التناول الكوميدي للمعلومات الحكومية بمعنى جعل الحقيقة تضيع تحت ركام الاحداث

6- ظهور بعض القنوات بثوب المؤيد للتظاهرات من اجل اخفاء كل شيء.

وأكد الباحث في ورقته انه بالمجمل كان هناك انحياز واضح وعدم مراعاة المعايير المهنية في تغطية التظاهرات، وهذا يحلينا إلى خطر غياب المعلومة في العراق، بالتالي نحن لا نعرف كم يتقاضى المسؤول الحكومي من راتب، وكم يملك من املاك الان، وما هو وضعه السابق، هذا الامر بسبب غياب المعلومة وبسبب غياب الشفافية وغياب القوانين التي تحمي وسائل الاعلام، بالتالي اذا ما استمر الوضع على ما هو عليه بحجة مساندة الحكومة والحفاظ على الوضع القائم هذه مشكلة، أو بحجة مساندة التظاهرات ومحاولة تغيير الوضع القائم ايضا فيها مشكلة، لان الحقيقة لابد ان تبقى مستقلة وبعيدة عن الصراعات السياسية، حتى تكون الصورة واضحة امام الشعب حيال ما يجري داخل الاروقة السياسية وفي الشارع العراقي".

واختتمت الورقة بطرح أسئلة جوهرية حول الموضوع.

 وكان السؤال الأول: كيف وجدت التزام وسائل الاعلام بالمهنية والحياد في تغطية التظاهرات الشعبية؟.

الحيادية والوقوف على التل

محمد علي جواد، رئيس تحرير مجلة الهدى: "يعتقد أن وسائل الاعلام العراقية وصلت لحالة الذوبان بالحركة الاحتجاجية، وغائب عن وسائل الاعلام دورها الحقيقي على اعتبارها هي الشاهد والموجه للرأي العام، لاسيما في وضع كوضع العراق الذي فيه خلفيات متشبعة ومتشابكة للحدث، وهذا الامر مرتبط بالحالة النفسية والاجتماعية والاقتصادية للفرد العراقي، بالتالي تم التغافل عن تلك الحيثيات وتم التركيز على الاشياء السطحية".

واضاف جواد "لذلك موضوعة الحياد في الاعلام هي مسالة نسبية جدا، خاصة وان الكثير من وسائل الاعلام تعود لمدارس فكرية وثقافية ولديهم اجندات، وهذه اشكالية بحد ذاتها فالأحزاب والحركات السياسية تدير مؤسسات اعلامية، ايضا بعض وسائل الاعلام العراقية استطاعت ان تلعب دور الجاني والضحية في انا واحد، فهم في ساحات التظاهر وفي الحكومة في ذات الوقت، وهذه ليست حيادية بل اشبه ما يكون بالوقوف على التل، بالتالي الحيادية هي التي توجه المتظاهر العراقي الى الاساليب الصحيحة والسبل الصحيحة".

الاعلام اهم وسائل الحروب الناعمة

- الدكتور قحطان حسين الحسيني، الباحث في مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية، يرى ان من الصعب الوثوق بالمؤسسة الاعلامية بالمطلق، ومهما كانت درجة نزاهتها ومهنيتها وموضعيتها، لان المؤسسات الاعلامية تتأثر بشكل مباشرة في جهة التمويل التي تحدد سياستها الاعلامية، لأنه لا يوجد اعلام خيري ونبيل وانساني ينقل الخبر والمعلومة والحدث بمهنية ودون اجتزاء ودون انتقائية هذه نقطة، النقطة الثانية المؤسسات الاعلامية والاعلام لا يمكن ان تعمل في بيئة كالعراق غير مستقرة وتضمن حيادتيه".

اضاف الحسيني "الاعلام الحديث أصبح اداة من ادوات الحروب بين الدول، لذلك الدول والحكومات تضع في استراتيجياتها اهمية قصوى للأعلام، لأنه تم استبدال الحروب الصلبة بالحروب الناعمة والحروب الناعمة من اهم وسائلها (الاعلام).

التسطيح، تبسيط الأمور، التضليل

- الشيخ مرتضى معاش، رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، يرى أن وسائل الاعلام بشكل عام تعتمد على ثلاثة اشياء (التسطيح/ تبسيط الامور/ التضليل)، واهم عنصر اليوم هو شبكات التواصل اجتماعي، التي اصبحت هي العنوان الاقوى من وسائل الاعلام، بالتالي أصبح التضليل هو السمة العامة للإعلام وليس هناك مكان للحقيقة، بالإضافة إلى الجيوش الالكترونية التي تكتسح الفضاء الالكتروني".

اضاف معاش "التظاهرات الشعبية في العراق ظلمت من قبل وسائل الاعلام دوليا واقليميا وحتى محليا، ولم تعطى حقها المطلوب، لذلك كان التعامل مع التظاهرات كما تعامل الحكام على طول التاريخ مع اهل الجنوب ووسط العراق، بالتالي كان هناك دائما اهمال وتهميش وتحجيم لتظاهرات العراق وهذا فيه ظلم كبير، وهذا يشخص حالة الصراع العالمي ما بين اليمين واليسار، واصبح قائد عملية نقل المعلومة هي البوستات والجيوش الالكترونية الموجودة على شبكات التواصل اجماعي، وهذه الجيوش تحاول أن تشيطن التظاهرات بالنتيجة تم استفزاز الناس بشكل اكثر".

يكمل معاش "فهؤلاء لو استطاعوا احتواء المتظاهرين كان من الممكن الوصول لحلول افضل، لكن عندما يتم شيطنة تلك التظاهرات على انها ذات نمط طائفي وغير مطلبية، فلماذا هذا التضليل الاعلامي حيال شباب لا يحلمون الا بوطن معافى وسليم من الامراض، الامر الاخر الذي ساهمت به وسائل الاعلام هي تحريف الواقع، وبتقديم مفردات غير سليمة لا تعبر عن الواقع الذي نحتاجه، فعلى سبيل المثال مفردة النظام الرئاسي واسقاط النظام وحكومة انقاذ وحكومة عسكرية، كل هذه المفردات سعى اليها الاعلام من اجل اخراج المظاهرات من مخرجاتها السليمة".

الاعلام ليس عاملا جديدا

- الدكتور خالد عليوي العرداوي، مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، يعتبر أن الاعلام ليس عاملا جديدا في حياة المجتمعات، الاعلام موجود منذ اقدم العصور وهذا يمكن توثيقه من خلال نقل الاشاعة، بالتالي الاعلام هو اداة مهمة من ادوات الدول، اليوم تطورت هذه الادوات واصبح لدينا قنوات فضائية، والاعلام المرئي والمقروء والمسموع والمكتوب، ايضا دخلت على الخط وسائل التواصل الاجتماعي اداة من ادوات الاعلام، فاذا هذا بمجمله هو عنصر قوة، اليوم في صناعة الرأي العام الطرف الذي يمتلك القدرة اكثر من الطرف الاخر، في توظيف وسائل بطريقة جيدة، يستطيع أن يحقق ادافه وينجح اكثر من الطرف الاخر الذي لا يمتلك تلك المؤهلات".

اضاف العرداوي "ايضا يعتبر الاعلام هو اداة من ادوات القوة الناعمة للدولة، وهي تستطيع أن توظف الاعلام متى ما تريد بطريقة جيدة، الامر الاخر أن الاعلام يختلف اداءه من قضية إلى قضية اخرى، اليوم مثلا عندما يحصل حادث قطار في دولة (س) او دولة (ص)، اكيد وسائل الاعلام سوف تتعامل مع هذه القضية أقرب للموضوعية، خاصة وأن القضية ليس لها بعد سياسي، وكل وسائل تتعامل مع هذه القضية بدون حذر".

يكمل العرداوي "اليوم نحن في قضية الاحتجاجات في العراق القضية ليست سهلة، بل هناك صراع دولي واقليمي ومحلي في العراق، بالنتيجة وسائل الاعلام المحلية اما تكون ممولة من اشخاص أو ممولة من دول أو ممولة من مافيات الفساد في العراق، بالتالي يصبح ادائها مع هذه القضية يختلف عن قضية حادثة قطار، لذلك وسائل الاعلام المحلية كان لها ثلاثة مستويات في التعامل مع هذه القضية، التعامل الاول بعض وسائل الاعلام تخشى امتدادات الاحتجاجات إلى شعوبها كمصر وتركيا مثلا".

اضاف ايضا "المستوى الثاني هو الذين هم جزء من الصراع كوسائل الاعلام الخليجية ووسائل الاعلام الايرانية والعراقية، بالتالي اغلب الاعلام كان غير محايد بسبب جهة التمويل، لذلك القضية التي جعلت الاعلام العراقي بهذا الشكل كون القضية هي قضية سياسية معقدة، هذا مما جعل وسائل الاعلام منجرفة كثيرا وراء الاحزاب السياسية المحركة لها، بالتالي فان غياب الحقيقة وتسطيح الواقع لا ينفع الجهة المؤسسة للوسيلة الاعلامية، ولا ينفع الدولة الداعمة لتلك الجهة الاعلامية، لأنك كلما تكون اقرب للواقع كلما تكون قراراتك مبنية على اسس صحيحة، وهذا ما نتمناه في المرحلة القادمة".

الاعلام هو التحدي الاكبر للتجربة الديمقراطية

- الدكتور حسين أحمد السرحان، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، يصنف الجمهور الشيعي من بغداد إلى جنوب أنه مظلوم من قبل الاعلام الشيعي الديني والسياسي، فالإعلام استهتر كثيرا بقضايا وهموم الشعب العراقي، فهذا الاعلام حريص جدا على نقل خطبة الجمعة ومحاولة تأويلها بكافة الاتجاهات".

اضاف السرحان "اما القنوات الاخرى فيتم التركيز على تهديد الوجود الايراني وضرب المقرات الايرانية، ما نريد أن نصل اليه انه لا يوجد اعلام حر طالما جهة التمويل هي من ترسم مسار الوسيلة الاعلامية، بالتالي نستطيع القول ان الاعلام هو التحدي الاكبر للتجربة الديمقراطية في العراق، فليس لدينا اعلام مستوعب للعمل الديمقراطي في العراق، والسبب لان الجهات التي تمول وسائل الاعلام هي لا تؤمن بالنظام الديمقراطي".

الاعلام المحلي الحلقة الاضعف والبديل شبكات التواصل

- كمال عبيد، مدير تحرير شبكة النبأ المعلوماتية يجد أن الاعلام المحلي هو الحلقة الاضعف اثناء تغطية التظاهرات العراقية والاعلام البديل كان شبكات التواصل الاجتماعي، وكون وسائل الاعلام المحلية وليدة التجربة المهنية والاحترافية، كانت طريقة تناول التظاهرات ذات طابع ذاتي أحيانا واجتهادات شخصية من لدن بعض الاعلامين، اما الاعلام العربي والعالمي اختلفت اليات تغطيته لتظاهرات العراق ودخلت في عملية ارباك كبيرة وتنافس شديد، بل وصل الامر في بعض الاحيان لحرب اعلامية ما بين الاعلام الخليجي والإيراني مثل قناة العالم تقابلها قناة العربية.

ويرى عبيد ان: "أحد النقاط التي جعلت الاعلام المحلي الحلقة الأضعف في تغطيته الإعلامية للتظاهر هو الاعتماد بشكل أساسي على وسائل الاعلام العالمية في رويترز وفرانس برس كمصادر إخبارية كالعاجل الإخباري والحقائق حول عدد الضحايا والمعروف لهذه الوسائل اجندات معنية وهي تستخدم اليات تغطية متقدمة بأساليب تحرير ذكية يمكنها تمرير سياسته عبر الخلفيات الخبري مثلاً، وهذه نقطة ضعف كبيرة تسجل بالضد من بعض وسائل الاعلام العراقي المحلية".

وسائل الاعلام المحلية والاسباب الحقيقية للتظاهر

- الحقوقي احمد جويد، مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات، اعرض إلى فكرة مهمة كون وسائل الاعلام المحلية لم تبحث الاسباب الحقيقية التي دفعة هؤلاء الشباب للتظاهر، هذا الحقائق حينما تظهر للعلن سوف ترفع جميع الحواجز والتضليل الذي مورس بالضد من المتظاهرين، بل على العكس من ذلك كان الاعلام يصف المتظاهر العراقي بانه مندس وانه صنيعة السفارات الاجنبية، بل بعض الاعلام يتعاطى بشكل مباشر مع بعض مقاطع الفيديو التي تنشرها شبكات التواصل اجتماعي من دون التدقيق بمصداقية الصور والخبر".

اضاف جويد "الامر الاخر من يمتلك المعلومة هو من يمتلك الحقيقة، ومن يمتلك الحقيقة يفكر بشكل أفضل، بالتالي على الاعلامي المنصف نقل المعلومة بشكل سليم حتى نحقق نزر يسير من الموضوعية والحيادية في نقل الاخبار".

الاعلام العراقي يتعامل مع التظاهرات بمبدأ الربح والخسارة

- علي حسين عبيد، كاتب في مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، أن الاعلام العراقي في زمن الدكتاتورية التي استمرت قرابة (40) عام لا يوجد سوى قناتين تلفزيونيتين وصحف ورقية عدد اثنين ورأي واحد فقط، فجاءة يصبح الفضاء العراقي مفتوح على مصراعيه، بالتالي نجد انفسنا امام رقم كبير جدا من الصحف الورقية وعدد كبير من القنوات الفضائية، وهذه القنوات الاعلامية على اختلافها هي تروج عن ذاتها او بمعنى اخر هي تروج للجهة الممولة، فعلى هذ الاساس تتشكل لدينا قناعة راسخة بان الاعلام العراقي يتعامل مع التظاهرات بمبدأ الربح والخسارة، التي تقوم عليها المؤسسة الاعلامية هذه أو تلك".

اعلام يدافع عن سياسة الحكومة واعلام اخر حزبي

- عدنان الصالحي، مدير مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية، يرى أن الاعلام العراقي يختلف عن الاعلام الخارجي، في الداخل لدينا اعلام حكومي يستمد قوته من تلميع صورة الحكومة وتسويق وتبرير افعالها، ما بعد (2003) نشأ لدينا اعلام تابع للأحزاب، واغلب هذه الاحزاب اما متهم بالفساد، وهذه الفضائيات هي جزء من منظومة الفساد التي تمولها الجان الاقتصادية التابعة لتلك الاحزاب، أو اعلام تابع لدول البعض من اجل تسويق نشاطاتها، لذلك نحن امام حالتين من الاعلام اعلام يدافع عن سياسة الحكومة واعلام اخر حزبي، يسير وفق توجهات هذا الحزب أو ذاك".

اضاف الصالحي "بقي لدينا الاعلامي المهني والمستقل الذي يحاول التقصي عن المعلومة الدقيقة ومن مصادرها الحقيقية، هذا الاعلامي اما يكون مختطف أو تكال له التهم أو داخل السجون أو يرحل خارج البلاد، المشكلة في الاعلام بعد الانتفاضة الشعبية التي قادها الشباب العراقي انقسم إلى جزئين، جزء حاول أن يركب الموجة ليدفع النار باتجاه الاحزاب الأخرى (دجلة) نموذجا، لذلك لا يوجد لدينا وسيلة اعلامية محلل للخطاب ومحللة للحدث، لذا نحن نحتاج لإعلام يعيد النظر في نفسه".

وسائل الاعلام الحزبية تحاول شيطنة التظاهرات

- خالد الثرواني، مدير تحرير وكالة النبأ، يعتقد أن الاعلام العراقي والعربي سار في مسارين المسار الاول يتمحور حول الصراع في الشرق الاوسط، والمسار الثاني هو مسار الصراع العراقي المحلي، الاعلام العراقي وفي نظرة فاحصة نجد انه منقسم بين ارادات مختلفة، فهناك من يقف ضد التظاهرات بصورة كاملة، ولم تجزء تفاصيل ما يحدث اثناء التظاهرات أي انها لا تفصل بين التظاهر السلمي والعنيف، بل في بعض الاحيان الاعلام الحزبي هو الذي دفع الشباب الثائر بطريقة غير مباشرة او مباشرة للذهاب نحو العنف، وذلك من خلال تصويب بعض الافعال التخريبية على انها افعال بطولية، لذلك هذا الاعلام يحاول ان يشوه صورة التظاهرات ويحرفها عن مسارها الحقيقي".

اضاف الثرواني "حينئذ نلمس بان وسائل الاعلام الحزبية تحاول شيطنة تلك التظاهرات، لأنها حسب قناعاتها الحزبية بانها سوف تعلن شهادة وفاة تلك الاحزاب في حال نجاح التظاهرات، لذلك نجد التظاهرات لم توجه سهامها الا نحو الطرف الشيعي علما بان القوى السياسية الحاكمة في العراقي هي ثلاثية الابعاد، أي انها متشكلة من المكون السني والكردي والشيعي".

- امام قاسم، عضو مؤسسة النبأ، يجيب صراحة بعدم وجود اعلام محايد في العراق، هذا مما اضطر الشاب العراق الاتجاه نحو شبكات التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، الامر الاخر أن القوى السياسية العاملة في العراق تنظر للاحتجاجات على انها عبارة عن مؤامرة ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية، والاغرب من ذلك أن تلك الجماعات التي تدعي انها اسلامية حاولت الاساءة للتظاهرات، من خلال العديد من الاساليب السيئة من مثل استقدام بعض الفتيات غير المحتشمات ونشر اللهو والغناء، وايجاد بعض المندسين الذين يسعون لنشر الفوضى وقطع الطرق بالإطارات المشتعلة، وكل هذه الامور بدافع تشويه صورة المتظاهرين العراقي".

السؤال الثاني: هل يجب ان تكون وسائل الاعلام محايدة في ظل حكومة فاسدة، ام انها يجب ان تنحاز للشعب، وكيف يمكن ضمان عدم انجرارها الى سياسة اخفاء الحقائق؟

- الدكتور قحطان حسين الحسيني، يعتقد أن الاصل في الاعلام أن يكون محايدا في نقل الاخبار، على اعتباره شاهد حي وبدون اجتزاء وبدون قطع، لكن اذا اصبحت القضية قضية وطن وقضية مصلحة شعب، ارى أن الاعلام يجب أن يسلك سلوك يبتعد فيه نوعا ما عن الحياد، والسبب لان القضية لها ارتباط وثيق بمصبحة وطن ومصلحة شعب وبناء مجتمعي، لأنه لو اخذ اجانب الحكومة الفاسدة سيكون اعلام غير وطني، بمعنى يمكن أن يكون الاعلام في هذه النقطة بالتحديد إلى جانب الوطن".

- الشيخ مرتضى معاش، يؤشر إلى نظرية المؤامرة، فنحن نعيش صراع بين جيلين الجيل القديم، الذي يعتمد على الاعلام التقليدي ويؤمن بنظرية المؤامرة وتربى على هذه الأيدولوجيات (القومية/الدينية/ اليسارية)، وجيل الالفية الذي تربى على الانترنت وشبكات التواصل لا يؤمن بنظرية المؤامرة، فهذا الصراع بين الجيلين ينذر بوجود صراع بين الاعلام القديم والاعلام الجديد، النقطة الاخرى الاعلام المحايد اليوم ينقرض بسبب كونه أصبح ملوثا بعدم مكافحة الفساد أو سكوته على الفساد.

يكمل معاش "الاعلام الغربي يشخص هذه الاشكالية فيقول أن الاعلام فقد الحيادية لأنه اصبح تابعا للشركات وللاستثمارات، فهذه مشكلة تعرقل مكافحة الفساد، لذلك الاعلام الجديد والجيل الجديد هو الذي سيقود المعركة ضد الفساد".

- الدكتور خالد عليوي العرداوي، يؤكد على فكرة معينة من خلال مراقبة بعثات الصليب الاحمر والبعثات الدبلوماسية أو بعثات الامم المتحدة، عندما تسوء الاوضاع في مجتمع من المجتمعات وتصبح البيئة غير امنة، على وجه السرعة تقوم بسحب تلك المؤسسات أي المؤسسات الدولية والاممية ورغم انها تعمل لغرض انساني وهي محمية بمظلة دولية، فاذا ما سحبنا هذا الامر على الاعلام فالبيئة الامنة هي التي تنشط فيها وسائل الاعلام، البيئة الامنة هي البيئة المستقلة التي تتوفر فيها الحقوق والحريات".

يكمل العرداوي "ايضا لابد أن نميز بين الاعلامي وبين المؤسسة الاعلامية، المؤسسة الاعلامية لديها رسالة محددة، لكنه الاعلامي يبقى اعلامي ويتمنى أن يصل إلى الحقيقة، فعلى سبيل المثال معظم الاعلاميين الذين نزلوا لساحة الاعتصام تعرضوا للاعتقال وللضرب، وهذا الامر حصل مع جهات اعلامية مساندة للحكومة وليس من اعلام المعارضة لها، بحيث أن هؤلاء الاعلاميين واثناء اجتماع امني في كربلاء لم يتطرقوا لظروف اعتقالهم خوفا من اعتقالهم مرة ثانية، لذلك حتى أن نظلم الاعلاميين فطالما البيئة خطرة وغير مستقرة، بالتالي كما تسحب المؤسسات الاممية طواقهما، المؤسسات الاعلامية لا تستطيع أن تعمل في هكذا بيئة وتنسحب، ولكن مع ذلك اعلامينا علموا في تلك البيئات وواجهوا المخاطر".

- الدكتور حسين أحمد السرحان، يحدد وظيفة الاعلام المحايد في هكذا ظروف استثنائية تمس القضية الوطنية، فلابد أن يكون منحاز نحو مصلحة المواطن ويدعو لتصحيح المسارات المنحرفة".

- كمال عبيد، يؤكد على: "أن الحياد هو ثابت من ثوابت العمل الاعلامي سواء اكانت الحكومة فاسدة أو نزيهة، كما يجب التزام كل من يعمل في المجال الاعلام بمبادئ الصحافة ولعل أبرز مبدأ الولاء للوطن وبهذا يكون الانحياز ايجابي يهدف لظهار الحقيقة والانتصار للحق".

- الحقوقي احمد جويد، يصرح لكل ناقل معلومة غاية وهدف، فأما تكون تلك الغاية ايجابية فهذا امر جيد، اما اذا كانت المعلومة تثير الحساسية والفتنة هذا عار على الاعلام، بالتالي نصيحتي للأعلام ان ينقل ولو خبر واحد صحيح هذا يكفي".

- علي حسين عبيد، يعتبر الوصول لمستوى من الحيادية يعتد فيه هذا امر صعب جدا، بالتالي على المؤسسات الاعلامية أن تصل إلى اضعف درجات الايمان من خلال عدم الترويج للعنف".

 - عدنان الصالحي، يجد أن الاعلام في العراق حاله حال بقية المؤسسات يحاول الخروج من ركام الدكتاتوريات السابقة وبين فوضوية ما بعد (2003)، بالتالي انا شخصيا اتوقع خروج جيل اعلامي جديد يبحث عن المعلومة وينقلها كما هي".

- خالد الثرواني، يرى في ظل حكومات فاسدة نشأ اعلامي حزبي هو بالدرجة الاولى مسيطر على الساحة الاعلامية، لذلك تم استغلال ملفات الفساد للابتزاز، بالتالي لم تتوفر الحيادية الكاملة أو شبه الكاملة في نقل ملفات الفساد أو الاستقصاء عنها وفضحها، فعلى هذا الاساس أصبح هناك تخادم في اخفاء الحقيقة واغلاق ملفات الفساد بطريقة متبادلة".

- محمد علي جواد، يلقي باللائمة على الصحفي والاعلامي أن يكون له دور واضح وصريح في رفض المساومة والابتزاز ومهما كان نوعه".

 

اضف تعليق