شبكة النبأ: الاصل في كلمة الثقافة في اللغات الاوربية الحديثة هو الزرع والتنمية، وهذا المعنى هو الشائع عند الكثير من الكتاب الاوربيين، والدلالة التي تنصرف الى التعليم الذي يتولى تنمية القدرات الذهنية والنفسية والخلقية تبعا لها كما يقول بهذا المفكر الانكليزي ماثيو ارنولد خصوصا في كتابه (الثقافة والفوضى) ومن ثم اكتساب الوعي الاجتماعي الراقي الذي احيانا مانصفه بالوعي الحضاري.
في العربية يتضمن فعل (ثقف) معنى العلم والفطنة والذكاء، والمثقف هو الرجل له معرفة بالمعارف، اي ذو ثقافة.
في جميع المجتمعات وعلى مدار تاريخها، طال او قصر، تشكل الثقافة القاعدة العريضة والرئيسية للتغيير في احوالها مما يسود منها الى مايزول عنها، سلبا ام ايجابا.. لا تقتصر الثقافة على الامور والظواهر الجيدة، فهي تشمل ايضا الامور والظواهر السيئة، كما يقال احيانا ثقافة التخلف مقابل ثقافة التقدم، او ثقافة الكسل مقابل ثقافة الحركة، او ثقافة اللامبالاة مقابل ثقافة المسؤولية، الى غير ذلك، وكلها تؤسس لقواعدها في بنية المجتمعات الثقافية وتنعكس على حركتها وتوجهاتها.
الثقافة قبل كل شيء، اول الكلمات التي افتتح بها اية الله العظمى السيد صادق الشيرازي حديثه عند استقباله لمجموعة من مدراء المراكز البحثية القادمين من العراق لزيارته في مكتبه في مدينة قم المقدسة يوم الخميس الموافق 18 / 9 / 2014
والثقافة كلمة مفتاحية للتغيير المنشود في تصور السيد صادق الشيرازي، لان كل شيء يتم بها وعبرها ومن خلالها.
فبها يتغير حال المسلمين من هذا السوء الذي افرز الكثير من الظواهر السلبية في مجتمعاتهم، حتى تراجعوا الى مراتب متدنية في سلم المجتمعات والشعوب العالمية.
وعبرها يتم الانتقال من وضع ارتهنوا فيه الى اشتراطات الاخرين واحيانا كثيرة الى اشتراطات تخلفهم، والمرور الى وضع اكثر حرية وانفتاحا.
ومن خلالها يحوزون تلك المراتب المتقدمة علما ومعرفة، تساهم في التغيير المنشود ويعودون اصحاب حضارة تسطع شمسها على الاخرين.
الثقافة ككلمة مفتاحية لدى السيد صادق الشيرازي تطمح الى تغيير التاريخ، ليس بمعنى اعادة انتاجه او تدويره، بل تغيير لتاريخ المستقبل القادم نحونا بخطى حثيثة، قد لانستشعر وقعها دون ثقافة حرة ومسؤولة، وهو تاريخ للمستقبل سيكون مختلفا حين ياتي ونقبض على تفاصيله برؤية منفتحة، يصبح معها المستقبل بتحوله الى ماض فيه الكثير من اللحظات الخلاقة وتفاصيل الانجاز.
يترافق تغيير التاريخ مع مفردة اخرى اكد عليها السيد صادق الشيرازي في حديثه، وهي مفردة العزم، وشحذ الهمم وعدم التكاسل او التراجع عند اي محطة تستوقفنا فيها المشاكل او المعوقات.
ما هي تلك الثقافة التي هي قبل كل شيء كما افتتح بها حديثه السيد صادق الشيرازي؟.
انها في رؤيته وتصوره، ثقافة اهل البيت (عليهم السلام) وغيابها عن حياة المسلمين والتي سمح هذا الغياب او التغييب لها من ظهور هذه الظواهر وطوفانها الذي اصبح يكتسح كل شيء في طريقه، عبر العنف الجامح، والتهافت الديني، والانحطاط العقلي للكثيرين من علماء وقادة المسلمين، وهم يظنون انهم بذلك يحسنون صنعا.
لكن هذا الظن بحسن الصنيع ما هو الا ظلالات ومحض اوهام لا زالت تقود المسلمين الى منحدرات اشد سقوطا واكثر بعدا عن جوهر الدين كما مثلته ثقافة اهل البيت (عليهم السلام).
تغيير التاريخ والعزم على ذلك، هي الرسالة التي يريد ايصالها السيد صادق الشيرازي الى الاخرين ممن يعتبرهم في الطليعة من علماء ومثقفين لقيادة عملية النهوض بالامة واستشراف خطواتها المتزنة دون تعثر او سقوط يجعلها تترنح في مسيرها ولا تستطيع اللحاق بالاخرين.
اضف تعليق