تسعى الكثير من الأَطراف السياسيَّة وعلى مرِّ التَّاريخ وإِلى يومِكَ هذا تلفيع خلافاتها وصراعاتها بعباءةِ الدِّين والمذهب لحمايةِ وتحصينِ موقفها وشرعنة حربَها ضدَّ بعضها. يتستَّرون بالدِّين والمذهب لتكونَ خلافاتهُم وحروبهُم مُقدَّسة وخطوط حمراء، مَن يدعو إِلى إِنهائها فهو في مواجهةِ الله تعالى ورسولهِ يعتبرُون كُلَّ خلافٍ ينشب...
{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
أَخطر أَنواع الخِلافات في الجماعةِ الواحدةِ أَو في المُجتمع الواحد هي الخلافات [الدينيَّة] و[المذهبيَّة] لأَنَّها تكون [مُقدَّسة] في رأي كلِّ الأَطراف لا يجوزُ تقديم التَّنازل فيها أَو التوصُّل إِلى حلُولٍ وسطيَّة، فضلاً عن إِنهائها، إِذ يلزم أَن تستمر بنفسِ الزَّخم وأَقوى أَو تعرِّضك للمُساءلة القاسية يومَ القِيامة.
والأَخطر منها عندما تكونُ أَقطاب النِّزاع [عمائم] {إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ} فالويلُ لنا!.
ولذلكَ تسعى الكثير من الأَطراف [السياسيَّة] وعلى مرِّ التَّاريخ وإِلى يومِكَ هذا تلفيع خلافاتها وصراعاتها بعباءةِ الدِّين والمذهب لحمايةِ وتحصينِ موقفها وشرعنة حربَها ضدَّ بعضها.
إِنَّهُم يتستَّرون بالدِّين والمذهب لتكونَ خلافاتهُم وحروبهُم مُقدَّسة وخطوط حمراء، مَن يدعو إِلى إِنهائها فهو في مواجهةِ الله تعالى ورسولهِ والإِمام الحُجَّة (عج)!.
إِنَّهم يعتبرُون أَنَّ كُلَّ خلافٍ ينشب بينهُم وبينَ الآخرين هو خلافٌ عقدي مُقدس لا يجوزُ تجاهلهُ أَو التَّماهُلَ في خوضهِ ونُصرتهِ، وإِلَّا فأَنتَ من {أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}!.
سلاحُ القُدسيَّة باسمِ الدِّين هذا وظَّفتهُ كُل الجماعات الإِرهابيَّة فكانت تحزُّ رؤُوس ضحاياها باسمِ الدِّين وتنتهك العِرض والشَّرف تحت ظِلِّ آيةٍ قُرآنيَّة، وتحرق ضحاياها وهُم أَحياء باسمِ المُقدَّسات السَّماوية، وهي لا تنسى في كلِّ مرَّةٍ أَن تقرأ حديثاً نبويَّاً على مسامعِنا قبل أَن تشرع بتدميرِ الحَضارة والمدنيَّة والتَّاريخ في بلادِ المُسلمين.
وعندنا فإِنَّ الموظَّف المُرتشي والسياسي الفاسد يُزيِّن مكتبهِ عادةً بالآيةِ القُرآنيَّة الكريمةِ {هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّى}!.
حتَّى في عهدِ رسول الله (ص) وظَّفت [الأَحزاب] الدِّين ومُؤسَّساتهِ [المسجد] لخدمةِ أَغراضِها الدَّنيئة ومُحاربة الإِسلام ورسول الله (ص).
يقولُ تعالى {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}.
فهل هُناكَ وقاحةٌ وجسارةٌ وتعدِّي على الحُرمات والحقائق أَكثر من هذا؟! يتستَّرونَ بالمُقدَّسات مع وجودِ المُقدَّس بينَ ظهرانيهم [رسولُ الله (ص)] ثمَّ يحلفُونَ {إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰۖ}.
ذات القُصَّة والمنهج تمتطيه الآن [الأَحزاب التي كانت إِسلاميَّة] التي تحكم بعض بلادِ المُسلمين وكذلكَ النُّظم التي تتخندق خلفَ الدِّين والمذهب لشرعنة خلافاتِها وصراعاتِها ونزاعاتِها بقدسيَّتهُما، وأَقصد الدِّين والمذهب!.
لو بُعِثَ رسولُ الله (ص) اليَوم لهدم [الأَحزاب والتيَّارات الدينيَّة] وكلَّ ما تتستَّر بهِ من مُقدَّسات كاذِبة ومُضلِّلة!.
أَمَّا نبيَّ الله إِبراهيم (ع) فلحطَّمَها كما فعلَ بأَصنامَ قومهِ ثمَّ علَّقَ الفأسَ برقَبةِ كبيرهُم لينتبهَ المُغفَّلُونَ فقد يتعظوا! {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ}.
ولا يختلفُ الأَمر كثيراً عن واقعِ حالِ خلافاتِ أَحزاب السُّلطة الفاسِدة والفاشِلة في بلادِنا.
إِنَّهم يتستَّرونَ بالمُقدَّساتِ [أَسماء ومُؤَسَّسات] لشرعنةِ نزاعاتهِم ولحمايةِ جرائمهِم وفسادهِم وفشلهِم من النَّقد.
ولكنَّ الله تعالى فضحهُم في نهايةِ المطاف، فعندما يصلُ حدَّ النِّزاع بينهُم لنشرِ بعضهِم الغسيل القذِر ضدَّ البعض الآخر حتَّى تتجلَّى في ساحتهِم مفهوم الآية الكريمة {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
وعندما يُزكِمُ فسادهُم وفشلهم أَنفَ [الأَخشم] فهذا يكفي أَن تسقُط عنهم القدسيَّة المزعُومة.
إِنَّ صلاةً لوحدِها تكفي أَن تردع المرء عن الصنميَّة والفساد المالي والإِداري {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} فماذا تعني كلَّ شعاراتهِم التي لَو كانت صادقةً للمسَها المُجتمع في سلوكيَّاتهِم ومناهجهِم وخُططِهم ومُنجزاتهِم!.
أَلا يعني أَنَّهم كاذبُون لا تشفع لهُم قُدسيَّتهم؟!. وصدقَ سيِّد الشُّهداء الحُسين السِّبط (ع) الذي وصفَ أَمثالهُم بقولهِ {النَّاسُ عَبيدُ الدُّنيا والدِّينُ لعِقٌ على أَلسِنتهِم، فإِذا مُحِّصُوا بالبَلاءِ قَلَّ الدَّيَّانُونَ} فبمُجرَّد أَن امتُحِنُوا بالسُّلطة والمال والجِنس تساقطُوا كأَوراقِ الخريفِ لم تشفع لهُم قُدسيَّتهم المزعُومةِ.
لو كانُوا يحملُون ذرَّة [قُدسيَّة] حقيقيَّة للمَسناها بالتَّواصي بعدَ العملِ الصَّالح والإِيمان بالله تعالى {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.
فهل رأَيتمُوهم تواصَوا بالحقِّ؟! بالله عليكُم؟! أَم أَنَّ كُلَّ تواصيهِم بالفسادِ والفشلِ الذي تحوَّلَ إِلى إِلهٍ يعبدُونهُ من دونِ الله وشعارهم {انصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ}.
هل لمِستم فيهم ذرَّةً من جوهرِ قولِ الله تعالى {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}.
إِنَّ خيرَ وصفٍ لهُم هوَ قَولَ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَقَدْ سَمِعَهُ يُرَاجِعُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ كَلَاماً {دَعْهُ يَا عَمَّارُ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنَ الدِّينِ إِلَّا مَا قَارَبَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَعَلَى عَمْدٍ لَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ لِيَجْعَلَ الشُّبُهَاتِ عَاذِراً لِسَقَطَاتِهِ}.
ما أَعظمكَ وأَعظمَ وصفِكَ لـ [الأَحزاب التي كانت إِسلاميَّة] يا أَميرَ المُؤمنين (ع)؟!.
لماذا تتحوَّل الخِلافات السياسيَّة الى عقائدية؟
{قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَٰهًا غَيْرِى لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ}.
بعضُ [الزُّعماء] يصنعُونَ من أَنفُسهِم [آلهة] في آرائهِم ومواقفهِم ومناهجهِم السِّياسيَّة، فإِذا اختلفتَ معهُ يُعرِّضكَ للمُلاحقة والسِّجن أَو لكاتمِ الصَّوت إِذا كُنت في مُتناوَل اليد! وللتَّشهير والتَّسقيط من خلالِ نشرِ الأَكاذيب والإِفتراءات والمنشورات الصَّفراء التي تتكفَّل بها جيوشهُ الإِليكترونيَّة وذُبابهُ الإِليكتروني! إِذا لم تكُن في مُتناوَل اليد.
يرفضُ حتَّى النَّقد الإِيجابي الحقيقي القائِم على مُستوَيَينِ؛ فضح أَفعالهِ الدَّنيئة وفسادهِ وفشلهِ الذي دمَّر البلاد وضيَّعَ ثرواتهِا، وتقديم البديل الذي يُحقِّق النَّجاح ويُكافح الفساد.
ولقد ابتُلينا اليَوم بنظريَّةٍ في غايةِ الخطُورة يروِّج لها ويوظِّفها الفاسِدونَ والفاشلُونَ لقمعِ الرَّأي الآخر، تقومُ على الجمعِ بينَ العقيدةِ والسِّياسة، فأَنتَ إِذا اختلفتَ معهُ في موقفٍ سياسيٍّ ما فكأَنَّكَ اختلفتَ معهُ في العقيدةِ! وإِذا انتقدتَ فعلاً سياسيّاً من أَفعالهِ فكأَنَّكَ انتقدتَ عقيدتهُ!.
هذا الخلط بين العقيدةِ والسِّياسة الهدف منهُ تحريم الإِختلاف في الآراء والمواقف السياسيَّة، في الوقتِ الذي يعلم الجميع أَنَّ العقيدة شيءٌ والسِّياسة شيءٌ آخر، فقد أَتطابق معكَ في العقيدة [١٠٠٪] لكنَّني أَختلفُ معكَ بنسبةٍ ما في المواقفِ السياسيَّةِ.
إِنَّ الإِختلاف في المواقفِ السياسيَّة بينَ أَبناء المذهب الواحِد والعقيدة الواحِدة لا يُفسِدُ لوحدةِ العقيدةِ قضيَّةً أَبداً.
يلزم أَن ننتبهَ لهذا الفصل بين الأَمرَينِ، حتى لا تتحوَّل عندنا الخِلافات السياسيَّة إِلى خلافاتٍ في العقيدةِ، فهذا أَمرٌ خطيرٌ.
إِنَّ العقيدة شيءٌ يخصُّكَ حتَّى إِذا اختلفتُ معكَ في بعضِ تفاصيلها، أَمَّا السِّياسة فشأنٌ عامٌّ لا يمكنكَ أَن تنفردَ بهِ بعيداً عن الإِختلافِ والنَّقدِ والتَّصويبِ والتَّجريحِ وما إِلى ذلكَ.
لا يحقُّ لكَ أَن تمنعَ الآخرين من الإِختلافِ معكَ في القضايا السياسيَّة بذريعةِ القُدسيَّةِ أَو العقيدةِ.
يلزم أَن نفضحَ مَن يُحاولُ أَن يجمعَ بين العقيدةِ والسِّياسةِ كلَّما حاولَ أَحدٌ أَن يختلفَ معهُ في موقفٍ سياسيٍّ ما.
أَنا هُنا لا أُناقِشُكَ في عقيدتكَ ولم أَتعرَّضَ لها، إِنَّما أُناقش فأُصوِّب أَو أَنتقد رأياً وموقفاً سياسيّاً، فالخلطُ لقمعِ الإِختلافِ ولترهيبِ الآخر!.
فعندما كانَ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) يحثُّ النَّاس ويُشجِّع عُمَّالهُ على قَبول الإِختلاف والإِصغاءِ والإِهتمامِ بالرَّأي الآخر فهو (ع) لم يقصُد بذلكَ الإِختلافات أَو المُلاحظات العقديَّة أَبداً وإِنَّما كانَ حديثهِ عن الخِلافات والمشاكل الإِداريَّة والسياسيَّة وكلُّ ما يخصُّ الشَّأن العام.
حتَّى عندما يتحدَّث (ع) عن المشاكلِ التي ابتُليت بها الأُمَّة بعدَ وفاةِ رسولِ الله (ص) فإِنَّما يتحدَّث عن الخلافاتِ السياسيَّة والإِداريَّة وطريقة [إِختيار] الخَليفة وسِياسات كلَّ واحدٍ منهُم.
إِنَّهُ لم يتحدَّث عن عقائدهِم ولم ينتقد [دينهم] بقدر ما أنَّهُ ناقشَ سياساتهم الماليَّة وأُسلوبهُم في الإِدارة وطريقتهُم في إِختيار العُمَّال والوُلاة على الأَمصار أَو على بيتِ المال والجِباية وغيرِ ذلك.
إِنَّ قولهُ (ع) عندما تهالكُوا عليهِ يُبايعونهُ {دَعُونِي وَالْتَمِسُوا غَيْرِي} هل كانَ يقصد الإِمامة [العقيدة] أَم السِّياسة [الخِلافة والإِدارة والحُكم]؟!.
وعندما كتبَ (ع) إِلى الطَّليق مُعاوية طاغية الشَّام {إِنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ عَلَى مَا بَايَعُوهُمْ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ وَلَا لِلْغَائِبِ أَنْ يَرُدَّ} فهل قصدَ بها الإِمامة [العقيدة] أَم السِّياسة [الخِلافة والحُكم]؟!.
وما قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ؛ دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) بِذِي قَارٍ وَهُوَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ فَقَالَ لِي؛ مَا قِيمَةُ هَذَا النَّعْل؟! فَقُلْتُ لَا قِيمَةَ لَهَا، فَقَالَ (ع) {وَاللَّهِ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ} فهل قصدَ بها العَقيدة [الإِمامة] والعياذ بالله أَم السِّياسة [الخِلافة والسُّلطة والإِدارة والحُكم]؟!.
وقولهُ في الخطبةِ الشقشقيَّة المعرُوفة {أمَا وَاللهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا إِبنَ أَبي قُحافة وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَلا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً} هل قصدَ بذلكَ أَنَّ المُوما إِليهِ تقمَّص الإِمامة، وهوَ الإِمامُ قامَ أَو قعدَ؟! أَم الخِلافة والسُّلطة والحُكم؟!.
وعندما يَقُولُ (ع) {فَمَا رَاعَنِي إِلَّا وَالنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وَشُقَّ عِطْفَايَ مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالْأَمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ وَمَرَقَتْ أُخْرَى} فهل قصدَ بالأَمرِ هُنا العقيدة [الإِمامة] أَم السِّياسة؟! وهوَ الإِمامُ قبل ذلكَ بـ [٣٦] عاماً أَي من بَيعةِ الغدير؟!.
وغيرِها الكثير من الخُطب والرَّسائل والأَقوال التي وردت على لسانهِ (ع) في [نهجِ البلاغةِ] وغيرِها بهذا الخصُوص.
إِنَّ اختلافي معكَ في رأيٍ أَو موقفٍ سياسيٍّ لا علاقةَ لهُ بالعقيدةِ، فلماذا تخلطُ بينَ البُعدَينِ؟! إِلَّا إِذا أَردتَ أَن تتمترسَ بالعقيدةِ لتحمي رأيكَ وموقِفكَ بالمُقدَّس من النَّقدِ والمُساءلة! ولإِرعابِ الآخر وتهديدهِ بالكُفرِ والزَّندقة ورُبما بطردهِ خارج [المذهب] حتَّى لا يختلف معكَ في رأي! فيصمُت أَو يُصفِّق.
والمُضحِكُ في الأَمرِ أَنَّ كُلَّ مَن تصدَّى للسِّياسة بخلفيَّةِ الدِّين والمذهب والطَّائفة عيَّنَ نفسهُ وكيلاً عن الله تعالى وظِلّاً لهُ في الأَرضِ فالويلُ لكَ إِذا اختلفتَ معهُ أَو ناقشتهُ أَو عارضتهُ في موقفٍ سياسيٍّ! فأَنتَ من أَهلِ النَّار {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}.
اضف تعليق