لا تفقد الأمل بنفسك وقدراتك، فان الآخرين الذين سبقوك في العلم، والمال والثروة، والعلاقات والخبرات لا يختلفون عنك بشيء أبدا، إلا شيئا واحد، وهو أنهم وثقوا بأنفسهم وقدراتهم، وثابروا حتى نالوا مرادهم. ابحث عن إيجابيات الآخرين واستثمر فيها، اجعل لك علاقة مميزة واستثنائية مع الله، الذي يمدنا...
أنا أريد أن يكون لي مشروع خاص، وعمل مستقل، ولكن لا أعرف كيف أبدأ، ولا أعرف من يساعدني، ولا أملك مالا، ولا محلا تجاريا. فماذا أعمل؟
هذا صحيح، الكثير من أبناءنا وبناتنا يريدون أن يكون لهم مشروعات خاصة بهم، ولكن مشكلتهم أنهم لا يملكون شيئا؛ ولا يعرفون من أين يبدؤوا؟ والحقيقة هذا هو الجزء الأصعب جدا في مسيرة العمل الحر. كيف تبدأ عملك؛ ومسيرتك المهنية من لا شيء؟
إذا... لنبدأ معا لعبة البحث عن (مفتاح الكنز) والمفتاح هو الخطوة الأولى نحو الكنز (مشروعك الخاص) وهناك عدة احتمالات، وأماكن، وأشخاص يمكن أن يوجد فيها مفتاح الكنز.
الاحتمال الأول؛ هو أن يكون المفتاح لديك، ولكنك لم تلتفت إليه في زحمة المشكلات والتحديات. والاحتمال الثاني؛ أن يكون المفتاح لدى أحد أفراد أسرتك، والدك أو والدتك أو أخوتك وأخواتك.
والاحتمال الثالث؛ أن يكون المفتاح لدى أحد أقرباءك مثل عمك أو عمتك أو أحد أبناءهم، وخالك أو خالتك أو أحد أبناءهم.
والاحتمال الرابع؛ أن يكون المفتاح عند أحد أصدقاءك المقربين. والاحتمال الخامس؛ أن يكون المفتاح عند مؤسسة حكومية أو غير حكومية تعمل تطوعا لدعم الشباب والشابات للبدء بمشروعاتهم الخاصة.
أعتقد من المهم أن تفتش عن مفتاح الكنز من عندك، وفي داخلك أولا؟ وأسأل السؤال الآتي: ما هي هواياتي ومهاراتي وخبراتي التي يمكن أن أعتمد عليها في فتح مشروعي الخاص؟ أكتبها ولا تتجاهلها. هل أجيد فن كتابة المقالات؟ هل أجيد فن التصوير؟ هل أجيد فن الحديث؟ هل أجيد الألعاب الرياضية؟ هل أجيد فن الألعاب الإلكترونية؟ هل أجيد فن السياقة؟
هل أجيد استخدام برامج الحاسوب؟ هل أجيد فن الطبخ؟ هل أجيد صيد الأسماك؟ هل أجيد زراعة المحاصيل؟ هل أجيد فن المحاسبة؟ هل أجيد الإدارة؟ هل أجيد فن البيع والشراء؟ هل أجيد صناعة بضاعة ما؟
هل لدي أفكار يمكن أن أسوقها لم يسبقني بها غيري؟ هل أجيد فن الصناعات اليدوية؟ هل لدي شهادة علمية ما؟ وهكذا أكتب كل فكرة ومهارة وخبرة عندك، ورتبها بحسب الأولويات. وأطلب من بعض أفراد أسرتك أو أصدقاءك أن يساعدوك في اختياراتك الذاتية.
ثم فتش عن مفتاح الكنز في منزل أسرتك، عند والدك أو والدتك أو أحد أخوتك وأخواتك، فكل منهم يملك فكرة ما، ومهارة ما، وخبرة ما، أو عمل ما. وأطرح السؤال الآتي: ما هي الأفكار الجيدة التي تستهويني عند أفراد أسرتي؟ ما هي المهارات التي يمتلكها أفراد أسرتي؟ ما هي الخبرات التي لدى أفراد أسرتي؟ ما هي المشروعات التي يعمل بها أفراد أسرتي؟
ما هي الإمكانيات التي يمتلكها أفراد أسرتي وتساعدني في تحقيق مشروعي؟ اكتب أسم كل فرد من أسرتك، ثم أكتب ما يتميز به عن غيره من أفراد الأسرة الآخرين، وأكتب في الحقل الثالث كيف تحصل على مساعدتهم. أكتبها وبحسب الأولوية والهواية والرغبة، فإذا استقر رأيك على فكرة ما أو مشروع ما؛ فطلب المساعدة والعون منهم، لكي تقف على قدميك. ولا تشك أن هؤلاء يرغبون بمساعدتك.
قد يكون لدى والدك أو والدتك مهنة معينة، وأنت يمكن أن تجيد هذه المهنة، ويمكن أن تتعلمها، وهي يمكن أن تجنبي لك مالا وفيرا، فلماذا لا تستثمرها؟ فـ (عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة)، ويمكن أن تطور هذه المهنة، وتكسب من هذا التطور مالا أكثر مما كان يجنيه والدك، وإذا كان أخوك يعمل في حرفة محددة، وهو خبير بها، وأنت لديك رغبة في أن تكون هذه الحرفة هي مشروعك للمستقبل، فلماذا لا تطلب منه أن يساعدك. خذ قرارك رجاء، ولا تضيع الوقت، وبدأ بالمشاورات الأولية مع أفراد أسرتك جميعا، وأعلن رغبتك بعد تفكير كافي بها.
ربما يكون هناك أكثر من مفتاح، وأكثر من كنز، عند جميع أفراد أسرتك، ربما ستجد الفكرة عند أحدهم، وتجد المشاركة عند الثالث، وتجد المال عند والدك، وتجد التشجيع والدعم عند والدتك، فهذه كلها مقومات وعناصر أساسية للنجاح. فأخذها كلها، وانطلاق، ولا تتراجع.
قد لا تجد لسبب ما مفتاح الكنز عند أسرتك، فيمكن أن تبحث عنه في الاحتمال الثالث، وهو عند بعض أقرباءك الآخرين ممن تربطك معهم رابطة الدم. مثل أعمامك وأبناءهم، وأخوالك وأبناءهم، فلا شك أن بعضهم يمكن أن يساعدك في تحقيق مشروعك المستقل، فبعضهم من يحمل أفكارا، وبعضهم من يمتلك مالا، وبعضهم من لديه مهنة وحرفة وعمل.
أبدا بتدوين أسماء أقرباءك واحدا تلو الآخر، ثم فكر في المهارات والخبرات والإمكانيات التي يمتلكونها، وحدد ما تريده منهم. قد تجد من أقرباءك من سبقك في مشروعه الخاص، وقد تجد من أقرباءك من يملك الأفكار الجيدة، وقد تجد من أقرباءك من يملك مالا يمكن أن يقرضك بعضا منه.
وهكذا، المهم خطط جدول صغير، واستعرض كل ما يمكن أن تستعرضه عن أقرباءك ومهاراتهم وإمكانياتهم، ثم الأولوية لمن يمكن أن يتفقوا معك في مشروعك، أو يمكن أن يساعدوك إذا طلبت منهم المساعدة.
يقول المثل (الصديق عند الضيق) فان لم تجد مفتاح الكنز عند أحد من أقرباءك؛ فقد تجده عند أحد أصدقاءك، فالصديق عادة يرتبط معك بالأفكار والمشاعر والطموحات (الطيور على أشكالها تقع) ولا حدود بينك وبينه، بل كل الحدود مفتوحة، فالصديق يعرف عن صديقه ما لا يعرفه أب أو أم أو أخ، وهو خزانة أسراره وعلاقاته.
وكم من صديق كان وفيا لصديقه، وكم من صديق وقف إلى جنب صديقه في محنته، وكم من صديق سد عن صديقه، وكم من صديق ضحى من أجل صديقه. بعض الشباب يفكرون بمشروعاتهم الخاصة مع أصدقاءهم أولا حتى قبل أن يعرف ذويهم، وقد يتخذوا بعض أصدقاءهم شركاء لهم في مشروعاتهم الخاصة، وهذا شيء جيد، فأنت تريد أن تعمل في مشروع؛ ومعك من يفهم أفكارك، ويحفظ أسرارك، ويدير علاقاتك، وليس هناك شخص يمكن أن يؤدي هذه المهمة الشاقة كالصديق الوفي.
إذن... حدد قائمة أصدقاءك، فأنت لديك الكثير من الأصدقاء، وليس كلهم يفكرون مثل تفكيرك، وليس كلهم يريدون أن يؤمنوا مستقبلهم، وليس كلهم مبدعون مثلك، فهناك من أصدقاءك أشخاص كسالى، وهناك من أصدقاءك لا يرى بالعمل قيمة، وهو يعتمد على والداه في تلبية متطلبات حياته، ويقضي جل حياته في العلاقات السطحية، ويضيع وقته في تفاهات الحياة.
وهناك أصدقاء تثق بقدرتهم، وتثق بكلامهم، وتثق بخلاصهم. فهؤلاء ينبغي أن تضعهم في رأس قائمة الأصدقاء المرشحين للاستعانة بهم، ثم هناك من أصدقاءك من يملك فكرا عظيما، ونظرة ثاقبة، وهناك من أصدقاءك من يملك مهارات محددة، وله خبرة فيها، وهناك من أصدقاءك من يملك المال، ويمكن أن يعطيك جزء منه، لتبدأ مشوار حياتك المهنية. وعليه، أرسم خريطة لجميع أصدقاءك، واختار من تفاتحه بالمشروع، وحدد سبب المفاتحة، ولا تتأخر كثيرا.
والاحتمال الأخير، أن تجد مفتاح الكنز عند إحدى المؤسسات الحكومية وغير الحكومية التي من مهماتها أن تدعم الشباب والشابات للحصول على فرص عمل لائقة، حتى ولو لم يكن لك مهارة أو مال أو فكرة، فمثل هذه المؤسسات تبحث عن رغبتك وتساعدك على تحقيقها من خلال دروس ودورات وورش عمل قصيرة. ودورك هو أن تبحث فورا عن أقرب مؤسسة مختصة بهذا الشأن، وتسجل اسمك لدى إدارتها. ولا تتخلف عن برامجها، لأنك وقتها ستتخلف عن مشروعك.
ولكن ماذا لو فقدت الأمل في جميع هذه الاحتمالات والأشخاص، ووجدت أنهم لن يساعدوك على تحقيق أهدافك وغاياتك، وبحثت في ذاتك فوجدت صعوبة في تحديد بوصلة الهدف، فماذا أنت فاعل؟
أولا/ نصيحتي لك ألا تفقد الأمل بنفسك وقدراتك، فان الآخرين الذين سبقوك في العلم، والمال والثروة، والعلاقات والخبرات لا يختلفون عنك بشيء أبدا، إلا شيئا واحد، وهو أنهم وثقوا بأنفسهم وقدراتهم، وثابروا حتى نالوا مرادهم.
وثانيا/ ابحث عن إيجابيات الآخرين واستثمر فيها، فلا يوجد إنسان في هذه الحياة إلا وفي داخله خير وشر، وله إيجابيات وسلبيات. ولديه مهارة في عمل ما، ونقص مهارة في عمل آخر. تماما مثلك.
وثالثا/ أجعل لك علاقة مميزة واستثنائية مع الله سبحانه وتعالى الذي يمدنا بكل ما نحتاجه في الحياة، وهو معنا أينما نكون وكيف نكون، وهو معنا في الشدة والرخاءـ
ويمكن أن نطلب منه العون في كل لحظة نشعر بها بالضعف والخذلان. فأنت تحتاج إلى القوة، وهو صاحب القوة، فاطلب القوة منه، وأنت تحتاج إلى الغنى وهو الغني فاطلب الغنى منه، وأنت تحتاج إلى الحكمة، وهو الحكيم فطلب الحكمة منه، وأنت تحتاج إلى الصبر، فاصبر أن الله مع الصابرين. عند ذاك ستفرج.
اضف تعليق