عليك ان تشرح لطفلك سبب رفضك لتقليده لسلوك معين قد يكون مؤذي وغير حسن وتضع حدود للمساحة التي يستطيع التقليد فيها وليس كل امر يمكن ان يلقد بل يجب تقلد الافعال والاقوال السليمة التي تنمي الشخصية عبر الاقتداء بالصالحين والمؤثرين في مجتمعاتهم...
المتتبع بدقة للاطفال يلحظ انهم يحبون تقليد من هم اكبر منهم المتواجدين معهم في المحيط الاجتماعي، فيلقدون كلمات وافعال بدون معرفة معانيها ودلالاتها، فقد يحاول طفلاً ان يقف يصلي مثل ابيه وآخر يقوم بحركات بهلوانيا كأخيه الذي يكبره، وهذا الامر طبيعي جداً، وغير الطبيعي اذا ما اخضع لمعيار السواء من عدمها، فقد يكون مقلقاً عندما يكون نتيجة شعوره المتدني بتقدير الذات، فيحاول تقليد الآخرين لجعل نفسه أكثر قبولاً، اما مقبوليته فتأتي من ضبطه للسلوك وبالتالي التعلم بسرعة.
يبدأ تقليد الاطفال من سن الرضاعة فغالباً ما تراهم يقلدون تعابير الوجه التي يقوم بها آباؤهم عندما يبتسمون أو يبرزون لسانهم في وجهه، وعندما يفعل الأطفال ذلك فإنهم في الحقيقة يتعلمون ويحاولون التواصل معك عن طريق لغة جسدهم، مما يعني ان الامر قد يكون فطرياً ويتطور مع مرور العمر.
وبعملية التقليد يكسب الطفل سلوكيات جديدة عبر ملاحظة وتقليد سلوك الآخرين، وهو أحد أهم المهارات الاجتماعية التي تجعل الطفل يكتسب جملة من الادوات والمهارات التي يحتاج اليها في حياته اذا ما تفقنا ان اكتساب الانسان لكل شي يأتي عبر رافدين اولهما التعليم داخل المؤسسات التعليمية وثانيهما التعلم الذي يحصل في أي مكان آخر من غير المؤسسات التعليمية والتقليد جزء مهم من هذا التعلم.
ما هي انواع التقليد لدى الاطفال؟
يقوم الاطفال بتقليد عدة امور ومنها:
التقليد الحركي الذي يتمثل في محاولات القيام بالحركات والإيماءات الجسدية للأشخاص المقلدين، على سبيل المثال يقلد الطفل طريقة مشي والده او طريقة جلوس امه او طريقة ارتداء جده لنظراته وغير ذلك السلوكيات التي يقلدها حركياً.
ثاني ضروب التقليد هو التقليد اللفظي المتمثل تقليد الأطفال للكلمات والعبارات التي يسمعونها من الآخرين، سواء كان ذلك من الأهل أوالمعلمين، أو الأصدقاء، وقد يكون تلقيدهم للاصوات لتقريب نفسه ممن يقلده واستمالة عواطفهم وهذا ضرب من ضروب الذكاء الذي يستخدمه الطفل للتأثير في محيطه وبسط نفوذه لاثبات ذاته وابرازها.
ثالث ضروب التقليد هو التقليد الاجتماعي المتمثل بتقليد الأطفال للسلوكيات الاجتماعية والقيم الاجتماعية التي يرونها في محيطهم، مثل التصرف بشكل مهذب أو مشاركة في الأنشطة الاجتماعية، وبهذه الكيفية تنتقل العادات والقيم والمحددات والضوابط الاجتماعية عبر الاجيال مع التغير النسبي عليها، ولهذا النوع من التقليد الفضل في المحافظة على تلك القيم والتقليد والعادات الرصينة.
وللتقليد ضرب رابع وهو التقليد العاطفي الذي يقوم به الاطفال للتعبير عن المشاعر والعواطف التي يشاهدونها في الآخرين، مما يؤثر على تطور فهمهم للعواطف والتفاعل الروحي معهم، على سبيل المثال ان الاب يقول لابنه احبك يكرر الطفل فيما بعد كلمة احبك لابيه وامه واخيه.
اما الضرب الاخير فهو التقليد في اللعب ويتمثل هذا في تقليد الألعاب والأنشطة التي يشارك فيها الأطفال، حيث يقلدون تصرفات الاكبر منهم ويتعلمون منهم، فقد ترى طفلاً لا يتجاوز الخمس سنوات يقلد حركات لاعب كرة قدم على سبيل المثال لا الحصر.
كيف يجب التصرف مع تقليد طفلك لسلوكيات غير لائقة؟
حين تلحظ ان طفلك يقلد سلوكيات غير صحية لا تحاول عزله عن المجتمع لمحاولة منعه من اكتساب عادات أو سلوكيات سيئة بل يجب عليك معالجة ذلك نفسياً فحين يقلد كلمات بذيئة او تصرفاً غير لائق لا تضحك بوجهه وكن جدياً وان كان الامر مضحكاً ولكنك لا تريد منه أن يكرره، فليس من مصلحتك أن تظهر ذلك لأن ضحكك هو بمثابة تشجيع له لتقليد السلوك مرة أخرى.
كما عليك ان تشرح لطفلك سبب رفضك لتقليده لسلوك معين قد يكون مؤذي وغير حسن وتضع حدود للمساحة التي يستطيع التقليد فيها وليس كل امر يمكن ان يلقد بل يجب تقلد الافعال والاقوال السليمة التي تنمي الشخصية عبر الاقتداء بالصالحين والمؤثرين في مجتمعاتهم.
اضف تعليق