ان التعرض للتعذيب أثناء الحروب والنزاعات، والتعرض للاغتصاب، والاصابة بمرض السرطان، هذه العوامل الأكثر شيوعا في التأثير على الفرد ولربما تستمر المعاناة من هذه الصدمات لسنوات ويعتمد العلاج على مشاعر المريض ودرجة الاستجابة والتقبل وقدرة المعالج النفسي على التشخيص والتقييم الصحيح، وبالتالي العبور صوب ضفة الصحة النفسية الجيدة...
لن تسير الحياة على وتيرة واحدة وهذا هو سر الله وحكمته في خلقه، فاليوم يصعدون وغداً يهبطون ومابين هذا وذاك يمر الانسان بمراحل حياته جميلة واخرى مؤلمة ومتعبة، في الجانب السيء للحياة انها تعطيك ظهرها متى ما تشاء فيتوفى لك شخصاً لم تكن تتوقع وفاته بهذه الطريقة مثلاً، او ان حالة سرقة كبيرة تأكل الحرث والنسل، انهاء عقد عمل وغيرها الكثير من الامور غير المتوقعة والتي تتسبب بأذى نفسي للانسان وتحدث لديه ما يعرف بـ( الصدمة).
الصدمة النفسية أو (الجرح النفسي) في علم النفس هو "حدوث ضرر أو أذى إلى العقل بسبب حالة من الكرب والتوتر الشديدين، في الطب تعني هذه الكلمة جرحا بسبب حادث أو بفعل عنف أي اعتداء أو جعل هذا الإنسان يفعل شيء بدون إرادته غصباً عنه، بالتماثل مع ذلك يسمى في علم النفس الهزة النفسية القوية الناتجة عن حالة صدمة نفسية بالجرح النفسي.
نتيجة للمواقف التي يمر بها الانسان فأن الصدمة تعد سلوكا عاديا واستجابة طبيعية لما يحدث، لكن شدة الصدمة وتعاملنا معها وتفسيرنا لها هو الذي يجب ان نقف عليه ونبحثه وبالتالي نتعامل معها بحرفية لتخطيها واثارها المرهقة، فلو تمكنا من ذلك ستمر ونعود كما كنا قبلها لكن حين نخضع لها ستوقف تقبلنا للحياة ونغدو في حالة من والانزواء والانعزال الانسحاب من المجتمع اضافة الى قلة النوم والطعام والاستحمام وغير ذلك من السلوكيات الحياتية اليومية التي يمارسها الانسان.
الصدمة ليست عرضاً بحد ذاته بل هي نتيجة لسبب وبذا لا يصح ان نقول انها مرض نفسي والوصف الدقيق لها هي انها اضطراب نفسي يتطلب العلاج النفسي، والعامل الزمني مهم جداً في امكانية ان يكون العلاج فعال ام العكس، وهو من يحدد هل الموقف أو الحدث هو صدمة أو انتقال إلى أعراض ما بعد الصدمة وشدة الصدمة، والعامل الزمني ايضاً هو الكفيل في حالات عديدة بإحداث الشفاء والتعافي وعبور الازمة.
في سياق المسببات للصدمة النفسية يقول الخبير النفسي الدكتور (عبد الحميد عفانه)" ان التعرض للتعذيب أثناء الحروب والنزاعات، والتعرض للاغتصاب، والاصابة بمرض السرطان، هذه العوامل الأكثر شيوعا في التأثير على الفرد ولربما تستمر المعاناة من هذه الصدمات لسنوات ويعتمد العلاج على مشاعر المريض ودرجة الاستجابة والتقبل وقدرة المعالج النفسي على التشخيص والتقييم الصحيح، وبالتالي العبور صوب ضفة الصحة النفسية الجيدة او المقبولة على اقل تقدير.
كما ان الحوادث الطبيعية والاختطاف والتهجير كما حصل في العراق في مناسبات عديدة وما نتج عنها من آلام وويلات تؤدي الى ظهور حالات الشد والتوتر العنيفة أو مشاعر العجز أو الرعب والخوف والعصبية الزائدة والكتمان بالداخل أي الصبر ومحاولة الهرب والاكتفاء بالذات في محاولة لاستعادة التوازن النفسي الذي غاب بفعل هذه الازمات او المسببات.
لمعالجة الصدمات التي يتعرض لها الانسان يتحتم ان يتعرض المصدوم الى عدم عمليات منها ماهو نفسي ومنها ماهو طبيعي لكن له مردود نفسي ايضاً ومن هذه العمليات العلاجية هي:
اخضاع الفرد الى العلاج معرفي السلوكي والذي يجري عبره تغير بوصلة تفكيره فيما يخص ما تسبب له بحدوث الصدمة، وتبرير الموقف باعتبار ان الامر ممكن ان يحصل للجميع وان الحياة لن تتوقف عند مشكلة تحدث لنا وبذا يجب ان لا نستلم ونستمر في الحياة وان الصدمات التي تقتل تقوي، ومن العلاجات النفسية المهمة ان يترك المصدوم لفترة من الزمن للنسيان وبالتالي التشافي.
ومن المفيد زج الفرد في انشطة يحبذها لقتل الوقت وصرف التفكير عن مسببات الصدمة وهذا هو المطلوب في مرحلة العلاج، ثم من الجيد ان يسافر الفرد المصدوم لتغير البيئة التي تلقى فيها صدمته وفي ذلك محاولة لتخفيف وطئة الصدمة ونسيانها، وبهذه المحاولات العلاجية نتمكن من مغادرة اثار الصدمة او تقليلها على اقل تقدير.
اضف تعليق