يحمل التطبع صفة اللاشعور احياناً كثيرة فما ان تكون في مكان ما تمارس نشاطك الاجتماعي سواء في الوظيفة، الدراسة، العمل، حتى تبدأ في ان تصطبغ بصبغة من في ذلك المكان ويوماً بعد آخر يلحظ عليك أنك اصبحت ككل من في المكان منذ وقت كبير، وقد يصل الامر حد التشابه حد التطابق...
يتصرف الانسان على طبيعته ومن مداد بيئته الاولى التي يولد فيها وهذا امر طبيعي جداً ومسلمة لا جدال فيها، وبعد ان يكبر لابد له ان ينتقل الى بيئات اخرى تختلف عما تعود عليه فيبدأ ينصهر في بوتقة المجتمع الجديد ويجاري سلوكياتهم ويحرص على الاتفاق معهم في الشكل العام للسلوكيات وعدم الخروج عن قواعدهم العامة برضا منه وقناعة وهذا ما يعرف علمياً بالتطبع.
التطبع في علم النفس هو عملية ظهور هياكل النفسية الخاصة الناجمة عن النشاط البشري الخارجي وبعبارة أخرى، هو معالجة كافة الإجراءات المعقدة وتحويلها إلى تجربة ذلك من خلال استيعاب. بالإضافة إلى تمثيل وظيفة، عملية يجعل من الممكن للعمل مع الطريقة الموضوعية.
ويعرف ايضاً على انه فهم ومعالجة الأنشطة الخارجية للإنسان لتكون ملائمة للمحيط، بدون هذه العملية سوف يتحول الناس الى اشبه ما يكون بالجماد الذي لا يطاوع التغيير الا بعمليات معقدة جدا وفي مصانع خاصة.
في هذا السياق شاع قديماً (من عاشر القوم اربعون يوماً صار منهم او مثلهم) على اختلاف الروايتين، هذا التحوير الذي يخضع له الانسان ليصبح أكثر امناً نفسياً لكونه حين يشذ سيفقد التأييد المجتمعي وبالتالي يعيش حالة من الاغتراب رغم كونه محاط بالكثير من الناس لكن يبدو ان الامر لا يتعلق بكثرة من حولك بقدر ما يتعلق بانسجامك معهم.
هو الفرق بين الطبع والتطبع؟
يمكنا القول الطبع هو ما تفرضه بيئة الإنسان وتكوينه توافقياً لتنتج منظومة قيم خاصة بشخص ما، وقد يتشابه فيها شخصان أو عدة أشخاص، وقد تكون حميدة كما الإحسان الكرم وغير ذلك، وقد تكون ذميمة كما الشدة والغلظة في القول والفعل.
بينما التطبع هو ما يجده الإنسان من خلق موافقاً لهواه وقريباً من نفسه، فيقرر أن يتملكه رغبة في الأفضل، وقد يجبر عليه جراء ظروف مرت به ليس له إرادة في تغييرها، ولا يتشابه اثنان في كيفية تنفيذ وممارسة التطبع لخلق ما، فقد يقرأ أحدهم الكرم من منطق أنه يحب الذكر الحسن، وقد يراه آخر بمنظور أن البذل يريح النفس.
يحمل التطبع صفة اللاشعور احياناً كثيرة فما ان تكون في مكان ما تمارس نشاطك الاجتماعي سواء في الوظيفة، الدراسة، العمل، حتى تبدأ في ان تصطبغ بصبغة من في ذلك المكان ويوماً بعد آخر يلحظ عليك أنك اصبحت ككل من في المكان منذ وقت كبير، وقد يصل الامر حد التشابه حد التطابق من حيث لا يدري، وربما هذه من نعم الله على ابناء ادم حيث انه يريد لهم ان يدخلوا في جو ومحددات الإطار الذي يحتويهم.
وعلى هذا الاساس يجب اختيار البيئة الاجتماعية بعناية عالية لأننا سنصاب منها بالعدوى لذا الحذر كل الحذر من البيئات الموبوءة التي تفسد فطرة الانسان السليمة (طبعه) قبل ان تنال منه المؤثرات غير السليمة وتحوله الى انسان بوجه وطباع واخلاقيات اخرى غير مألوفة وغير مرحب بها.
في الختام اود الاشارة الى ان اكتساب لخلق وسلوكية جديدة جيدة من البيئة الجديدة من غير الرضوخ التام لتلك البيئة امر غاية في الاهمية، وهذا عادة ما يحصل للناجحين من الناس دون سواهم، إذا يقومون بترويض أنفسهم والتعمق في معرفة عيوب مميزات كل جزئيات الشيء الجديد انتقاء الافضل كونهم في يمتلكون قدرا لا بأس به من الحرية ليصنعون رداء يناسبهم وبالتالي يكونون مقتنعين بما يفعلون لذلك هم يمارسونه بالشكل الصحيح وهذا هو التميز والنجاح الحقيقي للانسان.
اضف تعليق