صاحب الزعامة الوهمية ذو شخصية متورمة دائماً وله شعور بأنه أفضل من الآخرين وهو في الاعلى بينما هم في الاسفل، وهو العالم وهم الجهلة، هو الأقدر وهم العاجزون، وهذا الشعور ينتج منه في الغالب نوعا من العمى النفسي وفقدان البصيرة الاجتماعية فترى المصاب بهذا الداء يمشي في الأرض مرحاً...
مسكين ذلك الذي لم يجد تقبلاً وتقديراً مجتمعياً يسد حاجته النفسية، فكل انسان وبلا وعي يحتاج الى من يثمنه ويحسب له حساب ويهتم به او يحترمه على اقل تقدير، وحين لم يحصل على هذا الاهتمام من الطبيعي ستتشكل لديه عقد نفسية تؤثر على جميع تفصيلات حياته ويتضح ذلك عبر سلوكياته اليومية، ومن هذه العقد ستتكون مجموعة من الدفاعات النفسية الا شعورية منها انه يصور صور وهمية يرضي بها ذاته المتلهف المثالية او الظهور.
هذه الحالة النفسية تدعى بـ(الزعامة الوهمية) التي يمارسها الانسان في احيان كثيرة بوضع نمطاً حياتياً لنفسه مبنياً على الخداع للذات محاولة تعويض ذلك النقص العاطفي والكبت الذي تعرض له في فترات عمرية سابقة، وهذا الذي يسمى في على النفس بآلية التعويض النفسي التي هي احد آليات الدفاع اللاشعورية او ميكانزمات الدفاع، والتي تفرض نفسها على الانسان دونما وعي.
تنتشر هذه الظاهرة في جميع المجتمعات سيما المجتمع العراقي الذي بدأت تتضخم فيه أكثر من اقرانه لكونه عاش الحرمان والقهر بكل انواعه وصنوفه، فما ان تلاحظ سلوك العديد من الناس او تستعرض منصات التواصل الاجتماعي حتى تجد السياسي والفنان والاعلامي وغير ذلك ممن تصدى فجميعهم زعيم وكلهم رئيس وقائد وهو الافهم والاكثر تأثيراً وانجازاً وكل حسب تخصصه ومجال عمله او المجال الاجتماعي الذي ينشط فيه.
في خضم الوهم الذي يحيط بالزعيم تضائل حضور نحن لصالح أنا، وبات هذا المظهر هو الذي يأطر أحوال المجتمعات اليوم ولكن أن ينقلب تقدير الذات والثقة بها والتعويل عليها إلى انغلاق على النفس والتعالي بها على بقية الخلق فتلك هي العلة علة تناولها علم النفس تحت مصطلح النرجسية وأيضا جنون العظمة، واعتبرها في الغالب الأعم اضطرابا في الشخصية، ومرضا خطيرا حين تتحوّل إلى هوس عدواني.
صاحب الزعامة الوهمية ذو شخصية متورمة دائماً وله شعور بأنه أفضل من الآخرين وهو في الاعلى بينما هم في الاسفل، وهو العالم وهم الجهلة، هو الأقدر وهم العاجزون، وهذا الشعور ينتج منه في الغالب نوعا من العمى النفسي وفقدان البصيرة الاجتماعية فترى المصاب بهذا الداء يمشي في الأرض مرحاً، محاولاً اختراق الأرض وبلوغ الجبال طولا، وبذا يظل يدور هذا دائرة الوهم المحيرة والمدمرة له نفسياً.
من الامثلة الواقعية ذات البعد الزمني القريب على الزعامات الوهمية هو ما يحصل في اغلب التظاهرات، اذ يتصدر المشهد اناس يمنون النفس بالزعامة وتصدح حناجرهم بالحرية لكنهم يفشلون في اقناع الجمهور بشعاراتهم وأطروحاتهم غير الواقعية او التي لم تصدر عن قناعة من اصحاب الزعامة نفسها فحين لم تقل ما تؤمن به لا تتوقع ان يؤمن به أحد وهذه قاعدة ثابتة وليس فيها شواذ ابداً، لذلك تبوء محاولتهم في الحصول على الدعم الكافي بالفشل وبالتالي يصبح نفخهم في شبك وهم ليسوا بزعماء ولا محترمين على الاطلاق.
كما ان اصحاب رؤوس الاموال الذين يستثمرون في مشاريع تدر عليهم اموال كما في التعليم على سبيل المثال فأنهم يفتقدون الى التقدير الذي يحظى به استاذة الجامعة وهذا ما يجعلهم يشعرون بعقدة النقص فيتجهون نحو تكوين ذات وهمية لهم علها تعوض النقص لديهم محاولين الحصول على تقدير واحترام بوضع هالة عليهم عبر تأسيس مكاتب فخمة وخدم وحشم وما الى غير ذلك رغبة منهم على ذات الظفر بمستوى من الاحترام والتقدير ولن يحصلوا على ذلك ابداً.
ومثلهم السياسيين الذين يدخلون عالم السياسة في الاصل من اجل كسب عزاً ووجاهةً واموالاً تمكنهم من ان يكونوا في الصدارة كما يعتقدون، غير ان الحقيقة ان الله يضع في عباده نوراً يسيره في الارض وبدون هذا النور لن يستطيع احد من الوصول الى قلب احد من الناس مهما حاول وخطط ونظم وعمل واجتهد (فأعلموا يا اولي الابصار).
اضف تعليق