ان الندم يمنح الانسان فرصة للتصحيح وتقويم افعاله وان مشاعر الندم لم تأتي من فراغ وهذه المشاعر تزداد كلما شعرنا بأن الإصلاح أصبح ممكنا ويتوجب علينا أن نتخذ خطوة باتجاه ذلك، والمثال على ذلك في مجال الدراسة يظهر الندم على الطلبة لضياع فرصة النجاح...
اغلب الناس ان لم يكن جميعهم في مواقف معينة يتمنون لو انهم لم يسلكوا سلوكية معينة، هذا الشعور الذي يعقب السلوك يجعل من الفرد متعب النفس سارح البال وكارهاً لنفسه ومعاتباً لها، وربما تكون هذه الحالة الشعورية هي اداة تقويمية لسلوكياتنا ومهذبة لأفعالنا لئلا نستمر في الخطأ، هذا الشعور هو الندم وهل من انسان على وجه الارض لم يندم يوماً؟
يعرف الندم على انه " الشعور الذي ينتابنا حين ندرك أن وضعنا الحالي كان سيكون أفضل لو أننا قررنا التصرف بشكل مختلف في الماضي أي إنه نظرة إلى الوراء تشعرنا بعدم الرضا، وتدفعنا إلى لوم أنفسنا وتمني لو أننا استطعنا إلغاء الماضي أو تغييره".
يقدر العاملون في مجال علم النفس الشعور بالندم بأنه من اكثر المشاعر السلبية التي تعصف بالإنسان ويمكن ان تباغته حتى في أفضل حالاتهم، ويستند الندم عموما على الاعتقاد بأن نتيجة أي عمل أو قرار تم في الماضي ستكون أفضل بالتأكيد كما لو أن الاختيار وقع على بديل أو خيار آخر غير الذي كان، ولعل الكثير من السلوكيات او القرارات التي نندم عليها فيما بعد هي سليمة ولا تشوبها اخطاء لكن الندم كان بدافع البحث عن الافضلية او الحساسية الشديدة من الوقوع بالأخطاء التي لا نحبذ حدوثها.
حين ينتاب الانسان الشعور بالندم فانه يترك مشاعر سلبية كثيرة عليه كالشعور بخيبة امل، الشعور بالذنب، الاحباط، لوم الذات، والاكثر اذى من ذلك ان الانسان الذي تسيطر عليه مثل هذه المشاعر سيقبع تحت مجموعة ممارسات ادراكية مزعجة محاولاً فهم أسباب اتخاذ القرارات غير الصائبة أو أسباب التصرف السيء في الماضي، ولماذا فاتته خيارات أخرى كانت واضحة وجليّة وأكثر جدوى ومن شأنها أن تحقق نتائج أفضل.
احيانا نندم ليس لأننا اخطأنا في قرار او فعل بل لأننا لم نحسن التصرف في مواقف كانت تتطلب رداً قوياً ازاء تمادي الاخرين وتجاوزهم، وحينها نتمنى لو اننا امتلكنا القدرة على توجيه الكلام الذي يناسب الموقف لإيقاف تهجم معين او انتقاد او تعدي، وغالباً ما يحرقنا سؤال موجه الى أنفسنا وهو لماذا اتخذنا جانب الصمت، كان الافضل ان ارد بذات الطريقة التي عوملت بها، وهنا يثير الندم مشاعر النقمة على الذات، إلا أن التعامل الصحيح معه يحول هذه المشاعر باتجاه التعرف إلى طريقة التفكير.
يرى نفسيون ان الندم يمنح الانسان فرصة للتصحيح وتقويم افعاله وان مشاعر الندم لم تأتي من فراغ و هذه المشاعر تزداد كلما شعرنا بأن الإصلاح أصبح ممكنا ويتوجب علينا أن نتخذ خطوة باتجاه ذلك، والمثال على ذلك في مجال الدراسة يظهر الندم على الطلبة لضياع فرصة النجاح او ضياع فرصة الاتيان بمعدلات عالية او تفضيل تخصص دراسي دون غيره، وفي مثل هذه الحالة تكون الفرصة سانحة لتصحيح الخطأ وفرصة التصحيح هذه تكون متاحة للجميع، في حين التلكؤ في إجراء التصحيح يضاعف مشاعر الندم لأن إجراءات التصحيح متاحة وبالتالي، لا يوجد سوى القليل من التبريرات للاستمرار في الخطأ دون الم نفسي.
فيما يتبنى باحثون مناهضون وجهة نظر معاكسة تماما، اذ انهم يؤكدون ان الندم يزداد حدة عندما لا تكون هنالك فرصة للتصحيح وان الفرص التي اتيحت سابقاً لم يتم استثمارها، ويؤثر في ذلك سن الانسان حيث ان الانسان في كل مرحلة عمرية معينة له استعدادات نفسية فعلى سبيل المثال ان اغلب من يتقدم بهم العمر لا يستطيعون الانتظام مجدداً في قاعات الدراسة والتأقلم مع أجوائها وتحمّل أعباء المذاكرة ومتابعة الدروس والبحوث وبالتالي يبلغ الندم اوجه لقناعة الانسان ان ما فات لن يعود وبالتالي تفاقمت الازمة والقت بتبعاتها النفسية على الفرد.
توصيات للتعامل مع الندم وهي كالآتي:
اولاً عدم الوقوف كثيراً عند الفرص الضائعة كما يفضل عدم الاستغراق في تقييم الماضي، فالمستقبل اولى بالتركيز عليه لان فيه ما تحمله لنا الايام من فرص تعوض ما فات.
ثانياً اذا كان سبب الندم هو سلوكية خاطئة بحق احد فبادر بالاعتذار اليه وبالتالي تخف لديك مشاعر الندم.
ثالثاً_ من الضروري ان يسامح الانسان نفسه ولا يبالغ في جلدها لان جلد الذات سيرهقها ولم يعمل على التصحيح.
رابعاً_ تقبل حقيقة ان الانسان يتعلم من أخطائه فليس العيب ان نخطأ بالعيب ان لا نعالج الخطأ ولا نتعلم منه، وتلك هي ابرز التوصيات لفادي الوقوع في اثار الندم المدمرة.
اضف تعليق