لكل انسان سوي ذو قلب نقي ونفس واعية وقفة مع ذاته عند كل عمل يؤديه سيما حين يشعر انه أخطأ في هذا العمل او لم يقدمه بالمستوى المناسب، وهذا الشعور المتأتي من داخل الانسان هو صوت الضمير الذي يعد بمثابة جهاز الحماية الذي يمنع تلف انسانيتا او تعطيلها...
لكل انسان سوي ذو قلب نقي ونفس واعية وقفة مع ذاته عند كل عمل يؤديه سيما حين يشعر انه اخطأ في هذا العمل او لم يقدمه بالمستوى المناسب، وهذا الشعور المتأتي من داخل الانسان هو صوت الضمير الذي يعد بمثابة جهاز الحماية الذي يمنع تلف انسانيتا او تعطيلها، وبالتالي البقاء على قدر من الاعتدال في السلوكيات الحياتية المختلفة، لكن الخوف من تعدي الحدود الطبيعية فيصبح مرض نفسي مؤذي لصاحبه اذا يجعله يتردد في ان يخطي أي خطوة لكي لا يخطأ لكنه يفعل ويندم وتدور الدائرة بهذه الكيفية المقلقة مما يتسبب بإرهاق شديد للعقل والنفس.
يعرف تأنيب الضمير على انه عبارة عن ألم نفسي يشعر به الفرد داخليا فيتحول على هيئة حوار بينه وبين ذاته، أو هو حوار بين الأنا والأنا الأعلى يناقش ارتكاب المرء للذنوب والآثام وقد تكون هذه المشاعر وهمية مبالغا فيها فهي لا ترتبط بخطأ واضح ولا واقعي.
ويقول الأخصائي النفسي (بدر الأنصاري) في مصطلح الشعور بتأنيب الضمير "أننا نفهم الشعور بالذنب على أنه حالة انفعالية خاصة تتضمن مشاعر مؤلمة نابعة من ضمير الفرد نتيجة لارتكابه فعلا أو حدثا يأسف عليه أسفا عميقا بالإضافة إلى كونه شعورا مؤلما بالإثم يرتبط بالخوف من جرح مشاعر الآخرين.
ماهي سيكولوجيا الفرد الذي يؤنب ضميره دائماً؟
سيكولوجيا الفرد الذي يؤنب نفسه دائما لا يهتم بأي إيجابيات وينظر فقط للسلبيات، ولا يعرف معنى تقدير الذات ولا الفخر بنفسه وتصرفاته حتى الحميدة منها، ويغفل انه حينما يثمن إيجابياته سيتمكن من ان يحقق اهدافه ومخططاته، على عكس الذي لا يقدر نفسه ولا يعرف قيمتها فأنه لا يوظف قدراته للوصول للنجاح الذي يتمناه ويعمل من اجل تحقيقه.
الأثار الناتجة عن تأنيب الضمير بإفراط
المؤنبون لضمائرهم يكون حصادهم ارهاق العقل والنفس وغياب النوم عنهم، يصبحون دائمي الهروب من المشاكل ولا يحاولون أن يجدون حلول لأي مشكلة يمرون بها، يلجئون دائما للوم انفسهم مع عدم محاولة الإصلاح، ليس هذا فقط بل يصبحون افراد سلبيين في المجتمع مع غيابهم من ادوارهم المجتمعية بسبب التشاؤم الذي مما يتسبب في بعدهم عن الناس وتجنب الناس لهم، من الممكن أن يتجهون صوب بعض العادات الخاطئة مثل التدخين او تعاطي المخدرات والكحول أو غيرها من العادات السلبية، تنعدم لديهم القدرة على التركيز، وتتغير عاداتهم فمن الممكن مثلا أن يلجئون لتناول الطعام بشراهة أو التوقف عن تناول الطعام حسب طبيعة الشخص.
تتفق معظم الدراسات والبحوث النفسية على ان الاصول الاولى للشعور بالذنب هي مرحلة الطفولة المبكرة نظراً للأساليب التربوية الحازمة والقاسية التي تلقاها من الابوين والتي تؤدي الى تحميل الأطفال مسؤولية الأخطاء التي ترتكب وان كانت من غير قصد، هذا اول مسببات التأنيب المبالغ فيه للضمير، اما السبب الثاني فهو الخوف الذي يتولد لدى الفرد والذي يدفع بأتجاه الحرص على احترام مشاعر الاخرين وعدم جرحها او ايذائها فيعاتب نفسه على كل كلمة وكل فعل يفعله حتى ولو كان صحيح ومقتنع به لكن هذا الفعل تسبب في غضب شخص ما.
وثمة من يكثر لوم نفسه على نتيجة غير متوقعه او وصوله الى حالة من الفشل والاخفاق في امر معين، على سبيل المثال لا الحصر لوم الطالب لنفسه حين تكون نتيجته الرسوب في امتحان معين رغم انه لد يدخر جهد ولم يقصر في المذاكرة، وهناك من يعاتب نفسه او يحقرها بسبب خطوة كان ينبغي أن يقوم بها ولكنه تأخر فكان هذا سبب في ضياع فرصة هامة بالنسبة له وهذا الامر يحدث لدى الاشخاص كثيري التردد.
وللتخلص من تأنيب الضمير المبالغ فيه ينبغي ان يتعلم الانسان تقنية او مهارة مسامحة الذات والتصالح معها ومع المحيط والتفريق بين السلوكيات السليمة والاخرى غير السليمة وعندها لابأس بلوم النفس من اجل اصلاحها لا من اجل تحقيرها، فلا داعي للتأنيب على امر مر ولا يمكن تغييره، ومن الضروري ان يفهم الانسان ان جميع البشر خطائين ولكن يجب أن نتعلم من أخطائنا ونحاول التحسين من أنفسنا.
الخطوة الاخرى بأتجاه تقليص مساحة تأنيب الضمير ترك كلمة (لو) التي تفتح باب الشعور بالذنب والتي لا تغير من الواقع شيئاً غير انها تشعل شعلة في داخل الانسان تفقده هدوئه واتزانه، ومهم ايضاً تجنب جلد الذات والتفكير دائما في امكانية التصحيح للسلوكية التي تسببت هذا الاذى النفسي الكبير، وعلى الوالدين معاملة اطفالهم برفق حين يخطؤون وتعليمهم ان ما يقمون به خطأ ومن الممكن ان يكون فعل افضل من الذي فعلوه وبذا لا يخشون الوقوع في الخطأ ولا يبالغون في لوم ذواتهم، كل هذه الحلول ممكن ان تجعل الفرد على يقين بعدم جدوى تأنيب الضمير المفرط وتجنبه والتفكير ببديل ناجح.
اضف تعليق