لا يمكن لأية منظمة أن تحقق إنتاجا جيدا نوعيا ومتواصلا، مع وجود القيادة السلطوية والمدير السلطوي، لذا يجب إزاحة هذا النوع من المدراء واعتماد تعدد الآراء والقيادة الجماعية المنضبطة وليست السائبة أو العشوائية، وهذا الأمر هو أحد أبرز الحلول التي تضمن استمرارية المنظمة، مع ضمان السمعة التي تحمي...

قد يعتقد كثيرون بأن السلطوية صفة تخص بعض الحكام، أو بعض الأنظمة السياسية، ولكن في الحقيقة يمكن أن تكون السلطوية صفة ملازمة للأفراد، ولمدراء بعض المؤسسات والدوائر الرسمية، أو بعض المنظمات الانتاجية والمرافق الأخرى، بل قد تجد ربّ عائلة ما سلطويا، وهذا يدل على أن هذه الظاهرة يمكن أن نجدها أي مكان وزمان.

لهذا فإن المدير السلطوي للمنظمة، سوف يقوم باعتماد إدارة فردية بحتة، ولا يقبل الاستماع إلى الآراء الأخرى، لأنه يعتقد بأن الصواب يكمن في رأيه وحده وفي قراراته وحدها، ولكن العكس هو الذي يحدث، والواقع الإنتاجي وتعامل الزبائن مع المنظمة وقلة فرص تقدم المنظمة وضعف فاعليتها، وقلة تطور فرص الاستثمار فيها وتراجع مواهب الموظفين، كل هذه مؤشرات تدل على الانعكاس السلبي للقيادة السلطوية الفردية.

ولهذا فإن المدير السلطوي لا تهمه سمعة المنظمة، ولا يريد أن يعترف بأن (OR) سمعة المنظمة هي التي تقوم بتطوير المنظمة وخصوصا ثقة الزبائن بها، وتعاملهم الحصري معها، بالإضافة إلى تمسك العاملين الجيدين بالبقاء فيها، والاستمرارية معها، ولكن تبقى القيادة السلطوية من المعوقات الأساسية التي تجلب التراجع والتدهور للمنظمة.

وهنا لابد أن نتعرف على سمعة المنظمة، وما أهميتها، وكيف يمكن أن يكون دورها كبير في تعزيز تقدم وتطور المنظمة على مستوى الإنتاج والربحية العالية، لذا نطرح تساؤلنا على النحو التالي:

ما المقصود بسمعة المنظمة (Organization s Reputation)، لقد أصبح موضوع (OR) وهو مختصر سمعة المنظمة محط اهتمام رجال الأعمال والمجتمع الأكاديمي في السنوات الأخيرة، إذ مثَّل هذا المصطلح مجال اهتمام واتفاق بين المختصين الباحثين والمهنيين وأظهر أن طبيعة إدراك المنظمة له تأثير إيجابي في نجاحها، وبمرور الوقت أدرك المديرون والعاملون أهمية السمعة في استدامة المنظمات وتطورها المستمر، وتحقيق أعلى الأرباح وكسب ولاء الزبائن والعاملين معًا.

هذا الأمر يدل بما لا يقبل التشكيك، بأن السمعة لها دور كبير في تعزيز وجود المنظمة ونجاحها، ولهذا فهي تتضارب مع القيادة السلطوية، أو المستبدة، ومن هنا أيضا نجد هذا النوع من المدراء لا يعبأ بسمعة المنظمة (RO)، ولا يعيرها أي اهتمام، بل في الغالب يمنع الخطوات التي ترتقي بسمعة المنظمة، وهو في مثل هذه الأفعال يشبه الحكام الذين يدمرون دولهم من أجل حماية سلطته ومنصبه فقط.

في حين أن سمعة المنظمة في حد ذاتها، تجمع المعلومات حول المنظمة ومنتجاتها وعلاقتها بالزبائن والمنافسين والمورّدين، فضلا عن توفير معلومات حول موثوقية ومصداقية المنظمة وتحديد استجابة الجمهور الإيجابية تجاهها.

وهناك نتائج ملموسة يمكن أن يميزها الباحث أو المتابع المختص، ويمكن الحصول عليها بشكل دائم، حيث تحقق السمعة الجيدة للمنظمة نتائج إيجابية أبرزها:

- كسب التحدي لجذب المواهب وتعزيز القدرة على الاحتفاظ بهم.

- خفض كلف الإنتاج للوحدة الواحدة، وتعزيز ثقة الزبائن بمنتجات المنظمة.

- خلق فرص لدخول أسواق جديدة مما يقلل من كلفة رأس المال.

- إن السمعة الجيدة تساعد على جذب الزبائن والموظفين المتميزين والمستثمرين، والقدرة على التنافس، مما يمنح المنظمة ميزة تنافسية على المدى الطويل.

ولهذا السبب يدور صراع خفي بين المدير السلطوي وبين الأشخاص الذين يعملون بقوة على حماية سمعة المنظمة، وإعطائها الفرص الكاملة، ودعمها بألف طريقة وطريقة حتى تستمر المنظمة في إنتاجيتها العالية، وتطوير رأسمالها، مع زيادة مستمرة في نسب الزبائن، وفي تحقيق الانغراز الوظيفي المستمر للعاملين والموظفين.

فهل يمكن القول بأن المدير السلطوي، والسلطة الإدارية الفردية المتعنتة، يمكن أن توجّه ضربة قوية إلى سمعة المنظمة؟

 في الحقيقة هذا الأمر متوقَّع تماما، لأن سمعة المنظمة هدف لا يمكن تحقيقه إلا بالعمل الجمعي المتعاون، بعيدا عن الفردية، والابتزاز، وزرع الفتن بين العاملين، والتخبط في قرارات إدارية سلطوية تعيق تطور إنتاجية المنظمة وتنوعها وجودتها.

خلاصة الأمر، لا يمكن لأية منظمة أن تحقق إنتاجا جيدا نوعيا ومتواصلا، مع وجود القيادة السلطوية والمدير السلطوي، لذا يجب إزاحة هذا النوع من المدراء واعتماد تعدد الآراء والقيادة الجماعية المنضبطة وليست السائبة أو العشوائية، وهذا الأمر هو أحد أبرز الحلول التي تضمن استمرارية المنظمة، مع ضمان السمعة التي تحمي المنظمة وترتقي بها، وتحافظ على زبائنها وأرباحها التي تستحقها.

* باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-Ⓒ2024

www.fcdrs.com

اضف تعليق