للموارد البشرية الإلكترونية، دورها الحاسم في مجال تطوير مهارات الموظفين في مجال الاستثمار التكنولوجي الإلكتروني، لاسيما أن العالم كله مقبل على ثورة متصاعدة في المجالات المعلوماتية التي تسعى في تسارع كبير لتوظيف الموارد البشرية الإلكترونية لصالحها، من حيث تطوير قدرات الموظفين، ومن ثم تقليل العوائق والمشكلات...

في البدء لابد من التفريق بين الموارد البشرية التقليدية، وهي مجموعة الموارد المتعارف عليها في المؤسسة، وبين الموارد البشرية الإلكترونية التي من المؤمَّل أن تضيف نوعا من التقدم والتسارع في مخرجات الموارد البشرية التقليدية، وتُحدِث نقلة عملية جيدة ومهمة من خلال توظيف الموارد البشرية الإلكترونية لتصبح شريكة لأنواع الموارد الأخرى. 

وقبل ذلك تعرَّف إدارة الموارد البشرية الإلكترونية بأنها (التخطيط والتنفيذ وتطبيق تكنولوجيا المعلومات لدعم وتواصل ما لا يقل عن اثنين من الفاعلين الفرديين أو الجماعيين في أداء أنشطة الموارد البشرية المشتركة). وهذا يعني بأن الموارد البشرية الإلكترونية تضع تقنية المعلومات تحت تصرف الفاعلين أو الموظفين لكي تحقق التواصل المطلوب لصالح الموارد البشرية التقليدية. ولابد أن نفرق بين النوعين من الموارد البشرية، ونقصد بها الموارد البشرية التقليدية والإلكترونية.

إن الغرض من اللجوء إلى استخدام الموارد البشرية الإلكترونية، هو تخفيف العبء الإداري على الموظفين، وجعل العمل أكثر انسيابية، ولا يسبب تعقيدا أو إرهاقا إضافيا، فكما يرى المختصون أن: إدارة الموارد البشرية الإلكترونية في جوهرها تفويض وظائف الموارد البشرية للإدارة والموظفين. يتم الوصول إلى هذه الوظائف عادة عبر الشبكة الداخلية أو قنوات تكنولوجيا الويب الأخرى. يخفف تمكين المديرين والموظفين من أداء بعض وظائف الموارد البشرية المختارة العبء عن إدارة الموارد البشرية مما يتيح للموظفين التركيز أقل على الجوانب التشغيلية وأكثر على العناصر الاستراتيجية للموارد البشرية ويتيح للمنظمات تخفيض مستويات توظيف إدارة الموارد البشرية حيث يتم تخفيف العبء الإداري. 

إدارة الموارد البشرية الإلكترونية لا تزال في طور النشوء، والتقدم الذي يجري في هذا المجال يحتاج إلى وقت أطول، ولكن هناك خطوات جادة على المستوى العالمي لتوظيف هذا النوع من إدارة الموارد وفق السبل المتاحة في تكنولوجيا المعلومات للحصول على نتائج أفضل وتغييرات عملية واضحة في هذا المجال.

وفي هذه الحالة، من المتوقع أن تصبح هذه التغييرات أكثر وضوحا مع تطوير إدارة الموارد البشرية الإلكترونية وتأصلها في ثقافة الأعمال ولكن لم تظهر بشكل كبير حتى الآن. حيث تشير دراسة أجراها معهد شؤون الأفراد والتنمية في عام 2007 إلى أن "البحوث الأولية تشير إلى أن التطورات التي تم التعليق عليها كثيرا مثل الخدمات المشتركة والاستعانة بالخارج والموارد البشرية الإلكترونية لم تكن لها تأثير كبير على التكاليف أو أعداد الموظفين".

علما هنالك مهام واضحة وكبيرة تسعى الموارد البشرية للاستفادة منها أقصى الاستفادة، لتحقيق الخطوات التحديثية المطلوبة إلكترونيا، لاسيما أن النظر إلى الموارد البشرية الإلكترونية يعدّ بمثابة التحديث والتطور المأمول في مجال تنظيم وتشغيل الموارد البشرية التقليدية.

لأن (إدارة الموارد البشرية الإلكترونية التي غالبا ما يُنظر إليها كالنظير الحديث لإدارة الموارد البشرية تشترك في بعض الأشباه مع وظائف إدارة الموارد البشرية المختلفة. تتضمن هذه الوظائف التخطيط لاحتياجات المؤسسة واكتساب الموارد البشرية وتحسين الأداء الفردي والمؤسسي وتوفير مكافآت الموظفين والحفاظ على الموارد البشرية).

لهذا من الممكن استثمار الموارد البشرية الإلكترونية في جعلها عاملا مساعدا لتطبيق استراتيجيات الموارد البشرية التقليدية وما لديها من سياسات وخطوات تنظيمية أو عملية، وهذه الاستراتيجيات التي تتصدى لها الموارد الإلكترونية تُسهم في تنسيق وظائف ومتطلبات المؤسسة، كما أن الموارد البشرية الإلكترونية تساعد الموظفين على الحصول للمعلومات الخاصة بإدارة الموارد البشرية للمؤسسة. لاسيما أن الموارد البشرية الإلكترونية يمكنها أن تجعل الموارد البشرية ذات تأثير استراتيجي في مجال التكاليف.

ونظرا لتطور تكنولوجيا المعلومات بشكل سريع ومضطرد، مع توفير مزايا السرعة وتقليل التعقيد والبطء في العمل التقليدي، فهناك توقع كبير جدا نحو التحول إلى تكنولوجيا الموارد البشرية الإلكترونية، كونها توفر المعلومات اللازمة لعمل وتطوير المؤسسة، إضافة إلى جعل الأفراد أكثر قدرة على القيام بالمهام الموكلة لهم في إطار أنظمة الموارد البشرية، علما هنالك ثلاثة أنواع لإدارة الموارد البشرية الإلكترونية هي التشغيلية، والعلاقاتية، والتحويلية.

يتخصص النوع الأول في أمور تنظيمية تتعلق مثلا بإعداد رواتب الموظفين والبيانات الخاصة بهم. فيما يتخصص النوع الثاني إدارة الموارد البشرية الإلكترونية العلاقاتية بقضايا التدريب ورصد أداء الموظفين وتقييمهم، من حيث الإدارة والأداء. أما النوع الثالث الذي يتعلق بإدارة الموارد البشرية الإلكترونية التحويلية فهو يهتم في إدارة المعرفة وتطوير الخطط الاستراتيجية للموارد البشرية.

وهكذا يمكننا أن نستخلص مما ورد في أعلاه أن للموارد البشرية الإلكترونية، دورها الحاسم في مجال تطوير مهارات الموظفين في مجال الاستثمار التكنولوجي الإلكتروني، لاسيما أن العالم كله مقبل على ثورة متصاعدة في المجالات المعلوماتية التي تسعى في تسارع كبير لتوظيف الموارد البشرية الإلكترونية لصالحها، من حيث تطوير قدرات الموظفين، ومن ثم تقليل العوائق والمشكلات إلى أدنى حد ممكن، وبالتالي الإصرار على تحقيق أعلى إنتاجية ممكنة للمؤسسة، مع الاستمرار في رصد وتوظيف التطورات السريعة التي تحصل بشكل يومي في مجال تطوير قطاع المعلومات وجعله تحت تصرف الموارد البشرية الإلكترونية بشكل مستدام.

* باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-Ⓒ2024

www.fcdrs.com

اضف تعليق