انتصار السعداوي
شبكة النبأ: أقام مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية في كربلاء حلقة نقاشية عن "إدارة السلم الأهلي في ظل النزاع الطائفي والعرق " العراق أنموذجا.
ادار مدير المركز الدكتور خالد العرداوي الحلقة النقاشية، وقدم فيها الدكتور ماهر حميد العبيدي ورقته البحثية عن محور (القيمة المضافة عن هذا الصراع المتضمنة الربح والخاسرة المتحققة منه ومدى الفعل وردت الفعل المترتبة علية وأثرها في بناء وتقدم الدولة من الناحية السياسة والاقتصادية والاجتماعية والبنيوية).
حيث ذكر ان موضوع الصراع الطائفي ليس حديث النشاءة وقد يكون خفيف الوطأة تحت ظروف سياسية معينه ولاشك ان تغير الحكم في العراق بعد 2003 وما تخلله من سطوة الدول الكبرى التي دخلت العراق التي اذكت هذا الصراع وجعلته صراع طائفي وعرقي.
واستعرض ماهر حميد عدة آثار هذا الصراع من أهمها: تمويه الهوية " وقصد بها ان الشخص الطائفي أصبح يختار هويته الطائفية بدل الوطنية بل قد يدافع عن مصالح مجتمعات ثانية على مجتمعه الأصلي للمصلحة الطائفية وليس مصلحة العراق، والأثر الثاني وهو "تعطيل التنمية" وقال ان المجتمعات الطائفية في ظل الصراع تكون مشغولة في قضية رد الشبهات للرد على شبهات الطرف الآخر عليه ولا يستطيع العراق تحقيق أي نوع أو مستوى للتنمية في ظل هذا الصراع فضلا عن اثر إضعاف الحالة العامة في ظل الصراعات الطائفية ويكون المجتمع ضعيف نسبة الى المجتمعات الأخرى وهذا اثر مزعج ومخيف، وحول موضوع القيمة المضافة " ذكر الدكتور ماهر ان الشعوب الأوربية تتصارع أيضا ولكن على مستوى الدول وليس الشعوب وذلك لتحقيق قيمه مضافة وهي تسعى إلى إنشاء اتحادات تجارية وسياسية لغرض تحقيق هذه القيمة وتساءل: ما هي القيمة المضافة للعراقيين من جراء استمرار الصراع مع إبقاء الهوية.
دور الإعلام في مواجهة الصراع الطائفي
وتحدث الدكتور علي عبد الكريم بورقته الموسومة "تحديات إدارة السلم الأهلي في مواجهة مظاهر الطائفية وآثارها وسبل معالجها" قائلا: انه لاضير من تعدد الطوائف وتنوع شرائح المجتمع، الواحد ولكن متى ما تم التسليط على نقاط الاختلاف بين هذه المجموعات أو الطوائف أكثر من نقاط الالتقاء، عندها تتبدد الطاقات وتضيع الجهود وتفجر الصراعات من ورائها تستنزف البلدان التي تعاني منها ولا تترك غير الجروح الغائرة في جسد الوطن والتي من الصعب علاجها. واستعرض عبد الكريم آثار الصراع الطائفي من وجهة نظره وهي الآثار السياسية والنفسية والاقتصادية.
وأوضح أهمية الدور الإعلامي في تحجيم الصراع الطائفي وتفنيده وعلى مستويين، هما المستوى الحكومي والخاص وأكد على اخذ المساحة الإعلامية الحرة التي تلق بالعراق والتخلص من هيمنة قمر (النيل سات) المشبوه الأغراض والممول بأموال معروف مصدرها حيث تبث من خلال هذا القمر أفكار التعصب والتطرف والقتل والانتقاد المغرض والبديل الأفضل هو إطلاق قمر عراقي خير من ان تذهب الأموال العراقية إلى جيوب الآخرين وان كلفته لاتؤثر في الميزانية العراقية.
واقترح عبد الكريم على نفس المستوى إنشاء مدينه إعلامية سينمائية داخل العراق في احد المحافظات الآمنة نسبيا تعمل على إنتاج الأفلام الدرامية والوثائقية وبما يخدم وحدة العراق أسوة بمدينة السينما التي أنشئت في أربيل.
وتابع عبد الكريم على مستوى المتوفر من سبل الاتصال والتواصل الاجتماعي على الانترنيت والذي أصبحت شريحة كبيرة من المجتمع تستخدمها وهذه الشبكة تتأثر بما يعرض للمشاركين على صفحاتها وعليه يمكن تحجيم ما يعرض فيها والتحرك على مستخدميها واغلبهم من الطلبة وتوجيههم لإبداء رفضهم لما يعرض من مواضيع تروج للفكر الطائفي وإشاعة روح المواطنة واحترام ثقافة الأخر وإظهار محبة الوطن وتعزيز الانتماء إليه وجعله المعيار في كل مايرتبط بالحقوق والواجبات.
وداخل الباحث احمد جويد من مركز آدم على ما قاله الدكتور علي عبد الكريم ان الحل في المواجهة الإعلامية وقال: إن الثقة بين المكونات هي الحل الأساسي وعندما يكون الظلم موجود يلجا المواطن الى الحلول الطائفية ويأخذ من وراء الحدود تلك الحلول وعليه إذا كان هناك مؤسسات عادلة موثوق بها يكون مفتاح لإعادة الثقة بين المكونات.
من جهته احمد المسعودي التدريسي من كلية العلوم الإسلامية في جامعة كربلاء أكد على إن المعرفة هي التي انتصرت في أوربا وهي التي نقلت الوعي لتحجيم نتائج الطائفية، عليه ينبغي لإدارة السلم الأهلي إدارة هذه النشاطات معرفيا وعلميا لان مؤسساتنا العلمية مؤسسات مربكة وفي العراق الاستبداد أوله معرفي. وبخصوص الحلول الإعلامية هي حلول مادية وليس معنوية.
وقال الشيخ مازن التميمي التدريسي في جامعة أهل البيت وتعقيبا على ما قيل: انه يجب التمييز بين الطائفة والطائفية في وسائل الإعلام لان الطائفية تعني التمركز حول شيء معين ويستحب الابتعاد عن التشنج الطائفي بإقامة الحوار البناء وتقبل الرأي والرأي الآخر وحيث كانت المناظرات والمناقشات في السابق فيها ناتج معنوي ويسمع احدهما الآخر أما الآن فكل طائفة متشنجة لما تؤمن به.
أما الكاتب خليل الشافعي من نادي الكتاب في كربلاء قال: إن مصدر النزاع هو في المجال السياسي وليس الأهلي أما السلم فمكنونه اجتماعي. والسياسي دائما يضع أجنداته بما تتيح له الفرصة في استثمار المكنون الاجتماعي عندما تكون مكونات اجتماعية تقبل الآخر وتتعايش معه سلميا يكون السلم. وأضاف أن الذي يصنع السلم ليس الإعلام أو الأداء السياسي للدولة بل تحديث المكونات الاجتماعية وتحديث قوى الإنتاج الاجتماعي ويكون التجاذب على نسيج المصالح والمكون الذي يتخذ من المن العرق والطائفة كنسيج له يكون متنافر لهذا نرى في الدول الصناعية هناك مدن صناعية أو زراعية وتجارية تأسست على أساس المهنة وليس الطائفة، عليه يجب أن يكون المعتقد والعرق ينسحب على الخاص وليس العام.
وقال الأستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات والبحوث: ان قضية الصراع هو شبه أزلي ويحركه السياسة وليس الطائفة وتركز في العراق لوجود المتركز الشيعي ومراقد الأئمة الشيعة وما يحدث الآن هو إفرازات الصراع السياسي وليس الطائفي.
من جهته تحدث الشيخ مرتضى رئيس مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام عن الصراع أو الأزمة أو الطائفة ولايمكن أن نلغي وجودهما بل يمكن إدارة الازمة والصراع وتنسيق الحياة بين الطوائف وأضاف عن الوطن انه ليس مجرد اسم ونحتاج الى المعايير القائمة بين الناس والأزمة هي ليس أزمة طائفية بل هي أزمة صراع تحتاج إلى معرفة لإدارة هذه الأزمة أو كيف نعيش مع الأخر وتتطور عملية التعايش إلى عملية حوار علمي يقلل من التشنج الطائفي وليس حوار يؤجج الطائفية وتأكيد التنافس وليس التنازع لان التنافس شيء ايجابي والتنازع يعني ان يكره الآخر ويسير ضده.
وأضاف معاش اننا نعيش تسييس كل شيء الأديان والطوائف وهناك الشعبويون الذين يستغلون القضايا القومية والدينية للصعود سياسيا وعليه نحن نحتاج إلى قادة سياسيين يحملون روح الحل وليس الازمة ويشيعون ثقافة السلم والتعايش ونبذ الطائفية. وضرب مثلا بتجربة الهند تحت قيادة غاندي ومقاومته الاحتلال وتوحيد الشعب الهندي رغم تعدد طوائفه وأديانه مقارنة بهتلر وموسليني اللذان قادا شعبهما نحو الدمار والهلاك.
وختم الدكتور خالد العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية الحلقة النقاشية قائلا: ان الصراع هو حالة سلبية وليس ايجابية وهو ليس بين بسطاء الناس بل هو بين النخب وهم الذين يحركون هذا الصراع وإذا كانت القيادة الكفوءة غير متوفرة في هذه الحالة فكيف نتحول من حالة الصراع إلى السلم الأهلي؟؟ وإذا كان الوعي الشعبي ضعيف او متدني وبالتالي من يحركه هو الانفعالات والعواطف، كيف سنواجه الوعي المعرفي الذي هو ليس بمرحلة الصراع الى السلم.
وأضاف إن البقاء المشترك للمكونات عندما تحصل ثقة متبادلة لها سنمهد للسلم من مرحلة القبول وترك الصراع والثقة الى مرحلة السلم الأهلي.
وختم العرداوي الحلقة النقاشية ببيت شعر للمرحوم العلامة الشهيد السيد حسن الشيرازي حين قال:
الطائفية جذوة مسمومة.... يصلى بها الهدام والبناء
والجدير بالذكر ان مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية مركز أكاديمي متخصص وهو أحد المؤسسات غير الحكومية المستقلة ويسعى الى تحقيق التنمية من خلال العمل على تطوير قدرات وكفاءات البلد المختلفة والمؤسسات العاملة فيه ورفد الساحة العراقية بالدراسات والرؤى المستقبلية التي من شأنها اغناء الواقع العراقي ودفع عجلته إلى الأمام.
اضف تعليق