من الواضح أن فساد الحياة في مجتمعاتنا المعاصرة يزداد بمعدلات متسارعة، ومعها يتزايد العنف وتدمير الكوكب بمن فيه وما فيه، ومن ثم تزداد اللامبالاة بكارثة فقدان التاريخ، وبروز قوة وتأثير الثورة العلمية الرقمية على البيئة والفكر والحياة البشرية؛ حيث يتعمق جدل التأثير والتأثُّر، والاستقطاب والتنافر والتناحر والتصادم...
من الواضح أن فساد الحياة في مجتمعاتنا المعاصرة يزداد بمعدلات متسارعة، ومعها يتزايد العنف وتدمير الكوكب بمن فيه وما فيه، ومن ثم تزداد اللامبالاة بكارثة فقدان التاريخ، وبروز قوة وتأثير الثورة العلمية الرقمية على البيئة والفكر والحياة البشرية؛ حيث يتعمق جدل التأثير والتأثُّر، والاستقطاب والتنافر والتناحر والتصادم.
وتزداد معها صناعة إعلام المغالطات والتهويلات وغسيل الأدمغة، ويتأصل لَيُّ عنق النصوص والأخبار، وبتر الحقائق، وتهويل الأخطاء، وتضخيم الإخفاقات، والتلفيق والتشويه، والتحقير والتحريف، والخداع والتدليس والتزييف، والتعتيم وشيطنة الخصم؛ إذ ذاك إعلامٌ لا نصفُه إلا بالتناقض الذي يصنع التناقض!
فنحن أمام استفحال حتميتين: الحتمية الرقمية في الإعلام، وحتمية التأثير الإعلامي بطرق متعددة ومتداخلة على اتجاهات مختلفة، خاصة في صناعة الأخبار والإعلانات والترفيه، حيث سيطرة زمن الحياة الرقمية على الحياة الفعلية التقليدية.
وفي هذا الزمن، يتَشَكُّلُ الفردِ الرقمي واللغة الرقمية، وتزداد قراءة الومضة بالتعبيرات الوجيزة والسريعة، والتحكم في المشاعر والأحاسيس؛ بل والحواس الخمس، وتحوُّلها إلى مشاعر (خشبية)؛ حيث فقدان مشاعر الفرح الحقيقي، والتفاعل دونما روابط اجتماعية مباشرة، وبتعبيرات جامدة على الواقع الافتراضي، أو عبر الهاتف المحمول.
هناك سوء فهم علمي ومجتمعي بخصوص الإعلام الرقمي، فنحن أمام إكراه تقني أساسًا؛ لأسباب قيميّة مرتبطة بالماضي، وحرب عقلية خفيّة تُدار بأسلحة تقليدية من قبل الأضعف. وقصور في فهم القادم الجديد، وعدم إدراك معطياته الجديدة ، والجهل في فك شفراته.
ما زلنا ندور في حلقة النقد الأخلاقي للمحتوى الأخلاقي والعنف والتنمُّر، دون أن يكون لنا منهجٌ للتعامل مع القيم الجديدة وتحليلها؛ بينما هناك الأخطر في الحياة، وهو انهيّار القيم التدريجي، وفقدان الهوية، وإلغاء العلاقات الإنسانية المباشرة!!.
وبمنهجيات العلم، فإن تأثير شكل الاتصال في الإعلام الرقمي أقوى من مضمون الاتصال؛ حيث تتحول المناسبات المختلفة وصلة الرحم والصداقات والأفراح والعلاقات الأسرية والمجتمعية، إلى علاقات بالحروف الرقمية تبعدنا عن الحميمية والاتصال الإنساني المباشر. وتقرِّبنا إلى الاستهانة بالبشر، حيث يبقى الإنسان: (كائن دون جسد)!
وتبعاً لذلك، أنتجت البيئات النامية الرخوة، الملوثة بقيم الاستبداد والقهر والحرمان -ومنها العربية-، قيَمًا عكسية أنتجت لنا ثقافات فرعية عنصرية، ومشكلات مجتمعية انحدرت فيها القيم إلى منسوب منخفض من الفاعلية والابتكار؛ لتنتشر قيم التعصُّب والكرْهِ والعنف.
والنتيجة؛ عصرنا الرقمي الذي نعرفه سيتجه بسبب قيم الإعلام المعكوسة إلى هاوية مرعبة خلال الأعوام القليلة القادمة؛ لأنه ما زال يقدم مسطحاتٍ قيميةً متعرجة ومتصادمة؛ تجعل عالمنا يشتعّل بالموت والعنصرية والكراهية والرفاهية الزائدة، وصناعة حياةٍ من خشب.
اضف تعليق