شاهد التقرير المصور عن الملتقى:
قدمت مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام في (ملتقى النبأ الأسبوعي) ورقتها البحثية الموسومة "مشروع الأقلمة في العراق والجهات الداعمة له " وقال الشيخ مرتضى معاش رئيس مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام في بداية الملتقى: في ظل الأوضاع السياسية والأمنية التي يشهدها العراق، تظهر على السطح مطالبات لإنشاء أقاليم في العراق والصوت الواضح لهذه المطالبات هو إنشاء إقليم البصرة، وأصوات أخرى لإنشاء أقاليم لأكثر من محافظة. ومشروع الأقلمة ليس بجديد في العراق وإنما يطرح بين فترة وأخرى وأول من طرحه هم الأكراد.
وأضاف نحن في العراق نعاني من المركزية الشديدة في انجاز ابسط المعاملات اليومية ويعود ذلك إلى النظام السابق الذي جعل من المركزية الشديدة هي صفة الحكم في العراق مما يسمح في اتساع مساحة الفساد الإداري والبيروقراطية المقيتة في دوائر الدولة، مما يجعل المواطن أما أن يسكت سكوتا طويلا او ينفجر في مطاليب كبيرة.
وفي نهاية حديثه طرح سؤالا على ضيوف الملتقى: هل تصبح الأقلمة مشروعا أساسيا؟. ومن هي الجهات وراء المطالبة بفكرة الأقلمة؟ هل هو مطلب شعبي، ام وراء الستار أجندات أخرى؟.
أجاب الدكتور قحطان الحسيني من جامعة بابل منذ عام 1993 نال الأكراد نصيبهم من الملاذ الأمن وهم أول من روجوا لهذه الفكرة فضلا عن أحزاب وكتل سياسية شيعية روجت لها وهناك أيضا أحزاب ليبرالية روجت لهذا المشروع وفي الفترة الأخيرة روجت بعض الجهات في المنطقة الغربية. وهذا رد فعل شعبي لغياب المعطيات الحقيقية للتغيير.
من جهته يعتقد الدكتور حازم فاضل من جامعة كربلاء إنها قضية داخلية نتيجة صراعات سياسية مما أدى إلى فقدان هوية الفرد العراقي مما ادى الى لجوئه الى المطالبة بالاقلمة لإثبات ذاته.
وقال احمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات: إن الدوافع قد تكون مختلفة منها قومية مثل دوافع الأكراد للتوسع إلى دول أخرى وهذا حلم يراودهم منذ القدم. وفي المناطق الغربية ظهرت أكثر من دعوة للأقلمة والآن نشطت الدوافع الطائفية. وبالنسبة لمطالبات أهالي البصرة فالوضع مختلف وهي ردة فعل على التهميش والإقصاء من قبل الدولة وتراجع الخدمات لديهم وعدم تمثيلهم بالوزارات رغم امتلاكهم ثروة نفطية كبيرة.
ويرى حيدر المسعودي إن فكرة الأقلمة بدأت تطفو على السطح بعد مظاهرات البصرة وفي كردستان كانت على أسس سياسية أو عنصرية أو قومية.
ويعتقد احمد المسعودي من مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية: إن ظهور الاقلمة على السطح قد يعود إلى أمرين رئيسين، السياسي الخارجي الذكي الذي يتحكم بالشرق الأوسط وعلى المستوى الداخلي السياسي الفاشل الذي عجز عن إرضاء المواطن بظاهرة المركزية.
من جانب آخر يرى الباحث جواد العطار إن الأكراد كانوا دائما يدفعون بهذا الاتجاه أما الدعوات الأخيرة للفدرالية فهي انطلقت لتفتيت العراق، ورائها محليا بالدرجة الأولى العرب السنة وإقليميا الدول المعترضة على حكم الأغلبية ودوليا اللوبي اليهودي.
وطرح الشيخ مرتضى معاش سؤالا آخر: هل ستؤدي الأقلمة إلى تقسيم العراق؟.
قال الدكتور قحطان الحسيني إن الأقلمة والتقسيم وجهان لعملة واحدة ويمكن لهذا التخوف إن يزول في يوم من الأيام وقد تكون الأقلمة ناجحة في حال تحقيق مصالحة وطنية وقومية وطائفية.
وفي ذات السياق قال الدكتور خالد العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات: ان التوجه نحو الأقاليم فيه فائدة لتصبح المجتمعات ضاغطة على الحكومات المحلية أكثر. وهو يعتقد إن الحكام الشيعة يقتبسون التجربة السنية في الحكم في الفترة السابقة باستغلال المرجعية والثروات، وكان بإمكان البصرة ان تكون إقليما ضاغطا وأضاف ان وجود أقاليم متعددة يستطيع ان يحقق توازن مع مشاكسات اقليم كردستان.
من جهته يرى احمد جويد ان الاقلمة يمكن ان تؤدي الى تقسيم العراق وعندما يفكر المطالبون بالاقلمة ان الثروات ملك محافظة معينة ويسعى الى الانفصال للسيطرة على الثروات، لذلك فأن المهيأ للانفصال هي الأقاليم التي فيها ثروات قد تمول عملية الانفصال.
ولايتفق محمد معاش معهم بل يرى ان بعض الفيدراليات في العالم تحققت على أساس قومي وديني ولكنهم تربوا على ان الفيدرالية هي الأسلم للبلد وهو يرى ان الفيدرالية هي أفضل حل مع شرط التعايش مع الاقاليم الأخرى.
في حين يرى حيدر المسعودي ان الموضوع مقلق ولايدرس من هذه الناحية لان بعض الذين ينادون بفكرة العراق الواحد والمركزية هم نفسهم يطالبون الآن بقضية الأقلمة. وعليه نحن بحاجة إلى جهة سياسية نحسن الظن بها.
من جهته يرى الباحث حيدر الجراح من مدير مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث ان التقسيم موجود فعلا ولم يبقى سوى رسم الحدود. وستكون هناك صراعات جديدة على المناطق المتنازع عليها بين المحافظات وخاصة تلك التي تمتلك موارد وثروات طبيعية.
ويتساءل الدكتور علي ياسين: نحن لا نمتلك الوعي الكامل والمجتمع المستعد كما في المجتمعات الصناعية وبالتالي فان الأقلمة في الوقت الحاضر تؤدي إلى التقسيم والصراعات التي لاتنتهي.
وعن توقعات الحضور إذا كان العراق سائر نحو الأقلمة؟ فقد اعتقد البعض إن الرؤية غير واضحة مع وضوح الرؤيا عند الأكراد والسنة. ويرى البعض الآخر ان العراق ذاهب نحو التقسيم والأقلمة وقد أصبح واقع حال شئنا أم أبينا ويعتقد قسم منهم إن العراق يتجه نحو التمزيق وليس نحو الأقلمة.
وخرج الملتقى بعدة توصيات وبدائل منها التوجه نحو منح مجالس المحافظات المزيد من الصلاحيات على المستوى المالي والإداري واقترح البعض تشكيل تجمع شبه رسمي للتهيئة على الإقليم وتخصيص مساحة حرة للحوار وتنشيط الحياة السياسية بالاتجاه الصحيح فضلا عن تفعيل دور القانون مستوى الدولة.
وفي الختام اكد الشيخ مرتضى معاش ان الدستور جيد مع وجود إشكالاته ولكن لم يعمل عليه ثقافيا واجتماعيا. وأضاف: يجب انه يجب إن يكون هناك تفويض للسلطة والذهاب نحو اللامركزية والمجالس المحلية حيث تبدأ الديمقراطية من القاعدة وتتم عملية المحاسبة الشعبية. ولان العراقيين ممتعضين من الفساد الإداري والمالي نتيجة هذا النظام البيروقراطي فهم ذاهبون نحو الاقلمة التي قد تتسبب بالتقسيم، عليه يجب ان تكون هناك ضربة قوية للفساد، والانفكاك من قيود المركزية القمعية.
اضف تعليق