بقلم: تايلر دوردن
ترجمة: وحدة الترجمة في مركز الفرات
الناشر: مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية نقلا عن (Zero hedge)
حسبما جاء في الرواية الرسمية، كان السبب وراء أزمة الخليج الاخيرة وقطع التحالف بقيادة السعودية العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر –والذي اثار استغراب الجميع– هو التمويل القطري للإرهاب، بعد زيارة الرئيس الامريكي ترامب الى السعودية حيث حث على تدمير الاسناد المالي للإرهاب.
ويضاف الى ذلك ما ورد في تقرير صحيفة الفايننشال تايمز من ان قطر مولت إيران والقاعدة بمبلغ مليار دولار، وبالتالي نفد صبر السعودية من جارتها "المخادعة" خلال السنوات الاخيرة مما جعلها غير مقبولة أيديولوجيا في مواقفها تجاه شيعة إيران وروسيا.
على كل حال، غالبا ما تكون الرواية الرسمية مثل الدخان الذي يغلف التوتر الحقيقي الحاصل بين الاطراف.
ان السبب الحقيقي وراء الانهيار الدبلوماسي قد يكون بعيداَ عن البساطة، وربما له علاقة بالموضوع قيد النقاش، اي السيطرة القطرية على الغاز الطبيعي في المنطقة.
واستذكاراً، تصور الكثير –مع ادلة تعود الى عام 2012-ان أحد الاسباب للحرب السورية طويلة الامد لم يكن الا التعقيدات الخاصة بالتنافس حول خطوط الانابيب، ورغبة قطر مد انبوبها الخاص الى اوربا لتوصيل مخزونها الكبير من الغاز، وبالتالي تهديد وضع شركة غاز بروم الروسية لتزويد اوربا بالغاز المسال، مما يفسر لنا اسناد الرئيس الروسي بوتين لنظام الاسد، ورغبة الكرملين منع استبدال الحكومة السورية بأخرى عميلة.
في الوقت الحاضر، وبتحليل منفصل، قامت وكالة بلومبرغ بفضح "الرواية الرسمية" وراء ازمة الخليج، وتقترح ان العزلة السعودية لقطر والصراع القديم معها واحتمالات المستقبل المتأرجح، يمكن شرحه بالتفصيل بالنسبة للغاز الطبيعي.
ان الاسباب التي جعلت الغاز الطبيعي مصدراً للخلاف متعددة، وبدأت في عام 1995، عندما قامت شبه الجزيرة الصحراوية بأول شحنة من الغاز الطبيعي المسال من أكبر خزان على الكرة الارضية.
ادت الثروة المتحصلة في قطر الى جعلها من اغنى الامم، بحيث وصل دخل الفرد الواحد الى مائة وثلاثين ألف دولار سنوياً، اضافة الى كونها من أكبر المصدرين لمادة الغاز. وأدى التركيز على الغاز الى عزلها عن دول التعاون الخليجي المنتجة للنفط، وبالتالي الانفصال عن سيطرة السعودية، ورغم ما نشر ان "القطريين هم امتداد لإخوانهم في المملكة السعودية"، لكن قطعت العلاقات الدبلوماسية واغلقت الحدود بين الجانبين.
باختصار، اصبحت قطر، خلال العقدين الماضيين، من أكبر واقوى المنتجين للغاز في المنطقة، لكن المنافس الوحيد لها كان شركة غاز بروم الروسية في مجال الصادرات الغازية. وأبدت قطر امكانية متميزة في تحويل ولائها الايديولوجي، كما اوردت صحيفة الفايننشال تايمز في عام 2013.
لقد اصبحت قطر المساند والممول الرئيس للمتمردين السوريين بهدف الاطاحة بنظام الأسد، وهو امر يؤدي في النهاية الى مد الانبوب الذي سيعبر الاراضي السورية.
وصرفت الدولة الغنية الصغيرة، ما قيمته 3 بلايين دولار خلال العامين الماضيين في اسناد المتمردين في سوريا، وهذا الرقم هو أكبر رقم صرفته اي دولة من الدول، الا ان الامر تحول الى اتهام سعودي ان قطر هي المجهز الرئيس للسلاح للمتمردين السوريين.
وبمرور الاعوام، بدأت قطر بإدراك ان روسيا لن تسمح لخط الانابيب ان يمر عبر سوريا، وبالتالي ركزت على اتجاه مساند للروس، كما بان مؤخراً، عندما وافق صندوق الثروة السيادية على استثمار 7ر2 بليون دولار في شركة روزنفت النفطية المملوكة للدولة الروسية، رغم ان قطر تستضيف أكبر قاعدة امريكية في المنطقة وهي القيادة المركزية الامريكية.
ونتيجة لتزايد "الاستقلال" المالي والسياسي، أحس جيرانها بالضيق والتخوف المتزايد: "كانت قطر كسفينة تابعة للسعودية، لكنها استخدمت الاستقلال الذي وفرته لها الثروة الغازية في الحصول على دور مستقل خاص بها"، كما قال جيم كرين الباحث في مجال الطاقة في معهد بيكر في جامعة رايس، كما ذكرت وكالة بلومبيرغ.
اضافة الى ذلك كان الغاز القطري الطبيعي بعيداً عن كل تشابك او ضغوط سياسية داخل منظمة الاوبك، الكارتل النفطي الذي تسيطر عليه السعودية. اما بقية الدول في المنطقة فقد كانت تنتظر تقليم الاجنحة القطرية.
اضافة الى ذلك، كما اضافت بلوم بيرغ: "جاءت الفرصة بزيارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب للسعودية، عندما دعا "ضمائر جميع الدول لعزل إيران. وعندما رفضت قطر ذلك علانية، كما ورد في تصريح حكومي قيل انه بسبب القرصنة الالكترونية، بدأت السعودية بعقابها". وللتأكد من ذلك، تجد ترامب في تغريداته، ركز على "الرواية الرسمية" متخذا الموقف المساند لعزل قطر (ربما متناسيا وجود القاعدة الامريكية في هذه الدولة الصغيرة).
....................................
اضف تعليق