أصبح استخدام الأبناء لمنصات التواصل الاجتماعي جزءًا من حياتهم اليومية، ويشكل أحد أبرز العوامل المؤثرة في تكوين شخصياتهم وسلوكياتهم. وبين محتوى تعليمي وترفيهي يثري المعرفة ويعزز القيم، ومحتوى سلبي قد يؤدي إلى تشتت الانتباه وسلوكيات غير مناسبة، يبرز دور الأسرة والمجتمع في توجيه هذا الاستخدام بطريقة مسؤولة...
أصبح استخدام الأبناء لمنصات التواصل الاجتماعي جزءًا من حياتهم اليومية، ويشكل أحد أبرز العوامل المؤثرة في تكوين شخصياتهم وسلوكياتهم. وبين محتوى تعليمي وترفيهي يثري المعرفة ويعزز القيم، ومحتوى سلبي قد يؤدي إلى تشتت الانتباه وسلوكيات غير مناسبة، يبرز دور الأسرة والمجتمع في توجيه هذا الاستخدام بطريقة مسؤولة.
من هذا المنطلق، أجرت (شبكة النبأ المعلوماتية) استطلاعًا لرصد آراء كوكبة من المجتمع حول طبيعة ما يشاهده الأبناء على منصات التواصل، وتأثيره على وعيهم وسلوكياتهم، مع التركيز على الحلول والتوصيات التي تعزز الاستخدام الأمثل لهذه الوسائط.
نبراس الحسني، محللة بايولوجية وتدريسية في مدرسة أهلية:
من خلال احتكاكي اليومي بالأطفال وملاحظتي لسلوكياتهم المختلفة، وجدتُ فرقًا واضحًا بين طفلٍ نظّمت أسرته وقته وساعته البايولوجية، وبين آخر تُرك بلا توجيه أو متابعة.
فالطفل الذي حظي بعائلة تُنظّم له أوقاته وقتٌ محدد للنوم، ووقتٌ للّعب والرياضة، ووقتٌ لمشاهدة التلفاز ينشأ أكثر اتّزانًا واستقرارًا.
لكن الأهمّ من ذلك، هو المحتوى الذي يُعرض عليه.
فينبغي للعائلة أن تختار لطفلها محتوىً تعليميًّا وترفيهيًّا في آنٍ واحد، وأن تُبعده عن المحتوى الخادش أو الذي يتضمّن ألفاظًا بذيئة.
كما يجب أن تكون المراقبة غير مباشرة، مع معرفة هوايات الطفل وتشجيعه على اكتشافها وتنميتها، وزرع القيم الأخلاقية والدينية في داخله ليكبر متخلّقًا بأخلاق نبينا محمد ﷺ وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام.
لقد لاحظتُ أن الأطفال الذين تحرص عائلاتهم على هذا النهج، يتمتّعون بنشاطٍ أكبر، واستيعابٍ أعلى، وقدرةٍ مميّزة على التركيز والتساؤل والاكتشاف.
وهؤلاء هم الأطفال الذين يُرجى منهم مستقبل مشرق بإذن الله.
أما أولئك الذين يُتركون أمام الشاشات والهواتف والأجهزة اللوحية لفترات طويلة، فقد لاحظتُ عليهم انخفاض مستوى التركيز، وفرط حركة غير متوازن، وضعفًا في تحديد هواياتهم واكتشاف ذواتهم.
بل إن بعضهم يُظهر سلوكياتٍ غير لائقة وألفاظًا لا تناسب أعمارهم، فضلًا عن نشوء روح الحقد أو العدوانية تجاه زملائهم نتيجة الطاقة المكبوتة داخلهم.
ختامًا، أقول لكل أبٍ وأمٍّ كريمين:
إن تربية الطفل كالنقش على الحجر، فاحرصوا على أن تكون بيئة أبنائكم راقية، نظيفة، ومزدهرة بالأخلاق والإيمان، ليكبر هذا البرعم الصغير ويزدهر كزهرةٍ طيبةٍ تُعطر الحياة.
سرى سالم عبود العيساوي، مُدرسة في السيدة مريم العذراء:
أرى أن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءًا أساسيًا من حياة الأبناء اليوم، فهي تؤثر مباشرة في تفكيرهم وسلوكهم وطريقة تعاملهم مع الآخرين. فالمحتوى الذي يتابعونه، سواء كان ترفيهيًا أو تعليميًا، يترك بصمته في تكوين شخصيتهم وقيمهم.
لكن المشكلة تكمن في تعرض بعض الأبناء لمحتوى سطحي أو غير هادف، مما قد يؤدي أحيانًا إلى تشتت الانتباه وضعف التركيز وغياب القدوة الحسنة. وفي المقابل، يمكن أن تكون هذه المنصات وسيلة رائعة إذا تم توجيه استخدامها بشكل صحيح، عبر متابعة الصفحات التعليمية والثقافية والدينية الإيجابية.
لذلك، أرى أن الحل يكمن في تعزيز الرقابة الواعية من قبل الأهل، وتشجيع الأبناء على اختيار المحتوى النافع الذي ينمّي وعيهم ويساعدهم على التفكير الإيجابي والبناء.
هدى عبد الحر، كاتبة:
ماذا يشاهد أولادنا على منصات التواصل؟
سؤال لا يمكن التكهن بإجابته، لكن المؤكد أنهم أصبحوا أكثر درايةً منا بتلك الأدوات والبرمجيات، بل ويجيدون التعامل معها وحلّ أعقد المشكلات التي تواجههم في هذا المجال.
غير أن الأمر يدعو إلى القلق، لأن أغلب تلك المنصات لا تخضع لرقابة حقيقية، وهي في كثير من الأحيان بعيدة عن عاداتنا وتقاليدنا. ونتيجة لذلك، برزت ظواهر مقلقة مثل الإدمان الرقمي، وظهور سلوكيات منحرفة قد تقود أصحابها إلى التهلكة أو ضياع المستقبل.
للأسف، الحلول الناجعة قليلة، كما أن فرض الرقابة على ما يشاهدونه أمر صعب، لذا تبقى مسؤوليتنا في التنبه والفطنة والحذر، من خلال التوعية المباشرة وغير المباشرة بمخاطر هذه المنصات وآثارها السلبية.
جيهان الجنابي، طالبة في كلية الإعلام:
وسائل التواصل أصبحت المصدر الرئيسي لتشكيل الوعي الجمعي للأجيال الجديدة، لكن غياب الضوابط يجعلها سلاحاً ذا حدين؛ فهي قد ترفع من مستوى وعي الشباب إذا تابعوا محتوى علمياً أو تطوعياً، وقد تزرع لديهم سلوكيات استهلاكية وعدمية إذا انجروا وراء الشهرة الزائفة.
مينا الجبوري، تدريسية في المعهد التقني المسيب:
موضوع مهم جداً من خلال خبرتي في التدريس، وما أراه من أطفال الأقارب والأصدقاء، ألاحظ أن الأم مع الأسف الشديد، ودون تعميم تعطي الموبايل لطفلها المتصل بالإنترنت فقط لتتخلص من إلحاحه وضوضائه.
الطفل يدخل إلى اليوتيوب أو ريلز الفيسبوك، وأي شخصية يشاهدها يقلد سلوكها تلقائياً، وخاصة أن اليوتيوب يحتوي على قنوات لأطفال لا يتجاوز عمرهم ١٥ سنة.
فيصبح التقليد أعمى، لا يسمع ولا يهتم بكلام والديه، ويبدأ بالتذمر والمطالبة بكل ما يراه على اليوتيوب،
وعند رفض طلبه، يتذمر ويقوم بسلوك يغضب والديه ليحصل على ما يريد.
سرى علاء الياسري، خبيرة متدربين التنمية:
الموضوع مهم جداً لأنه يمس جميع العوائل وذلك لأن استعمال منصات التواصل الاجتماعي بات من الأمور اليومية في حياة الأبناء وكل أمر لهُ ايجابيات وسلبيات.
أولاً: لو نتطرق للأمور الايجابية نلاحظ انهُ من خلال منصات التواصل الاجتماعي تم تعزيز التواصل بين الأفراد حول العالم وتم تسهيل امر الحصول على المعلومة ودعم كذلك فرص العمل.
ثانياً: الأمور السلبية ان منصات التواصل الاجتماعي لها تأثير على الصحة النفسية يمكن أن تؤدي إلى قلق واكتئاب وضغوط عاطفية بسبب المحتوى السلبي أو المقارنات الاجتماعية غير الواقعية، بالإضافة إلى تأثيرها السلبي على النوم والأداء الأكاديمي للأبناء بسبب الإدمان. وفي الختام اقول لكم ان وسائل التواصل الاجتماعي لا تؤثر على جميع الأبناء بالطريقة نفسها.
إيمان عبد الستار بدير، شاعرة:
هنالك علاقة قوية بين الأبناء والأحفاد ومنصات التواصل الاجتماعي، لكنها علاقة محدودة الجوانب تقتصر غالباً على الرياضة ومتابعة أخبار المشاهير الرياضيين حصراً. لذلك، لا أجد تأثيراً إيجابياً واضحاً لهذه العلاقة المبتورة الأهداف والمساعي، رغم وجود برامج مجتمعية راقية تمس ثقافة الأطفال. وعلى المسؤولين في هذه المنصات معالجة هذا الخلل الخطير الذي يؤثر سلباً على واقع الشباب ومستقبل حياتهم.
الخلاصة:
خلصت آراء المشاركين في الاستطلاع إلى أن تأثير منصات التواصل الاجتماعي على الأبناء بات واقعًا لا يمكن تجاهله، وأن الحل لا يكمن في المنع، بل في الرقابة الواعية والتوجيه الإيجابي، من خلال غرس القيم الأخلاقية وتحديد أوقات الاستخدام، وتشجيع الأبناء على متابعة المحتوى الهادف الذي ينمّي فكرهم وشخصيتهم.
إنها مسؤولية مشتركة تبدأ من الأسرة، وتمر عبر المدرسة والمجتمع، لتصنع جيلًا واعيًا قادرًا على التمييز بين ما ينفعه وما يضرّه، ويجعل من التكنولوجيا وسيلةً للبناء لا أداةً للهدم.



اضف تعليق