اكد السيد دونالد ترامب، في لقائه الاول بعد انتخابه رئيسا للولايات المتحدة الامريكية مع الاعلامية ليسلي ستاهل في برنامج 60 دقيقة على قناة CBSN، ان وجوده على مواقع التواصل الاجتماعي كان ذا اثر كبير على نتائج الانتخابات اكثر من ملايين الدولارات التي انفقت بواسطة الحزب الديمقراطي للتأثير على النتيجة، بل اكثر من الاموال التي انفقها في مجالات اخرى تتعلق بالانتخابات.
وشدد ترامب على ان وسائل التواصل الاجتماعي قد لعبت دورا رئيسيا في انتصاره، حيث منحته القدرة على الرد بقوة على الاخبار السيئة والقصص الكاذبة التي تنشرها وتسوٍّقها الفضائيات ضده، وتعهد بالاستمرار في استعمالها في البيت الأبيض ولو على نحو محدود او بتحفظ وحـذر شديدين بسبب انصياعه، كما تشير بعض المصادر، الى نصائح بعض المقربين له الذين طلبوا منه التقليل من استعمالها.
ترامب يعتقد بان وسائل التواصل الاجتماعي شكل " جديد وعظيم من الاتصال"، وهو يملك حاليا، بحس استقرائي الشخصي لوجوده الرقمي في العالم الافتراضي، ثلاث حسابات موثقة وفاعلة، وان يكن على درجات ومستويات مختلفة، على المنصات الرقمية الكبرى تويتر والفيسبوك والانستغرام، اذ يمتلك حوالي 15 مليون متابع على تويتر، و14 مليون مُعجب على الفيسبوك، وحوالي 4 مليون متابع على الانستغرام، وهو يُبلغ ستاهل، في اللقاء المذكور اعلاه، بان لديه 28 مليون متابع (في احصائيتي كانوا 33 مليون!)، وانه قد اضيفت لحساباته قبل يوم اللقاء ١٠٠ الف متابع جديد، وهو يفتخر ويتباهى بهذه الارقام ويعتقد بان لديه قوة بسببها.
وبحسب تقرير صحيفة الحياة، ترى رئيسة تحرير موقع «بوليتيكو» الأميركي سوزان غراسيي أن وسائط النيوميديا ضربت القنوات التقليدية بين الصحافيين ورجال السياسة وأدخلت تحولات جذرية على مفهوم العمل السياسي في الولايات المتحدة لم يتم استيعابه بعد، وذلك قد بدا جليا، من وجهة نظري، من خلال مجريات الاحداث التي حصلت في الانتخابات الامريكية وما نتج عنها من نتائج تأثرت بالادوات والوسائل الاعلامية الحديثة التي اجاد ترامب استعمالها على نحو كبير.
المعطيات التي وصلتنا من كل شركتي الفيسيوك وتويتر تكشف عن تغييرات كبرى في اهتمام الناس بهذه المنصات الرقمية واثرها على الانتخابات، وقد كتبت في ذلك الكاتبة ايفانا كوتوسافو في ال CNN عن اخر الارقام والاحصائيات المتعلقة بالموضوع، اذ تؤكد كوتوسافو ان اكثر من 75 مليون تغريدة حول الانتخابات قد اطلقت من الساعة الثالثة فجر حيث تم الإعلان عن فوز ترامب، في حين قبل اربع سنوات كانت هنالك 31 مليون تغريدة حول الموضوع نفسه.
وبحسب بيان للفيسبوك فان اكثر من 115 مليون مواطن ناقشوا الانتخابات على الفيسبوك وقاموا بوضع اكثر من 716 مليون اعجاب ومنشور وتعليق ومشاركة متعلقة بالتصويت، ولم يقدم الفيسبوك مثل نظيره تويتر معلومات حول نسبة المشاركات في الفيسبوك في الانتخابات السابقة.
الاحصائيات التي اطلقتها فيسبوك وتويتر كشفت عن اهتمام كبير بالحملات التي يقوم بها السياسيين على الموقع، وفي هذا السياق تضيف كوتوسافو ؛ في الفيسبوك رصدنا اكثر من ٨ مليار بوست ومشاركة وتعليق واعجاب بين فترة 23 اذار 2015 و1 تشرين الثاني حينما اصبح تيد كروز اول سياسي يعلن نفسه مرشحا للرئاسة، كما ان المناظرة الرئاسية الثانية التي عقدت في اوائل تشرين الاول بين كلنتون وترامب كانت من اكثر الاحداث التي اثارت الاحاديث في الحملة، وقد نتج عنها اكثر من 92 مليون تفاعل بواسطة حوالي عشرين مليون مستخدم.
وبالنسبة للمرشح الفائز بالانتخابات دونالد ترامب، فان استخدامه لوسائل التواصل واستفادته منها كان على اشكال مختلفة منها الاستهزاء بخصومه ونقد اعدائه باسلوبه غير المعهود في الحملات الانتخابية، كما استعمل هذه المنصات في الدعوة ومخاطبة جماهيره فيما يتعلق بالنشاطات والمؤتمرات والخطابات التي يقوم بها بعد ان امتنعت العديد من القنوات الفضائية الكبرى عن تغطية نشاطاته السياسية.
ولم يقف الامر عند هذا الحد، بل كان لانتشار الاخبار والاشاعات المزيفة وغير الصحيحة على الفيسبوك ذا نتائج كبيرة على الانتخابات بحسب ما اشار الكثير من المراقبين والمسؤولين ومنهم الرئيس باراك أوباما، مثل خبر تأييد البابا فرنسيس للمرشح دونالد ترامب الذي تم مشاركة الخبر المتعلق به اكثر من مليون مرة على الفيسبوك!، كما ظهرت اخبار أخرى مختلفة مثل اغتيال ضابط في مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي مسؤول عن التحقيق في رسائل المرشحة كلنتون، وهي، وغيرها من الاخبار المزيفة، ساهمت في خدمة ترامب في حملته الانتخابية وما حصل عليه من اصوات فاقت التوقعات.
ولذا وجدت الكاتبة مايا كوسوف تكتب، في موقع Vanity Fair، مقالة بعنوان "تويتر صنع ترامب"، كما كتب مارك بينوف المدير التنفيذي لشركة سيلسفورس تدوينة بعنوان "تستطيع ان تشكر تويتر بسبب مافعله لترامب"، بل ان صحيفة The Hill الشهيرة تؤكد، بواسطك لايك خان، بان الفضل في فوز ترامب يعود للسوشل ميديا.
ويشكل اعتـذار مجلة الايكونومست لقرائها عن سوء تقديرها وعدم تقييم حقيقة القوة الانتخابية للمرشح ترامب، وقيام مجلة نيوزويك بسحب نسخ مجلتها بعد ان وضعت صورة لكلينتون على صفحتها الرسمية لتقول بانها الرئيسة المقبلة بحسب الكاتب عطوان، كل هذا شكل دليل اخر عن مدى خلل الاعلام التقليدي في ادراك قوة وسلطة مواقع التواصل ومدى قدرتها على التأثير على الانتخابات التي وظّفها ترامب لخدمته وكوسيلة للتأثير على الناخب الامريكي الذي صوّت لهذا المرشح ومنحه الفوز التاريخي الكبير.
اعتقد شخصيا ان ترامب قد استفاد من تجربة تواجد الرئيس الأمريكي أوباما على الفيسبوك والتي تحدثت عنها بالتفصيل في مقالي (ملاحظات حول صفحة اوباما على الفيسبوك)، حيث اوضحت ان أوباما لديه صفحة رسمية على الفيسبوك تديرها له منظمة ساندت اوباما في حملته الانتخابية هي (Organizing for Action) وباسم (Barack Obama) ثم بعد ذلك افتتح الرئيس الامريكي باراك اوباما صفحته الشخصية على الفيسبوك في يوم الاثنين 9 نوفمبر من عام 2005 والتي أنشئت تحت أسم (President Obama) لكي تكون ممثله له بعيدا عن منصبه وان يكن اسمها لايدل على ذلك واعتبرته غير صحيح كما بيّنت ذلك بالتفصيل في مقالي عن اوباما التي اشرت له اعلاه.
اضف تعليق