جرى تدريب ديبسيك باستخدام جزء بسيط فقط من الرقائق التي يستخدمها منافسوها الغربيون. قالت شركة ديبسيك إنها أنفقت 5,6 ملايين دولار فقط لتطوير نموذجها، وهو مبلغ زهيد مقارنة بالمليارات التي استثمرتها شركات التكنولوجيا العملاقة في الولايات المتحدة. وتراجعت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة واليابان وسط التحدي...

تربّع “ديبسيك” DeepSeek، وهو تطبيق دردشة يعمل بالذكاء الاصطناعي تطوره شركة صينية ناشئة، على قمة قوائم التنزيلات على متجر التطبيقات “آب ستور”، مثيرا دهشة المحللين بقدرته على مضاهاة أداء منافسيه الرئيسيين في الولايات المتحدة.

وأطلقت شركة (ديب سيك) الناشئة الأسبوع الماضي مساعدا مجانيا تقول إنه يستخدم بيانات أقل، وذلك مقابل تكلفة تطوير تعادل نسبة ضئيلة من البرامج المستخدمة حاليا، مما قد يمثل نقطة تحول في حجم الاستثمار اللازم للذكاء الاصطناعي.

يُحدث “روبوت الدردشة” هذا حاليا ضجة كبيرة في قطاع التكنولوجيا الفائقة، خصوصا لدى الشركات الأميركية العملاقة مثل “إنفيديا” و”ميتا”، والتي أنفقت مبالغ ضخمة للهيمنة على قطاع الذكاء الاصطناعي المزدهر.

لكن في ما يخصّ المواضيع الحسّاسة في بكين، فهو يتقيّد بالنهج السياسي للنظام الشيوعي… ولا يتوانى حتّى عن الإقرار بالأمر عند توجيه أسئلة له في هذا الشأن.

من وضع جزيرة تايوان إلى قمع التظاهرات المنادية بالديموقراطية في تيانانمن مرورا بشينجيانغ، يشير “ديب سيك” إلى أنه “مبرمج” لتقديم إجابات تتماشى مع الموقف الصيني الرسمي.

صُمّم برنامج “ديبسيك” بواسطة شركة ناشئة مقرها في هانغتشو (شرق الصين)، وهي مدينة معروفة بأنها تضم عددا كبيرا من شركات التكنولوجيا.

وهو متاح للاستخدام كتطبيق هاتفي أو على أجهزة الكمبيوتر، ويوفر الكثير من الميزات المشابهة لتلك التي تقدمها تطبيقات المنافسين الغربيين: ككتابة كلمات الأغاني، والمساعدة في التعامل مع المواقف اليومية أو حتى اقتراح وصفة طعام تتناسب مع محتويات الثلاجة.

يمكن لروبوت الدردشة “ديبسيك” التواصل بلغات عدة، لكنه أوضح لوكالة فرانس برس أنه أكثر كفاءة في اللغتين الإنكليزية والصينية.

ومع ذلك، فإنه يتشارك القيود نفسها مع الكثير من برامج الدردشة الآلية الصينية. وعندما سُئل عن مواضيع حساسة، مثل الرئيس شي جينبينغ، فضّل تجنّب الموضوع واقترح “الحديث عن شيء آخر”.

ومع ذلك، فإن أداءه، سواء في كتابة شيفرات معقدة أو حل مسائل رياضية صعبة، قد فاجأ الخبراء.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة “سكيل إيه آي” الأميركية ألكسندر وانغ لشبكة “سي إن بي سي” التلفزيونية “ما لاحظناه هو أن ديبسيك… كان أفضل أو قدّم أداء متساويا مع أفضل النماذج الأميركية”.

ويرتدي هذا النجاح صفة الإبهار بدرجة أكبر نظرا للموارد المستخدمة.

وبحسب ورقة بحثية تشرح بالتفصيل عملية تطوير النموذج، جرى تدريب “ديبسيك” باستخدام جزء بسيط فقط من الرقائق التي يستخدمها منافسوها الغربيون.

ويعتقد العديد من المحللين أن ميزة الولايات المتحدة في إنتاج الرقائق عالية الأداء، فضلا عن قدرتها على الحد من وصول الصين إلى هذه التكنولوجيا، من شأنها ضمان هيمنتها في مجال الذكاء الاصطناعي.

ومع ذلك، قالت شركة ديبسيك إنها أنفقت 5,6 ملايين دولار فقط لتطوير نموذجها، وهو مبلغ زهيد مقارنة بالمليارات التي استثمرتها شركات التكنولوجيا العملاقة في الولايات المتحدة.

وتراجعت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة واليابان وسط التحدي الذي فرضته شركة “ديبسيك”.

وانخفض سعر سهم شركة إنفيديا، الرائدة عالميا في تطوير مكونات وبرامج الذكاء الاصطناعي، بأكثر من 3% في بورصة وول ستريت الجمعة. وخسرت شركة سوفت بنك اليابانية العملاقة، وهي مستثمر رئيسي في مشروع أميركي بقيمة 500 مليار دولار لتطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، أكثر من 8% الاثنين.

وقال مارك أندريسن، المستثمر والمستشار المقرب للرئيس الأميركي دونالد ترامب، إن مشروع ديبسيك يشكل “نقطة تحول للذكاء الاصطناعي”، مثل “سبوتنيك”، في إشارة إلى إطلاق القمر الاصطناعي السوفياتي الذي أشعل سباق الفضاء خلال الحرب الباردة.

وكتب عبر منصة إكس “يشكل DeepSeek R1 أحد أكثر الاختراقات المذهلة التي رأيتها على الإطلاق”.

وتعتمد “ديبسيك”، مثل منافسيها الغربيين “تشات جي بي تي” أو “لاما” أو “كلود”، على نموذج لغوي كبير (LLM)، تم تدريبه من كميات هائلة من النصوص، لإتقان التفاصيل الدقيقة للغة الطبيعية.

لكن على عكس منافسيه الذين يطورون نماذج خاصة بهم، فإن “ديبسيك” مفتوح المصدر. وهذا يعني أن شيفرة التطبيق متاحة للجميع، ما يسمح لهم بفهم كيفية عمله وتعديله.

وكتب رئيس الأبحاث في شركة إنفيديا جيم فان عبر منصة إكس “تواصل شركة غير أميركية تنفيذ مهمة أوبن إيه آي الأصلية – البحث المفتوح المتطور الذي يعود بالنفع على الجميع”.

وتقول “ديبسيك” إنها “رائدة في مجال نماذج المصدر المفتوح” وتتنافس مع “أكثر نماذج الملكية تقدما في العالم”.

واعتبر ألكسندر وانغ، من شركة “سكيل إيه آي” Scale AI، عبر منصة إكس أن ديبسيك تشكّل “جرس إنذار لأميركا”.

وتسعى الصين إلى أن تصبح رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، مع استثمارات مخططة بعشرات مليارات الدولارات في هذا المجال على مدى السنوات المقبلة.

ويُظهر نجاح “ديبسيك” أن الشركات الصينية بدأت في التغلب على العقبات التي تواجهها.

وفي الأسبوع الماضي، حضر مؤسس “ديبسيك” ليانغ وينفينغ اجتماعا مع رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، ما سلط الضوء على الصعود السريع للشركة.

وقد دفع النجاح السريع أيضا “ديبسيك” إلى قمة الموضوعات الشائعة على منصة “ويبو” Weibo، النسخة الصينية من “إكس”.

وأشار أحد المستخدمين إلى أن “هذا يظهر أنه بإمكانك تحقيق أشياء عظيمة بموارد بسيطة”.

موجة بيع تضرب أسهم التكنولوجيا 

وشهدت أسهم شركات التكنولوجيا موجة بيع يوم الاثنين دفعت شركات مثل إنفيديا وأوراكل إلى الهبوط بشدة بعد إطلاق تطبيق صيني مدعوم بالذكاء الاصطناعي جرى تطويره بتكلفة منخفضة، مما أثار شكوكا حيال قدرة الشركات الأمريكية على الهيمنة في هذا القطاع.

وانخفض المؤشر ناسداك المجمع 2.43 بالمئة بينما تراجع المؤشر ستاندرد اند بورز 500 بواقع 1.8 بالمئة.

وهوت أسهم شركة الرقائق إنفيديا أكثر من 13 بالمئة مما كبد أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى خسائر.

وانخفض سهم مايكروسوفت 3.8 بالمئة، كما تراجع سهم ميتا بلاتفورمز 3.1 بالمئة في بداية التداولات قبل أن يصعد مجددا في وقت لاحق، بينما هبط سهم جوجل 1.9 بالمئة.

وتراجعت أسهم شركات التكنولوجيا العالمية من أمستردام إلى طوكيو.

وقال جون ويثار من بيكتيت لإدارة الأصول "لا نعرف التفاصيل بعد ولم تتأكد أي من تلك الأقاويل مئة بالمئة. ولكن إذا تأكد ذلك الإنجاز في خفض تكلفة تدريب البرامج من أكثر من 100 مليون دولار إلى التكلفة المزعومة البالغة ستة ملايين دولار، فهذا أمر إيجابي للغاية فيما يتعلق بالإنتاجية وقدرة المستخدمين النهائيين على الحصول على الخدمة".

وأدت فورة الذكاء الاصطناعي إلى تدفق واسع لرؤوس الأموال نحو البورصات في الأشهر الثمانية عشر الماضية، إذ اشترى المستثمرون أسهم التكنولوجيا مما أدى إلى تضخيم تقييمات الشركات وارتفاع أسواق الأسهم إلى مستويات غير مسبوقة.

ولم تتضح بعد الكثير من المعلومات عن شركة ديب سيك الناشئة ومقرها هانغتشو. وكتب باحثو الشركة في ورقة بحثية الشهر الماضي أن نموذج (ديب سيك في.3) الذي أُطلق في 10 يناير كانون الثاني، استخدم شرائح (إتش-800) من إنفيديا للتدريب، وتكلف أقل من ستة ملايين دولار.

وفي أوروبا تراجع سهم إيه.إس.إم.إل الهولندية 6.4 بالمئة، بينما خسرت سيمنز إنرجي 19.5 بالمئة.

وفي اليابان، انخفضت مجموعة سوفت بنك المستثمرة في الشركات الناشئة بأكثر من ثمانية بالمئة.

وكلف ذلك إنفيديا خسارة تتجاوز 680 مليار دولار من قيمتها السوقية، منذ إغلاق يوم الجمعة، وتراجعت إلى المرتبة الثالثة من المرتبة الأولى كأكبر شركة مدرجة في وول ستريت بعدل أبل ومايكروسوفت.

وقالت كاثلين بروكس، مديرة الأبحاث في شركة «إكس تي بي»، إن «الهيمنة التقنية الأميركية تواجه تحدياً حقيقياً من الصين، والسؤال الآن هو؛ هل تستطيع الصين التفوق على الولايات المتحدة من حيث السرعة والكفاءة والتكلفة في سباق الذكاء الاصطناعي؟».

وأشار ديفيد موريسون، كبير المحللين لدى «إف سي إيه FCA»، إلى أن تطبيق الذكاء الاصطناعي الخاص بـ«ديب سيك»، أصبح التطبيق المجاني الأعلى تقييماً على متجر أبل في الولايات المتحدة.

وقال إن «المستثمرين أُجبروا على إعادة تقييم التوقعات بشأن الإنفاق الرأسمالي وقيم الشركات، نظراً للتهديد الذي تشكله النماذج الصينية ذات التكلفة المنخفضة».

وفي اليابان، سجلت شركات التكنولوجيا وشركات أشباه الموصلات خسائر كبيرة، إذ تراجعت شركة «أدفانتست» بنسبة تزيد على ثمانية في المئة، وانخفضت شركة «طوكيو إلكترون» بنحو خمسة في المئة.

كما تراجعت أسهم سوفت بنك، المستثمر الرئيسي في مشروع الذكاء الاصطناعي الأميركي الجديد بقيمة 500 مليار دولار الذي أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخراً، بنسبة تتجاوز ثمانية في المئة.

ديب سيك تتعرض لهجوم إلكتروني

بدورها قالت شركة ديب سيك الصينية الناشئة يوم الاثنين إنها ستحد مؤقتا من عدد من يسمح لهم بتسجيل الدخول على موقعها بسبب هجوم إلكتروني بعد أن حظي تطبيق الذكاء الاصطناعي الخاص بها بشعبية كبيرة.

كان الموقع الإلكتروني للشركة قد تعرض لانقطاعات في وقت سابق يوم الاثنين بعد أن أصبحت أداة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها أعلى تطبيق مجاني تصنيفا على متجر تطبيقات أبل في الولايات المتحدة.

وتفيد صفحة الشركة بأن ديب سيك تمكنت من حل المشكلات المتعلقة بواجهة برمجة التطبيقات وعدم قدرة المستخدمين على تسجيل الدخول إلى الموقع.

وهذا أطول انقطاع تتعرض له الشركة منذ نحو 90 يوما، ويتزامن مع ارتفاع شعبيتها بشدة.

وقال مبتكرو نموذج الذكاء الاصطناعي ديب سيك-في 3 إنه "يتصدر النماذج مفتوحة المصدر والنماذج المنافسة مغلقة المصدر الأكثر تقدما على مستوى العالم، بين المستخدمين في الولايات المتحدة منذ إصداره في العاشر من يناير الجاري".

 إنذار للولايات المتحدة

واعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين أن نموذج الذكاء الاصطناعي منخفض التكلفة الذي طورته شركة “ديب سيك” الصينية هو بمثابة “جرس إنذار” للشركات الأميركية في سيليكون فالي، بعدما أحدث إطلاق التطبيق الصيني المشابه لـ”تشات جي بي تي” تراجعا كبيرا في أسهم شركات التكنولوجيا العالمية.

لم يحظ إطلاق آخر نموذج لـ”ديب سيك” بداية باهتمام كبير إذ هيمن عليه تنصيب ترامب في اليوم ذاته.

وكانت المفاجأة الأكبر التي هزّت القطاع إعلان “ديب سيك” بأنها طورت نسختها الأخيرة “آر1” بجزء صغير من الكلفة التي تتكبدها الشركات الكبرى في تطوير الذكاء الاصطناعي، خصوصا على شرائح “نفيديا” الإلكترونية وبرامجها.

يحمل الأمر أهمية بالغة نظرا إلى أن ازدهار الذكاء الاصطناعي الذي لعب إطلاق “تشات جي بي تي” أواخر العام 2022 دورا أساسيا فيه، حوّل “نفيديا” إلى إحدى شركات العالم الأعلى قيمة.

أحدثت التطورات الأخيرة هزة في قطاع التكنولوجيا الأميركي وطرحت سؤالا مهما: هل يتعين على كبرى شركات التكنولوجيا مواصلة إنفاق مئات مليارات الدولارات على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بينما بإمكان شركة صينية إنتاج نموذج مواز بكلفة أقل بكثير على ما يبدو؟

يسدد التقدم الذي حققته “ديب سيك” ضربة لواشنطن وأوليتها المتمثلة بالمحافظة على تفوق الولايات المتحدة تكنولوجيا.

سارع ترامب للتعليق الاثنين قائلا “نأمل أن يكون إطلاق +ديب سيك+ للذكاء الاصطناعي من شركة صينية بمثابة جرس إنذار لحاجة صناعاتنا إلى التركيز الحاد على المنافسة للفوز”.

لكن ترامب استطرد معتبرا أن هذه الصدمة قد تكون أيضا “إيجابية” بالنسبة لكبرى شركات التكنولوجيا الأميركية، قائلا “بدلا من إنفاق المليارات والمليارات، ستنفق أقل على أمل أن تصل إلى الحل نفسه”.

من جانبه، أفاد الرئيس التنفيذي لـ”أوبن أي آي” سام ألتمان في منشور على “إكس” بأن “وجود منافس جديد هو أمر محفّز”.

ووصف “آر1” بأنه “نموذج مثير للإعجاب، خصوصا في ما يتعلق بما تمكنوا من إنجازه مقابل الثمن” الزهيد، متعهدا تسريع عمليات إطلاق “أوبن أيه آي” لنماذج جديدة.

تأتي التطورات على خلفية مساعي الحكومة الأميركية لحظر تطبيق “تيك توك” الصيني في الولايات المتحدة أو إجبار الشركة المطورة له على بيعه.

وفي هذا السياق، لفت ترامب الاثنين إلى أن مايكروسوفت تجري مفاوضات لشراء تيك توك.

وقال مستشار ترامب في مجال الذكاء الاصطناعي والذي يعد مستثمرا بارزا في مجال التكنولوجيا ديفيد ساكس إن نجاح “ديب سيك” يبرر قرار البيت الأبيض إلغاء أوامر تنفيذية صدرت في عهد الرئيس السابق جو بايدن والتي حددت معايير سلامة لتطوير الذكاء الاصطناعي.

وكتب ساكس على منصة “إكس” إن القواعد “كانت لتعيق شركات أميركية للذكاء الاصطناعي من دون أي ضمانة بأن الصين ستقوم بالخطوة ذاتها”.

وعبر الرئيس التنفيذي لاتحاد قطاع التكنولوجيا “تشيمبر أوف بروغرس” آدم كوفاسيفتش عن رأي مشابه قائلا “تتمثل الأولوية الآن في مجال الذكاء الاصطناعي في ضمان انتصار” الولايات المتحدة.

من جانبه، اعتبر مارك أندريسن، المستثمر في مجال التكنولوجيا والمتحالف مع ترامب، بأن “+آر1+ التابع لـ+ديب سيك+ هو الذكاء الاصطناعي يعيش لحظة سبوتنيك”، في إشارة إلى إطلاق الاتحاد السوفياتي أول قمر اصطناعي في الأرض عام 1957 في خطوة أثارت دهشة الغرب.

وقبل ساعات على فتح الأسواق، اعتبر الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا ناديلا بأن تراجع كلفة الذكاء الاصطناعي يصب في مصلحة الجميع.

لكن ناديلا نفسه حذر الأسبوع الماضي أثناء المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس من أن “علينا أخذ التطورات القادمة من الصين على محمل الجد بشكل كبير”.

تخطط مايكروسوفت لاستثمار 80 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي هذا العام، بينما أعلنت “ميتا” عن استثمارات بقيمة 60 مليار دولار على الأقل الجمعة.

وسيذهب الجزء الأكبر من هذه الاستثمارات إلى خزينة “نفيديا” التي تراجعت أسهمها بنسبة 17% الاثنين.

ولعل اللافت على وجه الخصوص في ما يتعلق بالتطورات الأخيرة هو أن “ديب سيك”، على اعتبارها شركة صينية، لا يمكنها الوصول بسهولة إلى شرائح “نفيديا” الإلكترونية المتطورة بموجب القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على تصديرها.

ويشتبه إيلون ماسك الذي استثمر بشكل كبير في شرائح “نفيديا” الإلكترونية من أجل شركته “إكس أيه آي” بأن تكون “ديب سيك” تمكنت من الوصول سرا إلى شرائح “إتش100” H100 المحظورة، وهو اتهام صدر أيضا عن الرئيس التنفيذي لشركة “سكيل أيه آي” ScaleAI الناشئة في سيليكون فالي والمدعومة من أمازون وميتا.

لكن المستثمر جين جو سكوت المقيم في هونغ كونغ اعتبر على “إكس” بأن هذا النوع من الاتهامات “يذكر برد فعل فريق الأطفال الأثرياء الذي خسر أمام فريق الأطفال الفقراء”.

من جانبها، أكدت “نفيديا” في بيان بأن تكنولوجيا “ديب سيك” “ممتثلة بالكامل لضوابط التصدير”.

في الأثناء، حذّر وزير العلوم الأسترالي إيد هاسيك من مخاوف مرتبطة بالخصوصية في ما يتعلق بتطبيق “ديب سيك”، داعيا المستخدمين إلى لاالتفكير مليا قبل تحميله.

وقال “هناك العديد من الأسئلة التي يتعين الإجابة عليها في أسرع وقت بشأن النوعية وتفضيلات المستهلكين والبيانات وإدارة الخصوصية”.

مخاطر تركّز الاستثمارات الأميركية في الشركات الكبرى

الانهيارات التي شهدتها أسهم بعض أكبر شركات التكنولوجيا الأميركية أمس الاثنين سلّطت الضوء على أحد المخاطر الرئيسية التي تهدد مسيرة النمو القياسي لسوق الأسهم الأميركية، وهو خطر الاعتماد على حفنة قليلة من الشركات العملاقة لتحقيق هذا النمو.

كان الاستثمار في الذكاء الاصطناعي محركاً رئيسياً للأسهم على مدار العامين الماضيين، ثم اهتزت الأسواق بمجرد ظهور نموذج صيني منخفض التكلفة للذكاء الاصطناعي.

ساعد التفاؤل بشأن الذكاء الاصطناعي في دفع أسهم شركة صناعة الرقائق إنفيديا، وغيرها من الشركات العملاقة «السبع الرائعة»، والتي أسهمت مجتمعة بأكثر من نصف النمو الإجمالي البالغ 25 في المئة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 في عام 2024.

وبسبب هذه المكاسب أصبحت الشركات السبع الرائعة تشكل ثُلث وزن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي، ونحو 45 في المئة من مؤشر ناسداك 100؛ ما يعني أن أي تعثر لهذه الشركات يؤثر بوضوح على مؤشرات السوق.

لا نعرف حتى الآن مدى التهديد الذي سيشكله ديب سيك (DeepSeek) لمجال الذكاء الاصطناعي، وفق فيليب وول، كبير مسؤولي الأبحاث ومدير محفظة رايلانت العالمية للاستشارات، «من الواضح تماماً أن هناك مجموعة من الصفقات المترابطة والكثيفة المُعرضة للخطر».

إنفيديا، الابنة المدللة للذكاء الاصطناعي، دفعها ارتفاع سعر سهمها المذهل إلى أن تُصبح أكبر شركة من حيث القيمة السوقية في أسواق الأسهم، لكن الأسهم نفسها انخفضت بنسبة 17 في المئة أمس الاثنين.

قال سيث هيكل، الشريك الإداري في مايندست لإدارة الثروات، إنه انتقل إلى الخيارات الدفاعية لإنفيديا وسط التقلبات التي أعقبت أخبار انطلاق ديب سيك DeepSeek، وقال «إن إنفيديا تحظى بانتشار واسع حقاً، لذا فإن تراجعها يؤثر حقاً على جميع الأميركيين الذين لديهم محفظة تقاعد أو يستثمرون في الأسهم».

في الأسبوع الماضي فقط أعطى إعلان الرئيس دونالد ترامب عن استثمار القطاع الخاص في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي دفعة لأسهم التكنولوجيا والسوق بأكمله.

وقال المحللون في كابيتال إيكونوميكس إنه إذا اتضح أن نماذج الذكاء الاصطناعي يمكن تدريبها بشكل فعّال بقوة حوسبة أقل مما كان يُفترض سابقاً، «فمن الواضح أن هناك خطراً من حدوث تصحيح آخر في سوق الأسهم الأميركية».

وقال محللو كابيتال إيكونوميكس في مذكرة «هذا من شأنه أن يقوّض هيمنة الشركات التي دعمت الارتفاع».

وقالت تيفاني ويد، مديرة المحفظة الرئيسية في كولومبيا ثريدنيدل للاستثمارات، إن أخبار ديب سيك (DeepSeek) «قد تؤدي إلى بعض التحول النسبي في قيادة السوق، والذي قد يتجه إلى شركات تكنولوجيا أخرى، بدلاً من التركيز على إنفيديا فقط».

* المصدر: وكالات+رويترز+فرانس برس+سي ان ان

اضف تعليق