قد تأخذ المعركة الشرسة التي يخوضها الجنس البشري ضد تغير المناخ الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة في الغلاف الجوي، منعطفًا جديدًا، بعدما انضم إليها نوع جديد من الفيروسات التي قد تحسم النتيجة في النهاية لصالح الإنسان، ومن الممكن أن تسهِم دراسة الفيروسات البحرية في تحويل الإستراتيجية التي يتبنّاها العالم في مكافحة التغيرات المناخية...
قد تأخذ المعركة الشرسة التي يخوضها الجنس البشري ضد تغير المناخ الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة في الغلاف الجوي، منعطفًا جديدًا، بعدما انضم إليها نوع جديد من الفيروسات التي قد تحسم النتيجة في النهاية لصالح الإنسان.
ومن الممكن أن تسهِم دراسة الفيروسات البحرية في تحويل الإستراتيجية التي يتبنّاها العالم في مكافحة التغيرات المناخية، نتيجة قدرتها على التقاط الكربون في المحيطات، وتقليل انبعاثات الميثان في التربة الموجودة بالقطب الشمالي.
وتؤثّر الفيروسات البحرية بشكل مباشر وغير مباشر على الدورات البيوجيوكيميائية، وقدرة المحيطات على عزل الكربون، وتبادل الغازات بين سطح المحيط والغلاف الجوي.
ويشير مصطلح الدورة البيوجيوكيميائية إلى العوامل الحيوية والجيولوجية والكيميائية التي تؤثّر في الشكل الذي يجري فيه تدوير المادة.
والمحيطات بمثابة إسفنجة كربونية ضخمة؛ إذ إنها تمتص رُبع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
حليف جديد
عثر العلماء على نوع جديد من الفيروسات في مياه المحيطات، قد يبرز حليفًا غير متوقع للإنسان في معركتة الحامية التي يخوضها للتخفيف من آثار تغير المناخ على كوكب الأرض، وفق ما أورده موقع تكنو ساينس دوت نت (Techno Science.net).
ورغم كونها ليست من هذا النوع الذي يصيب الإنسان بالمرض، فإن تلك الكائنات الحية الدقيقة تمتلك القدرة على إشعال ثورة في احتجاز الكربون، وهي عملية ضرورية لخفض مستويات انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، المسبب الرئيس لظاهرة الاحترار العالمي.
وحددت مجموعة من الخبراء في مجال الأحياء البحرية والعلوم المناخية من جامعة ولاية أوهايو العديد من الفيروسات التي تعيش في المحيطات، وحللت البيانات الجينومية الخاصة بها لتقييم قدراتها على "سرقة" الخلايا التي تعالج الكربون في البحر.
ويُقصد بالبيانات الجينومية تسلسل الجزيئات في جينات الكائن الحي، ووظيفة كل جين، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقال أستاذ علم الأحياء الدقيقة ومدير مركز الميكروبيوم في جامعة ولاية أوهايو ماثيو سوليفان: "شعرت بصدمة من أن العدد كان كبيرًا"، في إشارة منه إلى المسارات الـ128 المتعلقة بالتمثيل الغذائي الموجود في جينومات الفيروسات التي تعيش في المحيطات.
وأضاف سوليفان: "تدور النمذجة حول الكيفية التي يمكن أن تسرع بها الفيروسات أو تبطئ النشاط الميكروبي في النظام".
مكافحة تغير المناخ
يشير العمل البحثي لعلماء جامعة ولاية أوهايو إلى أنه عندما تصيب تلك الفيروسات كائنات حية بحرية معينة، فإنها يمكن أن تسرع قدرة المحيط على عزل الكربون.
وهذا يعني أن المحيط لديه القدرة على أن يصبح حوض كربون، ويقلل تدفّق غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي إلى قاع المحيط؛ ما يُسهم في مكافحة تغير المناخ.
ويُقصَد بحوض الكربون ذلك الخزان الطبيعي أو الاصطناعي الذي لديه القدرة على تخزين بعض المركبات الكيميائية المحتوية على الكربون لمدة غير محددة، وقال أستاذ علم الأحياء الدقيقة ومدير مركز الميكروبيوم في جامعة أوهايو ماثيو سوليفان: "المحيطات تمتص الكربون، وهذا يمثّل أنباءً جيدة جدًا في جهود مكافحة تغير المناخ، ويُمتَص غاز ثاني أكسيد في شكل غاز، وتتحدد عملية تحويله إلى كربون عضوي بالميكروبات".
وتابع: "ما نلحظه –حاليًا- هو أن الفيروسات تستهدف التفاعلات الأكثر أهمية في عمليات التمثيل الغذائي للمجتمع الميكروبي، وهذا يعني أنه يمكننا البدء في البحث عن الفيروسات التي يمكن استعمالها لتحويل الكربون إلى النوع الذي نريده".
وفي عام 2016، اكتشف سوليفان وفريقه البحثي في تحالف محيطات تارا (Tara Oceans Consortium) -بدراسة عالمية مدتها 3 سنوات لتأثير تغير المناخ- العلاقة بين حوض الكربون في المحيط ووجود الفيروسات.
وخلص بحثهم إلى نتيجة مفادها أن الفيروسات تستهدف التفاعلات الرئيسة في عملية التمثيل الغذائي للمجتمع الميكروبي؛ ما يُتيح مسارًا جديدًا لتحويل الكربون إلى شكل عضوي ثقيل يستقر في قاع المحيط، ويعمل مخزنًا للكربون.
تطبيقات بشرية
تمتد آثار هذا البحث إلى ما هو أبعد من المحيطات؛ إذ يستكشف العلماء إمكان استعمال الفيروسات لتصميم الميكروبيوم تمهيدًا لاستعماله لأغراض متنوعة، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
والميكروبيوم هو مصطلح يشير إلى مجموع الميكروبات المتعايشة مع إنسان أو أيّ من الأحياء الأخرى، وتعيش على جسمها أو في داخل أمعائها.
ويطبّق المختبر التابع لأستاذ علم الأحياء الدقيقة ومدير مركز الميكروبيوم في جامعة ولاية أوهايو ماثيو سوليفان الدروس المستفادة من الدراسات المحيطية على الأهداف البشرية؛ بهدف تصميم الميكروبيوم للمساعدة في التعافي من إصابات النخاع الشوكي، وتحسين النتائج بالنسبة للرضع المولودين لأمهات مصابات بفيروس نقص المناعة المكتسبة، ومكافحة العدوى في جروح الحروق.
وعلاوة على ذلك، ما تزال الجهود الأولى قائمة لاستعمال العاثيات –فيروسات تصيب البكتريا- بصفتها أدوات للهندسة الجيولوجية في نظام بيئي مختلف للغاية: التربة الصقيعية في شمال السويد، ما يَنتُج عنه إستراتيجية جديدة لمواجهة تغير المناخ في المناطق التي تذوب فيها التربة المجمدة، وتُعرف التربَةُ الصقيعية (التربة دائمة التجمد) بأنها المنطقة التي يقلّ فيها متوسط درجة حرارة أرضها السنوي عن ضغط نقطة الانصهار على الأقل، خلال عامين على التوالي.
اضف تعليق