كثير من أولئك الذين يعانون من نقص النوم، يقولون إنهم يعوضون ذلك في عطلة نهاية الأسبوع. لكن هل تعويض النوم الفائت ممكن بالفعل من الناحية العلمية؟ أجريت العديد من الدراسات حول هذا الموضوع، وتوصل علماء إلى أنه يمكن من حيث المبدأ تعويض ساعات النوم، لكن الأمر بالفعل أكثر تعقيدًا مما يتصوره كثيرون...

يعتقد كثيرون أنهم يستطيعون تعويض ما فاتهم من نوم، في عطلة نهاية الأسبوع مثلًا! لكن خبراء يحذرون من المبالغة في الاعتقاد بأنه يمكن "تعويض" ساعات النوم الفائتة بسهولة! فماذا يقول العلم عن "تعويض النوم"؟

ينام نحو ربع الألمان أقل من ست ساعات يوميًا، كما ينام الناس في الدول الغربية ساعة أقل يوميًا في المتوسط مقارنة بما كان عليه الحال قبل 20 عامًا، وفقًا لموقع "بيزنس إنسايدر". إحصائيات قد تكشف عن جانب بسيط من مشكلة يعاني منها كثيرون في عصرنا الحالي وهي: قلة النوم 

كثير من أولئك الذين يعانون من نقص النوم، يقولون إنهم "يعوضون" ذلك في عطلة نهاية الأسبوع. لكن هل "تعويض النوم الفائت" ممكن بالفعل من الناحية العلمية؟ أجريت العديد من الدراسات حول هذا الموضوع، بحسب الموقع، وتوصل علماء إلى أنه يمكن من حيث المبدأ تعويض ساعات النوم، لكن الأمر بالفعل أكثر تعقيدًا مما يتصوره كثيرون!

يقول الطبيب النفسي والمختص في طب النوم أليكس ديميتريو إنه لا ينبغي لأحد أن يبالغ في إمكانية تعويض ساعات النوم بسهولة، ويضيف مؤسس "شركة مينلو بارك" للطب النفسي والعلاج بالنوم: "كلما زاد الحرمان من النوم، زاد وقت التعافي (التعويض). في مرحلة ما، لن يعود التعافي الكامل ممكنًا. لهذا السبب من المهم عدم تراكم الكثير من ساعات النوم الفائتة".

من جهته يقول جيمس رولي، الرئيس السابق للأكاديمية الأمريكية لطب النوم، إنه من المهم مراقبة قلة النوم، لأنه وبخلاف ذلك، يزداد خطر التعرض لمشاكل صحية طويلة المدى مثل السمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية وزيادة خطر الإصابة بالسرطان والاضطرابات المناعية، كما نقل عنه "بيزنس إنسايدر".

ولكن ما مقدار النوم اللازم لتعويض نقص النوم لمدة ساعة؟ إحدى الدراسات أذهلت الناس بتوصلها إلى نتيجة مفادها أن تعويض ساعة واحدة من قلة من النوم يتطلب نوم أربع ليالٍ، من سبع إلى تسع ساعات في كل ليلة منها!

ووفقًا للدراسة، لا يكفي الانتظار حتى عطلة نهاية الأسبوع لتعويض نقص النوم في أسبوع العمل. ويوضح رولي: "بينما يمكنك تعويض النوم لمدة ساعة أو ساعتين خلال عطلة نهاية الأسبوع، فإن ذلك لا يمكن أن يعوض قلة النوم طوال الأسبوع".

ولكن إذا كانت عطلة نهاية الأسبوع هي الفرصة الوحيدة التي يمكنك فيها تعويض النوم، فمن الأفضل استغلالها بدلاً من عدم القيام بذلك على الإطلاق، وفقًا لما ذكرته ليندسي دودجسون، أستاذة علم النفس البيولوجي في جامعة ستوكهولم.

وتوضح الخبيرة أن "ديون النوم" تشبه إلى حد ما ديون بطاقة الائتمان. من الأفضل ألا يكون لديك أي منها! وإذا كانت عليك بعض الديون، فحاول أن تجعلها صغيرة قدر الإمكان! كما ينصح بـ"رد الديون" في أقرب وقت! فإذا فاتتك ساعة أو ساعتين من النوم، فحاول تعويض ذلك فورًا في اليوم التالي، إما بقيلولة في الظهر أو بالذهاب إلى الفراش مبكرًا في المساء.

لكن الشيء الأكثر أهمية هو أن تضع جدولًا للنوم وتلتزم به. يقول ديميتريو: "أفضل طريقة للنوم هي الانتظام ". وتذكر دائمًا أن النوم ليس رفاهية، بل ضرورة! وفق ما نقله موقع “DW”.

مفتاح الشباب الدائم

توصلت دراستان جديدتان نُشرتا في مجلة "Proceedings of the Royal Society B" أن عدم الحصول على قسط كافي من النوم قد يُشعرك بأنك أكبر بما يتراوح بين خمس وعشر سنوات من عمرك الحقيقي.

وقالت ليوني بالتر، باحثة النوم في جامعة ستوكهولم بالسويد، والمؤلفة الرئيسية للدراستين، لـCNN: "يلعب النوم دورًا سببيًا في كيفية شعور كبار السن".

وأوضحت أن "النوم غير الكافي يصيب الفرد بالنعاس. والنعاس حالة تحفيزية مهمة تجعلنا نعطي الأولوية للنوم، ويقلّل من مستويات الطاقة لدينا".

وأشارت بالتر إلى أنّ نقص الطاقة والحافز سيساهم بالتأكيد في الشعور بالشيخوخة، كما يحدّ من قدرة الشخص على البقاء نشيطًا بدنيًا واجتماعيًا، ويعزز العاملان الأخيران من مشاعر الشباب.

وقال باحث النوم الدكتور تشانغ هو يون، أستاذ علم الأعصاب في جامعة سيؤول الوطنية بسيونغنام في كوريا الجنوبية، غير المشارك في الدراستين: "يمكن فهم العمر بأبعاد متعددة: الزمني، والبيولوجي، والذاتي".

ورأى يون في حديثه مع CNN: "عمومًا، تسلّط هذه النتائج الضوء على أهمية النوم الكافي للحفاظ على عمر الشباب الذاتي، ما قد يفيد الصحة العقلية والجسدية".

ويُعتبر الشعور بالشباب أمر جيد، بحسب العلم. وقد ارتبط في الدراستين بالعيش لفترة أطول، وانخفاض معدل الإصابة بالخرف، واكتئاب أقل، وسمات أكثر إيجابية مثل التفاؤل، والأمل، والمرونة، وصحة بدنية وعقلية أفضل.

ويتمتع الأشخاص الذين يشعرون بأنهم أصغر من أعمارهم بأدمغة أكتر تطابقًا. ووجدت دراسة أجريت في يونيو/ حزيران 2018 أن كبار السن الذين يشعرون بأنهم أصغر سنا لديهم المزيد من المادة الرمادية في أدمغتهم، وسجلوا نتائج أصغر سنًا في اختبارات عمر الدماغ.

أجرت بالتر وزملاؤها دراستين. اختبروا بإحداهما مدى جودة نوم 429 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 18 و70 عامًا في منازلهم خلال الشهر السابق. وفي مقابل كل ليلة من قلة النوم خلال تلك الفترة، أبلغ الناس عن شعورهم بحوالي ربع عام أكبر من عمرهم الزمني.

وقال يون إن "التغيرات في المزاج ومشاعر التعب تساهم أيضًا في الشعور الشخصي بالشيخوخة. هذه التغييرات تعتبر مظاهر نموذجية للحرمان من النوم، ويمكن أن تؤدي إلى تفاقم النعاس وإدراك الشيخوخة". 

مع ذلك، إذا نام الشخص جيدًا خلال الشهر، فإنه يشعر بأنه أصغر بنحو ست سنوات، في المتوسط، من عمره الحقيقي.

الحرمان الشديد  

طلبت الدراسة الثانية من 186 من المشاركين ذاتهم النوم في المختبر لمدة ليلتين، مع التأكد من أنهم لم يحصلوا على أكثر من أربع ساعات من النوم كل ليلة. كانت التجربة الشخصية للشيخوخة أكبر بكثير عندما تعرض الأشخاص لهذه الدرجة من الحرمان من النوم: في المتوسط، شعر الناس بما يقرب من 4 سنوات ونصف السنة أكبر مما كانوا عليه بالفعل.

ردّت بالتر أنّ "الإجابة على هذا السؤال غير معروفة". وقالت: "ما تشير إليه بياناتنا مفاده أنّ الأمر قد يحدث بسرعة كبيرة. أي شيء يمكن أن يخفف من النعاس قد يكون له أثر مباشر على العمر الشخصي. ومع ذلك، للحصول على تأثيرات جوهرية ودائمة، يعد ضمان النوم الكافي أمرًا ضروريًا". 

تم تتبع النعاس في الدراسة الثانية، ولكل وحدة زيادة على مقياس القياس، أضاف الأشخاص 1.23 سنة إلى تقييم الشيخوخة لديهم. لم يكن الجنس مهمًا، لكن النمط الزمني للنوم كان مهمًا؛ فالأشخاص الذين يحبون الاستيقاظ باكرًا، شعروا بالتأثير بشكل أعمق. وصنفوا أنفسهم على أنهم أكبر بخمس سنوات من الأشخاص الذين ينشطون مساء، الذين صنفوا أنفسهم بأنهم أكبر بأربع سنوات من الفئات المعتدلة، وهم أشخاص لديهم ساعة جسم لا تتناسب مع أي من التطرفين. 

ومع ذلك، عندما حصل الأشخاص الذي يستيقظون باكرًا على ما يصل إلى تسع ساعات من النوم ليلاً، شعروا بأنهم أصغر سناً بكثير. فهل يحتاجون إلى ساعات نوم أكثر ممن ينشطون ليلًا؟ 

وكتبت بالتر وزملاؤها في الدراسة: "تدعم هذه النتائج أن النوم، وهو ظاهرة بيولوجية حيوية، قد يحمل مفتاح الشعور بالشباب".

وقال يون إنه لتحسين الصحة العامة، فإن إعطاء الأولوية للنوم الكافي أمر بالغ الأهمية، موضحًا: "إذا كنت تشك في أن حرمانك من النوم سببه اضطراب في النوم مثل الأرق أو توقف التنفس أثناء النوم، فمن الضروري طلب التقييم والعلاج من أخصائي الرعاية الصحية". بحسب موقع “CNN”.

عدم قياس النوم بعدد الساعات

أعلن الدكتور أليكسي ميليخين أخصائي علم النوم وعلم النفس السريري، أنه يجب تحديد النوم الصحي بنوعيته، وليس بعدد الساعات.

ويشير الخبير إلى أنه من المهم أن نفهم أنه لا يوجد أي ارتباط بين النوم والوقت. نعم هناك "جداول مشهورة" توضح كم ساعة يجب أن ينام الشخص وفي أي عمر، ولكن لا أحد يوضح عن أي وقت يدور الحديث.

ويقول: "دائما ينصح بالنوم 8 ساعات، ولكن لماذا تقرر أن ينام هذا الشخص أو غيره 8 ساعات بالذات. أو يجب أن ينام هذا الطفل بالذات ساعات أكثر مثلا. ويلاحظ أنه لا يوجد ذكر لوقت عام يوصى به. لذلك يجب أن يفهم الجميع أنه وفقا لطب النوم الحديث، يوجد لكل إنسان نمطه الزمني الشخصي وإيقاعاته اليومية الشخصية ترتبط بعوامل عديدة".

ووفقا له، من بين هذه العوامل: الحالة النفسية والصحة العقلية؛ الحالة المزاجية؛ خصائص النشاط العصبي؛ نمط الحياة وعبء العمل؛ النشاط البدني؛ تصورات عن نوعية النوم،؛ وجود خصائص سلبية؛ استراتيجيات التعامل مع الإجهاد؛ خصوصية الأحلام؛ طقوس النوم؛ والعلاقات مع الآخرين وكذلك وجود شريك إلى جانبه وغيرها.

ويشير إلى أن جميع هذه العوامل المختلفة تؤثر في نوعية النوم. أي أن الشيء الرئيسي ليس الكمية بالكيلوغرامات أو بالأمتار أو بالساعات، ولكن بنوعية النوم. لذلك عندما نتحدث عن معايير جودة النوم فإننا نعني مجموعة كاملة من العوامل مثل سرعة نوم الشخص، وعمق نومه، وكيف يتعامل مع عواطفه في الأحلام، وما إذا كان يستيقظ أثناء النوم وكم مرة.

وبالإضافة إلى ذلك، يجب تقييم حالة الشخص بعد أن يستيقظ من النوم صباحا، وهل يشعر بالتعب وهل يرغب بالعودة إلى النوم وهل يعاني من النعاس في النهار وكم مرة يفكر في النهار بأنه بحاجة إلى النوم.

ووفقا له، يعني هذا أن الحديث يدور عن الوعي الذاتي بالنوم وتصوره. أي أن تقييم النوم فيما إذا كان مفيدا أو ضارا ليس بعدد الساعات. وفق ما نقله موقع “RT”.

مرحلة نوم الموجة البطيئة

وترتبط مشاكل مرحلة نوم الموجة البطيئة بإنتاج بروتين أميلويد، الذي يلعب دورا هاما في صحة الإنسان، ويؤدي نقصه إلى اضطرابات في الدماغ تشبه تلك التي تحصل عند الإصابة بالأمراض العقلية .

وتوضح الكاتبة أن النوم يحافظ على صحة الدماغ من خلال التخلص من المواد الضارة، وبالتالي فإن نقصه يجعل الجسم عاجزا عن التخلص من هذه السموم. وقد كانت دراسات سابقة بينت أن التقطع في النوم يرتبط بزيادة الإصابة بالالتهابات والتعرض لأمراض الشيخوخة.

كما قام فريق الباحثين بدراسة صور أشعة 40 ألف شخص، ووجدوا فروقا واضحة في بنية مناطق الدماغ المرتبطة بالتحليل والذاكرة، لدى أولئك الذين حصلوا على أقل أو أكثر من 7 ساعات نوم.

ويقول البروفيسور جيانفينغ فينغ من جامعة فودان في الصين، والمشارك في هذه الدراسة: "رغم أننا لا يمكننا أن نؤكد بشكل قطعي أن نقص أو كثرة النوم يسبب مشاكل ذهنية، فإن تحليلنا للبيانات التي جمعناها عن هذه العينة الضخمة من الأشخاص على مدى فترة طويلة من الزمن يدعم هذه الفكرة". وفق ما نقله “الجزيرة نت”.

اضف تعليق