هناك حلولاً حيث يمكننا بالفعل إعادة تدوير الطاقة الموجودة في نظام الصرف الصحي، سواء من خلال الحرارة، ولكن أيضاً من خلال الكربون، الذي هو، المتأصل في النفايات. النفايات البشرية هي أيضاً مورد نضعه الآن في بحارنا أو أنهارنا، وهذا في الحقيقة ليس المكان الذي نريد أن يكون فيه...
يركز اليوم العالمي لدورات المياه 2022، الذي يقام في 19 تشرين الثاني /نوفمبر، على تأثير أزمة الصرف الصحي على المياه الجوفية، ورسالته المركزية لهذا العام مفادها بأن الصرف الصحي المدار بأمان يحمي المياه الجوفية من تلوث الفضلات البشرية.
اليوم العالمي لدورات المياه، الذي يقام سنوياً منذ عام 2013 في 19 تشرين الثاني /نوفمبر، يحتفل بالمراحيض ويرفع الوعي بأنه لا یزال ھناك 3.6 ملیار شخص یعیشون بدورات میاه ذات نوعیة ردیئة تدمر صحتھم وتلوث بیئتھم. كما یموت كل یوم أكثر من 800 طفل دون سن الخامسة بسبب الإسھال المرتبط بالمیاه غیر الآمنة والصرف الصحي غیر الآمن وسوء النظافة الصحیة.
وقال نائب رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بالمياه (UN-Water)، يوهانس كولمان: "نحن نلوث مواردنا وحسب إذا لم يكن لدينا معالجة مناسبة لمياه الصرف الصحي."
ففي مؤتمر صحفي عقد في نيويورك، قال السيد كولمان: "نحن بحاجة إلى أن نكون أذكياء بشأن الصرف الصحي. نحتاج إلى التفكير في كيفية تنظيم الصرف الصحي بحيث يكون آمناً للنساء والأطفال أولاً، ويكون ذكياً [من الناحية] المناخية. لقد تم إثبات أنه من الممكن أن يكون [كذلك]، لأن هناك حلولاً حيث يمكننا بالفعل إعادة تدوير الطاقة الموجودة في نظام الصرف الصحي، سواء من خلال الحرارة، ولكن أيضاً من خلال الكربون، الذي هو، بالطبع، المتأصل في النفايات. لذا، فإن النفايات البشرية هي أيضاً مورد نضعه الآن في بحارنا أو أنهارنا، وهذا في الحقيقة ليس المكان الذي نريد أن يكون فيه."
وتقوم UN-Water بتنسيق العمل الأممي في مجال المياه والصرف الصحي ويتألف أعضاؤها من الكيانات الأممية وشركائها من المنظمات الدولية المعنية بهذه القضايا.
وأشار السيد كولمان إلى أن نصف عدد سكان الأرض تقريبا الذين وصل عددهم هذا الأسبوع إلى 8 مليارات شخص، يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى الصرف الصحي الآمن، "وهذه فضيحة إلى حد كبير إذا فكرنا بأننا قد تجاوزنا العام 2000."
تستكشف حملة 2022 "إظھار ما ھو غیر مرئي" كيف تؤدي أنظمة الصرف الصحي غير الملائمة إلى نشر النفايات البشرية في الأنهار والبحيرات والتربة، مما يؤدي إلى تلويث موارد المياه الجوفية.
وذكر السيد كولمان الصحفيين أن المياه الجوفية تمثل 30 في المائة من الموارد المائية العذبة المتاحة، وأضاف: "إنها موجودة داخل الأرض. إنها غير مرئية. ومشكلة الصرف الصحي هي أيضا مشكلة غير مرئية لأنها ليست هنا في الأمم المتحدة أو في منازلنا الجميلة. مشكلة الصرف الصحي هي حيث يكون الناس فقراء وحيث لا تذهب وسائل الإعلام. لذا، فإن مشكلة الصرف الصحي هي إلى حد كبير مشكلة غير مرئية يتعين علينا حلها."
في الوقت الحالي، لا يزال العالم بعيداً عن المسار الصحيح للوفاء بوعد هدف التنمية المستدامة 6.2: لضمان توافر دورات میاه آمنة للجمیع بحلول عام2030. لم یتبق سوى ثماني سنوات للوفاء بهذا الوعد، لذا فعلى العالم أن یعمل بمعدل أربع مرات أسرع للوفاء به.
التأثيرات على النساء والأطفال
من جهتها، أكدت آن توماس، قائدة فريق اليونيسف للصرف الصحي والنظافة الصحية، أن "الهدف 6.2 من أهداف التنمية المستدامة هو إنهاء التغوط في العراء وتوفير الوصول إلى الصرف الصحي الآمن والنظافة. وهي الأبعد عن مسار التحقيق من بين جميع أهداف التنمية المستدامة والأبعد من حيث نقص التمويل."
أوضحت السيدة توماس أن هذه الأزمة لها تأثير عميق على الصحة العامة، والإنتاجية الاقتصادية، والسلامة البيئية، والنتائج التعليمية، "خاصة بالنسبة للفتيات والنساء اللواتي يتأثرن بشكل غير متناسب بظروف الصرف الصحي المؤسفة في المدارس، ومرافق الرعاية الصحية، وفي منازلهن."
وأكد السيد كولمان أن الصرف الصحي "والمعاملة العادلة للنساء والأطفال ليست مشكلة تكنولوجية. إنها مشكلة إرادة سياسية." وشدد على دور وسائل الإعلام وسياسيين للقيام بالاستثمارات اللازمة، وأضاف: "يمكننا رمي المليارات على الحروب أو المليارات على الجوائح، لكن لا يمكننا ضمان حصول النساء والأطفال على صرف صحي آمن. لا ينبغي أن يكون الأمر كذلك."
دورات المياه تنقذ الأرواح
بدوره قال السيد أنطونيو غوتيريش في رسالته بالمناسبة إن "الحياة دون دورات مياه قذرة وخطيرة وغير كريمة. فما من شخص إلا وينبغي أن يكون بإمكانه الاستفادة من خدمات صحية ومأمونة ومستدامة في مجال الصرف الصحي".
ومع ذلك، لا يزال 3.6 بلايين شخص يعيشون دون خدمات صرف صحي مدارة بطريقة مأمونة، مما يهدد الصحة ويضر بالبيئة ويعوق التنمية الاقتصادية.
ويموت كل يوم 700 طفل دون سن الخامسة بسبب أمراض مرتبطة بالمياه ومرافق الصرف الصحي غير المأمونة.
وأوضح الأمين العام أن دورات المياه تنقذ الأرواح وتدفع إلى إدخال تحسينات في مجال المساواة بين الجنسين وفي المجتمع ككل.
وبدون مرافق صحية مستدامة مدارة بصورة مأمونة، لا يملك كثير من الناس سوى خيار استخدام دورات مياه غير موثوقة وغير ملائمة، أو التغوط في العراء.
وحتى في حالة وجود دورات مياه، فإن طفح المياه وتسربها من أنابيب الصرف الصحي، وإلقاء النفايات البشرية أو معالجتها بصورة غير سلمية، يمكن أن تتسبب في خروج النفايات البشرية غير المعالجة إلى البيئة وانتشار الأمراض الفتاكة والمزمنة من مثل الكوليرا والديدان المعوية.
وأشار الأمين العام إلى أننا نحتاج إلى استثمارات وابتكارات عاجلة وضخمة على طول "سلسلة الصرف الصحي"، بدءا من دورات المياه وحتى نقل النفايات البشرية وجمعها ومعالجتها.
وأكد أن إعمال هذا الحق الأساسي من حقوق الإنسان - ألا وهو الحق في المياه والصرف الصحي - أمر يعود بالنفع على الناس والأعمال التجارية وعلى كوكبنا.
وأضاف أن مقابل كل دولار واحد يستثمر في دورات المياه والصرف الصحي، يُسترد ما يصل إلى 5 دولارات من الادّخار في التكاليف الطبية، وتحسين الصحة، وزيادة الإنتاجية، والتعليم، وفرص العمل.
ويعلمنا التاريخ، بحسب الأمين العام، أن التقدم السريع ممكن. وقد غيرت بلدان كثيرة نظمها الصحية من خلال العمل على تحسين مرافق الصرف الصحي وضمان حصول الجميع على دورات المياه.
المیاه الجوفیة والصرف الصحي
نواجه أزمة صرف صحي عالمیة. والیوم، لا یزال ھناك 3.6 ملیار شخص یعیشون بدورات میاه ذات نوعیة ردیئة تدمر صحتھم وتلوث بیئتھم. ویموت كل یوم أكثر من 800 طفل دون سن الخامسة بسبب الإسھال المرتبط بالمیاه غیر الآمنة والصرف الصحي غیر الآمن وسوء النظافة الصحیة.
فوجود أنظمة صرف صحي غیر ملائمة یؤدي إلى نشر النفایات البشریة في الأنھار والبحیرات والتربة، مما یتسبب في تلويث الموارد المائیة تحت أقدامنا. غیر أن ھذه المشكلة تبدو غیر مرئیة. غیر مرئیة لأنھا تحدث تحت الأرض؛ غیر مرئیة لأنھا تحدث في المجتمعات الأكثر فقرا ً وتھمیشاً.
والمیاه الجوفیة ھي مصدرنا الأكثر وفرة للمیاه العذبة. فھي تدعم إمدادات میاه الشرب وأنظمة الصرف الصحي والزراعة والصناعة والنظم الإیكولوجیة. وفي ظل تفاقم أزمة تغیر المناخ وتزاید عدد السكان،أصبحت المیاه الجوفیة عاملا ً حیویا ً لبقائنا على قید الحیاة.
والصرف الصحي المُدار بأمان یحمي المیاه الجوفیة من التلوث بالنفایات البشریة. ویتمثل المقصد 2 من الھدف 6 من أھداف التنمیة المستدامة في وعد العالم بضمان توافر دورات میاه آمنة للجمیع بحلول عام 2030. ویعني ذلك أن تتوافر لكل شخص دورة میاه متصلة بنظام صرف صحي یزیل النفایات البشریة ویعالجھا بشكل فعال. ولكننا بعیدون تماما وبشكل یُنذر بخطر شدید عن المسار الصحیح لتحقیق ھذه الغایة.
الرسائل الرئيسة
الصرف الصحي الآمن یحمي المیاه الجوفیة.
دورات المیاه الموضوعة في أماكنھا الصحیحة والمتصلة بأنظمة صرف صحي مدارة بأمان تجمع النفایات البشریة وتعالجھا وتتخلص منھا، وتساعد على منع انتشارھا في المیاه الجوفیة.
یجب أن یتحمل الصرف الصحي تغیر المناخ.
یجب بناء دورات المیاه وأنظمة الصرف الصحي أو تكییفھا للتعامل مع ظواھر الطقس المتطرفة، بحیث تعمل الخدمات بصفة مستمرة وتُحمى المیاه الجوفیة.
إجراءات الصرف الصحي أمر عاجل.
نحن بعیدون تماما وبشكل یُنذر بخطر شدید عن المسار الصحیح لضمان توافر دورات میاه آمنة للجمیع بحلول عام2030. وحیث إنه لم یتبقى سوى ثماني سنوات، فعلى العالم أن یعمل بمعدل أسرع أربع مرات للوفاء بوعدنا.
القيمة غير المرئية للمياه الجوفية
وتتعرض المياه الجوفية التي تدعم إمدادات مياه الشرب وأنظمة الصرف الصحي والمزارع والصناعات والنظم البيئية، تتعرض للإفراط في الاستخدام والتلوث والإهمال.
وقال غيلبرت هونغبو، رئيس الأمم المتحدة للمياه في رسالته بعنوان "المياه الجوفية: جعل غير المرئي مرئيا" إن من "واجبنا ضمان أن المياه الجوفية لها مكانها الصحيح في جميع خطط عملنا."
وفقا لتقرير الأمم المتحدة حول تنمية المياه في العالم لعام 2022، تمثل المياه الجوفية 99 في المائة من جميع المياه العذبة السائلة على الأرض. مع ذلك، فإن هذا المورد الطبيعي غير مفهوم بشكل جيد وبالتالي يتم التقليل من قيمته وسوء وإدارته.
وفي إشارة إلى أن الطلب على المياه آخذ في الازدياد، شدد السيد هونغبو، وهو أيضا رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) على الحاجة الملحة لواضعي السياسات لفهم الدور الحاسم للمياه الجوفية وإدارة الطلبات المتنافسة لأنظمة المياه والصرف الصحي بشكل أفضل، والزراعة والصناعة والنظم البيئية والتكيّف مع تغيّر المناخ.
وقالت أودري أزولاي، المديرة العامة لليونسكو في مقدمة "جعل غير المرئي مرئيا" وهو الإصدار الأخير من تقرير الأمم المتحدة حول تنمية المياه في العالم: "المياه الجوفية مورد طبيعي بالغ الأهمية، غير مرئي ولكن لا غنى عنه للحياة على كوكبنا."
وفي إشارة إلى ما يقرب من 50 في المائة من سكان الحضر في العالم يعتمدون على مصادر المياه الجوفية، أشارت إلى أن "المزيد من طبقات المياه الجوفية يتعرض للتلوث والإفراط في الاستغلال والجفاف من قبل البشر، مما يؤدي أحيانا إلى عواقب لا رجعة فيها."
سلط معدّو التقرير الضوء على الإمكانات الهائلة للمياه الجوفية، والحاجة إلى إدارتها على نحو مستدام، ودعوة الدول إلى معالجة أزمات المياه الحالية والمستقبلية في جميع أنحاء العالم.
بالإضافة إلى توفير المياه للشرب والاستخدامات المنزلية الأخرى، فإن حوالي 25 في المائة منها ضروري لريّ المحاصيل.
علاوة على ذلك، من المتوقع أن ينمو استخدام المياه بنسبة 1 في المائة تقريبا سنويا على مدار الأعوام الثلاثين القادمة، ومن المتوقع أن يرتفع الاعتماد على المياه الجوفية، جنبا إلى جنب مع تأثير الاحتباس الحراري.
يؤكد التقرير أن الاستفادة بشكل أكثر استدامة من المياه الجوفية أمر ضروري لتلبية الاحتياجات الأساسية لسكان العالم الذين يتزايد عددهم باستمرار، ولمعالجة أزمات المناخ والطاقة العالمية.
وقال غيلبرت هونغبو، رئيس الأمم المتحدة للمياه ورئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) في مقدمة التقرير: "يعد تحسين طريقة استخدامنا للمياه الجوفية وإدارتها أولوية ملحة إذا أردنا تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030."
ودعا صانعي القرار إلى اتخاذ الطرق الحيوية التي تمكّن المياه الجوفية من خلالها المساعدة في ضمان مرونة حياة الإنسان وأنشطته في المستقبل، حيث يصبح المناخ غير قابل للتنبؤ بشكل متزايد.
بحسب التقرير، فإن جودة المياه الجوفية تجعلها آمنة وبأسعار معقولة، دون الحاجة إلى مستويات متقدمة من المعالجة.
علاوة على ذلك، غالبا ما تكون الطريقة الأكثر فعالية من حيث التكلفة لتوفير المياه بشكل آمن للقرى الريفية ويمكن أن تكون بمثابة محفز للنمو الاقتصادي عن طريق زيادة المساحات المرورية وتحسين الغلات الزراعية وتنوع المحاصيل.
فيما يتعلق بالتكيّف مع تغير المناخ، يمكن استخدام أنظمة الخزان الجوفي لتحسين توافر المياه العذبة على مدار العام، حيث تتبخر بدرجة أقل بكثير من الخزانات السطحية.
ويشدد التقرير على أن منع التلوث يتطلب استخداما مناسبا للأراضي ولوائح بيئية مناسبة، خاصة عبر مناطق إعادة تغذية الخزان الجوفي، مما يدفع الحكومات، بصفتها وصية على الموارد، إلى ضمان توزيع الوصول إلى المياه الجوفية والربح منها بشكل عادل.
وقالت السيدة أزولاي: "المعرفة المحسنة وتنمية القدرات ليست كافية. لحماية طبقات المياه الجوفية، نحتاج أيضا إلى الابتكار، من حيث التدخلات الفنية والإصلاحات المؤسسية والقانونية والتمويل المحسن والتغييرات السلوكية."
اضف تعليق