يقف الصراع المحتدم في الدورة الانتخابية الماضية وتوالد الأزمات وغياب الحلول العقلانية والسياسية سببا لفسح المجال امام دخول داعش الارهابي وسقوط ثلاث محافظات وتردي الاوضاع بالشكل الذي عايشناه بمرارته جميعا.
وبعد ان تأكد ان الفساد السياسي الذي استشرى في كل مفاصل الدولة خلال السنوات الماضية هو السبب الرئيسي في كل ما جرى، حتى بح صوت المرجعية الدينية والشعب المطالب بالإصلاح والقضاء على الفساد والفاسدين... فان الحكومة اليوم امام تحد جديد وهو السير في طريق محاربة الفساد السياسي الى نهايته حتى لا تتكرر مأساة داعش بصورة اخرى او تدخل الدولة في دوامة أزمة اقتصادية ثانية.
والسؤال هو لماذا انتشر الفساد السياسي بهذه الصورة المخيفة حتى أصبح ثقافة طغت على القيم الدينية والأخلاقية؟
ولماذا لا تستطيع اية قوة الوقوف بوجه الفاسدين، هل لان جذور هذا الفساد ضربت بإطنابها مفاصل السلطة واصبحت جزءا لا يتجزأ منها ام ان غياب الإرادة السياسية القادرة على مواجهة الفاسدين هي السبب في استمرار فسادهم؟؟.
قبل كل شيء ينبغي تحديد اسباب استشراء الفساد السياسي في العراق بعد ٢٠٠٣، مع تثبيت حقيقة مهمة وهي ان الفساد موروث من النظام السابق والسبب في استفحاله بمؤسسات الدولة آنذاك: الديكتاتورية وسيادة الحزب الواحد وطول فترة الحصار الاقتصادي، اما اسبابه بعد التغيير فيمكن ان تندرج بما يلي:
1. ان سقوط النظام السابق كان بفعل خارجي تدخل بشكل سلبي في الأوضاع الداخلية وترك بصمات تحتاج الى فترات طويلة لإزالتها.
2. ان تطبيق التوافقية في معالجة القضايا السياسية والوطنية وانتشار المحاصصة في تولي الوظائف العامة، كان من الأسباب المؤثرة في سيادة ثقافة الفساد بين النخب السياسية.
3. تدني الوعي السياسي والثقافي للناخب العراقي في اختيار الأكفاء اثناء الانتخابات ساعد في تولي الرجل غير المناسب للمناصب الهامة.
4. تعاظم الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية، افقد المصلحة العامة اهم مقوماتها.
اضافة الى غياب البديل الوطني الاصلح... وغيرها الكثير من الأسباب الاخرى. والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف السبيل للقضاء على الفساد السياسي في ظل الأوضاع الحالية ؟؟ وكيف يمكن ان يحاسب الفاسدين؟ ومن هو المؤهل للنهوض بهذا الدور؟؟؟.
ان الاوضاع الحالية والتطورات الاخيرة في ملف اقليم شمال العراق والاجراءات التي اتخذها مجلس الامن الوطني في متابعة حسابات قيادات كردية كانت تهرب النفط خلال السنوات الماضية، يبعث الامل من جديد بحكومة السيد العبادي للنهوض بهذا الدور بتأييد المرجعية الدينية والشعب مثلما يبعث برسائل الى الفاسدين الى ان الدور القادم قد يطالهم ان لم يتوقفوا او يرتدعوا.
وبالعموم فان محاصرة الفساد السياسي او تحجيمه والقضاء عليه يحتاج الى تدابير عاجلة تكمن في:
اولا؛ محاسبة الفاسدين وتقديمهم الى القضاء مهما كان منصبهم.
ثانيا؛ تهيئة وتنشئة وتوعية الجماهير بحقوقها وواجباتها.
ثالثا؛ تجاوز الهويات الفرعية الى الهوية الوطنية.
رابعا؛ اقرار قانون انتخابي عادل يسمح بتداول السلطة لا تكريسها. ومغادرة التوافقية الى الاغلبية السياسية خامسا؛.
وسادسا وهو الأهم؛ بلورة بديل وكتلة وطنية قادرة على تدوير السلطة من خلال مفوضية انتخابات نزيهة يديرها قضاة مستقلين.
اضف تعليق