عقد المركز العقائدي ملتقاه الأسبوعي في مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، من خلال مقدمة ادلى بها مدير المركز حيدر جابر الذي رحب بالحاضرين وبين اهمية عقد مثل هكذا ملتقيات قائلاً ان مما ابتليت به الأمة الإسلامية اليوم قضية العنف والغلو والتطرف التي عصفت زوابعها بأذهان البسطاء من الأمة وجهالها، وافتتن بها أهل الأهواء الذين زاغت قلوبهم عن إتباع الحق.
فكانت النتيجة الحتمية أن وقع الاختلاف بين أهل الأهواء، وافترقوا إلى فرق متنازعة متناحرة همها الأوحد إرغام خصومها على اعتناق آرائها بأي وسيلة كانت. لذلك فأنّ الكشف عن جذور الانحراف والتطرف، والعنف والإرهاب ومعرفة أسبابه هو موضوع الساعة، وهو في نظر الكثيرين من أشد الموضوعات خطورةً وأثرًا، وأجدرها بالدارس المتأني ذي النفس الطويل؛ ذلك لأن المسلمين اليوم يواجهون اهم تحديات العصر.
من هناك كان الضروري جمع بعض الأسباب والدوافع المؤدية إلى الانحراف والتطرف، لعل الله أن ينفع بها المشتغلين بالدعوة وغيرهم، ومن هذه الأسباب:
الاسباب الاجتماعية التي تؤدي الى الانحراف العقائدي
حيدر الجراح مدير مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث كان حاضرا فأجاب انه لا يرى ان هناك اسباب اجتماعية تؤدي الى الانحراف العقائدي بل يمكن ان تكون الانحرافات الناتجة عن المشاكل الاجتماعية. واضاف انه اذا اخذنا الفقر والبطالة مثالا على الاسباب الاجتماعية فاننا لا نجدها سبباً في اي انحراف عقائدي يذكر وبالتالي لا دخل للعوامل الاجتماعية بالانحرافات العقائدية.
فيما بين الشيخ مرتضى معاش ان الشيعة بشكل عام لديهم مبتنيات عقائدية ثابتة تدعى بالثوابت مثل الصلاة التي تعتبر من الضرورات وهذه الضرورات لا يمكن التفريط فيها او المس بها، واضاف انه يجب ان يطلق مصطلح (الصحة العقائدية) واصفاً الانحرافات العقائدية بالأمراض التي تصيب العقيدة السليمة.
واضاف معاش ان بعض الجماعات المنحرفة عقائدياً وصلت الى حد التطرف عندما يستر الانحراف الى حدود ابعد مما نتصور. وان المتطرفين هم احد اهم اسباب الانحراف بسبب ما يقومون به من ممارسات تعسفية واعمال عنف تؤدي الى اضفاء صورة سلبية عن المعتقد الاسلامي بشكل عام وهذا يعد خطرا كبيرا على العقائد الدينية الصحيحة. وان الانحراف العقائدي في المجتمعات بسبب ردود الفعل حول الممارسات التي يقوم بها بعض متصدري المشهد الديني.
الدكتور ضرغام الموسوي من جهته بين انه ينبغي التركيز على تشخيص الانحرافات العقائدية التي نتجت وتنتج من خلال الاسباب الاجتماعية واوضح انه يجب ان يكون هناك فقه تحتاجه المدرسة الاسلامية يدعى بفقه العقائد حيث ان الجانب التنويري والمنهج التدريسي للعقائد بدا متقادما وضعيفاً الى حد ما، وان الكتب السابقة في العقائد بحاجة الى تطوير في اسلوب الطرح. وقال ان الاسباب الاجتماعية قد تؤدي الى تشكيل ذهنية معينة تفهم العقيدة بشكل منحرف.
عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات والبحوث قال، انه اغلب الانحرافات العقائدية التي لمسناها كانت ناتجة عن الفراغ العقائدي وعدم امكانية الرد مما يسهل اقناعهم واغلبهم كانوا متدينين ولكن قشرياً او سطحيا، الامر الذي يحدونا ان نعمل على الاسس العقائدية وامكانية ترسيخها وتدعيم سبل المناقشات مع المذاهب الأخرى.
واضاف الصالحي مؤكدا ان احد اهم اسباب الانحرافات هو المنهج الذي تدرس به العقائد مضيفاً الى انه يجب ان يكون الى جانب منهج (انت تسأل ونحن نجيب) منهج اخر (انت تشكل ونحن نجيب) بل ويخصص باب للرد على الاشكالات الدينية جميعها حتى وان كانت اشكالات على الثوابت الدينية.
حيدر مرتضى الباحث والمدرب في مجال التنمية البشرية من جهته أكد على اهمية الاتفاق على كلمة الانحراف حيث انه من الممكن ان يراه الغير حرية او ثقافة.
واضاف انه وان كان طموحنا ان نحصن المجتمع عقائديا ضد الانحرافات بيد ان ذلك يبدو بعيد المنال لان الكثير من يسمع منا ولكنه يقول ان وجهة نظري مختلفة وانا غير مقتنع بما تقولون من باب الحرية في التفكير وغيرها. وقال انه يجب ان نكون اكثر تركيزاً على الشكل والمحتوى وعدم تناسي ان طريقة الطرح العقائدي المتبعة اليوم لدينا امست متقادمة جدا لا تتماشى مع الحرب العقائدية من قبل الحضارات الغربية.
اما الدكتور فاضل مدب المسعودي استاذ الدراسات القرآنية والتدريسي في كلية العلوم الاسلامية فأنه يرى ان التربية الاسرية والكبت وعدم سماع آرائهم احد ابرز الاسباب الاجتماعية التي تؤدي الى الانحراف العقائدي الخطير.
واضاف الى ان هناك اسباب اكبر من ذلك ترسم ملامح الانحراف العقدي الا وهو خلق الجهات الدولية التي تعمل على اضعاف العقيدة الصحيحة في المجتمع لنماذج لا علاقة لهم بالدين لا من قريب او بعيد يراهم المجتمع يتصدرون المشهد الديني لاحداث صدمة عقائدية لدى المجتمع وبالتالي نفوره وابتعاده عن الدين. واشار المسعودي الى ان ذلك يعد من الاسباب الاجتماعية والسياسية ايضا والامثلة على ذلك كثيرة.
الشيخ جعفر رفعتي كان حاضرا وقال اننا لو تمعنا بكلام الاخوة الحاضرين جميعا فأننا نجدها لم تبتعد كثيرا عن الاسباب الاربعة التي ذكرتها في الملتقى السابق وبين ان الاصل في فكرة الانحراف عن الدين هو دعم شياطين الانس لذلك وخاصة السلطة الحاكمة التي تعمل على تدعيم عوامل الانحراف وبث التشكيك والشبهات العقائدية لإلهاء الناس عن التفكير في الاعتراض على السلطة.
واشار الى ان العقيدة هي العقد بين العبد وربه واذا لم يلتزم بها الفرد فهذا يعني خلل في العقد ولا وجود للعقيدة اصلاً.
الدكتور احمد المسعودي الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية يرى ان مناطق العقل الثلاث ونموها المتفاوت يؤثر بشكل مباشر على مبتنيات التفكير لدى الانسان والذي من المفروض ان تنموا بشكل تدريجي منطقي والا سيكون هناك انحراف في التفكير وبالتالي عقائدياً لانه عدم الاشباع في جزء معين سيؤدي الى وجود عقل مجوف، واضاف ايضاً انه كمركز دراسات عقائدية مستقبلا سنكون بحاجة الى تواصل مع المراجع الدينية.
علي الطالقاني يرى استغلال بعض الجماعات للاختلاف العقائدي وتناقض الفكر والسلوك وتبرير الغايات، وكذلك اكد على دور الاعلام المضلل والتقليد الاعمى وسيادة العنف الذي تمارسه الجماعات المنحرفة عقائدياً. كل ذلك يعد في اطار الاسباب التي تؤدي الى الانحراف العقائدي.
اضف تعليق