كان العراق في غابر ايامه ولعهد قريب يسمّى بأرض السواد لاشتداد خضرته وتنوع بيئته الزراعية والحيوانية واستدامة ذلك التنوع، واليوم وبسبب المتغيرات البيئية الحادة التي تعرض لها فضلا عن التصحّر والتملّح وتجريف التربة واندثار الاراضي الزراعية لغرض الاسكان بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة والعيش تحت مستوى الفقر...

استبشر العراقيون خيرا بإطلاق حملة لزراعة الاشجار (كلنا نزرع) التي أطلقتها وزارة البيئة تحقيقا لأهداف البيئة الخضراء المستدامة في عموم محافظات العراق، وهي جزء من مخرجات مؤتمر العراق للمناخ ومكافحة التصحر، وذلك بزراعة (5 ملايين) شجرة كجزء من الاستدامة وترشيد المياه والسقي بالطرق الحديثة كالتنقيط.

 وهي استراتيجية مناخية تمتد حتى عام 2030 تشمل احتجاز الغازات لتقليل الأضرار البيئية وتضم مبادرات فردية وجماعية تعتبر ضرورية لمواجهة التغيرات البيئية، كون العراق يحتل المرتبة الثانية بأكثر دول العالم تلوثاً بحسب الخبراء البيئيين، والمقصود بحملة (كلنا نزرع) هو زيادة المساحات الخضر داخل المدن والمناطق السكنية والمناطق القاحلة والجافة وذلك عن طريق غرس ملايين من الشجيرات الصغيرة والغراس المعمرة ودائمة الخضرة ضمن خطةٍ زراعيةٍ واضحةٍ تتناسب مع المكان جغرافياً ومُناخياً.

 كان العراق في غابر ايامه ولعهد قريب يسمّى بأرض السواد لاشتداد خضرته وتنوع بيئته الزراعية والحيوانية واستدامة ذلك التنوع، واليوم وبسبب المتغيرات البيئية الحادة التي تعرض لها فضلا عن التصحّر والتملّح وتجريف التربة واندثار الاراضي الزراعية لغرض الاسكان بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة والعيش تحت مستوى الفقر وغلاء اسعار الاراضي والعقارات بالنسبة لذوي الدخل المحدود والطبقة الفقيرة.

 يضاف الى ذلك استمرار شحة المياه بسبب السياسات الخاطئة والمبيتة لبعض دول الجوار (دول المنبع لنهري دجلة والفرات وهما شريانا الحياة في العراق وسبب حضارته)، ونتيجة لتلك المعطيات فقد حاز العراق على المرتبة الخامسة من ناحية التأثير السلبي للمؤثرات المناخية والبيئية ـ وان كانت تلك التأثيرات عالمية ـ الاّ ان العراق كان ومايزال من اكثر الدول تعرضا لها ومعاناة منها الى درجة خسارته لملايين الدونمات الصالحة للزراعة وهجرة السكان المحليين المعتمدين على الزراعة وتربية الحيوانات.

 وتشير بيانات حكومية إلى أن مساحة الأراضي المهددة بالتصحّر تبلغ اكثر من(23) مليون دونم ما يشكّل نسبة اكثر من نصف من إجمالي مساحة العراق التي تتعاطى مع الزراعة، فيكون اجمال الحاجة الى اكثر من (11 ملياراً و700) مليون شجرة لمعالجة المشكلة وتعويض النقص في الاستدامة الخضرية، فيما يفقد العراق سنوياً (100) ألف دونم جراء التصحّر، ناهيك عن أن أزمة المياه تسببت بانخفاض نصف المساحة الكلية من الأراضي الزراعية بحسب تصريحات حكومية. 

لذا اطلقت الحكومة حملة (كلنا نزرع) لزراعة خمسة ملايين شجرة معمرة كبداية للمشروع الذي سيعمم على جميع المرافق والمؤسسات والشوارع وحتى المدارس بل وفي جميع انحاء العراق للحدّ من التصحّر ولأغراض البيئة المستدامة، وهي استراتيجية مناخية تمتد حتى عام 2030 وتهدف في الدرجة الاساس الى احتجاز الغازات الدفيئة لتقليل الأضرار البيئية ولاعتدال المناخ، وتحفيز المزارعين الذين يستخدمون تقنيات الري الحديثة كالتنقيط.

 وبحسب وزارة الزراعة العراقية إنّ الوزارة تدعم إنشاء أحزمة خضراء لبغداد والمحافظات من خلال توفير شتول أشجار معمّرة مجاناً وتحتاج بحسب وزارة البيئة إلى زرع (300) مليون شجرة على الأقل في المرحلة الأولى، علماً أن تحدي توفير المياه مازال يشكل عائقاً كبيراً في تنفيذ مشاريع إعادة إحياء هذه الأراضي ويمكن الاعتماد على المياه الجوفية في بادئ الامر الى ان تتوصل الحكومة الى سبل سهلة لتوفير المياه بشكل سلس.

 ومن فوائد التشجير انها تعمل على تحسين جودة الهواء والتربة وتمنع انجرافها وتكون أشبه بمصدات للمدن من العواصف الغبارية وهبوب الرياح القوية وتساعد على تخفيض درجات الحرارة وتعزيز السياحة وسحب غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء وتخزينه في داخل أعضاء الأشجار، وتقوم بالمقابل بإطلاق غاز الأكسجين، ما يعمل على حفظ التوازن بين الغازات في الهواء ولكن بشرط ادامة تلك الاشجار. فهل سيعود توصيف ارض السواد الى الواقع المعاش؟

اضف تعليق