يحتاج الاستثمار في قطاع المياه إلى النمو بشكل أكبر من خلال تعزيز إدراك رواد الأعمال والمستثمرين الحاجة المُلحّة إلى حلول مبتكرة لتحديث البنية التحتية ومعالجة أزمات المياه المرتبطة بالمناخ، ونتيجة لتزايد حدّة موجات الجفاف والفيضانات وغيرها من الكوارث المناخية، تصاعدت الحاجة إلى الاستثمار في هذا القطاع...

يحتاج الاستثمار في قطاع المياه إلى النمو بشكل أكبر من خلال تعزيز إدراك رواد الأعمال والمستثمرين الحاجة المُلحّة إلى حلول مبتكرة لتحديث البنية التحتية ومعالجة أزمات المياه المرتبطة بالمناخ، ونتيجة لتزايد حدّة موجات الجفاف والفيضانات وغيرها من الكوارث المناخية، تصاعدت الحاجة إلى الاستثمار في هذا القطاع، الذي كان عبر التاريخ مُهمَلًا من قبل المستثمرين في مجال المناخ، بسبب تعقيداته وتحدياته التنظيمية والتقنية.

وحاز الاستثمار في قطاع المياه على أقل من 1% فقط (455 مليون دولار) من أصل 53 مليار دولار ذهبت للاستثمار في تقنيات المناخ في أوروبا عام 2021، ما يسلّط الضوء على نقص الاستثمار في هذا القطاع، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

ومع ذلك، فإن الزخم يتزايد حول الاستثمار في تقنيات المياه، إذ تحتلّ "حلول المياه" -التي تستهدف تحسين كفاءة المياه، ومعالجة التحديات المتعلقة بها- حاليًا المرتبة الأولى في اهتمام نسبة كبيرة من المستثمرين في الولايات المتحدة وأوروبا.

دوافع الاستثمار في قطاع المياه

تُعدّ المياه عنصرًا حاسمًا في الاقتصاد العالمي، إذ تدعم سلاسل إمداد الصناعات، وتُولّد قيمة اقتصادية كبيرة ناتجة عن استعمالها قُدّرت في عام 2021 بـ58 تريليون دولار، وفق تقرير صادر عن منتدى الاقتصاد العالمي.

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن عمليات سحب المياه العذبة تُستعمل بالمقام الأول في الزراعة، تليها الصناعة، ثم الاستعمالات المنزلية، بنسب تُقدّر بـ70% و 15% و 12% على الترتيب، وفق ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

ووفقًا للتقديرات، يمكن أن يكون للمخاطر المرتبطة بتوافر المياه ونوعيتها بالنسبة للصناعة تأثير كبير، تبلغ تكلفتها المحتملة 439 مليار دولار.

وفي البلدان ذات الدخل المنخفض، حيث الزراعة هي قطاع التوظيف الرئيس، تشير التقديرات إلى أن وظيفتين من كل 5 وظائف (80%) تعتمد بصورة مباشرة على المياه.

كما يُعدّ قطاع الطاقة مُستهلِكًا للمياه بصورة كبيرة، إذ يُمثّل 10-15% من الإجمالي العالمي، بحسب التقرير الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

وتدرك شركات بارزة عالميًا، مثل آي بي إم (IBM) ومايكروسوفت وأمازون، أهمية الاستثمار في قطاع المياه، إذ تستعملها لتبريد مراكز البيانات الخاصة به.

وشاركت مايكروسوفت في صندوق بقيمة 100 مليون دولار، ودخلت في شراكة مع شركات ناشئة في مجال المياه، مثل كيليمو (Kilimo) وفيدو (FIDO)، لتلبية احتياجات المياه لتبريد مراكز البيانات الخاصة بها.

فجوات تمويلية ومجالات الاستثمار

رغم بروز الحاجة إلى الاستثمار في قطاع المياه، وتوفير مصادر مياه موثوقة؛ فإن البنية التحتية للمياه تواجه فجوات تمويلية كبيرة، إذ تشير التقديرات إلى أن هناك حاجة إلى 6.7 تريليون دولار و 22.6 تريليون دولار بحلول عامي 2030 و2050 على الترتيب، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ووفقًا لتقديرات البنك الدولي، فإن 28% من الأموال العامة المخصصة لقطاع المياه لا تُستَغَلّ، مع معدل تنفيذ للميزانية بنسبة 72% بين عامي 2009-2020، وهذا يعني أن أكثر من ربع هذه الأموال العامة لم تُنفَق.

وأحد مجالات الاستثمار في قطاع المياه الرئيسة هو تقنيات المياه الذكية، التي تتيح المراقبة في الوقت الفعلي للاستهلاك، والاستعمال الفعّال للموارد المائية.

ويمكن لهذه التقنيات، مثل أجهزة الاستشعار عن بُعد وأنظمة الري الذكية، اكتشاف التسريبات وتحسين استعمال المياه وتقليل الفاقد، ما يجعل إدارة المياه أكثر مرونة في مواجهة التأثيرات المناخية.

كما أن الابتكارات في معالجة مياه الصرف الصحي ضرورية لتحسين جودة المياه وتوافرها، ويمكن لعمليات المعالجة المتقدمة أن تزيل الملوثات بفاعلية أكبر؛ ما يجعل مياه الصرف الصحي المعالَجة آمنة لإعادة استعمالها.

فعلى سبيل المثال، تُستعمل الأغشية الخزفية (تقنية لفصل الشوائب والملوثات من المياه والتقليل من استهلاك الطاقة في تحلية المياه) لتنقية مياه الصرف الصحي التي تصعب معالجتها؛ ما يجعل من الممكن إعادة استعمالها بشكل آمن في الزراعة والصناعة.

وبينما يواجه العالم التحدي المُلح المتُمثل في تغير المناخ، من الضروري توجيه الأولوية نحو الاستثمار في قطاع المياه، فمن خلال تحديث البنية التحتية وتبنّي حلول مبتكرة، يمكن إنشاء أنظمة مرنة تعزز النمو الاقتصادي، وتحمي الصحة العامة، وتخفف بشكل فاعل من آثار المناخ.

اضف تعليق