تتضافر الجهود العالمية لتحقيق تقدم ملموس في إنتاج الصلب الأخضر، تماشيًا مع التوجه الدولي لخفض الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي، وتزداد أهمية عمليات إزالة الكربون من قطاع الصلب، الذي يمثّل نحو 8% من الانبعاثات العالمية، ويوجد على رأس قائمة القطاعات التي تحتاج إلى جهود أكبر...

تتضافر الجهود العالمية لتحقيق تقدم ملموس في إنتاج الصلب الأخضر، تماشيًا مع التوجه الدولي لخفض الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي، وتزداد أهمية عمليات إزالة الكربون من قطاع الصلب، الذي يمثّل نحو 8% من الانبعاثات العالمية، ويوجد على رأس قائمة القطاعات التي تحتاج إلى جهود أكبر للتقليل من بصمتها الكربونية.

يأتي ذلك في الوقت الذي شهد فيه إنتاج الصلب الأخضر تقدمًا سريعًا، بإعلان أكثر من 200 مشروع لصناعة الصلب منخفض الكربون حتى أبريل/نيسان 2024، وفقًا لتقرير حديث اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرها واشنطن).

ومنذ اجتماع كبار القائمين على صناعة الصلب في أوروبا لأول مرة في 2016، لبحث تطوير تقنيات خضراء لإزالة الكربون من عمليات التصنيع، ومع تضاعف الضغوط الاجتماعية والسياسات الحكومية والبيئية، بدأت الشركات تنفيذ إجراءات تحقق الأهداف المناخية المستهدفة.

مستقبل الصلب الأخضر

من خلال 3 سيناريوهات مناخية، تمثل سيناريو السياسات الحالية، وسيناريو التعهدات المعلنة، وسيناريو الحياد الكربوني، قدَّم تقرير حديث صادر من شركة أبحاث الطاقة "وود ماكنزي"، رؤية مستقبلية لإنتاج الصلب الأخضر على مدى 30 سنة مقبلة ودوره في خفض الانبعاثات من هذه الصناعة.

ووفقًا للتقرير، فإن قطاع الصلب من المرتقب أن يشهد انخفاضًا في الانبعاثات بنسبة 30% في السياسات الحالية، و60% في سيناريو التعهدات المعلنة، و85% في سيناريو الحياد الكربوني.

ومع التوسع في جهود تحسين كفاءة الطاقة فإن قطاع الصلب سيشهد انخفاضًا 15%، في مختلف هذه السيناريوهات، بما يتراوح بين 450 و500 مليون طن من انبعاثات الكربون بحلول 2050، وفق ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

ويرى التقرير أن أكبر تأثير في خفض الانبعاثات قد يأتي من خلال التحول إلى إنتاج الصلب الأخضر، والاعتماد على الاختزال المباشر للحديد بالإضافة إلى الحديد الخردة، إذ ستكون هناك فروق كبيرة بين السيناريوهات الـ3 المساهمة في تقليل انبعاثات الكربون بما يتراوح من 600 إلى 650 مليون طن في السياسات الحالية، ومن 2.2 إلى 2.5 مليون طن في سيناريو الحياد الكربوني.

أفران القوس الكهربائي خيار مناسب

تُعدّ أفران القوس الكهربائي من المحاور الأساسية عند الحديث عن مستقبل إنتاج الصلب الأخضر، بصفتها خيارًا جديدًا لتقليل الانبعاثات والحصول على الصلب منخفض الكربون.

وتزداد أهمية التحول لاستعمال أفران القوس الكهربائي، مع وجود 60% من سعة أفران الصهر أو الأفران العالية عالميًا تحتاج إلى صيانة وإصلاحات شاملة بحلول 2030، من أجل استمرار استعمالها بالكفاءة المطلوبة حتى منتصف أربعينيات القرن الحالي.

وتتطلب عمليات تحسين الأداء لأفران الصهر أو الأفران العالية تكلفة ستتراوح ما بين ثلث ونصف تكلفة إنشاء وحدة أفران القوس الكهربائي، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وأشار تقرير وود ماكنزي إلى ضرورة تجريب واستكشاف أفران القوس الكهربائي الأصغر حجمًا، التي في العادة تنتج أقل من مليون طن، قبل البدء في مسار الاستبدال.

ماذا عن المسارات المهمة الأخرى؟

فضلًا عن على أفران القوس الكهربائي، فإن استعمال "الخردة" والاختزال المباشر للحديد أمر مهم للغاية في مسار الاعتماد خفض انبعاثات صناعة الصلب.

من المتوقع أن تتضاعف حصة الحديد المختزل المباشر الذي يُطلق عليه الإسفنجي (DRI)، لتصل إلى 13% من إنتاج الصلب بحلول 2050 في سيناريو السياسات الحالية، ويصل إلى 28% في سيناريو الحياد الكربوني، لكن ما تزال هناك مشكلة في ندرة إمدادات الحديد الخام عالي الجودة المستعمل في تقنية الاختزال المباشر.

وتوقع تقرير وود ماكنزي أن يكون التحول لإنتاج الحديد المختزل المباشر المعتمد على الهيدروجين الأخضر حقيقة، ولكن بوتيرة بطيئة، إذ إنه بحلول 2050، قد يُشكّل 12% من إنتاج الصلب في سيناريو السياسات الحالية، أما في سيناريو الحياد الكربوني فستصل نسبته إلى 26%.

فضلًا عن ذلك، فإن حصة الحديد الخردة من الإنتاج الإجمالي للصلب ستزداد بصفة تدريجية مع الوصول إلى عام 2050 من 30% في الوقت الحالي إلى 40% في سيناريو السياسات الحالية، وإلى 45% في سيناريو الحياد الكربوني.

تكلفة إنتاج الصلب الأخضر

وفقًا لمؤشر تتبع إزالة الكربون لمؤسسة وود ماكنزي، هناك من 25 إلى 30% فقط من بين 200 مشروع لشركات الحديد والصلب لديها إمكانات إنتاج الصلب الأخضر القريب من تحقيق أهداف الحياد الكربوني، في حين أن الباقي لديه درجات متفاوتة لإنتاج الصلب منخفض الكربون.

ومن المتوقع أن ترتفع تكلفة إنتاج الصلب الأخضر بنحو 150 دولارًا للطن، مقارنة مع مسار الإنتاج التقليدي الحالي، مع تأثير محدود يتراوح من 1 إلى 3% في التسعيرة الخاصة بالمستهلك النهائي، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة، ولم تحصل مشروعات إزالة الكربون من صناعة الصلب على موافقات التمويل سوى من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللتين لديهما فقط إجراءات رسمية تستهدف تحقيق صافي انبعاثات في قطاع الصلب.

اضف تعليق