تبرز إعادة تدوير النفايات النووية لتحويلها إلى مورد قيّم لتوليد الكهرباء، تقنية إبداعية تُبشر بحل واعد للتحديات المقترنة بعملية التخلص من النفايات الإشعاعية، وتعزيز كفاءة الكهرباء، وبينما هناك عقبات تقنية وسياسية يتعين التغلب عليها في هذا الخصوص، تجعل الفوائد المحتملة التي تتأتّى من تلك الإستراتيجية التقنية المذكورة خيارًا مقنعًا لمستقبل الطاقة النووية...
بقلم: محمد عبد السند
تبرز إعادة تدوير النفايات النووية لتحويلها إلى مورد قيّم لتوليد الكهرباء، تقنية إبداعية تُبشر بحل واعد للتحديات المقترنة بعملية التخلص من النفايات الإشعاعية، وتعزيز كفاءة الكهرباء، وبينما هناك عقبات تقنية وسياسية يتعين التغلب عليها في هذا الخصوص، تجعل الفوائد المحتملة التي تتأتّى من تلك الإستراتيجية التقنية المذكورة خيارًا مقنعًا لمستقبل الطاقة النووية.
وبينما يصارع العالم التحدي المزدوج المتمثل في التغيرات المناخية، وأمن الطاقة، يمكن أن تمثل إعادة تدوير النفايات النووية لتوليد الكهرباء عاملًا رئيسًا في تغيير قواعد اللعبة، حسبما أورد موقع إنرجي بورتال. إي يو EnergyPortal.eu المتخصص.
ويمثل تحويل النفايات النووية إلى مصدر لتوليد الكهرباء عبر إعادة التدوير مفهومًا ثوريًا يكتسب زخمًا متزايدًا في قطاع الطاقة.
فائدة مزدوجة
لا تَعِد هذه الإستراتيجية المبتكرة بحل المعضلة المزمنة ذات الصلة بالتخلص من النفايات النووية فحسب، ولكنها تمتلك القدرة كذلك على تعزيز كفاءة توليد الطاقة النووية، وتبرز الطاقة النووية، رغم مخاطرها البيئية الشديدة، جزءًا حيويًا من مزيج الكهرباء العالمي.
فهي تُسهم بنسبة كبيرة من كمية الكهرباء المولدة عالميًا، ومن المتوقع أن يتعاظم دورها في المستقبل، بينما تكافح الدول من أجل خفض انبعاثاتها الكربونية.
ومع ذلك كان وما زال التخلص من النفايات النووية يمثل قضية شائكة؛ إذ تشتمل الطرق التقليدية على دفن النفايات على أعماق كبيرة تحت الأرض، ولا يُعد هذا حلًا باهظ التكلفة فحسب، ولكنه يتضمّن الكثير من المخاطر البيئية الكارثية.
آلية عمل التقنية
في ضوء التحديات ذات الصلة يستكشف العلماء والمهندسون المتخصصون طرقًا بديلة غير تقليدية لإدارة النفايات النووية، وتتلخص إحدى الطرق الواعدة في إعادة تدوير تلك النفايات النووية وتحويلها إلى مورد مهم لتوليد الكهرباء.
ويشتمل هذا المفهوم، الذي يُعرف بإعادة تدوير النفايات النووية، على إعادة معالجة الوقود النووي المستهلَك لاستخلاص العناصر التي يمكن استعمالها لإنتاج كميات أكبر من الكهرباء، وتتسم عملية إعادة التدوير بدرجة بالغة التعقيد؛ ومن ثم فهي تتطلب تقنية متطورة لإنجازها، ويُبرد الوقود النووي المستهلَك أولًا، ثم يُعالج كيميائيًا لفصل العناصر القيّمة، مثل اليورانيوم والبلوتونيوم، وتُستَعمل تلك العناصر بعد ذلك في تصنيع أقطاب الوقود النووي التي يمكن الاستفادة منها في المفاعلات النووية لتوليد الكهرباء.
فوائد متعددة
تتعدد الفوائد المقترنة بإعادة تدوير النفايات النووية، كالتالي:
تخفض تلك التقنية حجم النفايات النووية التي تشتد الحاجة إلى التخلص منها في أسرع وقت؛ ومن ثم تخفف الأعباء البيئية والمالية المتضمّنة في عملية التخلص من النفايات الإشعاعية.
تعزز تقنية إعادة تدوير النفايات النووية كفاءة توليد الكهرباء عبر استغلال العناصر التي يتعين التخلص منها.
لا يدعم هذا إنتاج الكهرباء من محطات الطاقة النووية فحسب، ولكنه يطيل –أيضًا- العمر الافتراضي لموارد الوقود النووي.
تحديات قائمة
رغم كل المزايا المقترنة بها؛ تُظهِر تقنية إعادة تدوير النفايات النووية مجموعة من التحديات التي يتوجب التغلب عليها، حتى يَسهُل تطبيقها على الأرض.
فتلك العملية تستلزم جهدًا تقنيًا، وتتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية والتكنولوجيا.
وعلاوة على ذلك هناك مخاوف إزاء إمكان الانتشار النووي؛ إذ تُنتج هذه العملية المواد التي يمكن استعمالها لتصنيع الأسلحة النووية.
ورغم تلك العقبات؛ فإن العديد من الدول تستحدث برامج لإعادة تدوير النفايات النووية.
فعلى سبيل المثال تعيد فرنسا تدوير نفاياتها النووية منذ عقود، وهي الآن تعيد معالجة أكثر من 90% من الوقود النووي المستهلك.
وهناك بلدان أخرى، مثل المملكة المتحدة وروسيا واليابان، استحدثت -هي الأخرى- برامج لإعادة تدوير النفايات النووية، وفي الولايات المتحدة الأميركية، ظلّت قضية إعادة تدوير النفايات النووية قضية جدلية لسنوات، فبينما لا تعيد أميركا -حاليًا- تدوير نفاياتها النووية؛ هناك اهتمام متزايد بالفكرة داخل الدوائر الأميركية المختصة، ولا سيما في ضوء التزام واشنطن بخفض الانبعاثات الكربونية.
اضف تعليق