أعظم هدية يمكن ان نقدمها للمعلم في عيده الوطني هي إيقاف التهديدات التي يتعرض لها بصورة مستمرة، بسبب منعه للغش او طلبه الهدوء في الفصل الدراسي، وقد يكون التهديد لمنعه حالة شاذة يمارسها بعض الطلبة ايضا، إن اوقفنا هذه الممارسات بحق المربين التربويين نكون قد قدمنا أعظم هدية لملهم الأجيال ومربيها...
ليت الزمان يعود ويعود معه الشاعر احمد شوقي الذي نظم شعرا اعطى فيه مكانة مرموقة للمعلم، امير الشعراء لم يتوقع ان يمر المعلمين او المعلم العراقي بصورة خاصة بما يمر فيه اليوم، فيا امير الشعراء لا يوجد من يبجل المعلم، وقل الواقفون احتراما لرسل العلم وناقلي المعرفة.
يعيش المعلم في العراق واقعا مأساويا ربما لم يحدث من قبل، المعلم هذا المربي الفاضل والشخصية المعطاءة، لم يحظ بأي نوع من أنواع التكريم، شريحة ضيقة من المجتمع تعرف ان الأول من آذار هو عيد المعلم، الجميع لا يعرفون أهمية هذه المناسبة!
أهمية هذه المناسبة تنحصر في الأثر المرتب عليها، فعندما نكرم المعلم ونحتفي به في يومه الوطني، هذا يعني ان الوعي الاجتماعي بدور هذه الشخصية مرتفع جدا، وان الافراد يعطون للعلم مكانته الحقيقية، وكذلك يعرفون جيدا دور المؤسسة التربوية في رفد التشكيلات الاجتماعية بالموارد البشرية.
واقع المعلم في المؤسسات التربوية غير مقنع وغير مرضي تماما، فالمعلم اليوم يأتي ضمن الطبقة الوسطى او اقل منها بكثير، نتيجة ضعف مرتبه الشهري، مما يضطره الى البحث عن فرصة عمل أخرى تعينه على تمشية حياته وتوفير المستلزمات الأساسية.
يقضي بعض التربويين أربعون عاما او اقل في منح الأجيال دفعات من العلم والمعرفة والنصائح النابعة من تجربة حياتية وخبرة طويلتين، وفي النهاية يحصل على كتاب شكر من مدير التربية الذي لا يكلف نفسه في تنظيم حفل جماعي سنوي لتكريم المتقاعدين.
وعدم التكريم هذا يشعر المربي بنوع من الإحباط، وربما يولد لدى البعض ردة فعل تجاه القائمين على المنظومة التربوية بصورة عامة، اذ انهم لا يفرقون بين الغث والسمين، ولا يميزن بين من أفنى حياته في خدمة الأجيال وإرشادهم الى الطريق الصواب الذي يبني مستقبلهم ويحققون بموجبه اعلى مراتب النجاح والرفعة ومن يعملون على هدم القيم الاجتماعية.
وبدلا عن الاحتفاء والتكريم بيوم المعلم، يتعرض عشرات المعلمين في المدارس الى اعتداءات متكررة، تصل في بعض الأحيان الى الضرب والتهديد من قبل أولياء امر الطالب، او جهات متنفذة تريد النيل من مكانة صانع الأجيال لأنه عاقب عددا من طلبته المشاغبين بالضرب.
في يوم المعلم نحتاج الى إعادة هيبة المعلم التي سلبتها التعليمات والقرارات الوزارية، بعد ان منعته من تأدية وظيفته التربوية والتعليمة بدافع حقوق الانسان، اذ تحث هذه القرارات على احترام الطالب، في الوقت الذي يفترش فيه الطالب الأرض لتلقي المادة الدراسية.
بعض المدارس في المناطق النائية لا تزال تستقبل طلبتها في صفوف كرفانية، لا توجد فيها أي من مقومات ومعضدات العملية التعليمية، مثل هذه المدارس وغيرها الكثير يفتقر الى المجموعات الصحية المنظمة، ولا يوجد فيها من الوسائل التعليمة او الايضاحية ما يعزز التعليم ويسهم في تحسين البيئة العلمية وتجويد المخرجات.
وفي مثل هذه الأجواء والظروف يجب على المعلم تحقيق نسب نجاح عالية، وإكمال المنهج الدراسي، والاهتمام بالنشاط اللاصفي، والكل يكيل الاتهام له بالتقصير، فمتى ينصف هذا الرسول؟
إنصاف المعلم يأتي عن طريق توفير بيئة تعلمية حاضنة او جاذبة في المدارس الحكومية، وليس تحويلها الى بيئة طاردة، لا سيما في ظل وجود المنافس الكبير (المدارس الاهلية)، التي تتضمن أجواء تعليمية أقرب الى المثالية، اذ وفرت تلك المدارس قاعات مكيفة وشاشات ذكية ونظام أمني وغيرها من عناصر الجذب.
أعظم هدية يمكن ان نقدمها للمعلم في عيده الوطني هي إيقاف التهديدات التي يتعرض لها بصورة مستمرة، بسبب منعه للغش او طلبه الهدوء في الفصل الدراسي، وقد يكون التهديد لمنعه حالة شاذة يمارسها بعض الطلبة ايضا، إن اوقفنا هذه الممارسات بحق المربين التربويين نكون قد قدمنا أعظم هدية لملهم الأجيال ومربيها.
اضف تعليق