رغم تطور الصحافة الدولية في العالم الرقمي وتسهيل عمل الصحفيين في إيصال أخبارهم للجمهور من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وبسرعة، ورغم تجاوز التحديات السياسية والأمنية، إلا أن هذا أيضا تسبب في سرعة انتشار المعلومات غير الدقيقة والمضللة، يساعد في ذلك جهل وتفاهة الكثير من الجمهور من خلال التصفح ومشاركة الأخبار...
تطورت الصحافة الدولية بشكل ملحوظ خلال القرن الواحد والعشرين، ولعبت أدوارا حاسمة من خلال الأحداث العالمية، ومع تطور الإعلام الرقمي، حدثت تحولات في صناعة الصحافة بشكل يتخطى الحدود وبسرعة لم يكن يتوقعها أحد من قبل، وبالتالي فإن هذا التطور كان له آثارا إيجابية وسلبية على طريقة وصول الأخبار واستهلاكها.
ولو تجاوزنا الهدف التقليدي المتمثل في كونها وسيلة تواصل بين الدول والجماعات والأفراد، فإن هذا النوع من الصحافة ضروري في عالم معولم، ونرى اليوم كيف ان لدول معينة تأثيرات على دول أخرى، فمن خلال الصحافة والإعلام الدولي، يكتسب الجمهور فهما أوسع للقضايا المطروحة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية، وحتى الإنسانية منها وما يتعلق بالكوارث وبقية الاحداث.
على مستوى الأداء للصحفيين الدوليين، فمن المؤكد أن دورهم لا يتوقف عند نقل حدث معين، بل يشمل أيضا توفير السياق والتحليل للأحداث، فالصحفي الدولي يساعد الجمهور على فهم القضايا المعقدة من خلال ما يقدمه من آراء حول مسببات وتداعيات وتأثيرات الأحداث، وهذا يساعد في مكافحة المعلومات المضللة.
صحافة في مواجهة الاستبداد
من أهم التحديات التي تواجه الصحافة الدولية هو الاستبداد، وقمع الحريات، والرقابة، والمضايقة، وحتى العنف، بسبب التغطيات الصحفية للقضايا المهمة سياسيًا. ووفقا لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، شهد عام 2023 عددا قياسيا من الصحفيين المسجونين على مستوى العالم، حيث يواجه العديد منهم اتهامات لمجرد قيامهم بعملهم. وهذا يخلق تأثيرا مخيفا، حيث قد يمارس الصحفيون الرقابة الذاتية أو يتجنبون تغطية مواضيع معينة تماما لحماية أنفسهم ومصادرهم.
التحدي الآخر يتعلق بالمدخول والاستدامة والموارد الاقتصادية للصحافة الدولية، وهناك مؤسسات عديدة تعطلت مصالحها بسبب شح الإيرادات، وكذلك بسبب ضعف الاشتراكات وتراجع الإعلانات نتيجة تطور مواقع التواصل الاجتماعي، واضطرت العديد من المؤسسات الإعلامية إلى تقليل عدد موظفيها وتراجع تغطياتها الخبرية بسبب القيود المالية، وبالتالي، حدث تصحر إخباري في بعض مناطق العالم، حيث لا تحظى القضايا الخطيرة إلا بتغطية إخبارية ضعيفة أو معدومة.
تأثير وسائل الإعلام الرقمية
رغم تطور الصحافة الدولية في العالم الرقمي وتسهيل عمل الصحفيين في إيصال أخبارهم للجمهور من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وبسرعة، ورغم تجاوز التحديات السياسية والأمنية، إلا أن هذا أيضا تسبب في سرعة انتشار المعلومات غير الدقيقة والمضللة، يساعد في ذلك جهل وتفاهة الكثير من الجمهور من خلال التصفح ومشاركة الأخبار، مما أدى إلى جعل الخوارزميات تعطي الأولوية للمحتوى المثير أو العاطفي وسهولة وصوله للجمهور والتأثير على ثقافته وتضليله.
يعتبر التقدم التكنولوجي ذا تأثير بالغ على مستقبل الصحافة أو الإعلام الدولي، ومن المتوقع أن يكون للذكاء الاصطناعي دور كبير في مساعدة الصحفيين على تحليل البيانات من أجل استنباط أهم الأفكار، ولكن هذا لا يعني عدم الحاجة إلى وجود صحفيين مبتكرين يعملون ضمن الإطار الأخلاقي وضمن شرف المهنة.
للصحافة والإعلام الدوليين مستقبل حيوي في عالم المعلوماتية، ويلعبان أدوارا حاسمة في التواصل مع الجمهور وتنوير المجتمعات، ومع تزايد التوترات العالمية والتضييق والاستبداد، فإن الحاجة إلى صحافة دولية موثوقة ومدروسة وذات مهنية عالية ستظل قائمة، ومن المؤكد أن هناك مستقبلا لهكذا نوع من العمل الصحفي والإعلامي.
اضف تعليق