q

بعد مضي اكثر من عام على الاتفاق النووي بين ايران والغرب، لا تزال العلاقات الاقتصادية بين الطرفين في طور الانكماش، فعلى الرغم من بدء العمل بالاتفاق ما زالت البنوك الأجنبية مترددة في المشاركة بسبب مخاوف من القيود التي تنطبق على البنوك الأمريكية التي ما زالت ممنوعة من التعامل مع إيران.

وفي إطار اتفاق لرفع العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي يمكن لإيران شراء طائرات ركاب وغير ذلك من البضائع ولكن ليس بمقدورها دفع ثمنها بالدولار أو أن تستخدم النظام المالي الأمريكي بسبب عقوبات أمريكية شديدة ما زالت مطبقة.

ويسبب حظر شراء الدولارات صداعا لشركة بوينج وشركات التأجير العالمية التي تقيم محافظها المالية بالعملة الأمريكية. ويمكن أن يؤدي الدفع بعملات صعبة أخرى إلى التسبب في حركة في النظام المصرفي الأمريكي. وهو أمر محظور أيضا.

كما توجد عقبات أخرى تضعها بعض المصارف الامريكية والاوربية المعرفة حيث تتحاشى التعامل مع المصارف الايرانية خوفا من ان تطالها العقوبات الامريكية، لذا تحاول ايران كسر هذه القيود، بحسب بعض المسؤولين الايرانيين الذين يرون إن إيران تضغط على الولايات المتحدة كي تزيل عقبات مصرفية سعيا لإعادة فتح التجارة بموجب اتفاق نووي أبرم العام الماضي وتأمل في حدوث تقدم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

فيما يذهب مسؤولون متخصصون بالقطاع النفطي الى اعتماد أساليب حديثة وجيدة لتطوير العلاقات الاقتصادية مع دول العالم حيث يحاول هؤلاء المسؤولون الإيرانيون إحياء فكرة تطوير حقول النفط من خلال صفقات إعادة الشراء التي لا تحبذها شركات النفط العالمية مما يشير إلى تجدد التوترات بين المحافظين والإصلاحيين بخصوص مستقبل القطاع. وتحتاج إيران إلى الأموال لزيادة الإنتاج من ثروتها النفطية - رابع أكبر احتياطيات في العالم - بعدما تقلص إنتاجها بفعل أعوام العقوبات الغربية.

كما تسعى ايران الى التطبيع الاقتصادي بصورة حثيثة وجادة من خلال ابرام العقود الكبيرة مع شركات صناعية كبرى لسلع مختلفة، فقد اتفقت شركة الطيران الوطنية الإيرانية من حيث المبدأ على شراء طائرات أمريكية وأوروبية بقيمة تزيد على 50 مليار دولار بالأسعار المعروضة في صفقة بارزة تعد اختبارا لإعادة انفتاح الاقتصاد الإيراني في إطار اتفاق مع القوى العالمية من أجل تخفيف العقوبات.

في الوقت نفسه تحاول ايران أن ترفع قدرتها الانتاجية النفطية الى 4 ملايين برميل، وقد أتاح الطلب القوي على الخام الإيراني في آسيا وأوروبا لإيران زيادة إنتاجها إلى أكثر قليلا من 3.8 مليون برميل يوميا هذا الشهر لكنه ما زال يقل عن مستوى أربعة ملايين برميل يوميا الذي تشترط طهران الوصول إليه قبل مناقشة تثبيت الإنتاج مع السعودية وروسيا.

الى ذلك يعد سوق البازار الايراني وهو العصب المهم للاقتصاد الايراني مجسا مهما لطبيعة العلاقات الاقتصادية الايرانية حيث يقول صاحب متجر للأقمشة في البازار الايراني.. لقد "دفعنا الاوروبيون الى احضان الصين في حين اننا حتى عشر سنوات خلت لم نكن نشتري شيئا منها. ولكن نوعية المنتجات تتحسن، اعتقد ان العقوبات كانت مفيدة للاقتصاد الصيني.

ورغم توقع العديد من التقارير الغربية من انتعاش الاقتصاد الإيراني فور رفع العقوبات الغربية عن طهران، إلا أنه سيجري بصورة بطيئة، حيث تستعد إيران للبدء بضخ النفط في الأسواق العالمية وبيعه بصورة شرعية بعد أن ظلت لسنوات تبيع النفط في السوق السوداء بأسعار زهيدة، إضافة إلى أن الولايات المتحدة ستسيل أصولاً مالية بعشرات المليارات من الدولارات لصالح إيران، عليه يبدو مستقبل الاقتصاد الايراني مع رفع العقوبات يتجه نحو التعافي البطيء، ولا يخفى على احد تأثير العوامل الخارجية المتمثلة بالظروف الاقتصادية العالمية والأهم قدرة طهران على تفعيل إصلاحات في الداخل وقد تحتاج وقتا كبيرا لتنفيذها.

لكي تتم الاستفادة من رفع العقوبات الاقتصادية بشكل عملي، ينبغي على إيران عمل إصلاحات شاملة لترسيخ استقرار اقتصادها المحلي، وتسريع النمو الاقتصادي الشامل، إضافة إلى إيجاد حلول جذرية لمشكلة البطالة المرتفعة، وزيادة الإنتاجية عن طريق جذب التكنولوجيا الحديثة. والوصول إلى تلك الأهداف ليس بالسهولة الممكنة في ظل وجود صراع داخلي قوي بين جناحين سياسيين يتنافسان داخل إيران، إحداهما بقيادة رئيس الدولة، والآخر بزعامة مرشدها.

تحفظ المصارف الكبرى على العمل مع ايران

في سياق متصل وبعد تسعة اشهر من دخول الاتفاق النووي مع القوى الكبرى حيز التنفيذ ورفع جزء كبير من العقوبات الدولية المفروضة على طهران، ما زالت المصارف الكبرى وخصوصا الاوروبية منها تتحفظ على التعامل مع ايران خوفا من عقوبات اميركية.

وقال برويز عقيلي رئيس مجلس ادارة مصرف الشرق الاوسط (خاورميانه) "حاليا، وافقت مصارف اوروبية صغيرة على العمل معنا"، مشيرا الى اربعة مصارف ايطالية ومصرفين نمساويين وثلاثة سويسرية وثلاثة المانية واثنين بلجيكيين. واضاف عقيلي "لكن لم يوافق اي من المصارف المتوسطة او الكبرى على ذلك حتى الآن".

وقال خبير مصرفي ان بين هذه المؤسسات المصرفية التي وافقت على العمل في ايران النمساويان "رايفايزن بنك" و"ايرستيبنك"، والايطاليان "ميديو بنكا" و"بنكو بوبولاري"، والبنوك الالمانية "آيهبنك" (المصرف التجاري الاوروبي الالماني) وبنك التنمية "كا اف في" و"آ كا آ" (البنك الاوروبي للتصدير) والبلجيكيان "كي بي سي" و"آي ان جي"، الى جانب المصرف التركي "هلك".

واوضح الخبير لوكالة فرانس برس ان هذه المصارف "اقامت علاقات عمل مع البنوك الايرانية لفتح رسائل اعتماد بمبالغ صغيرة تبلغ 10 و20 و20 مليون دولار". واضاف "لكنها لا تملك الموارد لتمويل مشاريع كبيرة مثل عقد شراء 118 طائرة ايرباص ونحو مئة (طائرة) بوينغ او مشاريع للتنمية الغازية والنفطية في البلاد" بحسب فرانس برس.

ويقول الرئيس حسن روحاني ان ايران تحتاج الى استثمارات اجنبية تتراوح بين ثلاثن وخمسين مليار دولار سنويا لتحديث ادواتها الصناعية وانعاش اقتصادها. لكن بدون المؤسسات المصرفية الدولية الكبرى من المستحيل تحقيق هذا الهدف.

وصرح رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الايراني علاء الدين بوروجردي مؤخرا ان "العقبة الرئيسية في طريق العلاقات المصرفية هي وزارة الخزانة الاميركية التي تضغط على كل الدول وتمنع العلاقات المصرفية ورفع العقوبات". ولم يوافق مكتب مراقبة الموجودات الاجنبية التابع لوزارة الخزانة الاميركية حتى الآن على بيع طائرات ايرباص او بوينغ الى ايران.

وقال هنري سميث محلل الشؤون الايرانية في المكتب الاستشاري "كونترول ريسكس" لفرانس برس ان "المصارف يجب ان تأخذ في الاعتبار الشركات والاشخاص المشاركين في اي صفقة بسبب عقوبات الامم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي التي ما زالت مطبقة". ويدين المسؤولون الايرانيون باستمرار موقف الاميركيين الذين رفعوا العقوبات "على الورق" ولكن ليس فعليا. وابقت الولايات المتحدة عقوبات كبيرة على ايران مرتبطة ببرنامجها البالستي ودعمها المفترض "للارهاب" وانتهاكاتها لحقوق الانسان.

وما زالت 180 شخصية وشركة ايرانية مدرجة على "لائحة سوداء" اميركية، بينها حرس الثورة ووزارة الدفاع والشركتان الجويتان "ماهان للطيران" و"كاسبيان اير" (طيران بحر قزوين) او مصارف "صادرات" و"انصار" و"مهر".

وقال نائب وزير النفط الايراني المكلف الشؤون الدولية امير حسين زماني نيا ان الاميركيين "يغذون نوعا من التخويف من ايران الى درجة ان لا احد يريد مبادلات فعلية مع ايران". ويثير هذا الوضع غضب الاوروبيين ايضا. فقد صرحت وزيرة البيئة الفرنسية سيغولين روايال خلال زيارة الى ايران في نهاية آب/اغسطس ان "المصارف الفرنسية المرتبطة بالمصارف الاميركية لا تجرؤ على التدخل في ايران. هذا امر غير مقبول اطلاقا".

وقال سميث ان "تحفظ المصارف الاجنبية على ابرام صفقات في ايران عزز بشكل واضح المجموعات التي كانت في افضل الاحوال تشكك بالاتفاق النووي داخل ايران". وفي الواقع، لا يكف المحافظون عن انتقاد الاتفاق النووي و"التنازلات" التي قدمتها حكومة الرئيس روحاني بلا ضمانات برفع العقوبات.

واكد عقيلي ان "هناك مشكلتين. اولا يجب تحديث النظام المصرفي لتكييفه مع القواعد المصرفية الدولية الجديدة التي شهدت تطورا كبيرا". واوضح ان المصارف الايرانية التي لم تقم علاقات مع المصارف الدولية منذ نحو 15 عاما، عليها تطبيق قواعد جديدة تبنتها الاسرة الدولية لمكافحة غسل الاموال او تمويل الارهاب. وتابع ان المشكلة الثانية هي "التخويف من ايران". واضاف ان "ايران تقدم على انها الطرف السيء وهذا لا ينطبق على الواقع. لتأتي المصارف الكبرى يجب ان تحل هاتان المشكلتان". ورأى ان تحقيق ذلك "يحتاج الى سنة او سنتين على الاقل".

متى تقطف طهران ثمار الاتفاق النووي؟

وقد عايش مصطفى جويدان الذي يملك محل خياطة في بازار طهران منذ ستين عاما الانقلابات والثورة والحرب، وهو الان ينتظر ما سيحمله رفع العقوبات عن بلاده من ثمار بعد سنة من الاتفاق النووي. في متجره الصغير الذي اسسه جده في القرن التاسع عشر في عهد السلالة القاجارية، قاوم مصطفى عثرات الزمن وظل متابعا للتوجهات العالمية حتى عندما كانت ايران معزولة عن العالم.

ويقول الرجل الثمانيني ذو العينين اللامعتين خلف نظارته "الاقمشة الفرنسية هي الاكثر اناقة في العالم تليها الاقمشة الايرانية لكن افضلها يصنع في المملكة المتحدة". ويستورد المتجر الذي يديره اليوم ابنه سعيد معظم اقمشته من الصين، وهذا احد نتائج تعزيز العقوبات الاقتصادية ابتداء من 2012 ضد ايران.

ويقول سعيد "دفعنا الاوروبيون الى احضان الصين في حين اننا حتى عشر سنوات خلت لم نكن نشتري شيئا منها. ولكن نوعية المنتجات تتحسن. اعتقد ان العقوبات كانت مفيدة للاقتصاد الصيني". ولا يزال البازار المركز التجاري الرئيسي في طهران حيث يمكن شراء اي شيء من السجاد القديم الى الهواتف الحديثة بحسب فرانس برس.

ولم يؤد رفع جزء من العقوبات الدولية على ايران مطلع السنة الى نتائج ملموسة على صغار التجار الذين لا يزالون يتجهون نحو آسيا. فمعظم الادوات المنزلية المعروضة في السوق من صنع الصين.

ويقول علي ماسومي الذي فتح أبوه متجره في البازار في خمسينات القرن الماضي "لدينا ايضا بضائع من ايطاليا والولايات المتحدة لكنها قليلة جدا". ويبدي علي ماسومي شكوكه ازاء التغييرات التي يمكن ان تأتي نتيجة الاتفاق النووي، ويقول "اذا كان سيحدث تغيير فلا بد ان يأتي من الداخل. لكن الحكومة لا ترغب فعلا بذلك".

ونجحت حكومة الرئيس حسن روحاني الذي تولى الحكم في 2013 في خفض التضخم باكثر من 40% الى نحو 10% حاليا، ولكن كثيرين يعزون ذلك الى التباطؤ الكبير للاقتصاد. ويأمل روحاني في ان يؤدي رفع العقوبات الى جذب ما بين 30 و50 مليار دولار كاستثمارات سنويا وهو ما تحتاجه ايران لتحقيق نمو من 8%.

ولكن هذه الاستثمارات تأخرت سواء بسبب العقوبات الاميركية على برنامج الصواريخ البالستية الايراني أو حصيلة حقوق الانسان أو دعم ايران لمنظمات تعتبرها واشنطن "ارهابية" مثل حزب الله اللبناني وبعض الفصائل الفلسطينية. ويقول علي ماسومي "الناس لا يريدون المجازفة بالاستثمار او الانفاق. يريدون ان يطمئنوا الى عدم حدوث تغييرات كبيرة في اسعار الصرف والنظام المصرفي واسعار العقارات". ولكن آخرين يرون ان المناخ الايجابي الذي اشاعه الاتفاق النووي اعطى ثماره.

ويقول اسماعيل عيوضي (35 عاما) الذي جاء ليشتري سجادة بعد تحسن اعماله، "تحسنت علاقاتنا مع الشركات الاجنبية بعد الاتفاق وباتت تثق بنا". ويملك رجل الاعمال الشاب مصنعا للالعاب يصدر منه الى الدول المجاورة لا سيما العراق واوزبكستان وجورجيا وارمينيا وطاجيكستان. ويقول "انا متفائل، فالوضع في السوق سيتحسن والناس لديهم امل بالمستقبل".

ولكنه يقر بان العراقيل لا تزال مستمرة، لا سيما القيود على استخدام النظام المالي الدولي، فالبنوك الاجنبية وخصوصا الاوروبية تتردد في التعامل مع ايران خوفا من العقوبات الاميركية. ويقول اسماعيل عيوضي "لا تزال لدينا مشكلات مصرفية. نريد تصدير منتجاتنا الى روسيا ولكننا لا زلنا نواجه مشكلة تحويل الاموال".

النفط حل استراتيجي ام مؤقت؟

وقد قال مصدر مطلع على جدول تحميل ناقلات النفط في إيران إن صادرات البلاد من الخام في أغسطس آب قفزت 15 بالمئة من مستواها في يوليو تموز لتزيد على مليوني برميل يوميا وتقترب من مستوياتها قبل فرض العقوبات على طهران.

وزادت ثالث أكبر دولة منتجة في أوبك صارداتها من الخام لأكثر من المثلين - باستثناء المكثفات النفطية الخفيفة الفائقة الجودة - منذ ديسمبر كانون الأول. وفي يناير كانون الثاني تم رفع العقوبات الاقتصادية التي استهدفت برنامج إيران النووي وتكافح طهران منذ ذلك الحين لاستعادة حصتها السوقية التي فقدتها لصالح منتجين آخرين في الشرق الأوسط على مدى السنوات الأربع الماضية.

وأتاح الطلب القوي على الخام الإيراني في آسيا وأوروبا لإيران زيادة إنتاجها إلى أكثر قليلا من 3.8 مليون برميل يوميا هذا الشهر لكنه ما زال يقل عن مستوى أربعة ملايين برميل يوميا الذي تشترط طهران الوصول إليه قبل مناقشة تثبيت الإنتاج مع السعودية وروسيا. ومن المتوقع أن تجتمع الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا خلال منتدى الطاقة الدولي بالجزائر في الفترة من 26 إلى 28 سبتمبر أيلول لمناقشة التثبيت المحتمل للإنتاج من أجل تحقيق الاستقرار في أسعار النفط التي ما زالت تقل نحو 60 بالمئة عن مستوياتها في منتصف 2014.

وقال فيكتور شوم محلل النفط لدي آى.إتش.إس للاستشارات "الطريقة الوحيدة التي تتيح للمنتجين تعظيم إيراداتهم في ظل تدني أسعار النفط من أجل تلبية متطلبات الميزانية هي رفع الإنتاج. لذا من المستبعد التوصل لاتفاق بشأن الإمدادات... في أواخر سبتمبر." وأضاف "يمكننا أن نتوقع استمرار إيران في زيادة الإنتاج" بحسب رويترز.

وذكر المصدر مستندا إلى بيانات جرى جمعها من جداول تحميل الناقلات أن صادرات إيران من الخام في أغسطس آب باستثناء المكثفات ارتفعت إلى نحو مثلي مستواها قبل عام لتصل إلى 2.11 مليون برميل يوميا. وأظهرت جداول التحميل أن صادرات الخام الإيرانية ارتفعت الشهر الماضي من 1.9 مليون برميل يوميا في يونيو حزيران و1.83 مليون برميل يوميا في يوليو تموز.

كما أشارت بيانات تحميل الناقلات للشهر الماضي إلى أن صادرات النفط الإيرانية في أغسطس آب هي الأعلى منذ يناير كانون الثاني 2012 بدعم من مشتريات قياسية من الهند ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم وقفزة نسبتها 48 بالمئة في المبيعات الأوروبية لتصل إلى 630 ألف برميل يوميا. وتضع مصادر أخرى تتابع بيانات الشحن الإيرانية أو مطلعة على عمليات تحميل ناقلات النفط تقديرات مختلفة قليلا لصادرات إيران من الخام في أغسطس آب لكنها لا تزال تظهر ارتفاع الصادرات إلى نحو مثليها منذ يناير كانون الثاني.

والوسيلة الأساسية لتقدير حجم تجارة النفط لدول مثل إيران لا تفصح عن بيانات رسمية لتجارتها تتمثل في إحصاء عدد الناقلات وإن كانت التقديرات قد تختلف من مصدر لآخر. ولا تزال تفاصيل شحنات المكثفات لشهر أغسطس آب غير واضحة.

لكن إذا كانت شحنات الخام الخفيف الفائق الجودة تتماشى مع متوسط هذا العام الذي يقترب من 310 آلاف برميل يوميا فإن إجمالي صادرات الخام والمكثفات الشهر الماضي سيكون الأعلى هذا العام بوصوله إلى 2.41 مليون برميل يوميا لكنه ما زال أقل من متوسط صادرات ما قبل العقوبات البالغ 2.5 مليون إلى 2.6 مليون برميل يوميا في 2011 وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

وبلغت صادرات النفط الخام الإيراني باستثناء المكثفات إلى آسيا في أغسطس آب 1.48 مليون برميل يوميا ارتفاعا من 1.40 مليون برميل يوميا في يوليو تموز. وبلغت الشحنات المحملة إلى الهند مستوى قياسيا على الأرجح قرب 600 ألف برميل يوميا الشهر الماضي بحسب بيانات تمتد لما لا يقل عن 15 عاما مرتفعة بواقع 150 ألف برميل يوميا عن يوليو تموز ومتجاوزة الشحنات المحملة إلى الصين التي بلغت 564 ألف برميل يوميا.

وبلغت الشحنات المحملة إلى اليابان 230 ألف برميل يوميا مقارنة مع نحو 92 ألف برميل يوميا إلى كوريا الجنوبية. وجري تحميل نفط إيراني إلى تركيا واليونان وإسبانيا فيما زادت الصادرات إلى إيطاليا لأكثر من المثلين مقارنة مع الشهر السابق لتصل إلى 87 ألف برميل يوميا بحسب جداول التحميل. وفي مسعى لتعزيز صادراتها تتوقع إيران الانتهاء من بناء مرفأ بنهاية العام لتصدير خام جديد.

من جهته ذكر موقع معلومات وزارة النفط الإيرانية على الإنترنت (شانا) أن نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري طلب من وزارتي النفط والمالية البدء في استخدام النسخة الجديدة التي نالت الموافقة من عقود صفقات النفط والغاز. وتأخر تدشين عقود النفط والغاز الجديدة عدة مرات في ظل معارضة الخصوم المتشددين للرئيس حسن روحاني لأي صفقات قد تنهي نظام إعادة الشراء الذي يمنع الشركات الأجنبية من تملك حصص في الشركات الإيرانية.

من جهته قال الرئيس التنفيذي لمجموعة (أو.إم.في) النمساوية للطاقة راينر سيلي لرويترز إن عقود النفط الإيرانية لا تزال غير ملائمة بالنسبة لشركته للاستثمار في مشروعات في الجمهورية الإسلامية التي تأمل في جذب استثمارات أجنبية لتحديث بنيتها التحتية النفطية القديمة.

ووقعت (أو.إم.في) في مايو أيار - بعد أربعة أشهر من رفع معظم العقوبات الدولية المفروضة على إيران بعدما وافقت على تقليص برنامجها النووي - مذكرة تفاهم مع شركة النفط الوطنية الإيرانية بشأن عدة مشروعات في إيران. وقال سيلي في مقابلة إن المحادثات حول نموذج عقود للشركات الأجنبية لم يحالفها النجاح بعد بحسب رويترز.

ووعدت إيران بعقود نفط جديدة تتضمن شروطا أكثر مرونة وإنهاء النظام المعروف بعقود إعادة الشراء التي تقول الشركات الأجنبية إنها تمنحها عائدات محدودة على الاستثمارات ولا تعطيها أي حقوق نفطية حيث تستحوذ الحكومة الإيرانية على الجزء الأكبر من الأرباح.

اضف تعليق