q
{ }

عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية يوم الخميس المصادف 29/10/2015 حلقته النقاشية الشهرية، متناولاً فيها واقع الاقتصاد العراقي والمشاكل التي يعاني منها في ظل الظروف الراهنة، حملت عنوان ( دور القطاع الخاص في معالجة الأزمة الاقتصادية: قراءة في توقعات عام 2016)، أدار الحلقة الدكتور خالد عليوي العرداوي مدير المركز الذي ابتدأ كلامه بالترحيب بالباحثين من أصحاب الأوراق البحثية وبالحضور من الضيوف، بعدها أكد الدكتور العرداوي إن مركز الفرات يحاول في هذه الأيام إن يسلط الضوء على قضية يعتقد أنها من أهم القضايا التي تعصف بعراقنا العزيز إلا وهي القضية الاقتصادية التي تضع الجميع على مفترق طرق وهذا المفترق يحدد فيما إذا كان بإمكان العراقيين تحدي وتجاوز هذا المفترق الخطير آم لا، بعد تلك المقدمة قدم الباحثين لإلقاء أوراقهم البحثية.

الورقة البحثية الأولى:

 الدكتور كاظم احمد البطاط من كلية الادارة والاقتصاد/ جامعة كربلاء كان أول الباحثين حيث قدم ورقته البحثية التي تناول فيها نبذة تاريخية عن القطاع الخاص في العراق والاقتصاد بصورة عامة متناولا أهم المحطات والتحديات التي واجهته، عرف من خلالها القطاع الخاص بأنه ذلك الجزء من الاقتصاد الوطني العامل من غير تدخل الدولة في إدارته وتوجيهه، كما تطرق إلى تجارب النمو في عدد من الدول منها: بريطانيا وكيف إن الرخاء والانتعاش الاقتصادي حدث فيها مما جعلها تعتمد على القطاع الخاص ولم يكن للدولة دور فيها، وتجربة ألمانيا وكذلك فرنسا وكثير من الدول التي اعتمدت القطاع الخاص في حركة اقتصادها، أما في العراق فقد أشار الباحث إلى إن أول خطة للتنمية الأولى وضعت في عام 1928 وهي اعتمدت على القطاع الخاص حيث كان هذا القطاع يقود الدولة، وفي بداية الخمسينات ازداد موقع الدولة في قيادة الاقتصاد نحو الاقتصاد الموجه المركزي ففي عام 1955 بدأت الدولة تتبنى النهج الاشتراكي ووقعت على اثر ذلك اتفاقية مع الاتحاد السوفيتي السابق وهذا ما أدى إلى انعكاسات سلبية على القطاع العام، وفي سنة 1964 قاد خيري الدين حسيب محافظ البنك المركزي تأميم حوالي 27 من الشركات الخاصة ومن أهمها شركة الزيوت وشركة الحديد وغيرها وادى كل ذلك إلى توسيع القطاع العام على حساب القطاع الخاص في الدولة العراقية، وذكر الباحث إنه في عام 1972 ازدادت صادرات النفط العراقية وهذه الزيادة أدت إلى توسيع القطاع العام وبالتالي انحسار مساحة القطاع الخاص، واستمرت هذه الحالة إلى عام 1987 وفي هذا العام حدثت أزمة مالية في العراق وكان من ضمن معالجاتها هو توسيع الاستيراد للسلع المختلفة، وفي سنة 1991 حصلت عقوبات على العراق اثر غزوه لدولة الكويت وهذه العقوبات أعطت متنفس للقطاع الخاص مرة أخرى في إن يقوم بدوره من جديد، أما في عام 1999 فقد فتح الباب على أوسعه أمام السلع الأجنبية لكي تدخل السوق العراقية، أما بعد عام 2003 وبما إن التوجه الجديد للدولة استبدل نظام الدولة المسيطر على كل شيء في الاقتصاد إلى نظام السوق أدى ذلك إلى غلق أو شبه غلق لكثير من المنشآت الصناعية للدولة.

الورقة البحثية الثانية:

الأستاذ المساعد الدكتور حيدر حسين طعمه من كلية الإدارة والاقتصاد / جامعة كربلاء: قدم الورقة البحثية الثانية وتناول فيها التحدي الاقتصادي الذي يواجه العراق اليوم وما يصاحبه من تحدي الإرهاب الذي يعاني منه البلد أيضا، ووصف واقع الاقتصاد العراقي بالعسير والمتدهور وأكد أن هنالك جدل مستمر مصحوب بالكثير من الندوات والحلقات لدى الكثير من الإفراد والفئات المجتمعية في العراق حول كيفية تطوير وتحفيز القطاع الخاص؛ وذلك للحد من الأزمة الاقتصادية الراهنة، وأشار إلى فشل الحكومات السابقة في إدامة وتحقيق النمو الاقتصادي فهي جعلته عرضة للتقلبات المتناقضة، وأشار إلى الاعتقاد الخاطئ السائد حول القطاع الخاص والذي يعتقد الكثير إن وجوده يعني انعدام العدالة لحركة الاقتصاد في العراق، وفيما يتعلق بالبطالة أشار إلى إن الحكومة العراقية غير قادرة على استيعاب البطالة كون إن أكثر من نصف سكان العراق قادرين على العمل والانخراط فيه لكن لا توجد فرص للعمل وبالتالي سوق الجريمة والإرهاب أصبحت رائجة وتشكل مقصدا للكثير منهم، وأشار إلى بعض الدراسات التي تتحدث عن معدل عمل الموظف في القطاع العام العراقي والتي تصل في أقصاها إلى 17 دقيقة في اليوم كمعدل مع وجود 4 ملايين موظف في القطاع العام في حين الواقع يشير إلى امكانية سد هذا القطاع العام بأقل من 500 إلف موظف، القطاع الخاص حسب رأي الباحث يوفر نسبة كبيرة من العمل كونه يشمل قطاعات تجارية وصناعية وزراعية وغيرها، وأشار في النهاية إلى أهم التحديات التي تواجه القطاع الخاص في العراق وهي:-

1- التحدي الأمني

2- تحدي البنية التحتية

3- انعدام التمويل للكثير من المشاريع الحكومية

4- سوء الإدارة للملف الاقتصادي

 5- مشكلة الأيدي العاملة الماهرة.

المداخلات:

- الدكتور هاشم جبار الحسيني التدريس في كلية الإدارة والاقتصاد: ذكر في مداخلته ان القطاع الخاص يبتعد كثيرا عما هو عليه الواقع اليوم، وفيما يخص أسعار النفط ذكر الحسيني انه يمكن لها في المستقبل ان تحقق بعض التطور لكن ليس في العامين القادمين وإنما ابعد من ذلك، وهذا التطور المستقبلي المنشود لابد من التخطيط له في الوقت الراهن وخلق ظروف ملائمة له لكي يتم الاستعداد له على أتم وجه.

- عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات والبحوث: في مداخلته أكد إن قضية القطاع الخاص في الدولة العراقية وكيفية تطويره؛ لغرض النهوض بالواقع الاقتصادي مرتبطة بنية صانع القرار السياسي، وهي أيضا مرتبطة بالمال السياسي والذي استخدم لأغراض شخصية وتساءل عن كيفية إيجاد قانون يجرم استخدام المال السياسي وكيفية إبعاد الجانب الاقتصادي عن الجانب السياسي.

- الأستاذ جاسم عمران الشمري باحث وماجستير في القانون الخاص: تساءل في مداخلته عن إمكان إيجاد قطاع خاص حقيقي في العراق قادر على النهوض بالواقع الاقتصادي المتردي، وذكر إن القطاع الخاص يفتقر للتمويل الحكومي.

- حيدر مرتضى علي اعمال حرة: تحدث في مداخلته عن جدلية عقلنة المال أو عقلنة الاقتصاد وتحدث عن القطاع المالي وكيفية اعتماده على النفط وبين إنه في العراق يوجد رجال مال وليس رجال اقتصاد واستدل في ذلك على وزارة المالية العراقية التي تختلف عن وزارات باقي دول العالم التي توجد فيها وزارة اقتصاد وليس مال وأشار أيضا الى أن العراق فيه رجال سلطة وليس رجال دولة.

- فرقان قحطان هاشم مكتب محافظ كربلاء: أشار في مداخلته على عدم الإمكانية في فصل السياسة عن الاقتصاد وعن عدم إمكانية توفر بيئة آمنة في العراق لجذب الاستثمار وتطوير القطاع الخاص؛ نظراً للظروف التي يعيشها العراق اليوم، وأشار إلى ضرورة ارتباط العراق ارتباطا حقيقيا بإحدى الدول الاقتصادية الكبرى لغرض تطوير اقتصاده.

- الشيخ مرتضى معاش: تحدث عن قضية القطاع الخاص واصفا لها بالحاجة الاستراتيجية في صلب البنية الاقتصادية الحقيقية، وأشار إلى إن الحكومات هي مشرفة ومراقبة وفق البنية الاقتصادية الحقيقية، اما المشكلة في العراق وصفها بالثقافية كونها بنيت على ثقافة التفكير الريعي التي خلفها النهج الاشتراكي فيما سبق وتطرق إلى مساوئ هذا التفكير والثقافة التي جعلت الإنسان العراقي مستهلكا وليس منتجا وبذلك حاجة العراق اليوم إلى التحول نحو ثقافة الإنتاج وكذلك ضرورة رفع القوانين القامعة للاستثمار وتشجيع رؤوس الأموال.

- الدكتور سامر مؤيد عبد اللطيف من مركز الدراسات القانونية/جامعة كربلاء: تحدث عن مسألة الخصخصة في الاقتصاد العام، وتحدث عن مسألة اعادة تأهيل المشاريع الاقتصادية القديمة وأشار إلى إنه في حال اعادة تأهيلها فأن التكاليف سوف تكون أكثر من بناء مشاريع جديدة بدلا عنها، كما تحدث عن الروتين الإداري والفساد الإداري اللذان كثيرا ما يعرقلان القطاع الخاص في اخذ دوره في تطوير الاقتصاد العراقي.

- الدكتور عبد عون المسعودي أستاذ علم النفس من كلية التربية المفتوحة في كربلاء: تطرق في مداخلته إلى الخراب السياسي في العراق وكيف أنتج خرابا اقتصاديا ورؤيته عن القطاع الخاص والعام هي تشكيكيه في وجودهما، وذكر أيضا إن عشرات السنوات مرت ولا يوجد اقتصاد عراقي حقيقي وذكر إن العراق يتعرض لمؤامرة على اقتصاده وهذه المؤامرة من الخارج أي الأعداء ومن الأصدقاء ومن الداخل وذكر إن أخفها هي المؤامرة الخارجية كونها بديهية وكل الدول تتعرض لها لكن أشار إلى أخطرها وهي المؤامرة الداخلية كونها حالة فريدة تمثل أبناء البلد أهل العراق الذين يدمرون اقتصادهم، أما مؤامرة الأصدقاء الخارجيين فهي باسم الصداقة من بعض الدول يتم تدمير الاقتصاد العراقي.

وبعد انتهاء مداخلات وتعقيبات الحضور من باحثين ومختصين أكاديميين وإجابة الباحثين أصحاب الأوراق البحثية على الاسئلة التي طرحت أثناء الحلقة، قدم الدكتور خالد عليوي العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية شكر المركز للجميع على المداخلات القيمة التي عبرت عن عمق إرادة واهتمام بموضوع الحلقة وبما طرح فيها والتي أضفت عليها رونقا كبيرا في الثراء العلمي والمعرفي خدمة للعراق العزيز.

اضف تعليق