تترقّب شركات النفط والغاز في أميركا بقلق بدء العد التنازلي لانتخابات الرئاسة الأميركية التي تتنافس فيها المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس المعروفة بموقفها العدائي إزاء صناعة الوقود الأحفوري، أمام نظيرها الجمهوري دونالد ترمب المناهض لسياسات المناخ، وتُظهِر المؤشرات أن كامالا هاريس ستكون أشد شراسة من الرئيس الأميركي جو بايدن في خصومتها...
تترقّب شركات النفط والغاز في أميركا بقلق بدء العد التنازلي لانتخابات الرئاسة الأميركية التي تتنافس فيها المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس المعروفة بموقفها العدائي إزاء صناعة الوقود الأحفوري، أمام نظيرها الجمهوري دونالد ترمب المناهض لسياسات المناخ.
وتُظهِر المؤشرات أن كامالا هاريس ستكون أشد شراسة من الرئيس الأميركي جو بايدن في خصومتها مع صناعة الوقود الأحفوري حال وصولها إلى البيت الأبيض؛ بسبب معارضتها أنشطة الحفر البحري والتكسير الهيدروليكي (الآلية المُستعمَلة لاستخراج النفط والغاز من التكوينات الصخرية الكثيفة).
ووفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، لم تتردد هاريس، منذ شغلها منصب المدّعية العامة لولاية كاليفورنيا في عام 2010، في تحريك دعاوى قضائية ضد شركات النفط والغاز في أميركا، كما أنها فتحت تحقيقات مع شركة خطوط أنابيب بسبب تسرّب النفط، ومع شركة إكسون موبيل بتهمة تضليل الجمهور بشأن تغير المناخ.
في المقابل، لا يتوقف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عن مغازلة شركات النفط والغاز في أميركا، متعهدًا بمنحها دعمًا سخيًا حال حسمه السباق الرئاسي.
مقترح فاسد
حينما دعا المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب المسؤولين التنفيذيين من قرابة 20 شركة نفط وغاز كبرى إلى تناول العشاء معه في منتجع مارالاغو في أبريل/نيسان الماضي، تقدّم بمقترح "فاسد" مفاده بأنه إذا جمعت تلك الشركات مليار دولار لمساعدته في الوصول إلى البيت الأبيض، فسيتراجع عن أي سياسة لا تروق لها حينما يتولى مهام منصبه في البيت الأبيض، وفق ما ورد في مقالة للمؤلف والكاتب الصحفي جوناثان مينغل بصحيفة نيويورك تايمز، وسارع العديد من شركات النفط والغاز في أميركا ومسؤوليها التنفيذيين، منذ ذلك الحين، إلى تلبية نداء ترمب، لتصبح على رأس قائمة المتبرعين لحملته، ولجان العمل السياسي التابعة له.
ويرى مينغل أنه في الوقت الذي تبدأ فيه الطاقة النظيفة تحدي هيمنة النفط والغاز، فإن أكثر ما يخشاه بعض أقطاب الصناعة وحلفاؤهم من المستثمرين وصناع السياسات والجمهور العام، هو أنه يُنظَر إليهم على أنهم يقفون على أعتاب مرحلة أفول نهائية.
وقال إنه حال فوز المرشحة الديمقراطية بنتائج الانتخابات الرئاسية، فسيكون بمقدورها تسريع وصول تلك اللحظة عبر انتهاج سياسات ولوائح تنظيمية من شأنها أن تؤدي إلى خفض استهلاك النفط، أما إذا كان الفوز من نصيب قطب العقارات ترمب، فسيكون رهان شركات النفط والغاز في أميركا على أنه سيوقف قاطرة التحول إلى الطاقة النظيفة، ويطيل أمد الطلب على النفط والغاز، ويُسهم في تواصل هيمنة الوقود الأحفوري لعقود مقبلة، وفق كاتب المقال، وقد يبدو هذا القلق الكبير محيرًا أو حتى في غير محله -وفق الكاتب- نظرًا إلى أن سنوات بايدن كانت جيدة جدًا لشركات النفط والغاز في أميركا.
إنتاج النفط المحلي
من المتوقع أن يسجل إنتاج أميركا من النفط مستويات مرتفعة قياسيًا، علمًا بأن الولايات المتحدة هي -كذلك- أكبر مُنتِج للغاز الطبيعي ومصدر رائد له، كما ارتفعت أرباح الشركات أمثال إكسون موبيل وشيفرون، ويعتقد كاتب المقال أنه حتى التشريع المناخي الذي يحمل توقيع بايدن والمتمثل في قانون خفض التضخم يقدم دعمًا سخيًا لصناعة الوقود الأحفوري في أميركا، بفضل ائتماناته الضريبية لتقنية احتجاز الكربون وتخزينه، و-كذلك- بالنسبة إلى إنتاج الهيدروجين، وترغب كبريات شركات النفط والغاز في أميركا من ترمب أن يُبقي على القانون حال فوزه بالانتخابات المقررة في الـ5 من نوفمبر/تشرين الثاني (2024).
تهديد حقيقي
استطرد المؤلف والكاتب الصحفي جوناثان مينغل في حديثه قائلاً: "لكنك إذا نظرت إلى الأمر نظرة متفحصة، كما تفعل تلك الشركات، فإن السياسات الأخرى التي استحدثتها إدارة بايدن والتي ستُبقي عليها إدارة كامالا هاريس المحتملة، من الممكن أن تشكّل تهديدًا حقيقيًا لمصالحها"، وتابع مينغل: "ولتأخذ على سبيل المثال، توقف الحكومة الفيدرالية عن إصدار تراخيص بناء منشآت جديدة لتصدير الغاز"، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة، واسترسل بقوله إن محطات تصدير الغاز الطبيعي المسال انتشرت على ساحل الخليج على مدى العقد الماضي مع ارتفاع الطلب من المشترين الأجانب، لكن خلال السنوات الأخيرة، أبدى العلماء وناشطو المناخ بالغ قلقهم إزاء انبعاثات الميثان المرتبطة بأجهزة التبريد وشحن الغاز إلى الخارج.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أوقفت وزارة الطاقة في حكومة بايدن إصدار التصاريح لمعظم المشروعات الجديدة حتى يتسنى لها تحديث سُبل الوقوف على ما إذا كانت تلك المشروعات تستهدف خدمة الصالح العام، في استسلام واضح للضغوط المتنامية، وفق متابعة القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة.
وهذا التوقف عن إصدار التصاريح لم يؤثر في مشروعات عدة كانت قد حصلت على موافقة فعلية، وما تزال قيد البناء؛ ما سيضاعف كمية الغاز التي تصدرها الولايات المتحدة بحلول عام 2028، ما إن تدخل حيز التشغيل، بحسب كاتب المقال.
وفي يوليو/تموز (2024)، أصدر قاضٍ فيدرالي حكمًا ضد تعليق إصدار التصاريح المذكورة في دعوى قضائية حركها مدعون عموميون من الحزب الجمهوري، وما تزال الدعوى في مرحلة الاستئناف، لكن شركات النفط والغاز في أميركا تستشيط غضبًا؛ لأنها ترى أن الصادرات لا غنى عنها لجدوى عملياتها على المدى الطويل، وأن تجميد التصاريح مؤقتًا يثبط عزيمة المستثمرين.
اضف تعليق