يواجه نفط كردستان العراق تحديات من حين لآخر، وكان آخرها شنّ الهيئات المعنية حملة لمواجهة مصافي التكرير غير القانونية والكارثة البيئية التي قد تتسبب بها، وبنظرة أوسع نطاقًا من معضلة المصافي، يُعدُّ تكدّس الإمدادات في السوق المحلية وعدم التعامل معها بصورة رسمية منذ إغلاق خط التصدير كركوك-جيهان المتصل بتركيا، أمرًا مثيرًا للجدل وللأزمات...
يواجه نفط كردستان العراق تحديات من حين لآخر، وكان آخرها شنّ الهيئات المعنية حملة لمواجهة مصافي التكرير غير القانونية والكارثة البيئية التي قد تتسبب بها، وبنظرة أوسع نطاقًا من معضلة المصافي، يُعدُّ تكدّس الإمدادات في السوق المحلية وعدم التعامل معها بصورة رسمية منذ إغلاق خط التصدير كركوك-جيهان المتصل بتركيا، أمرًا مثيرًا للجدل وللأزمات.
وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتطورات الخلاف بين إدارة قطاع النفط في إقليم كردستان والعاصمة بغداد، فإن عدم التوصل لآلية تضمن تصدير التدفقات بصورة قانونية وشرعية، أدى إلى اضطرابات محلية وخارجية.
فمن جهة، انتشر عدد من مصافي التكرير المحلية المخالفة للمعايير البيئية، وزادت الحوادث المتعلقة، ومن جهة أخرى، بدأت عمليات تهريب نفط كردستان بصور غير شرعية عبر تركيا وإيران تؤثّر في التزام العراق بحصّته ضمن تحالف أوبك+.
إجراءات حماية محلية
تعرَّض قطاع نفط كردستان العراق إلى حادث قوي في يونيو/حزيران 2024 الماضي، مع احتراق مصفاة نفط في طريق "أربيل-كوير"، وكان الحادث -بالإضافة إلى وقائع أخرى- دافعًا للسلطات المحلية لشنّ حملة على المصافي القانونية وغير القانونية.
وبالتزامن مع ذلك، زادت الشكاوى من تلوّث الهواء وتراجع جودته في أربيل، وفق ما نقله موقع ستاندرد أند بورز غلوبال (S&P Global).
وتضمنت الإجراءات المُعلَنة قرارًا بإغلاق 138 مصفاة تكرير غير قانونية، انتشرت بوتيرة سريعة خلال السنوات الأخيرة، ولا تعدّ هذه المصافي وحدة معالجة كبيرة وفق المتعارف عليه، إذ تتألف من وحدات صغيرة وبسيطة، ما يجعلها لا تخضع لإجراءات ومعايير السلامة المتبعة.
وتترقب مرافق قطاع نفط كردستان إذا ما كانت دائرة الإغلاق ستطال مصافي غير قانونية إضافية، أو ستتّسع الإجراءات لتشمل تجارة الوقود عدا تجارة الوقود غير الشرعية بكامل أذرعها.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل امتدت الإجراءات إلى المصافي القانونية الحاصلة على تراخيص أيضًا، إذ أمهلتها سلطات محافظة أربيل 10 أيام للوفاء بالالتزامات والمتطلبات البيئية، سواء في عمليات المعالجة أو الصناعات ذات الصلة.
فوضى بيئية ومرورية
هددت سلطات محافظة أربيل بإلقاء القبض على مستعملي الديزل الأحمر gasoil (وهو نوع رديء من أنواع الديزل)، والمخالفين لهذه المعايير عقب انتهاء المهلة المعلنة، خلال تشغيل مصافي تكرير نفط كردستان العراق.
وظهرت في الآونة الأخيرة تداعيات بيئية لفوضى مصافي التكرير غير القانونية، تركّزت غالبيتها في مظاهر التلوث واختلاط الهواء بالأدخنة الخانقة؛ ما دفع إلى التلويح بالقبض على المخالفين وتشكيل لجنة لمتابعة وتقييم مدى الالتزام بالقواعد الجديدة.
ومن زاوية أخرى، وإضافة إلى الانبعاثات الضارة والملاحقة الأمنية والإغلاق والمهلة الممنوحة، أشارت أصابع الاتهام إلى قطاع نفط كردستان العراق بوصفه متهمًا في حالة الفوضى المرورية التي يعانيها الإقليم.
فمع توقُّف التصدير عبر خط أنابيب "كركوك- جيهان" الرابط بين إقليم كردستان وميناء جيهان التركي، شهدت تجارة الخام ومشتقاته المكررة طفرة محلية، وزادت المصافي الصغيرة غير القانونية التي عُرفت باسم وحدات التغطية (Crude Oil Topping Units) المعنية بمعالجة الخام إلى نافثا وكيروسين وديزل.
وانتشرت على طرق الإقليم شاحنات تنقل الخام ومشتقاته وتدفقات الوقود؛ ما أربك حركة المرور وقواعد السلامة، وأشعل فتيل الاحتجاجات المحلية الرافضة لهذه الممارسات.
تهريب نفط كردستان
بالتوازي مع نشاط تجارة نفط كردستان محليًا، كان المورّدون يحرصون على تهريب الخام ومشتقاته إلى إيران وتركيا بعد شرائه من السوق المحلية، فيما عُرِف بتجارة السوق السوداء، والموازية، التي شهدت نموًا مع إغلاق خط التصدير في مارس/آذار 2023.
واستفادت المصافي الصغيرة (غالبيتها مرخصة، وبعضها غير قانوني) من نفط كردستان الخام بعد تعطُّل التصدير، وباعه المورّدون بأسعار مخفضة عن التسعير العالمي.
ورغم أن إنتاج النفط في الإقليم أصيب بصدمة مع توقُّف الخط، فإن التقديرات تشير إلى بلوغه 300 ألف برميل يوميًا في الآونة الحالية.
وأربكت هذه الممارسات -سواء المحلية أو الخارجية- التزام العراق بحصّته المقررة ضمن تخفيضات تحالف أوبك+، إذ لا تُحتسب الشحنات المهربة إلى إيران وتركيا ضمن إنتاج بغداد، لكن بيانات الشحن وبيانات التحالف تكشف تجاوزه حصّته في غالبية الأحيان.
وبعد إزاحة الستار عن عدم التزام العراق بحصّة أوبك+ خلال الأشهر الـ6 الأولى من العام الجاري، قال تجّار، إن قطاع النفط في الدولة الخليجية "يدور في متاهة" بسبب استمرار الخلاف بين أربيل وبغداد، وتوقُّف خط التصدير.
اضف تعليق