الصين هي أكبر منتج للفحم في العالم بعد إندونيسيا والهند، وتستورد من الدول الأخرى لتلبية الطلب المتنامي خاصة من قطاعي الكهرباء والصناعة، وبدأت بكين استئناف فرض رسوم جمركية على واردات الفحم منذ بداية العام الجديد (2024)، في خطوة قد تهدد أعمال المصدرين الروس المعتمدين في تجارتهم على الصين المجاورة...
بقلم: أسماء السعداوي
مثّلت صادرات الفحم الروسي موردًا أساسيًا للصين خلال العام الماضي (2023)، إذ تصدّرت قائمة الواردات من هذا الوقود الملوث للبيئة، متقدمة بذلك على عدد من كبار المصدّرين العالميين، وفق البيانات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
والصين هي أكبر منتج للفحم في العالم بعد إندونيسيا والهند، وتستورد من الدول الأخرى لتلبية الطلب المتنامي خاصة من قطاعي الكهرباء والصناعة.
وبدأت بكين استئناف فرض رسوم جمركية على واردات الفحم منذ بداية العام الجديد (2024)، في خطوة قد تهدد أعمال المصدرين الروس المعتمدين في تجارتهم على الصين المجاورة.
وكانت الصين صاحبة أكبر ثاني تعداد سكاني في العالم قد أوقفت العمل بتلك الرسوم في مايو/أيار 2022؛ بغرض الحماية من تقلبات سلاسل التوريد التي ضربت أسواق الطاقة العالمية في أعقاب غزو موسكو أوكرانيا.
وساعد ذلك في وصول أحجام قياسية من صادرات الفحم الروسي الذي وجد ضالّته في الصين بعدما نبذه المشترون الآخرون ضمن سلسلة العقوبات الاقتصادية التي استهدفت تجفيف منابع تمويل حرب الكرملين على أوكرانيا.
وبالإضافة لتلك الرسوم، تواجه صادرات الفحم الروسي أزمة بسبب تراجع حجم الشحنات إلى الصين منذ يونيو/حزيران 2023، والرسوم الجمركية التي سبق أن فرضتها موسكو رسومًا على صادرات الفحم.
صادرات الفحم الروسي إلى الصين
تقول الصين، إن عودة العمل برسوم استيراد الفحم تستهدف حماية شركات التعدين المحلية من "تخمة" الواردات، بعدما سجل الإنتاج المحلي أعلى مستوى له على الإطلاق، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.
وكان من المقرر استمرار فرض تلك الرسوم حتى 31 مارس/آذار 2023، إلّا أن الصين مدّدتها حتى نهاية 2023 لضمان تعزيز الإمدادات.
وعادت الرسوم إلى واردات الفحم القادمة من دول روسيا ومنغوليا وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة، بنسبة 6% من الفحم المستعمل لتوليد الكهرباء والتدفئة، و3% للفحم المستعمل في مصانع الصلب.
وبالنسبة للفحم المستورد من الدول الأخرى، والذي لا يتمتع بميزة تفضيلية في الصين، ستكون نسبة الضريبة 20%.
وعن ذلك، يقول المحلل في الاتحاد الصيني لنقل الفحم وتوزيعه، سو هوي بنغ، إنه لا توجد دولة يمكنها استيعاب مثل تلك الإمدادات الضخمة، وعلى المصدّرين خفض الأسعار، وامتصاص تكلفة الضريبة الإضافية.
ورطة الفحم الروسي
أصبحت روسيا ثاني أكبر مصدّر للفحم إلى الصين (بعد إندونيسيا)، واستهدفت الجارتان الوصول بإجمالي الإمدادات السنوية إلى 100 مليون طن.
ومن المحتمل أن تتأثر تلك المكانة بتراجع حجم الصادرات الروسية في ديسمبر/كانون الأول 2023 بعد ارتفاع الأسعار، ولاستعادة التوازن السابق، يجب أن تنخفض أسعار الفحم الروسي.
ومنذ وصولها إلى الذروة في يونيو/حزيران 2023 عند أكثر من 10 ملايين طن، تراجع حجم الصادرات الشهرية من الفحم الروسي إلى الصين.
وفي مقابل الواردات من الدول الأخرى، أصبح الفحم الروسي أقلّ جاذبية وتنافسية، وهو وضع ربما يفاقمه استئناف فرض رسوم الاستيراد.
وتضيف الرسوم الجديدة وتراجع حجم الشحنات، عقبة إضافية في طريق صادرات الفحم الروسي إلى الصين، بعدما فرضت موسكو ضريبة أخرى على المبيعات الخارجية للمساعدة في تمويل الحرب على أوكرانيا.
في المقابل، لن يجد منافسو موسكو في الصين -مثل أستراليا وإندونيسيا- مثل تلك العقبات؛ بسبب اتفاقيات التجارة الحرة المُبرمة مع بكين.
ولدى الصين وفرة في إمدادات الفحم الحراري، إلّا أنها تفتقر عمومًا إلى الفحم المستعمل لصناعة الصلب، وهو ما سيساعد في الحد من تأثير الرسوم الجديدة بالواردات من تلك الدول.
صادرات الفحم الروسي إلى الصين في 2023
ارتفعت صادرات الفحم الروسي إلى الصين خلال العام المنصرم 2023 إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق.
وقفزت الإمدادات بمقدار 1.5 ضعفًا، إلى أكثر من 100 مليون طن، بحسب تقرير نشره موقع "ذا كول هب" (thecoalhub)، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وبحسب التقديرات الأولية، بلغ حجم الصادرات الروسية إلى الصين في المجمل 104 ملايين طن بزيادة 42.8% على أساس سنوي.
وضاعفت الصين واردات الفحم في 2023 بسرعة قياسية إلى 416 مليون طن، بزيادة 41.9% على أساس سنوي، وارتفعت حصة روسيا من تلك التدفقات إلى 25%.
وتعهَّد الرئيس الصيني شي جين بينغ بخفض حصة الفحم في مزيج الطاقة بدءًا من عام 2026، تحقيقًا لأهداف خفض انبعاثات الكربون، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2060.
من جانبها، تقول السلطات، إنها قد أوقفت محطات بقدرات مجمّعة تصل إلى 70.45 غيغاواط خلال السنوات العشر الماضية.
لكن تصاريح إنشاء محطات الفحم الجديدة في الصين شهدت قفزة مفاجئة، بعدما سمحت بكين ببناء محطات جديدة يفوق عددها تلك الصادرة في عام 2021 بأكمله، وفق بيانات منظمة غرينبيس (Greenpeace).
اضف تعليق