أدت أزمة تكاليف معيشة تشهدها الدولة العضو في مجموعة السبع التي تعد سادس قوة اقتصادية في العالم وغذّاها ارتفاع معدّل التضخم إلى مواجهة العديد من البريطانيين صعوبات في تأمين مستلزماتهم في ظل ارتفاع فواتير المواد الغذائية والطاقة والإيجارات والرهون العقارية. وصل التضخم إلى أعلى مستوى منذ 41 عاما...
الفقر أصبح مترسخاً في بريطانيا الحديثة، وأن نقص المال ليس سوى واحد من عدة دوافع للحرمان، بالإضافة إلى التفكك الأسري، والإدمان، والبطالة، والديون الشخصية الخطيرة، والفشل التعليمي.
وازداد التشرّد في ريف انكلترا بنسبة 40 في المئة خلال خمس سنوات إذ بات كثر ينامون في العراء أو تحت خيام أو في مراكز إيواء مؤقتة.
وهناك أكثر من مليون شخص في إنجلترا يعيشون في جيوب من الصعوبات الخفية، مما يعني أنهم قد يفقدون المساعدة الحيوية لأن فقرهم يخفيه جيرانهم الأفضل حالا.
وسُجل في بريطانيا ارتفاع بنسبة 19,6 بالمئة في معدل فقر الأطفال، أو نصف مليون طفل إضافي، وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإن أكثر من ربع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و15 عاماً سيعانون من اضطراب في الصحة العقلية بحلول عام 2030.
التضخم يغذي التشرد
أدت أزمة تكاليف معيشة تشهدها الدولة العضو في مجموعة السبع التي تعد سادس قوة اقتصادية في العالم وغذّاها ارتفاع معدّل التضخم إلى مواجهة العديد من البريطانيين صعوبات في تأمين مستلزماتهم في ظل ارتفاع فواتير المواد الغذائية والطاقة والإيجارات والرهون العقارية.
وصل التضخم إلى أعلى مستوى منذ 41 عاما في تشرين الأول/أكتوبر 2022 عندما بلغ 11,1 في المئة. وبينما تراجع ليسجّل 3,9 في المئة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تشير جمعيات خيرية إلى مجموعة من العوامل، لا سيما خفض الإعانات الاجتماعية في العقد الأخير ونقص السكن، فاقمت أزمات مثل عدم التمكن من تغطية كلفة شراء المواد الغذائية والتشرّد.
وأفادت جمعية CPRE (مجلس حماية ريف انكلترا) التي تدافع عن توفير مساكن بأسعار معقولة في الريف، بأن التشرّد في المناطق الريفية ارتفع من 17212 حالة عام 2018 إلى 24143 في 2023، فيما بقيت الأجور على حالها وارتفعت تكاليف السكن في العديد من المناطق.
وذكرت بأن "الازدياد الحاد في التشرّد في الأرياف يكشف تأثير أسعار المنازل القياسية وقوائم الانتظار الضخمة للحصول على سكن اجتماعي (ميسور التكلفة) وازدهار تأجير المنازل للسياح والتأجير لفترات قصيرة، على أرض الواقع".
وذكرت الجمعية بأن السلطات المحلية في 12 منطقة في أنحاء انكلترا مصنّفة على أنها ريفية بمعظمها، سجّلت معدلات تشرّد أعلى من تلك المسجّلة على الصعيد الوطني بلغت 15 شخصا من كل 100 ألف.
وسجلت بوسطن الواقعة شمال شرق لندن البلدة الريفية في انكلترا التي سجّلت أكبر نسبة تشرّد، وفق الجمعية الخيرية.
وقالت إنها سجّلت 48 شخصا لكل 100 ألف ينامون في العراء في البلدة في أيلول/سبتمبر 2023، وهو آخر شهر تتوفر بيانات بشأنه.
وحلّت بيدفورد الواقعة شمال لندن بعد بوسطن (38 من كل 100 ألف) ومن ثم شمال ديفون في جنوب غرب انكلترا (29 من كل 100 ألف).
وذكرت الجمعية بأنه "بخلاف أولئك في المناطق الحضرية، يبقى الأشخاص الذين ينامون في العراء في الأرياف عادة بعيدين عن الأنظار، إذ يخيمون في الحقول أو يلجأون إلى أبنية في المزارع".
وتابعت "تعد فرصهم في الوصول إلى خدمات الدعم أقل أيضا. يعني ذلك أن التحليل الذي يستند إلى بيانات الحكومة نفسها يقلل بالتأكيد تقريبا من حجم الأزمة".
لفتت الجمعية إلى أن 300 ألف شخص ينتظرون الحصول على سكن اجتماعي في ريف انكلترا حيث يبلغ معدّل ثمن المنزل حوالى 420 ألف جنيه إسترليني (535 ألف دولار).
في الأثناء، رجّحت جمعية "شيلتر" Shelter الخيرية بأن مستويات التشرّد في أنحاء انكلترا ستكون أعلى على الأرجح بنسبة 14 في المئة مما كانت عليه العام الماضي.
وقدّرت بأنه في أي ليلة من العام 2023 كان هناك نحو 309,550 شخصا يعانون من شكل من أشكال التشرّد، معظمهم في مساكن مؤقتة.
ويعد العدد أكبر من ذاك الوارد في تقريرها السنوي للعام 2022 والذي بلغ 271,421.
حمّلت الجمعية وضع الطوارئ المرتبط بالسكن مسؤولية الأزمة وحذّرت من أن العدد الفعلي قد يكون أعلى نظرا إلى وجود "تشرّد خفي" مثل اللجوء للسكن مع أقارب أو أصدقاء.
وذكرت أكبر شبكة تقدّم المعونات الغذائية في المملكة المتحدة "تراسل تراست" الشهر الماضي بأن عدد السلل الغذائية الموزّعة على المحتاجين ارتفع إلى "مستويات غير مسبوقة" في ظل انتشار الفقر في أنحاء البلاد.
وأوضحت بأنها قدّمت 1,5 مليون سلة غذائية بشكل عاجل بين نيسان/أبريل و أيلول/سبتمبر 2023، في زيادة بنسبة 16 في المئة عن العام 2022. وهو عدد يعد الأكبر على الإطلاق الذي توزعه في هذه الفترة من أي عام.
وقالت "هذا أكبر عدد من السلل الغذائية التي تعيّن علينا توزيعها في فترة ستة أشهر".
وأضافت "نتوقع بأن يكون هذا الشتاء الأسوأ على الإطلاق".
الفقر في العصر الفيكتوري
تهدد الظروف الاقتصادية في المملكة المتحدة الفئة الأكثر حرماناً، والذين يعتبرون الآن ليسوا أفضل حالاً مما كانوا عليه منذ 15 عاماً ماضية، وفقاً لتقرير جديد كشف عن فجوة متزايدة الاتساع بين الطبقات ممن يستطيعون تدبر أمورهم وأولئك العالقين في القاع.
الاستنتاج القاتم حول عدم المساواة في أحد أغنى الاقتصادات في العالم يأتي من مركز العدالة الاجتماعية، وهو مركز أبحاث مستقل أدى عمله السابق إلى إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية في بريطانيا وإدخال الائتمان الشامل، وهو عبارة عن دفعة حكومية شهرية للأشخاص ذوي الدخل المنخفض.
التقرير المؤلف من 300 صفحة، يعد أحدث دليل على أن الركود الاقتصادي في المملكة المتحدة جعل من الصعب للغاية معالجة الفقر، إذ أدت أزمة تكلفة المعيشة إلى تفاقم الصعوبات التي يعاني منها الأشخاص الأقل ثراءً في المجتمع. بحسب سي ان ان.
وقالت صوفيا وورينجر، نائبة مدير السياسات في مركز العدالة الاجتماعية، يوم الاثنين، خلال حفل إطلاق التقرير «لقد اكتشفنا أمة من نصفين».
وأضافت «يمكن لعامة الناس أن يتدبروا أمورهم المادية، لكن هناك هذه المجموعة من الأشخاص الذين تتسم حياتهم بالتفكك الأسري واعتلال الصحة الجسدية والعقلية؛ الذين يعيشون في مجتمعات مليئة بالجريمة، ويواجهون عوائق متعددة أمام العمل».
ويحذِّر مركز الأبحاث من أن المملكة المتحدة تخاطر «بالانزلاق مرة أخرى إلى دولتي العصر الفيكتوري، هذا العصر الذي تميز بفجوة آخذة في الاتساع بين المجتمع السائد والطبقة الدنيا المنكوبة بالفقر».
كان العصر الفيكتوري، الذي استمر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فترة اتسمت بعدم المساواة الاجتماعية الشديدة، إذ واجهت الطبقة العاملة ظروفاً معيشية قاسية، مع قلة فرص الحصول على المياه النظيفة والغذاء والصرف الصحي، وذلك مع فرصة ضئيلة جداً لتحسين حياتهم.
ويخلص التقرير إلى أن الفقر أصبح «مترسخاً» بالمثل في بريطانيا الحديثة، ويرى أن نقص المال ليس سوى واحد من عدة دوافع للحرمان، ويُشار إلى التفكك الأسري، والإدمان، والبطالة، والديون الشخصية الخطيرة، والفشل التعليمي كأسباب رئيسية أخرى.
بلغ متوسط الأجر في الساعة للموظفين بدوام كامل في المملكة المتحدة 17.48 جنيه إسترليني في عام 2023، مقارنة بـ16.40 جنيه إسترليني في العام السابق، في بداية هذه الفترة الزمنية المذكورة، وفي عام 1997، كان متوسط الأجر في الساعة في المملكة المتحدة 7.92 جنيه إسترليني، وارتفع إلى أكثر من 10 جنيهات في الساعة بحلول عام 2003، وأكثر من 15 جنيهاً في الساعة بحلول عام 2020.
في المملكة المتحدة، من المتوقع من أصحاب العمل أن يدفعوا لموظفيهم الحد الأدنى للأجور الذي يتم تحديده حسب عمرهم، على سبيل المثال، كان الحد الأدنى للأجور لمن تقل أعمارهم عن 18 عاماً هو 5.28 جنيه إسترليني في عام 2023، مع زيادة الرقم إلى 7.49 جنيه إسترليني لمن تتراوح أعمارهم بين 18 و20 عاماً، و10.18 جنيه إسترليني لمن تتراوح أعمارهم بين 21 و22 عاماً، و10.42 جنيه إسترليني لمن تبلغ أعمارهم 23 عاماً فما فوق.
هناك أيضاً أجر معيشي مدفوع الأجر طوعاً، ويمكن لأصحاب العمل اختيار دفع أجور عمالهم، بالنسبة للسنة المالية 2023-2024 بلغ هذا المبلغ 12 جنيهاً إسترلينياً في الساعة، وارتفع إلى 13.15 جنيه إسترليني في الساعة للعمال المقيمين في لندن.
وعلى الرغم من هذه القواعد التي تحرص على زيادة الأجور على مدار الأعوام لمن يعملون بدوام كامل في المملكة المتحدة، تظل نسبة كبيرة من الشعب البريطاني تعيش في فقر مدقع.
ويعتمد التحليل الحديث على دراسة استقصائية شملت 6000 شخص، أكثر من نصفهم من المجتمعات الأكثر فقراً، وقام الباحثون أيضاً باستطلاع آراء أكثر من 350 مؤسسة خيرية صغيرة ومؤسسات اجتماعية وخبراء، سافروا إلى أكثر من 20 بلدة ومدينة في المملكة المتحدة.
تقول مقدمة التقرير التي وقعها ميرفين كينج، محافظ بنك إنجلترا السابق، من بين آخرين: «بالنسبة للكثيرين، بريطانيا محطمة، والفجوة بين من يملكون ومن لا يملكون معرضة لخطر التحول إلى هوة».
ووجد التقرير أن متوسط الأجور الأسبوعية في بريطانيا ظل راكداً منذ الأزمة المالية عام 2008، عند تعديلها حسب التضخم، لا تزال الأجور عند الحد الأدنى منخفضة، اعتباراً من شهر سبتمبر، إذ كان 38 في المئة من الأشخاص الذين يطالبون بالائتمان الشامل يعملون أيضاً، ما يعني أن أرباحهم ليست كافية لتغطية نفقاتهم.
وقال وورينجر إن العمل غالباً ما يكون غير آمن بالنسبة لهؤلاء الأفراد وذا نوعية رديئة، «إن عدم استقرار العمل المتاح بالمقارنة مع استقرار المزايا يجعل الذهاب إلى العمل لا يستحق العناء بالنسبة للبعض».
كارثة الإغلاق في جائحة كورونا
ويخلص التقرير أيضاً إلى أن عمليات الإغلاق أثناء جائحة كورونا أدت إلى تفاقم الدوافع الرئيسية للفقر وكان لها «تأثير كارثي على النسيج الاجتماعي للبلاد».
أثناء عمليات الإغلاق، ارتفعت المكالمات إلى خطوط المساعدة الخاصة بالعنف المنزلي بنسبة 700%؛ وانتشرت مشاكل الصحة العقلية لدى الشباب من واحد من كل تسعة إلى واحد من كل ستة؛ وقفز الغياب المدرسي الشديد إلى 134 في المئة؛ وبحسب التقرير، حصل 1.2 مليون شخص آخر على مدفوعات الرعاية الاجتماعية.
كما ارتفعت الوفيات الناجمة عن التسمم بالكحول، التي كانت تنخفض قبل الوباء، منذ تفشي مرض كوفيد-19 على نطاق واسع.
وقال وورينجر: «أولئك الذين تخلفوا عن الركب ما زالوا يعانون من تأثير جائحة كوفيد-19»، «لم تعد الحياة بالنسبة لهم إلى طبيعتها أبداً، ولا تزال ندوب ذلك الوقت محسوسة بعمق».
وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإن أكثر من ربع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و15 عاماً سيعانون من اضطراب في الصحة العقلية بحلول عام 2030، ولو لم يحدث الوباء وعمليات الإغلاق المرتبطة به أبداً، لكانت هذه النسبة أقل من الخمس.
وقال وورينجر إن مؤلفي التقرير سيطرحون «مجموعة طموحة من التوصيات السياسية» في الربيع المقبل لمعالجة «الأسباب الجذرية للفقر»، وأضافت أنه بدون استراتيجية للقيام بذلك، فإن «مستقبلنا يبدو سيئاً للغاية».
كما وجد تقرير نشرته مؤسسة القرار، وهي مؤسسة فكرية، الأسبوع الماضي، أن التفاوت في الدخل في بريطانيا أعلى من أي دولة أوروبية كبيرة أخرى، وقال التقرير إن «المزيج السام من النمو البطيء وارتفاع عدم المساواة كان يضغط على مستويات المعيشة في بريطانيا ذات الدخل المنخفض والمتوسط قبل وقت طويل من حدوث أزمة تكلفة المعيشة».
ووجد هذا التقرير أن الأجور المعدلة حسب التضخم في بريطانيا ظلت ثابتة منذ عام 2007، ما كلف العامل العادي 10700 جنيه إسترليني (13500 دولار) سنوياً في ظل غياب نمو الأجور.
أكثر من مليون شخص يعيشون فقرا خفيا
وفي سياق متصل كشف تحليل جديد أن أكثر من مليون شخص في إنجلترا يعيشون في جيوب من الصعوبات الخفية، مما يعني أنهم قد يفقدون المساعدة الحيوية لأن فقرهم يخفيه جيرانهم الأفضل حالا، وفقا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
ووجدت الدراسة أن الأقليات العرقية من المرجح أن تجد نفسها عالقة في هذه المناطق الصغيرة التي تعاني من الحرمان الشديد، وهو ما لا تظهره التدابير الحالية التي تستخدمها الحكومات المحلية والوطنية لاستهداف تمويل مكافحة الحرمان.
وتؤثر هذه الصعوبات الخفية على ما يقدر بنحو 1.3 مليون شخص، وفقا لبرنامج بحثي تموله الحكومة وأعده جغرافيون في جامعة كوينز في بلفاست. وتشمل الأمثلة الأكثر حدة جيوباً في أيلزبري ولندن وأكسفورد ومانشستر، حسبما يظهر التحليل الذي أجرته صحيفة الجارديان.
ردًا على النتائج، قال متحدث باسم وزارة التسوية والإسكان والمجتمعات: "نحن ملتزمون بتحويل نهجنا تجاه البيانات حتى يكون لدينا المعلومات الصحيحة لاتخاذ قرارات أفضل وتوجيه الأموال إلى حيث تشتد الحاجة إليها".
ويُعد نحو 220 ألف باكستاني ونحو 200 ألف بنجلادشي من بين شريحة الـ10% الأكثر حرمانا من السكان، لكنهم لا يعيشون في مناطق مصنفة حاليا على هذا النحو.
وتقف موجات التحسين العمراني وراء هذه الظاهرة في العديد من المناطق، مما يعني أن ثروة الوافدين قد حجبت حقيقة المساكن الضيقة، واعتلال الصحة، وانخفاض التحصيل التعليمي، وارتفاع معدلات البطالة لدى الآخرين.
وأنشأ الباحثون مؤشرًا جديدًا لحرمان المجموعات العرقية (EGDI) من خلال البحث في ملايين الإجابات على التعداد السكاني لعام 2021. وقالوا إنها كشفت عن "تفاوتات جغرافية صارخة بين المجموعات العرقية" التي تعيش على مقربة من بعضها البعض.
وقال البروفيسور كريستوفر لويد من جامعة كوينز، الذي ساعد في قيادة البحث كجزء من مشروع بقيمة مليون جنيه إسترليني مع فريق من الأكاديميين الدوليين: "بدون هذا الدليل، يمكن أن تعيش بعض المجتمعات دون دعم أساسي لتحسين آفاقها في الحياة". "لقد تلقينا طلبات من السلطات المحلية لمشاركة هذه البيانات والتخطيط لدعمها في استخدامها لتطوير سياسات فعالة تستهدف الأشخاص والأماكن الأكثر احتياجًا."
على سبيل المثال، في شبه جزيرة ليموث في تاور هامليتس ــ حيث تصنفها تدابير الحرمان القائمة ضمن أقل 10% من الأحياء حرماناً في البلاد ــ هناك مجتمع من الصينيين الذين يعدون من بين شريحة الـ 10% الأكثر حرمانا.
وفي إحدى مناطق ضاحية كوفنتري فينهام، والتي تُصنف من بين المناطق الأقل حرمانًا في إنجلترا، توجد أسر من خلفيات أفريقية تعد مستويات حرمانها من بين الأسوأ على مستوى البلاد.
البريطانيون أفقر من الفرنسيين
وأيضا وجدت دراسة اخرى أن مرور أكثر من عقد على الركود الاقتصادي، أدى إلى جعل الأسر البريطانية أفقر بنسبة 25٪ من نظيراتها في دول مثل، فرنسا وألمانيا.
وتظهر الدراسة، التي أجرتها مؤسسة Resolution ومركز الأداء الاقتصادي في كلية لندن للاقتصاد، أن مستويات المعيشة في المملكة المتحدة أقل بنسبة 3٪ من ذروتها في عام 2020، وتستمر في الانخفاض.
وجاء في التقرير: "إذا نجحت بريطانيا في سد فجوة متوسط الدخل وعدم المساواة مع نظيراتها في أستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا وهولندا، فإن الأسرة النموذجية ستكون أفضل حالا بنسبة 25%، أو ما يعادل 8300 جنيه إسترليني (حوالي 10500 دولار)، مع مكاسب في الدخل تبلغ 37% للأسر الأشد فقرا".
ودعا الباحثون إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لزيادة الإنتاجية من خلال تقليص فجوة الثروة بين المدن البريطانية، ودعم صادرات الخدمات وتعزيز الاستثمار العام.
وكشفت الدراسة أن "المملكة المتحدة شهدت الآن 15 عاما من التراجع النسبي، مع نمو الإنتاجية بنصف المعدل الذي شهدته الاقتصادات المتقدمة الأخرى".
وكانت بريطانيا تلحق بدول أكثر إنتاجية مثل فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة في التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كما توضح دراسة "استقصاء الاقتصاد 2030"، لكنها تخلفت في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مع انخفاض الأداء النسبي منذ ذلك الحين.
وحسبت الدراسة أن الانكماش كلّف العامل العادي في بريطانيا 10700 جنيه إسترليني (حوالي 13570 دولارا) سنويا من الدخل المفقود، بسبب بطء وتيرة نمو الأجور الحقيقية، مع وجود حوالي تسعة ملايين موظف أصغر سنا لم يعملوا مطلقا في اقتصاد يشهد ارتفاعا مستمرا في متوسط الأجور.
واقترحت الدراسة أن ترفع الحكومة الإنفاق الرأسمالي إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي لسد فجوة مستويات المعيشة مع نظيراتها الأوروبية، وأن تبدأ في زيادة التمويل من خلال المدخرات المحلية وليس الاقتراض من الخارج.
وخلص التقرير إلى أنه "لو كان الاستثمار التجاري في المملكة المتحدة يضاهي متوسط فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة منذ عام 2008، لكان الناتج المحلي الإجمالي أعلى بنسبة 4٪ تقريبا اليوم، ما يؤدي إلى زيادة الأجور بنحو 1250 جنيها إسترلينيا سنويا".
طفل فقير من كل خمسة في الدول الغنية
من جهة اخرى يعيش69 مليون طفل، أو أكثر من واحد من كل خمسة أطفال، في الفقر في أغنى دول العالم الأربعين، على ما قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في تقرير، منتقدة بريطانيا وفرنسا خصوصا بسبب معدلاتهما السيئة.
يأتي ذلك رغم تراجع معدلات الفقر في صفوف الأطفال خلال الفترات بين 2012 و 2014 وبين 2019 و2021 بحوالى 8 بالمئة في دول الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي البالغ عددها 40 والتي شملها البحث. وقالت يونيسف إينوسنتي، دائرة الأبحاث التابعة للوكالة الأممية، إن ذلك "يوازي نحو ستة ملايين طفل من مجموع عدد الأطفال البالغ 291 مليونا".
لكن في نهاية 2021 كان أكثر من 69 مليون طفل يعيشون في فقر في تلك الدول.
وقال بو فيكتور من يونيسف إينوسنتي "بالنسبة لمعظم الأطفال هذا يعني أنهم قد يكبرون من دون ما يكفي من الطعام المغذي أو الملابس أو اللوازم المدرسية أو مكان دافئ يعتبرونه منزلاً".
ويستند رقم اليونيسف إلى الفقر النسبي، الذي يشكل حوالى 60 بالمئة من متوسط الدخل القومي، والذي غالبا ما يستخدم في البلدان المتقدمة لتحديد مستويات الفقر لديها.
ودعا التقرير إلى التحرك لضمان رفاهية الأطفال والتحلي بالإرادة السياسية بين الدول المشمولة بالاستطلاع، مؤكدا على أن ثراء دولة ما لا يُخرج تلقائيا أطفالها من براثن الفقر.
منذ 2012 رُصدت أكبر انتكاسات في بعض الدول الأكثر ثراء.
وسُجل في بريطانيا ارتفاع بنسبة 19,6 بالمئة في معدل فقر الأطفال، أو نصف مليون طفل إضافي، فيما ارتفع معدل فرنسا بنسبة 10,4 بالمئة.
وفي الولايات المتحدة تراجع عدد الأطفال الفقراء بنسبة 6,7 بالمئة، لكن لا يزال أكثر من طفل من كل أربعة يعيش في فقر نسبي.
وكان معدل الفقر في الولايات المتحدة في 2019-2021 أعلى بمرتين مقارنة بالدنمارك حيث يبلغ دخل الفرد معدلات مماثلة.
وأكد التقرير العلاقة بين فقر الأطفال وانعدام المساواة الاقتصادية، وسلط الضوء على زيادة مخاطر الفقر بالنسبة لأطفال من أسر ذات معيل الواحد وممن ينتمون لأقليات.
في الولايات المتحدة يعيش 30 بالمئة من الأطفال السود و29 بالمئة من أطفال السكان الأميركيين الأصليين تحت العتبة الوطنية للفقر، مقارنة بطفل من كل عشرة من الأطفال البيض من غير أصول أميركية لاتينية.
في الاتحاد الأوروبي يكون الطفل الذي لا يحمل والداه إحدى جنسيات دول الاتحاد الأوروبي أكثر معرضا للعيش في فقر بنحو 2,4 مرة.
اضف تعليق