دورات الانتعاش والكساد في أسواق السلع الأولية تتسبب في اختلال كبير في التقدم المحرز في الاقتصادات النامية لاسيما البلدان الأشدّ فقراً. إذ لا يزال الكثير منها يعتمد اعتماداً مفرطاً على تصدير بضع أنواع من السلع الأولية. وتمثل الأزمات المستمرة جرس إنذار للحكومات لتجديد جهودها الرامية إلى تقييم رأسمالها...
قالت دراسة جديدة صدرت اليوم للبنك الدولي إن جائحة كورونا، والحرب في أوكرانيا، والآثار الناجمة عن تغيّر المناخ تتسبب حالياً في إعادة تشكيل أسواق السلع الأولية العالمية على نحو دائم - وهو تحوّل يُرجح أن تكون له تداعيات عميقة على اقتصادات البلدان النامية على مدى العقود القادمة.
تقدم الدراسة التي صدرت بعنوان "أسواق السلع الأولية: التطور والتحديات والسياسات" تحليلاً شاملاً هو الأول من نوعه - يغطي جميع السلع الأولية الرئيسية – عن كيفية تطور هذه الأسواق على مدى 100 عام الأخيرة والاتجاهات التي يُرجح أن تأخذها على مدى الثلاثين عاماً القادمة. ويتنبأ التقرير بأن النمو في الطلب العالمي الكلي على السلع الأولية سيشهد تراجعاً على الأرجح من جراء تباطؤ النمو السكاني ونضوج الاقتصادات النامية، وإن كان الطلب على بعض السلع الأولية سيرتفع على الأرجح.
علاوة على ذلك، من المرجح أن يكون التحول إلى استخدام الطاقة الأنظف صعباً، وأن يرتفع الطلب على المعادن اللازمة لإقامة البنية التحتية لمرافق الطاقة المتجددة ولإنتاج المركبات الكهربائية في العقود المقبلة، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المعادن وتحقيق مكاسب غير متوقعة للبلدان المصدرة لها. وعلى الرغم من الانخفاض السريع في تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة والتي باتت الأقل في العديد من البلدان، فإن الوقود الأحفوري سيحتفظ على الأرجح ببعض جاذبيته، وخاصة في البلدان التي لديها احتياطيات محلية وفيرة. وعلى المدى القصير، وفي ظل عدم كفاية الاستثمار في التكنولوجيات منخفضة الكربون - ثلث المستوى المطلوب فحسب، فإن الطلب على الطاقة قد يستمر في تجاوز جانب العرض، الأمر الذي يبقي الأسعار عند مستويات مرتفعة.
وتعليقا على ذلك، قال رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس: "في خضم الأزمات المتداخلة على مدى العامين الماضيين والتحوّل المستمر إلى خفض كثافة الكربون، تجري حالياً إعادة تشكيل أسواق السلع الأولية. وستكون لهذه التغيرات تداعيات كبيرة على النمو والجهود الرامية إلى الحد من الفقر في الاقتصادات النامية، وثلثاها من البلدان المصدّرة للسلع الأولية. ويتمثل أحد الأهداف السليمة في التحوّلات في أسواق السلع الأولية لتشجيع تحقيق نتائج جيدة على صعيد التنمية والاستدامة البيئية على حد سواء".
كما تلقي الدراسة الضوء الجديد على أسباب التقلبات في أسواق السلع الأولية والعواقب الناجمة عنها، وتكشف رؤى تبعث على القلق للبلدان المصدرة للسلع الأولية: حيث تخلص إلى أن زيادات الأسعار لا تؤدي إلى تعزيز النمو الاقتصادي بصورة جوهرية لفترة طويلة في البلدان النامية. ومن ناحية أخرى، تؤدي انخفاضات الأسعار في العادة إلى خفض معدلات النمو بدرجة كبيرة- ولعدة سنوات.
من جانبها، قالت ماري بانجيستو، المديرة المنتدبة لشؤون سياسات التنمية والشراكات بالبنك الدولي: "إن دورات الانتعاش والكساد في أسواق السلع الأولية تتسبب في اختلال كبير في التقدم المحرز في الاقتصادات النامية - لاسيما البلدان الأشدّ فقراً. إذ لا يزال الكثير منها يعتمد اعتماداً مفرطاً على تصدير بضع أنواع من السلع الأولية. وتمثل الأزمات المستمرة جرس إنذار للحكومات لتجديد جهودها الرامية إلى تقييم رأسمالها الطبيعي بأسلوب مستدام، وتنويع اقتصاداتها، والحد من تأثرها بصدمات أسعار السلع الأولية."
يظهر التحليل أن صدمات أسعار السلع الأولية تؤثر على مختلف البلدان المصدرة للسلع الأولية بطرق متمايزة، مما يبين ضرورة تصميم حلول السياسات بحيث تعكس الظروف الخاصة بكل بلد.
ويستطيع واضعو السياسات إدارة صدمات أسواق السلع الأولية بثلاث طرق على أقل تقدير:
أطر المالية العامة والأطر النقدية والتنظيمية: ينبغي للحكومات أن تطبق إطاراً للمالية العامة يستفيد من فترات ارتفاع الأسعار لتكوين احتياطيات يمكن استخدامها بسرعة في الأوقات العصيبة وحالات الطوارئ. ومن الضروري أن تكون نظم أسعار الصرف مرنة للعمل بفاعلية مع أطر واضحة للسياسات النقدية. وينبغي أن تتخذ الهيئات التنظيمية تدابير لمنع تراكم المخاطر المفرطة في القطاع المالي - لاسيما فيما يتعلق بتدفقات رأس المال الوافدة والديون المقوّمة بالعملات الأجنبية.
التدابير الرامية إلى تخفيف حدة دورات الانتعاش والكساد: عادة ما تلجأ الحكومات إلى تدابير الدعم أو الحماية التجارية للحد من آثار تحركات أسعار السلع الأولية على المستهلكين. وغالباً ما تحاول البلدان المصدرة للسلع الأولية التخفيف من تقلبات الأسواق من خلال التوصل إلى اتفاقات لتنظيم الإمدادات. ويبين التاريخ لنا أن هذه الجهود عادة ما تكون باهظة التكلفة وغير مجدية. وثمة نهج أفضل من ذلك هو اعتماد آليات للمخاطر تستند إلى عوامل السوق للحد من التعرض لتحركات الأسعار.
تنويع النشاط الاقتصادي: ينبغي للبلدان المصدرة للوقود الأحفوري أن تواصل تنويع اقتصاداتها، وذلك في ظل انخفاض الطلب على هذا الوقود على المدى الطويل. وستستفيد البلدان منخفضة الدخل التي تعتمد اعتماداً كبيراً على الصادرات الزراعية أيضاً من الإصلاحات التي تساعد على توسيع القطاعات الأخرى لاقتصادها. ويمكن مساعدة هذه الجهود من خلال بناء رأس المال البشري، وتشجيع المنافسة، وتدعيم المؤسسات، والحد من الدعم المشوه.
أسعار السلع الأولية ارتفعت خلال الربع الأول لعام 2022
تُعزى زيادة الأسعار إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا واستمرار النمو في الطلب والقيود المختلفة المفروضة على جانب العرض. وبالنسبة لمعظم السلع الأولية من المتوقع أن تشهد الأسعار زيادة كبيرة في 2022 عن مستوياتها في 2021 وأن تظل مرتفعة في الأمد المتوسط. وتتأثَّر آفاق أسواق السلع الأولية بشدة بمدة الحرب في أوكرانيا، وشدة التعطيلات في تدفقات السلع الأولية، وثمة احتمال قوي بأن تظل أسعار السلع الأولية مرتفعة لفترة طويلة.
روسيا وأوكرانيا من أكبر مُصدِّري كثير من السلع الأولية
تمثل روسيا وأوكرانيا بوجه خاص مصدراً مهماً لمنتجات الطاقة والأسمدة وعددٍ من الحبوب والمعادن. على سبيل المثال، تُعد روسيا أكبر مُصدِّر في العالم للغاز الطبيعي والنيكل والقمح، أمَّا أوكرانيا فهي أكبر مُصدِّر لزيت بذور عباد الشمس. وشهدت هذه السلع زيادات حادة في أسعارها في أعقاب بدء الحرب في أوكرانيا.
أسعار النفط الخام بلغت أعلى مستويات لها منذ 2013
بلغ متوسط سعر نفط خام برنت 116 دولارا للبرميل في مارس/آذار 2022، وهو أعلى مستوى له منذ 2013. ولقد بدأت الحرب في أوكرانيا في تعطيل صادرات روسيا من النفط. وأعلنت بضعة بلدان منها كندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة عن خطط لحظر استيراد النفط من روسيا أو تقليص وارداتها منه تدريجيا، وبدأ كثير من التجار يتجنبون شراء النفط الروسي. ومن المتوقع أن تبلغ أسعار النفط في المتوسط 100 دولار للبرميل في 2022 قبل أن تتراجع قليلا إلى 92 دولارا للبرميل في 2023.
الإنتاج النفطي لأوبك والمنتجين من خارجها لا يزال دون المستهدف
ارتفع الإنتاج من مجموعة المنتجين في منظمة أوبك وخارجها في الربع الأول لعام 2022 لكنه يقل نحو 1.4 مليون برميل يوميا عن المستوى المستهدف للمجموعة في مارس/آذار 2022. بالإضافة إلى انخفاضات طويلة الأمد للإنتاج في نيجيريا وأنغولا، هبط إنتاج روسيا في أعقاب بدء الحرب. ومع أن لدى بعض البلدان في مجموعة المنتجين من أوبك وخارجها فائضاً في الطاقة الإنتاجية مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة، فإن ثمة علامات على أن كثيرا من الأعضاء وصل بالفعل إلى طاقتها الإنتاجية القصوى.
في مارس/آذار 2022، بلغت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية تقريبا سبعة أمثال مستوياتها في مارس/آذار 2021، وفي الفترة نفسها زادت أسعار الفحم في جنوب أفريقيا ثلاثة أضعاف، وسجَّلت أسعار السلعتين أعلى مستويات لها على الإطلاق. وكان جزء كبير من الزيادة نتيجةً لحالات التعطل المتوقعة لصادرات روسيا من الغاز الطبيعي والفحم، لكن الأسعار كانت تشهد بالفعل صعودا في أعقاب جائحة كورونا مع انتعاش الطلب ونقص الإمدادات. وأدى صعود أسعار الغاز الطبيعي والفحم أيضا إلى ارتفاع تكلفة الأسمدة لأنهما يستخدمان كمستلزمات في تصنيع الأسمدة.
ارتفاع أسعار الأغذية في مارس/آذار
ارتفع مؤشر البنك الدولي لأسعار السلع الغذائية 14% في الربع الأول لعام 2022 عن الربع السابق، ويزيد نحو 20% عن مستواه قبل عام. وقد أذكى تعطل حركة التجارة وارتفاع تكلفة المدخلات هذا الصعود الذي شهد تسجيل أسعار بعض السلع الغذائية مستويات قياسية مرتفعة، مع زيادات كبيرة جدا في أسعار القمح. وكان لنقصان الإنتاج أيضا دور في صعود الأسعار لاسيما للقمح وفول الصويا التي يرجع ارتفاع أسعارهما جزئيا إلى هبوط غلة المحاصيل في أمريكا الجنوبية. ويُشكل ارتفاع أسعار الأسمدة مبعث قلق كبير لأسعار الأغذية في العام القادم.
أسعار بعض المعادن وصلت إلى أعلى مستويات لها على الإطلاق
ارتفعت أسعار المعادن كمجموعة 13% في الربع الأول لعام 2022 عن مستواها في الربع السابق. ووصلت أسعار بعض المعادن إلى أعلى مستويات لها على الإطلاق في مارس/آذار وسط مخاوف من تعطل إمدادات المعروض بينما بلغت المخزونات مستويات قياسية متدنية. وكانت الحرب في أوكرانيا أحد العوامل الرئيسية لتحركات أسعار الألومنيوم والنيكل، وأثَّرت أسعار الطاقة على الألومنيوم والزنك. وتُعد روسيا منتجا رئيسيا لبعض المعادن منها الألومنيوم والنيكل. وهذه المعادن مدخلات رئيسية في تقنيات الطاقة المتجددة مثل ألواح الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح. ولذلك، قد تؤدي زيادات أخرى للأسعار أو تعطيلات لإمدادات المعروض من هذه المعادن إلى جعل التحول في مجال الطاقة أكثر تكلفة.
صدمة عالمية لا مثيل لها في قطاع السلع الأولية
على مدار نحو 30 عاما، عزز التوسع في التجارة والاستثمار والابتكارات حقبة غير مسبوقة من الازدهار - وجعل العالم أقرب إلى استئصال الفقر المدقع. فقد سمح للدخول في أشد البلدان فقرا بتضييق الفجوة مع أكثر البلدان ثراء وقلل من تواتر الأزمات الاقتصادية الوطنية وحدتها.
لكن هذا التقدم اصطدم بأزمتين تعاقبتا سريعا. بالنسبة للبلدان النامية، اندلعت الحرب في أوكرانيا قبل أن تسنح لها فرصة الخروج من حالة الركود التي سببها فيروس كورونا - ومن الواضح بالفعل أن الأضرار الاقتصادية ستكون شديدة وطويلة الأمد على حد سواء. وأحدثت الحرب أكبر صدمة في أسعار السلع الأولية منذ السبعينيات. ومن المرجح أن تخصم نقطة مئوية كاملة من النمو العالمي في عام 2022.
كما أدت الحرب إلى تغيير الأنماط العالمية للتجارة، والإنتاج، واستهلاك السلع الأولية على النحو الذي قد يبقي الأسعار مرتفعة لسنوات. ويحجم الكثير من البلدان عن شراء الفحم والنفط من روسيا وتبحث عن بدائل في أماكن بعيدة. ويمكن لمستوردي الفحم الرئيسيين الآخرين تقويض ذلك من خلال التخلي عن الموردين الحاليين والتحول إلى روسيا. وقد تكون النتيجة زيادة مسافات النقل مما يجعل التحول مكلفا، نظرا لارتفاع تكلفة نقل الفحم. وقد بدأت عمليات تحول مماثلة في قطاعي النفط والغاز.
وستكون لهذه التطورات تداعيات وخيمة خاصة على أفقر بلدان العالم. إذ تلتهم أسعار الغذاء والطاقة المرتفعة حصة أكبر من دخل الأسر الفقيرة مقارنة بالأسر الأكثر ثراء. ومعظم البلدان الفقيرة تستورد النفط، وبالتالي سيضغط ارتفاع أسعار الطاقة على الموازنات الحكومية التي استنزفتها بالفعل أزمة فيروس كورونا. في الوقت نفسه، يمكن أن يؤدي الارتفاع الكبير في أسعار الأسمدة - وبعضها عند مستويات لم نشهدها منذ عام 2008 إلى تقليل استخدامها. والنتيجة: تقلص المحاصيل الزراعية والمزيد من الانخفاض في توافر الغذاء.
ويمكن لصدمات أسعار السلع الأولية أن تغير أنماط الإنتاج والاستهلاك بطرق مفيدة. فبعد صدمة عام 1973، على سبيل المثال، ارتفعت متطلبات كفاءة استخدام الوقود بالنسبة للسيارات في الولايات المتحدة بشكل ملحوظ من 13 ميلا للجالون إلى 20 ميلا للجالون بحلول عام 1990. كما وضع المشرعون الأمريكيون لوائح تحظر استخدام النفط الخام في توليد الكهرباء. وفي كلتا الحالتين، كان الأثر هو الحد من الطلب على الطاقة مرتفعة الأسعار مع الإسهام في الوقت نفسه في بيئة أنظف. وبشكل عام، تصدت أغلب البلدان لصدمات النفط في سبعينيات القرن العشرين من خلال إيجاد السبل اللازمة لخفض الطلب على النفط، أو تعزيز الإنتاج، أو التحول إلى سلع الطاقة البديلة.
لكن تنفيذ مثل هذه الخيارات اليوم سوف يكون أكثر صعوبة. فأولا، أصبحت الفرص المتاحة حاليا أمام الحكومات للتحول إلى بدائل أرخص للطاقة أقل مما كانت عليه في السبعينيات: فقد زادت الأسعار بوجه عام، الأمر الذي أثر على مختلف أنواع الوقود. وثانيا، كان استهلاك النفط كحصة من إجمالي الناتج المحلي العالمي وإجمالي الإنفاق الاستهلاكي أقل مما كان عليه في السبعينيات وخاصة في البلدان المتقدمة. ونتيجة لهذا من غير المرجح أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى كبح الطلب على الطاقة. ثالثا، كانت استجابة الحكومات حتى الآن تتلخص في خفض الضرائب على الوقود أو دعم الوقود. وبصرف النظر عن فوائدها المؤقتة، من المرجح أن تعمل مثل هذه السياسات على إطالة أمد الأزمة من خلال زيادة الطلب على الطاقة.
ومن المرجح أيضا أن يسفر استمرار ارتفاع أسعار الطاقة عن إلحاق الضرر بهدف إنمائي عالمي آخر بالغ الأهمية هو التحول إلى الطاقة النظيفة الضروري من أجل التصدي لتغير المناخ. وتعتزم بعض البلدان تعزيز إنتاج الطاقة المتجددة وخفض الوقود الأحفوري كثيف الكربون مثل الغاز، لكن مثل هذه المشروعات تحتاج وقتا طويلا حتى تؤتي ثمارها. لكن في الوقت ذاته، اختارت عدة بلدان زيادة إنتاج واستخدام أنواع الوقود الأحفوري الأرخص ثمنا. فالصين، مثلا، تعتزم زيادة إنتاج الفحم بمقدار 300 مليون طن — وهو ما يعادل 8% من المستويات الحالية.
إن التغلب على أي أزمة عالمية يتطلب تعاونا عالميا، من ذلك النوع الذي ساد طيلة العقود الثلاثة الماضية والذي تستفيد منه بشكل أكبر البلدان الأصغر والأكثر فقرا. وربما تكون الحرب قد قلبت الكثير من الحوافز التقليدية لمثل هذا التعاون رأسا على عقب، ولكن لا يزال بإمكان الحكومات في كل مكان تقليل الضرر الذي يلحق بالمواطنين الأولى بالرعاية- وبالاقتصاد العالمي.
وهناك خمسة إجراءات من شأنها أن تساعد بشكل كبير:
أولا، تشجيع استجابة قوية على جانب المعروض من الحبوب، وزيوت الطعام، والأسمدة من خلال إصلاح سياسات زيادة الإنتاجية، وترشيد الإعانات الزراعية، وتسهيل التجارة. وتتمثل استجابة الأسواق لارتفاع الأسعار في زيادة العرض، وفي كثير من الحالات يستغرق ذلك شهورا وليس سنوات.
ثانيا، تعزيز برامج شبكات الأمان الموجهة مثل التحويلات النقدية، وبرامج التغذية المدرسية، وبرامج الأشغال العامة. ويمكن أن تقطع هذه التدابير شوطا طويلا في حماية الأسر الفقيرة من آثار ارتفاع الأسعار - وهي استخدام أفضل للموارد من الدعم. وفي حالة ضرورة استخدام الدعم، يجب التشديد على أنه سيكون محدودا ومؤقتا.
ثالثا، مقاومة إغراء فرض قيود على استيراد وتصدير المواد الغذائية. فنحن ندرك جيدا من واقع خبراتنا مع أزمات الغذاء السابقة أنها لا تزيد المشكلة إلا سوءا.
رابعا، اغتنام كل فرصة سانحة لتعزيز التعاون الدولي لتحسين شفافية السوق وتنسيق الاستجابة على صعيد السياسيات.
وأخيرا، العمل على زيادة الاستثمارات في كفاءة استخدام الطاقة والطاقة المتجددة، وخاصة عزل المباني وحمايتها من عوامل الطقس بهدف الحماية من البرد والحرارة على حد سواء. ومن الممكن أن تساعد مثل هذه السياسات في تحقيق أهداف المناخ وخفض التكاليف التي تتحملها الأسر. وسوف تعمل أيضا على تحسين أمن الطاقة في الأمد الطويل.
وعلى مدى العامين الماضيين، لم تترك سلسلة من الأزمات المتداخلة للحكومات في مختلف أنحاء العالم مجالا كبيرا للمناورة ولا مجالا للخطأ. وقد تحدد الخيارات التي يتخذها واضعو السياسات خلال العام المقبل المسار الذي سيسلكه العقد القادم. وحري بهم ألا يدخروا أي جهد لزيادة النمو الاقتصادي في الداخل، والتصدي لأي إجراءات قد تضر بالاقتصاد العالمي.
اضف تعليق