ضرورة تبني معايير موضوعية ترتكز على الصفات المهنية والقدرات الشخصية والانجاز الأكاديمي والخبرة التربوية والقدرة على اقتراح وتطوير أساليب جديدة في التعليم والتدريس وقيادة الصف الدراسي وتحسين البيئة التعليمية والتحفيز الإيجابي والبناء الفعال للشخصية التربوية في تكليف المرشحين لقيادة الاعمال التربوية والتعليمية...
يعد اختيار القائد الفعال من الأهمية بمكان، أدركته الأمم والشعوب منذ القدم؛ اذ شهدت تجارب العديد من الدول نجاحاً وفشلاً بسبب اختياراتها التاريخية لقادتها الكبار. والقرآن الكريم زاخر بالأمثلة الكثيرة على أسس ونتائج هذه الاختيارات؛ كما في قصة سيدنا نبي الله موسى عليه السلام مع فرعون، اذ ان فرعون قاد قومه وامته الى الضلال وسوء العاقبة (واضل فرعون قومه وما هدى). اما قرار النبي موسى عليه السلام باختيار القادة التي تمثل بني إسرائيل؛ فقد اختار سبعين رجلاً من قومه لميقات ربنا سبحانه وتعالى ليعتذروا الى الله من عبادة العجل الا انهم لم يكونوا أحسن حالا ممن مثلوهم اذ طلبوا من نبيهم ومن الله سبحانه وتعالى مالا يصح، فأخذتهم الرجفة.
وقد ذكر المؤرخ الإنكليزي البارز ادوارد جيبون في كتابه انهيار الإمبراطورية الرومانية وسقوطها ان اقوى طعنة تلقاها "يوليوس قيصر" كانت من صديقه المقرب "بروتس" والذي كان يعده اخاً صغيراً له ورفيقاً لمشواره الطويل حتى قال عبارته الشهيرة حتى انت يا بروتس! تعبيراً عن سوء اختياره في تعيين حافظ اسرار الإمبراطورية ومستشاره المقرب؛ وكانت تلك بداية النهاية لانقسام الإمبراطورية وسقوطها النهائي.
وقد اشبعت الدراسات الحديثة في المجال الإداري والتنظيمي هذا الموضوع ولازال البحث مستمراً في أسس اختيار القادة وتعيينهم؛ وماهي المعايير الأساسية اللازم توافرها في المدير والقيادي الناجح للمؤسسة التنظيمية؛ فعلى سبيل الإشارة فان مجلس الفاحصين في ولاية نيويورك الامريكية قد اعتمد معياراً صارماً في تعيين المديرين استناداً لتقرير مشروع أعده (تيتلباوم ،1972)؛ اذ أوصى بضرورة توافر (33) سمة في المدير بما في ذلك الصفات الشخصية والمهنية.
وفي دراسة أخرى اجراها (واتر،1987) في نيويورك في الولايات المتحدة الامريكية تم تحليل استطلاعات راي (576) مدير مدرسة حول أهمية معايير الاختيار المختلفة، وكان المعيار الأكثر أهمية الذي تم تحديده هو القيادة التعليمية والالتزام بالأهداف الاكاديمية.
كما تم اجراء استطلاع راي لمديري المدراس بولاية انديانا حول اولوياتهم فيما يتعلق بمعايير اختيار المديرين وعلى غرار مديري المدارس في نيويورك حدد (191) مدير مدرسة شاركوا في هذه الدراسة؛ ان العلاقات الإنسانية مع أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة انها من احدى اهم اولوياتهم القصوى، وعلى الرغم من انهم صنفوا العلاقات الإنسانية على انها الأكثر أهمية الا ان اظهار الالتزام بتحقيق إنجازات عالية للطلاب وإظهار الرغبة في المشاركة بالبرنامج التعليمي للمدرسة تم تصنيفها ايضاً على انها ذات أهمية عالية.
وفي احدث دراسة شملت مئات المشرفين التربويين وجدت انهم يولون قيمة أكبر للصفات المهنية للمديرين مقارنة بصفاتهم الشخصية وان الخبرة التراكمية واقتراحات تطوير المناهج الدراسية والأساليب التعليمية وتطوير البرامج التدريبية والحصول على تقييمات عالية من مركز التقييم في الإدارة، والقدرة التنظيمية والقيادة التربوية عززت من فرص حصول التكليف بالمهمة من غيرهم، وكذلك ايضاً ان فهم اتجاهات التدريس الاكاديمية والمهنية والتعلم النشط وإظهار المهارات والقابليات الشخصية كان لها اثر كبير في تزكية المرشحين للعمل في القيادة التعليمية .
ومن هنا تخلص المقالة الى ضرورة تبني معايير موضوعية ترتكز على الصفات المهنية والقدرات الشخصية والانجاز الأكاديمي والخبرة التربوية والقدرة على اقتراح وتطوير أساليب جديدة في التعليم والتدريس وقيادة الصف الدراسي وتحسين البيئة التعليمية والتحفيز الإيجابي والبناء الفعال للشخصية التربوية في تكليف المرشحين لقيادة الاعمال التربوية والتعليمية.
اضف تعليق